الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/10/16

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: المرحلة الرابعة تمييز المشتركات

 

المرحلة الرابعة تمييز المشتركات [1]

ويراد به أن يرد عنوان قابل للانطباق على عدة معنونات في الأسانيد فمحمد بن يعقوب الكليني "رحمه الله" يروي مباشرة عن محمد بن إسماعيل وإذا رجعنا إلى علم الرجال نجد أن محمد بن إسماعيل يدور أمره بين ثلاثة عشر راويا وإذا حاولنا أن حصر الطبقة سنجد أن عنوان محمد بن إسماعيل يدور بين ثلاثة معنونات وهم محمد بن إسماعيل بن بزيع، محمد بن إسماعيل البرمكي وهما ثقتان ومحمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري ولم يرد في حقه توثيق فكيف نميز هذه المعنونات والشخصيات المختلفة التي تتحد في عنوان واحد وهو عنوان محمد بن إسماعيل هذا ما بحثه المصنف في المرحلة الرابعة ونلخصها تحت عنوان تمييز المشتركات المشتركات أسباب وحلول.

سؤال فما هي أسباب وقوع الاشتراك في الأسانيد أولا وما هي طرق تشخيص المشتركات والتمييز بينها؟

الجواب أما الأسباب فقد تذكر أسباب متعددة إلا أن السيد محمد جواد الشبيري مصنف الكتاب قد اقتصر على سبب واحد لوقوع الاشتراك وهو اختصار السند اعتمادا على السند السابق فإذا أورد الكليني سندا مفاده علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد السند الثاني إذا تكررت هذه الأسماء يقول علي عن أبيه عن أحمد وهكذا لو قال محمد بن يحيى العطار عن الفضل بن شاذان في السند الثاني يقول محمد عن الفضل فالذي يوجب الاشتراك في لفظ محمد أو الفضل هو اختصار الكليني للسند الثاني اعتمادا على السند السابق هذا تمام الكلام في بيان الأسباب فقد اقتصر المصنف على بيان سبب واحد وتوجد أسباب أخرى منها معروفية الشيخ لدى المصنف وعدم معروفيته لدينا كعنوان محمد بن إسماعيل فإنه واضح إذ أن الكليني يروي عنه مباشرة فهو واضح لدى الكليني ومعاصريه ولكنه ليس بواضح عندنا نظرا لغياب القرائن الكثيرة وهذا يحصل من جراء الابتعاد عن عصر النص ثم يقع الكلام في النقطة الثانية طريقة معرفة المشتركات وتمييز المشتركات.

الطرق لتمييز المشتركات

الطريقة الأولى الرجوع إلى المصادر الأصلية فعندنا مصادر أولية وهي الكتب الأربعة للمحمدين الثلاثة كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني وكتاب من لا يحضره الفقيه لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق وكتاب تهذيب الأحكام والاستبصار لمحمد بن الحسن الطوسي رحمة الله عليهم هذه المصادر الأولوية الكليني توفي سنة 329 هجرية وقيل 328 هجرية يعني سنة انتهاء الغيبة الصغرى سنة 329 هجرية والصدوق توفي سنة 381 هجرية والشيخ الطوسي ولد سنة 385 هجرية يعني بعد وفاة الصدوق بأربع سنوات وتوفي سنة 460 هجرية قمرية.

وهناك كتب أربعة للمتأخرين وهما المحمدون الثلاثة المتأخرون وهم كتاب الوافي للشيخ محمد بن المرتضى المعروف بالمولى محسن الفيض الكاشاني اسمه محمد مرتضى المتوفى سنة 1093 هجرية.

الكتاب الثاني للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى سنة 1104 صاحب كتاب وسائل الشيعة.

الكتاب الثالث بحار الأنوار للشيخ محمد باقر المجلسي المتوفى سنة 111 هؤلاء محمدون ثلاثة محمد مرتضى، محمد حسن، محمد باقر.

