الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/12/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة  - شرائط الزكاة
ذكر الماتن (قده) : اذا تمكن الدائن من استيفاء دينه بسهولة ولم يستوفي لم يجب اخراج زكاته بل لو ارد المديون الوفاء بالدين لم يراعي مسامحة او فرارا عن وجوب الزكاة فلم يجب اخراج زكاته والفرق بين المال المغصوب والمسروق وبين الدين ان المال المسروق ملك فعلا للمالك وان كان تحت يد السارق والمال المغصوب ملك فعلا للمالك وان كان تحت يد الغاصب اما الدين فليس ملك فعلا له الا بالقبض، اما اصل عدم وجوب الزكاة على الدين فهو امر مجمع عليه بين الاصحاب ومنشأ التسالم هو الروايات فانها تدل بوضوح على انه لا زكاة في الدين وسوف نتكلم في هذه الروايات، واما ما ذكره (قده) من الفرق بين المال المغصوب والمسروق والدين قد اورد عليه السيد الاستاذ (قده) فكما ان المال المغصوب ملك للمالك فعلا وكذلك المسروق فكذلك الدين غاية الامر الدين ملك كلي في ذمة الغير وهو مملوك للدائن وبالقبض يملك الفرد فاذا قبض فعندئذ يكون مالكا للفرد الذي هو مصداق للكلي فلا فرق بين الدين وغيره كما ان المال المغصوب ملك للمالك كذلك الدين ملك للمالك فما ذكره الماتن من الفرق فلا وجه له
واما الروايات الواردة في المسألة على ثلاثة طوائف الاولى تدل على عدم وجوب الزكاة في الدين ومقتضى اطلاق تلك الطائفة عدم الفرق بين ان يكون الدائن متمكن من استردد الدين واسترجاعه او لا يكون متمكنا فعلى كلا التقديرين فلا زكاة فيه منها صحيحة عبد الله ابن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام قال : لا صدقة على الدين ولا على المال الغائب) فانه لا صدقة على الدين مطلق يشمل ما اذا كان الدائن متمكن من استرداد الدين واستيفائه او لا يكون متمكنا من ذلك فهذه الصحيحة تدل على عدم وجوب الزكاة في الدين مطلقا ومنها صحيحة الاخرى عن ابي عبد الله عليه السلام قال : لا صدقة على الدين) وان هذه الصحيحة كالصحيحة الاولى مطلقة ومنها غيرهما من الروايات فهي جملة من الروايات تنص على انه لا زكاة في الدين بلا فرق بين ان يكون الدائن متمكنا من استرداد الدين من المدين او لا يكون متمكنا
وفي مقابل ذلك هنا روايات اخرى طائفة ثانية تدل على التفصيل بين ما اذا كان الدائن متمكنا من استرداد الدين ففيه الزكاة واجبة وفي ما لا يتمكن من استرداده واستيفائه فلا تجب الزكاة فهذه الطائفة تدل على التفصيل منها رواية عبد العزيز قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له دين أيزكيه قال : كل دين يدعه اذا اراد اخذه فعليه زكاته وما كان لا يقدر على اخذه فليس عليه زكاة) فان هذه الرواية من حيث الدلالة واضحة وتدل على التفصيل ولكنها ضعيفة من ناحية السند اذ ان عبد العزيز لم يوثق في كتب الرجال ولهذا لا يمكن الاعتماد على هذه الرواية مضافا الى ان ميسرة ايضا مورد كلام وقد اطال الكلام السيد الاستاذ فيه ولكن لا حاجة اليه بعد ما كانت الرواية ضعيفة، ومنها رواية عمر ابن يزيد عن ابي عبد الله عليه السلام قال : ليس في الدين زكاة الا ان يكون صاحب الدين هو الذي يؤخره فاذا كان لا يقدر على زكاته فليس عليه زكاة حتى يقبضه) فهذه الرواية ايضا واضحة الدلالة على