الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/02/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : كتاب الصوم شك قبل الطلوع او بعده
 كان كلامنا اذا شك في ان البلوغ اذا تحقق قبل الفجري حتى يجب عليه الصوم او ان البلوغ تحقق بعد الفجر حتى لا يجب عليه الصوم فهو متصور على صور
 الصورة الاولى : ما اذا كان كليهما مجهولين التاريخ وتاريخ كل منهما مجهول ولا نعلم ان البلوغ هل حدث قبل طلوع الفجر او ان طلوع الفجر حدث قبل البلوغ
 الصورة الثانية : ما اذا كان تاريخ البلوغ معلوما ونعلم ان البلوغ قد حدث بالساعة الفلانية ونشك في ان طلوع الفجر تحقق قبله او بعده ولا ندري بذلك وتاريخ الطلوع مجهول اما تاريخ البلوغ معلوم
 الصورة الثالثة : عكس ذلك تاريخ الطلوع معلوم وتاريخ البلوغ مجهول ، اما الكلام في الصورة الاولى فالمعروف بين الاصحاب ان كلا الاستصحابين في نفسه يجري ولكنه يسقط من جهة المعارضة فاستصحاب عدم البلوغ يجري الى زمان الطلوع ويترتب عليه عدم وجوب الصوم وعدم وجوب القضاء واستصحاب عدم الطلوع الى زمان البلوغ به يترتب عليه وجوب الصوم ووجوب القضاء فيقع التعارض بين الاستصحابين احدهما ينفي عدم وجوب الصوم والاخر يثبت وجوب الصوم فيقع التعارض بينهما فيسقطان معا فالمرجع هو اصالة البراءة عن وجوب الصوم ووجوب القضاء ، وذهب صاحب الكفاية الى عدم جريان الاستصحاب وان المقتضي كاشف ودليل الاستصحاب لا يشمل مثل هذه الموارد وعلل ذلك ان المعتبر في جريان الاستصحاب باحراز زمان اليقين من زمان الشك ومع عدم الاحراز لا يجري الاستصحاب فان الدليل غير شامل لهذه المستفاد من ادلة الاستصحاب اتصال زمان اليقين بزمان الشك ومع عدم الاحراز فلا يكون مشمول له
 اما ما ذكره المحقق الخرساني فقد ذكرنا في مبحث الاستصحاب ان الامر ليس كذلك اولا انه لا دليل على ان اتصال زمان الشك بزمان اليقين وان المعتبر هو الزمان المتيقن بالزمان المشكوك وثانيا مع الاغماض عن ذلك الفاصل بين ذلك الامور الوجدانية واما الامر الواقع فلا يمكن ان يكون فاسد بينهما وفي المقام عدم احراز الاتصال من جهة احتمال ان الطلوع في الساعة الاولى وزمان الشك في الساعة الثالثة فاذا كان الطلوع في الساعة الاولى فيفصل اليقين زمان الشك وجود البلوغ وحدوثه في الواقع امر واقعي لا يمكن ان يكون فاسد بين امرين وجدانيين هما اليقين والشك فالفاصل بين الامرين الوجدانيين هو اوجداني كاليقين على تفصيل ذكرناه هناك ، واما ما ذكره المشهور من جريان كلا الاستصحابين في المقام فلا يمكن المساعدة عليه فان كلا الاستصحابين لا يجري في المقام والمقتضي فاسد لا من جهة ما ذكره صاحب الكفاية قدس سره انما من جهة اخرى ويعني ذلك انه لوحظ زمان كل منهما أي زمان طلوع الفجر وزمان البلوغ ان لوحظ واقع زمان كل منهما فزمان كل منهما مردد بين زمانين شخصيين لا يمكن الاشارة اليه الا بزمان البلوغ وبعنوان زمان البلوغ والطلوع فلا يمكن الى واقع زمان البلوغ المردد بين فردين شخصيين الا بعنوان زمان البلوغ وكذلك لا يمكن الاشارة الى واقع زمان الطلوع المردد بين زمانيين شخصيين لا يمكن الاشارة الذهنية اليه بنبآء واحد زمان الطلوع وعلى هذا فان كان زمان الطلوع قيدا لعدم البلوغ استصحاب عدم البلوغ مقيدا بزمان الطلوع وكذلك زمان البلوغ قيدا للمستصحب أي عدم البلوغ الى زمان الطلوع المستصحب هو المقيد أي عدم البلوغ المقيد بزمان