الكتاب الرابع مستدرك وسائل الشيعة للميرزا حسين النوري الطبري المتوفى سنة 1320 هجرية قمرية أستاذ الشيخ عباس القمي صاحب مفاتيح الجنان مدفون عند رجله في حرم أمير المؤمنين مكان الذي يصلي الإمام هذا تقريبا مقابل قبر المحدث النوري والشيخ عباس القمي له تلميذان وفيان صاحب الذريعة آقا بزرك الطهراني والشيخ عباس القمي من تلامذة المحدث النوري صاحب المستدرك هذه كتب أربعة متأخرة يوجد كتاب خامس مؤخرا هو جامع أحاديث الشيعة للشيخ المعزي الذي كتب هذا الكتاب 31 مجلد بأمر السيد حسين البروجردي وطبع الجزء الأول في حياة البروجردي شكل لجنة هذه لجنة طبعت الجزء الأول بعد الجزء الأول لم تجتمع اللجنة يعني لم تنتج الجزء الثاني فتكفل الشيخ المعزي بكتابته وفقا لما فهمه من كلام السيد حسين البروجردي هذه كتب خمسة والكتب الأربعة المتقدمة كانت أيضا خمسة الكتاب الخامس كتاب مدينة العلم للشيخ الصدوق لكنه فقد ولم يصل إلينا.

الغرض من هذه المقدمة المحمدون الثلاثة المتأخرون صاحب الوافي والبحار والوسائل والمستدرك اخذوا هذه الروايات من الكتب الأربعة المتقدمة وبوبوها يعني أخذوا الروايات من كتاب الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه فلربما يوجد اسم مشترك في الوسائل إذا ترجع إلى المصدر الأصلي الذي أخذ منه صاحب الوسائل وهو كتاب الكافي للكليني يرتفع هذا الاشتباه والاشتراك فالرجوع إلى المصدر الأصلي يوجب الرفع لأنه في المصدر الأصلي تجد الكليني جاء بالسند الأول ثم عطف السند الثاني على الأول وحذف بعض العناوين لوضوحها من خلال السند الأول فيأتي صاحب البحار أو صاحب الوسائل أو صاحب الوافي أو صاحب المستدرك ويذكر السند الثاني حرفيا من دون أن يذكر السند الأول فيحصل لدينا إبهام.

إذن الطريقة الأولى لتمييز المشتركات هي عبارة عن الرجوع إلى المصادر الأولوية الرجوع إلى الكتب الأربعة التي أخذ منها أو غير الكتب الأربعة صاحب الوافي اقتصر على الكتب الأربعة فقط لكن صاحب الوسائل نقل الكتب الأربعة وزاد عليها من سبعين مصدرا ككتاب قرب الإسناد للحميري وكتاب مسائل علي بن جعفر وغير ذلك.

الطريقة الثانية لتمييز المشتركات هي عبارة عن ملاحظة روايات الباب فلنفرض أن صاحب الوسائل أو صاحب الوافي ذكر سندا فيه أبن سنان ونحن لا ندري هل هو عبد الله بن سنان الثقة أو محمد بن سنان المختلف فيه وفي الروايات السابقة على هذا السند لم يرد ذكر أبن سنان لكن ربما في الروايات اللاحقة من نفس الباب يرد عنوان محمد بن سنان ونفس السند فمن ملاحظة روايات الباب نستطيع أن نميز المشتركات خصوصا الروايات المشتركة في المتن أو المشابه في المتن فإن الروايات التي مضمونها واحد تذكر في باب واحد فإذا كانت الروايات مضمونها واحد في الغالب أيضا أسانيدها تكون متقاربة.

الطريقة الثالثة الرجوع إلى الأسانيد المشابهة وتمييز الطبقات فمن خلال المقارنة بين الأسانيد تستطيع أن تشخص فمثلا أحمد بن محمد مشترك بين أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن خالد البرقي لكن من مقارنة الروايات سنجد أن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي هو الذي يروي عن الحسين بن سعيد بينما أحمد بن محمد بن خالد البرقي هو الذي يروي عن سعد بن سعد فمن خلال تشخيص الراوي والمروي عنه من خلال تشخيص الشيخ والتلميذ يمكن أن تشخص مثلا الكليني "رحمه الله" ذكر عنوان محمد بن يحيى في أول السند وفي وسط السند وفي آخر السند فمن هو محمد بن يحيى من خلال مقارنة الروايات تعرف أن محمد بن يحيى الذي هو شيخ الكليني هو محمد بن يحيى العطار وتعرف أن محمد بن يحيى الذي يأتي في نهاية السند هو محمد بن يحيى الخفعمي لأنه من معاصري الإمام الصادق عليه السلام ولذلك يأتي في آخر السند يروي عن الإمام الصادق وهكذا تجد الكليني يروي عن أحمد بن محمد في ثلاثة مواضع في البداية والوسط والنهاية فمن هو احمد بن محمد ومن خلال المقارنة في الأسانيد فتقول أحمد بن محمد تارة يكون شيخ الكليني وتارة شيخ شيخ الكليني وتارة شيخ شيخ شيخ الكليني أما أحمد بن محمد الذي هو شيخ الكليني المباشر فهو أحمد بن محمد الكوفي وأما أحمد بن محمد الذي هو شيخ شيخ الكليني يعني في الوسط يعني الواسطة الثانية فهو مشترك بين أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي وأحمد بن محمد بن خالد البرقي وأما أحمد بن محمد الذي يأتي في نهاية السند فهو أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي المعاصر للإمام الرضا صلوات الله وسلامه عليه وهو يروي عن الإمام الرضا أحد الثلاثة الذين لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة صفوان بن يحيى بياع السابوري ومحمد بن زياد بن أبي عمير وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي وهنا في تمييز هذا المشترك في بعض الطبقات يسهل تشخيصه لأنه واحد الذي في الطبقة الأولى واحد أحمد بن محمد الكوفي الذي في آخر السند أيضا واحد أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي الذي في وسط السند الواسطة الثانية مردد بين أثنين أحمد بن محمد بن خالد البرقي وأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي وكلاهما ثقة لكن كيف نميز بينهما أحيانا يمكن التمييز فإذا روى عن الحسين بن سعيد فهو الأشعري القمي وإذا روى عن سعد بن سعد فهو البرقي وأحيانا كلاهما يروي عن شخص واحد أو شخص واحد يروي عنهما فلا يمكن التمييز.