التفصيل بين ما اذا كان الدائن قادر على اخذ الدين فتجب الزكاة واما اذا لم يقدر فلا تجب وهذه الرواية عند السيد الاستاذ (قده) معتبرة فان في سندها اسماعيل ابن مرار وهو لم يوثق في كتب الرجال لكنه موجود في تفسير علي ابن ابراهيم والسيد الاستاذ اعتمد على هذا التفسير ولهذا حكم باعتبار هذه الرواية سندا ولكن بما اننا لم نعترف بذلك فالرواية ضعيفة من ناحية السند ولا يمكن الاعتماد عليها، ومنها رواية اسماعيل ابن عبد الخالق قال سألت ابا عبد الله عليه السلام اعلى الدين زكاة قال : لا، الا ان تفر به) فهذه الرواية ايضا واضحة الدلالة على التفصيل بينهما ولكنها ضعيفة من ناحية السند فان في سندها طيلساني وهو لم يوثق في كتب الرجال وانما هو موجود في اسناد كامل الزيارة ولهذا لم يمكن الاعتماد عليه بل السيد الاستاذ عدل عن اسناد كامل الزيارة فالرواية ساقطة من ناحية السند
فالنتيجة ان الروايات التي تدل على التفصيل جميعا ساقطة من ناحية ضعف السند فلا يمكن الاعتماد عليها، ومع الاغماض عن ذلك وتسليم ان هذه الروايات معتبرة من ناحية السند فعندئذ هذه الروايات تصلح ان تقيد اطلاقات الطائفة الاولى فان الطائفة الاولى تدل على عدم وجوب الزكاة في الدين مطلقا بلا فرق بين ان يكون الدائن متمكنا من استرداد الدين واخذه او لا يكون متمكنا نسبة هذه الروايات الى تلك الروايات نسبة المقيد الى المطلق فلابد من حمل المطلق على المقيد فالنتيجة هي التفصيل
ثم انه في مقابل هذه الروايات روايات اخرى وهي الطائفة الثالثة وهي ناصه على انه لا زكاة في الدين حتى يقبضه والنسبة بين هذه الطائفة والطائفة الثانية عموم من وجه وهذه الطائفة كموثقة اسحاق ابن عمار قال قلت لابي ابراهيم عليه السلام الدين عليه زكاة فقال : لا حتى يقبضه، قلت فاذا قبضه أيزكيه فقال : لا حتى يحول عليه الحول في يده) فان هذه الموثقة تنص على انه لا زكاة في الدين حتى يقبضه، ومنها موثقة سماعة قال سألته عن الرجل يكون له الدين على الناس تجب فيه الزكاة قال : ليس عليه فيه زكاة حتى يقبضه فان قبضه فعليه الزكاة) ونسبة هذه الطائفة الى الطائفة الثانية نسبة العموم من وجه فان الثانية تدل على ان الدائن اذا كان قادرا على استيفاء الدين واسترداده فعليه الزكاة سواء قبضه ام لم يقبضه واما الطائفة الثالثة فهي تدل على انه اذا قبضه فعليه الزكاة سواء اكان متمكنا من استرداد الدين او لم يكن متمكن فلا زكاة الا بالقبض، والسيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه ذكر انه لابد من تقديم الطائفة الثالثة على الثانية لانها اقوى دلالة واظهر فلابد من تقديم الاظهر على الظاهر فانه من احد موارد الجمع الدلالي العرفي
الظاهر انه ليس في البين اظهريه كما ان الطائفة الثالثة صريحة في عدم وجوب الزكاة طالما لم يقبضه وكذا الطائفة الثانية في عدم وجوب الزكاة طالما لم يتمكن من استرداده واذا تمكن وجب استرداده فتقع المعارضة بينهما فتسقطان فالمرجع هو اطلاقات الطائفة الاولى ومقتضاها عدم وجوب الزكاة على الدين بلا فرق بين ان يكون متمكنا من استرداده او لا يكون متمكن هكذا جاء في تقرير السيد الاستاذ (قده) ولكن الصحيح انه لا يمكن ان تكون الطائفة الاولى مرجعا بل بعد سقوط المعارضة المرجع هو الاصل العملي .