الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 تحصل مما ذكرنا ان ما ذكره السيد الاستاذ (قده) من ان جزء كل واجب مركب كالصلاة ونحوها مشتمل على حيثيتين , حيثية الامر النفسي الضمني المنبسط , وحيثية كونه قيدا لصحة الجزء الآخر, فمن اجل ذلك كل جزء مقدمة للجزء الآخر غاية الامر من المقدمات الداخلية لا المقدمات الخارجية .
 ولكن ذكرنا : ان اصل الوجوب المنبسط غير معقول ولا اصل للوجوب الضمني, فان الوجوب امر اعتباري غير قابل للانبساط والتحليل ,
 ومع الاغماض عن ذلك فلا يمكن ان يكون وجوب كل جزء مشروطا بوجوب الجزء الآخر,او صحة لك جزء مشروطة لصحة الجزء الآخر - مثلا- صحة التكبيرة مشروطة بكونها ملحوقة بالقراءة , وصحة القراءة مشروطة بكونها مسبوقة بالتكبيرة , وملحوقة بالركوع , كل ذلك لايمكن فان صحة التكبيرة نفس صحة القراءة والشرطية تقتضي الاثنينية والتغاير والمفروض ان هناك صحة واحدة وتنحل الى اجزاء وحصص باعتبار تعدد الاجزاء , فصحة التكبيرة مرتبطة ذاتا يصحة القراءة , وصحة القراءة مرتبطة ذاتا بصحة الركوع وهكذا الى التسليم ... فالمجموع صحة واحدة فلا يمكن ان تكون صحة التكبيرة مشروطة بصحة القراءة فان الشرطية تقتضي الاثنينية والتغاير ولا تغاير بينهما,
 وايضا لزم الدور فان صحة التكبيرة متوقفة على صحة القراءة , وصحة القراءة متوقفة ايضا على صحة التكبيرة فان صحة التكبيرة مشروطة بكونها ملحوقة بصحة القراءة وصحة القراءة مشروطة بكونها مسبوقة بصحة التكبيرة , وملحوقة بصحة الركوع فيلزم الدور ولايمكن ذلك .
 وايضا لا يمكن ان يكون صحة كل جزء مشروطة بصحة الجزء الآخر , فان صحة كل جزء تابع لصحة الكل في الاطلاق والاشتراط وفي جميع الاحكام وليس لها شأن في مقابل صحة الكل , تابع لها في الاطلاق والتقييد والاشتراط . فلا يمكن ان تكون صحة الجزء مشروطة بشيء من دون ان تكون صحة الكل مشروطة به , هذا غير معقول .فلا يمكن ان تكون صحة التكبيرة مشروطة بصحة القراءة من دون ان تكون صحة الكل مشروطة بهذا الشرط , فان صحة الكل لا يعقل ان تكون مشروطة بهذا الشرط , فمن هذه الناحية ما ذكره السيد الاستاذ (قده) في الاصول وفي المقام وكذلك غيره لايمكن المساعدة عليه بالتحليل .
 وعلى هذا ففي المقام الاشكال في الاعتكاف مبني على الخلط في كون النذر متعلقا بثلاثة ايام وكونه متعلقا بيوم واحد , فان النذر اذا تعلق بالاعتكاف ثلاثة ايام فالاعتكاف ثلاثة ايام واجب بوجوب واحد نفسي ومشتمل على الملاك , من غير فرق بين الاعتكاف يوم الاول او الثاني اوالثالث , وكل يوم منهما يكون جزء الواجب . واما اذا تعلق النذر باعتكاف يوم واحد , فاليوم الواحد هو المتعلق بالوجوب النفسي واما اعتكاف اليومين الآخرين فمن باب المقدمة لصحة هذا الاعتكاف , لا من باب انها جزء الواجب . والاشكال مبني على الخلط بينهما.
 المسألة (16) :
  ذكر الماتن (قده) : لو نذر اعتكاف خمسة ايام وجب ان يضم اليها سادسا , سواء تابع او فرق بين الثلاثتين .
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 الامر كما افاده الماتن (قده) فانه اذا اعتكف ثلاثة ايام ثم اعتكف يومين وجب ضم اليه يوم ثالث , سواء تابع (اي كان متصلا بالثلاثة ايام الاولى او تفرق بعد يومين ) وجب عليه ضم يوم ثالث , وذلك لاطلاق صحيحة عبيد بن زرارة عن ابي جعفر (ع) في حديث : قال من اعتكف ثلاثة ايام فهو في يوم الرابع بالخيا , ان شاء اضاف ثلاثة ايام أخر , وان شاء خرج من المسجد , فان اقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة ايام أخر [1] .
