الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/08/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 المسألة (36) : لو خرج لضرورة وطال خروجه بحيث إنمحت صورة الاعتكاف بطل .
 الامر كما افاده (قده) بل اطلاق البطلان عليه مبني على التسامح لان شيئية الشيء انما هي بصورته لا بمادته او بهيولاه , فان فعلية الشيء انما هي بصورته , فاذا انمحت صورة الاعتكاف فلا اعتكاف حتى يحكم بصحته او بطلانه فالاعتكاف غير موجود , فما ذكره الماتن (قده) من الحكم بالبطلان مبني على التسامح والاّ فلا اعتكاف في البين .
 المسألة (37) : لا فرق في اللبث في المسجد بين انواع الكون من القيام والجلوس والنوم والمشي ونحو ذلك فاللازم الكون فيه باي نحو ما كان .
 فان كل هذه الافعال مصداق للمكث في المسجد , فان المعتبر في الاعتكاف هو اللبث والمكث في المسجد سواء كان بشكل القيام او بشكل الجلوس او المشي او النوم او ما شاكل ذلك فان كل هذه الافعال الخاصة مصداق للمكث في المسجد .
 المسألة (38) : اذا طلقت المرأة المعتكفة في اثناء اعتكافها طلاقاً رجعياً وجب عليها الخروج الى منزلها للاعتداد وبطل اعتكافها . ويجب استينافه اذا كان واجباً موسعاً بعد الخروج من العدة , واما اذا كان واجبا معيناً فلا يبعد التخيير .
 اما اذا كان الطلاق بائناً او مات زوجها فلا يوجب بطلان اعتكافها , ويجوز لها اتمام اعتكافها ولا يكون باطلا , لان الطلاق يوجب البينونة بينها وبين زوجها وكذلك الموت , واما اذا كان الطلاق رجعياً وكان الاعتكاف مستحباً كما في اليومين الاولين او واجبا موسعا مع عدم اذن الزوج بالبقاء في المسجد فيجب عليها الخروج من المسجد الى بيتها للاعتداد , لان الواجب على الماة المطلقة الرجعية ان تعتد في بيت زوجها ولا يجوز لها الخروج منه كما لا يجوز لزوجها اخراجها من بيته الاّ اذا اتت بفاحشة فعندئذ يجوز له اخراجها , واما مع اذنه لها بعد الطلاق باتمام اعتكافها فالظاهر انه لا مانع منه واعتكافها صحيح ولا باس به ولا يجب عليها الخروج من المسجد الى بيت زوجها , ويؤكد ذلك ما ورد في الروايات من انه يجوز للمراة المطلقة الرجعية ان تحج باذن زوجها حجاً مستحبا( [1] ), وعندئذ يجوز للمطلقة الرجعية الخروج من البيت باذن زوجها للاعتكاف والزيارة والحج , وحالها حال زوجته ولا فرق بينها وبين زوجته في الاحكام المترتبة على الزوجة فتترتب على المطلقة الرجعية ايضاً , واما اذا كان الاعتكاف واجبا عليها كما في اليوم الثالث او واجبا بالاجارة في وقت معين او بالنذر او ما شاكل ذلك ففي مثل ذلك هل يجب عليها اتمام الاعتكاف او يجب عليها الخروج من المسجد ؟ فاذا فرضنا ان زوجها لم ياذن بالبقاء في المسجد فهل يجب عليها الخروج من المسجد الى بيت زوجها والاعتداد فيه او يجب عليها اتمام الاعتكاف ؟