الطلوع وعدم الطلوع المقيد بزمان البلوغ فاذا كان المستصحب المقيد فلا دلالة سابقه فانا نشك بوجوده فليس له حاله سابقه حتى تستصحب فمن اجل ذلك لا يجري الاستصحاب فان المعتبر في الاستصحاب ان يكون اليقين بحدوث المستصحب والشك في بقائه اما اذا لم تكن للشيء حالة سابقه فلا موضوع للاستصحاب فليست لهذا المقيد حالة سابقة لكي تستصحب اما استصحاب بقاء ذات المقيد وههو عدم البلوغ او عدم الطلوع وان كانت لها حالة سابقه الا ان استصحاب بقائها لا يثبت التقيد الا بالقول بالأصل المثبت فمن اجل ذلك هذا الاستصحاب لا يجري في نفسه وان لوحظ واقع زمان كل منهما وان عنوان زمان البلوغ عنوان معرف مؤخوذ عنوان المعرفية و المشيرية وليس قيد للمستصحب وانما اخذ قيد العنوانية والمشيرية الى ما هو واقع المستصحب وهو عدم الوقوع الى زان الطلوع والمستصحب هو عدم الوقوع الى واقع زمان الطلوع والمفروض ان زمان الطلوع مردد بين زمان يعلم بتحقق البلوغ فيه وزمان يعلم بعدم تحقق الطلوع فيه فاذا ليس هنا شك في البقاء ويقين بعدم التحقق فأركان الاستصحاب غير تام فان المسألة داخله في الاستصحاب في الفرد المردد وهو لا يجري لعدم الشك في البقاء والمعتبر في جريان الاستصحاب ان يكون الشك متمحظ في البقاء واما في الفرد المردد فان الشك لا يكون متمحظ في البقاء فان على احد التقديرين مقطوع البقاء وعلى التقدير الاخر مقطوع ارتفاعه ، واما بالمقام زمان البلوغ مردد بين زمان يعلم بتحقق البلوغ فيه اذا كان الطلوع قبل البلوغ وزمان يعلم بعدم تحقق الطلوع فيه اذا كان زمان الطلوع متأخر عن زمان البلوغ وهكذا الحال بالنسبة الى البلوغ فان زمان الطلوع مردد بين زمان يتيقن بتحقق البلوغ فيه اذا كان البلوغ قبل الطلوع وبين زمان يعلم بعدم تحقق البلوغ فيه اذا كان تحقق البلوغ بعد الطلوع فزمان الواقع في كل منهما مردد بين زمانين فلا يمكن الاشارة اليه فمن اجل ذلك لا يجري الاستصحاب لأنه من الاستصحاب في الفرد المردد وهو لا يجري لان الشك لا يكون متمحظ بالبقاء
 فاذا اركان الاستصحاب غير تامه فالنتيجة ان هذا الاستصحاب في نفسه لا يجري أي كلا الاستصحابين في نفسه غير جاري واما اذا كان تاريخ احدهما معلوم كما اذا فرضنا ان تاريخ البلوغ معلوم ولكن تاريخ الطلوع مجهول فعندئذ لا مانع من استصحاب عدم الطلوع لا زمان البلوغ باعتبار ان زمان البلوغ معلوم لا يكون مردد ولا يكون هذا من الاستصحاب المردد ، واما استصحاب عدم البلوغ فهو لا يجري الى زمان الطلوع لانه مردد بين زمانين بنحو المحذور المتقدم فان زمان الطلوع كان قيد فان المستصحب يكون قيدا فليس له حالة سابقه لكي تستصحب وان كان معرفا وليس قيدا فواقع الطلوع مردد بين زمانين لا يمكن الاشارة اليه وهو يدخل في الاستصحاب في الفرد المردد وهو لا يجري لعدم كون الشك متمحظ في البقاء وهو معتبر في جريان الاستصحاب فاذا الاستصحاب في المجهول يجري واما الاستصحاب في المعلوم لا يجري ، وكذا اذا كان تاريخ الطلوع معلوما وتاريخ البلوغ مجهولا فاستصحاب عدم البلوغ يجري الى زمان الطلوع لأنه معلوم واما استصحاب عدم الطلوع الى زمان البلوغ لا يجري لنفس المحذور المتقدم
 الى هنا قد تبين ان الاستصحاب في جميع هذه الصور لا يجري الا في مجعول التاريخ اذا كان تاريخ احدهما معلوم وهو في نفسه لا مانع منه ولكن في المقام هل يجري من جهة ان هذا الاستصحاب هل له اثر شرعي يجري في هذه او لا يجري ..