 فان هذه الصحيحة تدل على انه اذا اعتكف يومين أخرين وجب عليه ضم يوم ثالث , حتى يتم الثلاثة ايام.
 واشكل على ذلك المحقق الاردبيلي (قده) : بان الصحيحة مختصة بالاعتكاف المندوب فلا تشمل الاعتكاف المنذور , وعلى هذا فاذا اعتكف الاعتكاف المستحب المندوب فوظيفته ذلك , واما اذا نذر اعتكاف خمسة ايام فهذا الاعتكاف واجب عليه وهذا غير مشمول لصحيحة عبيد بن زرارة, فاذا لم يكن مشمولا للصحيحة فلا دليل على ضم اليوم الثالث , فاذا اعتكف خمسة ايام فلا يجب عليه ان يضم اليوم السادس لان المنذور اعتكاف خمسة ايام وهو غير مشمول للصحيحة , فلا دليل على وجوب ضم يوم سادس اليه .هكذا ذكر المحقق الاردبيلي على ما ذكره السيد الاستاذ على ما في تقرير بحثه .
 واشكل عليه : بان الصحيحة وان كانت مختصة بالمندوب الا ان الاعتكاف حقيقة واحدة وعبادة واحدة , ولها فردان : فرد منذور وواجب , وفرد مستحب , فاذا ثبت حكم لفرد ثبت لفرد آخر لاشتراكهما في الحقيقة , باعتبار ااشتراك الفردين في الحقيقة الواحدة , وحيث ان هذا الحكم (وجوب اليوم السادس) ثبت للاعتكاف المندوب فهو ثابت للاعتكاف الواجب ايضا . هكذا اشكل على المحقق الاردبيلي (قده).
 واشكل عليه السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه : بان الحكم اذا ثبت في مورد لفرد فلا يمكن التعدي منه الى مورد آخر لفرد آخر , فالتعدي بحاجة الى دليل وقرينة , فاذا لم يكن هناك قرينة فلا يمكن التعدي من مورد الى مورد آخر , عن وفرد الى فرد آخر , نعم اذا ثبت الحكم للحقيقة (اي للجامع المشترك) فهو ثابت للفردين , واما اذا ثبت الحكم لفرد فلا يمكن التعدي منه الى فرد آخر والحكم بالثبوت , وهو بحاجة الى دليل .
 والصحيح في المقام ان يقال : ان الاعتكاف حقيقة واحدة , اصا الاعتكاف المجعول في الشريعة المقدسة هو مندوب ومستحب كسائر المستحبات وليس بواجب , ووجوبه انما هو بالعرض (اي بعنوان ثانوي) كالنذر او العهد او الشرط او اذا اعتكف يومين فوجب اليوم الثالث , فالوجوب انما هو بعنوان ثانوي , ومن الواضح ان العنوان الثانوي لا يقيد الحكم المستحب كما لو نذر صلاة الليل فانها واجبة عليه بالنذر الا ان هذا الوجوب الجائي من قبل النذر (اي من العنوان الثانوي) لايغير احكام صلاة الليل , فان من احكام النوافل مثلا الزيادة لا تكون مبطلة , فاذا شك في النافلة بالزائد والناقص بنى على الناقص وما شاكل ذلك , فان هذه الحكام ثابتة سواء كانت واجبة بالعنوان الثانوي ام لم تكن واجبة , فالعنوان الثانوي لا يغير حكم ماهو ثابت بالعنوان الاولي , وما نحن فيه كذلك وما هو ثابت للاعتكاف بالعنوان الاولي المستحب فاذا وجب بعنوان ثانوي فهو لا يغير حكمه . فعلى هذا يجب عليه ان يضم اليوم السادس فان الحكم الاولي هو ضم اليوم السادس اذا اعتكف يومين آخرين بعد الثلاثة ايام وجب ضم اليوم الثالث , وكذلك اذا نذر اعتكاف خمسة ايام وجب ضم يوم ثالث فلا فرق من هذه الناحية فان عنوان النذر عنوان ثانوي , والوجوب بالعنوان الثانوي لا يغير ما ثبت له بعنوان اولي ,
 فلا وجه لهذا الاشكال فان الحكم لا يثبت للفرد والحكم ثابت للاعتكاف بالعنوان الاولي لا للفرد حتى يقال انه لا يجوز التعدي من فرد الى فرد آخر , والتعدي بحاجة الى دليل . والحكم ثابت للاعتكاف بعنوان اولي واذا طرأ عليه عنوان ثانوي فوجب بعنوان ثانوي فهو لا يوجب تغيير ما ثبت بعنوان اولي , فهذا الحكم ثابت سواء كان العنوان ثانوي كالنذر او العهد او ماشاكل ذلك .
 


[1] الوسائل /باب 4 من ابواب الاعتكاف / حديث 3