الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/07/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : المسألة (15)
 ذكر الماتن (قده) لو نذر اعتكاف اربعة ايام فاخل باليوم الرابع ولم يشترط التتابع ولا كان منساقا من نذره وجب قضاء ذلك اليوم وضم يومين آخرين والاولى ان يكون اليوم المقضي اول الثلاثة وان كان مختارا في جعله ايا منها شاء .
 ذكر الماتن (قده) اذا نذر اربعة ايام فاخل باليوم الرابع لا شبهة في وجوب اتيانه باليوم الرابع , وحيث ان الاعتكاف لا يكون مشروعا في اقل من ثلاثة ايام لابد من ضم يومين آخرين اليه , والاولى ان يجعل المقضي اول الثلاثة وان كان مختارا في اي من هذه الايام الثلاثة شاء واراد .
 ذكر السيد الاستاذ على ما في تقرير بحثه ان هذا مبني على ان قصد الوفاء بالنذر معتبر في تفريغ ذمة المكلف , فان كان معتبرا فلابد من قصده اما في اليوم الاول او في اليوم الثاني او في اليوم الثالث , فان لم يقصد في شيء من هذه الايام لم يفرغ ذمته عن وجوب الوفاء بالنذر , واما بناءا على ما ذكرناه كما ذكره السيد الاستاذ من ان قصد الوفاء بالنذر غير معتبر فان معنى الوفاء اتمام الواجب والاتيان به والمفروض ان الامر بالوفاء بالنذر امر توصلي وليس تعبديا ولا يتوقف سقوطه على قصد القربة وعلى هذا فاذا اعتكف في الايام الثلاثة ولا يقصد الوفاء بالنذر لا في اليوم الاول ولا في اليوم الثاني ولا في اليوم الثالث سقط الامر عن ذمته وان كان لا يعلم بذلك ولا يعلم انطباق المنذور على اليوم الاول او انطباق المنذور على اليوم الثاني او على الاعتكاف في اليوم الثالث سقط نذره ولايجب عليه الوفاء بالنذر في تفريغ ذمته عن وجوب الوفاء بالنذر , هكذا ذكره السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه .
 وقد تقدم ان قصد الوفاء باللنذر وان لم يكن وقوما للعبادة والواجب الا انه مميز فمن اجل ذلكيكون معتبرا , فاذا كان عليه صوم كفارة وصوم نذر وصام بدون ان يقصد الوفاء بالنذر ولاينوي صوم الكفارة ايضا فلا يقع شيء منهما , بل يقع الصوم مستحبا , باعتبار ان الصوم المستحب لا يكون معنونا باي عنوان , طبيعي الصوم يصدق على الصوم المستحب , فاذا لم ياتي الوفاء بالنذر ولا الكفارة لم يقع شيء منهما اذ لم يكن هذا الصوم مصداقا لا للوفاء بالنذر ولا للوفاء بالكفارة , بل يقع مصداقا للصوم المستحب , بل اذا كان الصوم نذريا ولكنه صام بدون ان بنوي الوفاء بالنذر لم يكن هذا الصوم مصداقا للصوم المنذور بل يقع مصاقا للصوم المستحب فان الصوم المستحب لا يكون معنونا باي عنوان خاص , فلهذا اذا لم يقصد اي عنوان خاص فهو مصداق للصوم المستحب , فاذا لم ينو الوفاء بالنذر فيقع مصداقا للصوم المستحب فمن اجل ذلك يجب قصد الوفاء اما باليوم الاول بان ينوي الاعتكاف باليوم الاول او باليوم الثاني او باليوم الثالث , واما اذا لم ينو الوفاء بالنذر لا في اليوم الاول ولا في اليوم الثاني ولا في اليوم الثالث يقع مصداقا للصوم المستحب , ولا يقع مصداقا للصوم المنذور ولا تفر ذمته عن الصوم المنذور .
 هذا من جانب ومن جانب آخر قد يقال كما قيل : ان الامر بقضاء صوم المنذور بنفسه امر بضم اليومين الاخرين , باعتبار ان الاعتكاف اعتكاف بثلاثة ايام واجب واحد وعبادة واحدة وواجب بوجوب واحد نفسي , فالامر تعلق بمجموع هذه الايام الثلاثة , وكل يوم من هذه الايام الثلاثة جزء الموضوع لاتمام الموضوع , وعلى هذا فباعتبار ان الاعتكاف مركب من الثلاثة ايام وهو واجب واحد وعبادة واحدة ومحكوم بوجوب واحد نفسي ومشتمل على مصلحة واحدة فاذا المجموع مصداق للنذر لا اليوم الاول ولا اليوم الثاني ولا الثالث , فمجموع الايام الثلاثة واجب بوجوب واحد نفسي ومشتمل على ملاك واحد وهو مصداق للوفاء بالنذر.
 والجواب عن ذلك بحاجة الى بيان مقدمة: وهي ان الشروط على قسمين :
 القسم الاول : شروط الوجوب .
 القسم الثاني : شروط الواجب .
 اما شروط الوجوب فهي شروط للوجوب في مرحلة الجعل وللملاك في مرحلة المباديء كالاستطاعة فان الاستطاعة شرط لوجوب الحج في مرحلة الجعل وشرط للاتصاف بالملاك في مرحلة المباديء , وقبل الاستطاعة لاوجوب للحج ولا ملاك , وكذلك بالنسبة الى وجوب الصلاة فالوضوء شرط لوجوب الصلاة في مرحلة الجعل ولاتصاف الصلاة بالملاك في مرحلة المباديء , وقبل الوضوء لا مصلحة للصلاة ولا ملاك , وكذلك بالنسبة للعقل ودخول الوقت .
