الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/11/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : كتاب الزكاة شرائط الزكاة
 تحصل مما ذكرنا ان اعتبار الشروط الخاصة كالحول ونحوه انما هو في ظرف توفر الشروط العامة فاذا كانت الشروط العامة متوفرة في مال يعتبر فيه وجوب الزكاة عليه الحول او غيره من الشروط الخاصة فان الشروط العامة كالبلوغ والعقل والملك والحرية والتمكن من التصرف وبلوغ المال حد النصاب فاذا توفرت هذه الشروط جميعا وحال عليه الحول وجبت عليه الزكاة ، واما اذا فرضنا انه ملك النصاب وبعد ستة اشهر صار بالغ فلا تجب عليه الزكاة الا بعد حلول الحول من حين بلوغه ولا اثر لملكه النصاب في الستة اشهر الاولى والحول بدء من حين بلوغه اذا حال عليه الحول وجبت عليه الحول فاذا توفر الشروط العامة بمثابة الموضوع للشروط الخاصة
 بقي هنا شيء وهو قد يقال كما قيل بانه لا يعتبر في زكاة الغلاة البلوغ ونسب ذلك الى المشهور عدم اعتبار بلوغ المالك في الغلاة الاربعة وقد استدل بذلك بصحيحة محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم عنه عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز زرارة ومحمد ابن مسلم انهما قالا : (ليس على مال اليتيم في الدين والمال الصامت شيء ، فأما الغلات فعليها الصدقة واجبة) [1] فان هذه الصحيحة تدل بوضوح على ان الزكاة واجبة بالغلاة الاربعة في مال اليتيم وان لم يبلغ ولكن هذه الرواية في نفسها تصلح ان تكون مقيدة لإطلاقات الروايات التي تدل على انه لا زكاة في مال اليتيم فان هذه الروايات مطلقة وبإطلاقها تشمل الغلاة الاربعة والنقدين والانعام الثلاثة وهذه الرواية تصلح ان تكون مقيدة لإطلاق هذه الروايات الا ان هذه الرواية محكومة برواية اخرى التي تنص على اعتبار البلوغ في الغلاة الربعة ايضا وهي صحيحة ابي بصير عن ابي عبد لله عليه السلام انه سمعته يقول (ليس في مال اليتيم زكاة وليس عليه صلاة وليس على جميع غلاته من نخل او زرع او غلة زكاة وان بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة ولا عليه لما يستقبل حتى يدرك فاذا ادرك كانت عليه زكاة واحدة) [2] فان هذه الصحيحة ناصه لاعتبار البلوغ حتى في زكاة الغلاة الاربعة فاذا صحيحة زرارة ومحمد ابن مسلم محكومة بهذه الصحيحة ولابد من تقديمها عليها بملاك تقديم النص على الظاهر الذي هو من احد موارد الجمع الدلالي العرفي فاذا لا وجه لهذا القول الذي نسب الى المشهور
 ثم بعد ذلك ذكر الماتن قدس سره : الثاني العقل فلا زكاة في مال المجنون في تمام الحول ولا في بعضه بل قيل ان عروض الجنون عليه اناً ما موجب لقطع الحول لكنه مشكل [3] ، اشكل الماتن قدس سره في ذلك لا شبهة ان العقل معتبر في تمام الحول ولو جن ولو بجنون ادواري فهو قاطع للحول فلا تجب عليه الزكاة واما اذا جن انن ما كيوم واحد او خمس ساعات او اقل فهل يوجب قطع الحول او لا يوجب قطع الحول ذكر الماتن قدس سره انه لا يوجب قطع الحول وانه مشكل للصدق العرفي انه عاقل في تمام الحول ، والظاهر انه موجب لقطع الحول فان صحيحة الحجاج وموثقة ابن بكير تدلان على انه لا زكاة في مال المجنون مال المختلط عقله لا زكاة فيه) وهاتان الصحيحتان اذا ضممناهما الى الروايات التي تدل على ان الزكاة انما هي في مال البالغ وهذه الروايات الكثيرة التي تنص على ان الزكاة انما هي في مال البالغ فيوجب تقيد موضوع هذه الروايات بمال البالغ العاقل او بمال البالغ الذي لا يكون مجنونا اما توجب تقيد الموضوع بأمر عدمي او يوجب تقيد الموضوع بأمر وجودي وان كان الظاهر هو الاول يوجب تقيد الموضوع بأمر عدمي موضوع وجوب الزكاة مال البالغ الذي لا يكون مجنونا طول السنة أي احدى عشر شهرا فان المراد من السنة في باب الزكاة احد عشر شهرا لا يكون مجنونا واذا فرضنا انه جن شهرا او عشرة ايام او اسبوع لا شبهة في ان الحول قد انقطع فان الموضوع هو المال البالغ الذي لا يكون مجنونا الى احدى عشر شهرا والمفروض انه جن شهرا او اسبوع او عشرة ايام وام اذا فرضنا انه جن يوما او خمسة ساعات او اقل فهل يوجب قطع الموضوع او لا يوجب الظاهر انه يوجب قطع الموضوع وينقلب الى موضوع اخر في ساعة واحدة او اقل من ساعة واحدة ، فاذا ضم ما بقي الى ما مضى بحاجة الى دليل الى الضم واطلاق الحول عليه فان الحول عبارة عن فترة زمنية محددة خاصة كالشهر وكالأسبوع وكاليوم واذا نقص من هذه الفترة فلا يصدق عليه السنة والمفروض ان الصدق انما هو بالدقة العقلية ومن هنا اذا نقص من ماء الكر مثقال واحد فلا يترتب عليه ماء الكر مع انه بنظر العرف انه كر وان التطبيق لابد ان يكون بالدقة العقلية والحول عبارة عن فترة خاصة من الزمان المحدد فاذا نقص عن تلك الفترة الزمنية ولو بمقدار يوم واحد او اقل فعندئذ اطلاق الحول على ضم ما بقي الى ما مضى بحاجة الى دليل واطلاقات ادلة الحول لا تشمل الحول الناقصة كما ان اليوم لا يشمل اليوم الناقص والشهر لا يشمل الشهر الناقص والحول ايضا كذلك لا يشمل الحول الناقص ، فمن اجل ذلك ما ذكره الماتن قدس سره لا يمكن المساعدة عليه ولو جن يوما واحد او اقل فهو يوجب قطع الحول فلا تجب الزكاة في ماله .......


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص83،ح2، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9 ص86، ح11، ط آل البيت.
[3] العروة الوثقى، السید محمد کاظم الطباطبایی، ج4، ص7،ط . جماعة المدرسين