 ذكر الماتن (قده) بل لعله المعروف بين الاصحاب انه تقع المزاحمة بين الواجبين بين الاعتكاف الواجب عليها وبين الخروج والذهاب الى بيت زوجها والاعتداد فيه , وحيث انه لا ترجيح في البين اذ ليس لنا علم باهمية احدهما دون الاخر حكم الماتن بالتخيير وانها مخيرة بين ان تتم اعتكافها وبين ان تخرج من المسجد الى بيت زوجها للاعتداد فيه ,وذكر السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه ان المراة المطلقة الرجعية هي زوجته حقيقة ولم تنقطع العلقة الزوجية بينهما , فلهذا لها ان تتزين امام زوجها , كما يجوز للزوج الاستمتاع بها , بل لو قاربها باعتقاد انه زناً فهذا مرده الى انه رجوع الى الزوجة وهي ترجع زوجته , وان علقة الطلاق قد انتهت بهذا العمل , فالطلاق انما يكون مؤثرا بعد العدة , وطالما تكون في العدة فالعلقة الزوجية بينهما موجودة , وتمام الاثار الزوجية مترتبة على المطلقة الرجعية , فالطلاق وان كان انشاؤه من الآن الاّ ان تاثيره بعد اتمام العدة , كما هو الحال في بيع الصرف والسلم او الهبة فان انشاؤها وان كان من اليوم الاّ ان صحته منوطة بالقبض , فطالما لم يقبض الموهوب له المال فالهبة محكومة بالبطلان فلا تحصل الملكية - وهي انتقال المال الموهوب من الواهب الى الموهوب- وهو منوط بالقبض , وهكذا الحال في المقام فالطلاق انشاؤه وان كان من الآن الاّ ان تاثيره بعد انتهاء العدة , فاذا انتهت العدة حصلت البينونة بينهما وانتهت العلقة الزوجية . هكذا ذكره السيد الاستاذ (قده) .
 والظاهر ان ما ذكره (قده) هو الصحيح وهو المستفاد من الروايات وانها تبقى في بيت زوجها وانها تتزين امام زوجها لكسب رغبته اليها وما شاكل ذلك , وهذه الاثار اثار الزوجية والاّ فلا يجوز للاجنبية ان تتزين امام الاجنبي , وهذه الاثار تكشف عن ان العلقة الزوجية باقية , كما ان للرجل ان يستمتع بها متى شاء سواء قصد الرجوع ام لم يقصد , غاية الامر انه في الجماع لا حاجة الى قصد الرجوع فان نفس الجماع رجوع وان لم يكن بقصد الرجوع , واما سائر الاستمتاعات فهي بحاجة الى قصد الرجوع . وكيفما كان فالمستفاد من الروايات ان العلقة الزوجية باقية وانما تنتهي هذه العلقة بعد انتهاء العدة , فاذا انتهت العدة حصلت البينونة بينها وبين الزوج . فلا تزاحم في البين فانه يجب على المراة اتمام اعتكافها ولا يجوز لها تركه , اذ لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق , فالاعتكاف واجب عليها فلا يجوز لها تركه اطاعة لزوجها , وبعد الانتهاء من الاعتكاف تخرج الى بيت زوجها للاعتداد فيه .
 فالنتيجة ان المراة المطلقة الرجعية ان لم تكن زوجة له فهذه الاثار اثار العدة لا اثار الزوجية , والعدة لابد ان تكون في بيت زوجها , فخروجها من بيت زوجها لا يجوز الاّ باذن الزوج , فاذا كانت من اثار العدة فيقع التزاحم بين الواجبين ولابد من الرجوع الى مرجحات باب التزاحم ان كانت , وان كانت هذه الاثار من اثار الزوجية فلا تزاحم في البين فيجب على المراة ان تتم اعتكافها ولا يجوز لها ترك الواجب (الاعتكاف) اطاعة لزوجها فانه معصية للخالق , ولا يجوز معصية الخالق اطاعة للمخلوق.
 فالنتيجة ان هذين القولين مبنيان على ذلك .
 
 
 
 


[1] الوسائل (آل البيت) /ج 11 / ص 158 / الباب 60 باب جواز حج المراة تطوعا مطلقاً ان كان الحج واجباً وعدم جواز التطوع منها به في الرجعية بدون اذن الزوج .