 فشروط الوجوب شروط للوجوب في مرحلة الجعل وللملاك في مرحلة المباديء ,
 واما شروط الواجب فهي شروط للصحة وشروط لترتب الملاك على الواجب في الخارج كطهارة البدن , وطهارة الثوب , والطهارة من الحدث , والستر , واستقبال القبلة ,
 فاذا اتى المكلف بالصلاة واجدة لجميع شروطها يترتب عليها ملاكها ويترتب عليها مصلحتها واما اذا كانت فاقدة للشروط فلا تترتب عليها مصلحتها . فهي شروط لترتب المصلحة للواجب في الخارج اي لوجود الواجب في الخارج ,
 هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ذكر السيد الاستاذ (قده) كما في تقرير بحثه ان الواجبات المركبة كالصلاة ونحوها ان لكل جزء منها حيثيتان : حيثية الامر الضمني المنبسط , فان الامر المتعلق بالصلاة ينبسط على اجزاءها ويكون كل جزء من اجزاءها متعلق لجزء حصة من الامر وجزء من الامر المسمى الوجوب الضمني . وحيثية كونه مقدمة وحصة للجزء الآخر مثلا- التكبيرة منوطة ومشروطة بكونها ملحوقة بفاتحة الكتاب , ففاتحة الكتاب قيد لصحة التكبيرة ومقدمة لصحة التكبيرة , وصحة القراءة مشروطة بكونها مسبوقة بتكبيرة الاحرام وملحوقة بالركوع , وصحة الركوع مشروطا بكونه مسبوقا بفاتحة الكتاب وملحوقا بالسجود وهكذا .....
 وذكر (قده) ان ما نحن فيه كذلك فان الاعتكاف ايضا مركب من الاعتكاف في الايام الثلاثة , كل يوم جزء الواجب فالوجوب تعلق بالمجموع فهو واجب بوجوب واحد نفسي فالوجوب ينبسط على اجزاءه وكل جزء واجب بوجوب ضمني منبسط . هكذا ذكره السيد الاستاذ وغيره كذلك .
 وقد ذكرنا سابقا ان الوجوب الضمني لا اصل له لان الوجوب امر اعتباري وفعل المولى مباشرة ولا يعقل فيه الانبساط ولا يعقل فيه الانحلال , ومعنى الانحلال انه ليس فعل المولى , المنحل ليس فعل المولى وفعل المولى الوجوب المستقل والوجوب الضمني ليس فعل المولى ,مع ان الوجوب امر اعتباري وهو فعل المولى مباشرة ولا يعقل الانبساط والانحلال كما لا يعقل العلية والمعلولية فيه والسببية والمسببية في الامور الاعتبارية مطلقا .
 ومع الاغماض عن ذلك وتسليم الوجوب النفسي فما ذكره السيد الاستاذ (قده) من ان لكل جزء من الواجب المركب حيثيتين حيثية الامر النفسي الضمني المتعلق به , حيثية كونه قيدا ومقيدا لا يرجع الى معنى صحيح , فانه لا يعقل ان يكون كل جزء قيدا لجزء آخر , فان وجوب كل جزء جزء الوجوب للكل ولا شان له في الاطلاق والتقييد الا شان وجوب الكل واطلاقه باطلاقه وتقييده بتقييده فلا بعقل ان يكون الوجوب الضمني مقيد بقيد ولكن لا يمكن ان يكون وجوب الكل مقيدا بذلك القيد وغير معقول .
 اضافة الى ان ذلك يستلزممحذور الدور , فان صحة التكبيرة تتوقف على القراءة باعتبار ان القراءة قيد لها , والمفروض ان صحة القراءة تتوقف على التكبيرة باعتبار انها ايضا قيد لها وهذا دور واضح . فلا يعقل كون الجزء قيدا لجزء آخر , فان كل جزء جزء الواجب , وهو تابع للواجب ولا شأن له الا شأن الواجب بالاطلاق والتقييد ولا يعقل ان يكون الجزء مقيدا بقيد واما الواجب الكل فلا يكون مقيدا بهذا القيد اذ معناه انه ليس جزء الواجب بل هو واجب مستقل وهذا خلف ,
 فالنتيجة ان ما ذكره السيد الاستاذ لا يمكن المساعدة عليه
 واما في المقام : فان في المقام تارة يكون متعلق النذر اعتكاف ثلاثة ايام فعندئذ وجوب واحد متعلق بمجموع الاعتكاف في ثلاثة ايام واعتكاف كل يوم جزء الواجب والمجموع واجب بوجوب واحد نفسي ومشتمل على ملاك واحد. واخرى يتعلق النذر باعتكاف يوم واحد , وحيث ان اعتكاف يوم واحد لايكون مشروعا الا بضم يومين آخرين , فضم يومين آخرين من باب المقدمة لا انه جزء الواجب , وفي هذا الاعتراض خلط بين كون النذر متعلقا باعتكاف مجموع الايام الثلاثة وبين كونه متعلقا بيوم واحد , وان كان متعلقا بالاعتكاف بالايام الثلاثة فعندئذ اعتكاف كل يوم جزء الواجب والمجموع واجب بوجوب واحد نفسي , واما اذا تعلق النذر باعتكاف يوم واحد فحيث ان اعتكاف يوم واحد لا يكون مشروعا الا بضم يومين, فضم يومين من باب المقدمة وليس جزء الواجب , فاذا ما في هذا الاعتراض من جعل جزء الواجب فهو مبني على هذا الخلط ولهذا فان هذا الاعتراض غير صحيح ....