الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/11/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : كتاب الزكاة شرائط الزكاة
 ذكرنا ان الماتن قدس سره قد ذكر في هذه المسالة اصناف ثلاثة وانه لا يجوز التصرف فيها
 الصنف الاول : عدم جواز التصرف فيه تكوينا كالمال الغائب والمال المدفون الذي نسي مكان دفنه او الدين والمسروق فان المالك لا يتمكن من التصرف في هذه الاموال تكوينا وخارجا وان كان متمكنا من التصرف فيها شرعا كالهبة او البيع او ما شاكل ذلك
 الصنف الثاني : لا يجوز تصرف المالك فيه شرعا وان كان متمكنا من التصرف فيه خارجا وتكوينا كما اذا كان المال متعلق لحق الغير كالمرهون والموقوف وما شاكل ذلك فانه لا يجوز التصرف في المال المرهون لأنه متعلق لحق الغير وهو مانع لتصرفه وكذلك الحال في الموقوف
 الصنف الثالث : لا من الاول وليس من الثاني لا يجوز التصرف فيه لا من جهة انه متعلق لحق الغير كمنظور التصدق فان المنذور ليس متعلق لحق الغير ولكن عدم جواز التصرف فيه من جهة انه منافي لوجوب الوفاء بالنذر فمن هذه الناحية لا يجوز التصرف فيه ، وانما الكلام ان عدم جواز تصرف المالك في ماله مطلقا مانع عن وجوب الزكاة فيه سواء اكان عدم تمكنه من التصرف تكوينا ام كان شرعا على كلا التقديرين فهو مانع عن التصرف فقد ذكر السيد الاستاذ قدس سره على ما في تقرير بحثه ان كلمات الفقهاء مختلفة في المقام ولهذا لابد من الرجوع الى الروايات ومورد الروايات جميعا عدم التمكن من التصرف تكوينا مورد الرواية المال الغائب والمال المدفون في مكان نسي مكان دفنه والدين ومورد الروايات كذلك
 منها صحيحة الصيرفي قال قلت لابي جعفر عليه السلام ما تقول في رجل كان له مال فانطلق به فدفنه في موضوع فلما حال عليه الحول ذهب ليخرجه من موضوعه فاحتفر الموضوع الذي ظن ان المال فيه مدفون فلم يصبه فمكث بعد ذلك ثلاث سنين ثم انه احتفر الموضوع من جوانبه كلها فوقع على المال بعينه كيف يزكيه قال (يزكيه لسنة واحدة لأنه كان غائبا عنه) [1] فان مورده مال الغائب وهو لا يتمكن من التصرف فيه تكوينا وان كان متمكنا من التصرف يفه شرعا كبيعه او هبته او الصلح او ما شاكل ذلك فان هذه الرواية تدل على عدم وجوب الزكاة اذا لم يتمكن من التصرف فيه تكوينا
 ومنها موثقة اسحاق ابن عمار قال سألة ابا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يكون له الولد فيغيب بعض ولده فلا يدري اين هو ومات الرجل كيف يصنع بميراث الغائب من ابيه قال (يعزل حتى يجيئ قلت فعلى ماله زكاة قال لا حتى يجيئ قلت فاذا هو جاء يزكيه قال لا حتى يحول عليه الحول في يده) [2] هذه ايضا موردها ان المالك غائب عن ماله ولا يتمكن من التصرف فيه تكوينا ولكنه متمكن من التصرف فيه شرعا من البيع والاجارة والصلح وما شاكل ذلك ، فالرواية تدل على عدم وجوب الزكاة فيه
 ومنها صحيحة عبد الله ابن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام قال (لا صدقه على الدين ولا في المال الغائب حتى يقع في يديك) [3] هذه الصحيحة صرحت ان المال طال ما لم يكن في يد المالك فلا زكاة فيه ، فهذه الصحيحة ايضا واضحة الدلالة وغيرها من الروايات موردها عدم تمكن المالك من التصرف في ماله تكوينا وان كان متمكنا من التصرف فيه شرعا واعتبارا كالبيع والصلح والهبه وما شاكل ذلك ومع ذلك لا تجب الزكاة في ماله ، فاذا هذه الروايات تدل على ان ملاك عدم وجوب الزكاة في المال هو عدم تمكن المالك من التصرف فيه خارجا وتكوينا وان كان متمكنا من التصرف فيه تشريعا ولا تجب الزكاة فيه ، هذا هو المستفاد من هذه الروايات وهل يمكن التعدي عن مورد هذه الروايات الى الموارد التي لا يتمكن من التصرف في ماله شرعا وان كان متمكن من التصرف فيه تكوينا ، ذكر السيد الاستاذ قدس سره على ما في تقرير بحثه لا يمكن التعدي من مورد هذه الروايات الى سائر الموارد فان هذه الروايات تدل على ان من لم يتمكن من التصرف في ماله تكوينا وان كان متمكنا فيه شرعا ، واما من لم يتمكن من التصرف في ماله شرعا كالمرهون والموقوف وما شاكل ذلك ولكنه متمكن من التصرف فيه تكوينا وخارجا فلا يمكن التعدي الى ذلك ولكن يمكن ان يقال ان الروايات التي قد ورد ان المال اذا كان بيد المالك فان المتفاهم العرفي من ذلك ان المال بيد المالك يعني ان المال تحت تصرف المالك تكوينا وشرعا المستفاد من ذلك ان المال اذا كان بيد المالك طال ما لم يكن بيده فلا زكاة فيه واما اذا كان المال بيده فهذا المتفاهم العرفي منه انه تحت تصرفه وتحت سلطانه فيجوز له التصرف فيه تكوينا وشرعا فاذا مثل هذه الروايات كصحيحة عبد الله ابن سنان وغيرها مما قيد كون المال في يد المالك فاذا كان بيده فعليه زكاة فان المتفاهم العرفي منه انه تحت تصرفه وعلى هذا فلا مانع من الالتزام بانه لا زكاة في المال المرهون فانه ليس تحت تصرفه وسلطانه وكذلك في المال الموقوف ليس تحت سلطانه فلا يجوز له بيعه ولا هبته ولا صلحه ، فلا مانع من الالتزام بالتعدي بسبب هذه الروايات التي قد قيدت وجوب الزكاة بكون المال في يد المالك فان المتفاهم العرفي منه انه تحت تصرفه تكوينا وشرعا اما اذا لم يكن تحت تصرفه اما تكوينا او شرعا فلا زكاة فيه فلا مانع حينئذ من التعدي عن مورد هذه الروايات الى سائر الموارد ، واما على القول بعدم تعديه فعندئذ هل يمكن الحكم بعدم وجوب الزكاة على المال المرهون او الموقوف اما عدم وجوب الزكاة على المال الموقوف فهو واضح لان المال الموقوف النقصان في الملكية وليست ملكية المالك للمال الموقوف تام فانه ملك لجميع الطبقات لا لطبقة خاصة فملكية كل طبقة ملكية ناقصة وليس له ان يتصرف في المال كيف ما شاء واراد كالبيع او الصلح او ما شاكل ذلك فمن اجل ذلك لا زكاة فيه فان من شرائط الزكاة بان تكون ملكيته تامه فالمكية كل طبقة ملكية ناقصة ، واما المال المرهون ففيه خلاف ولعل المعروف والمشهور بين الاصحاب انه لا زكاة فيه


[1] وسائل الشيعة ج 9 باب5 ص93 ط ال البيت
[2] وسائل الشيعة ج9 باب5 ص94 ط ال البيت
[3] وسائل الشيعة ج9 باب5 ص95 ط ال البيت