الخلاصة

أن المصنف ذكر سببا واحدا لوقوع الاشتراك وهو الاختصار اعتمادا على الأسانيد السابقة وذكر ثلاثة حلول أو ثلاثة طرق لتشخيص المشتركات:

الطريقة الأولى الرجوع إلى المصادر الأولية

الطريقة الثانية مراجعة روايات الباب

الطريقة الثالثة مقارنة الأسانيد المشابهة ومعرفة الطبقة

 

المرحلة الرابعة تمييز المشتركات

تمييز المشتركات اللفظ واحد العنوان واحد محمد بن إسماعيل المعنون متعدد ثلاثة عشر شخص ثلاثة عشر معنون في المرحلة الخامسة تمييز المختلفات بالعكس المعنون واحد شخص واحد العناوين مختلفة أبو علي الأشعري أو أحمد بن إدريس هذان عنوانان لمعنون واحد هناك اختلفت العناوين واتحد المعنون في المشتركات اتحد العنوان وتعدد المعنون مثل الفرق بين الاشتراك والترادف في اللغة العربية المشترك اللفظي اللفظ واحد عين المعاني متعددة، عين بمعنى العين النابعة العين الباصرة الركبة الذهن والفضة ذات الشيء وأحيانا المعنون واحد الأسد العناوين متعددة أسد غضنفر اسامة صميدع.

 

تطبيق العبارة

المرحلة الرابعة تمييز المشتركات

توجد في الأسناد عناوين كثيرة تطلق على عدة رواة يعني العنوان واحد والمعنونات متعددة العنوان واحد محمد بن إسماعيل المعنونات متعددة هل هو البندقي أو البرمكي أو أبن بزيع فهذا مماثل إلى الاشتراك اللفظي اللفظ واحد العين المعاني متعددة فهذه العناوين تسمى بالمشتركات والبحث عنها وتعيين المراد منها ـ من هذه العناوين ـ في كل سند يؤثر كثيرا في الأبحاث الرجالية خصوصا إذا تردد العنوان بين ثقة وغير ثقة، هنا واضح كلامه تردد العنوان يعني العنوان الواحد بين ثقة وغير ثقة مثل أبو بصير مردد بين أربعة ثلاثة منهم ثقاة وواحد ضعيف اربعتهم في طبقة واحدة أبو بصير الاسدي وأبو بصير المرادي يحيى بن أبي القاسم أو ليث فهنا إذا ما تشخص تصير الرواية ضعيفة لأنه لم تشخص المشترك، فمثلا يونس مردد بين يونس بن عبد الرحمن ويونس بن يعقوب وهما ثقتان وبين يونس بن ظبيان وهو ضعيف وابن سنان مردد بين عبد الله بن سنان وهو ثقة بلا خلاف من أصحاب الإمام الصادق ومحمد بن سنان وهو مختلف فيه وهو من أصحاب الإمام الرضا والجواد وقد ضعفه كثير من ائمة الرجال السيد الخوئي يضعفه ونحن نبني على تضعيفه وإن وثقه شيخنا الأستاذ الشيخ مسلم الداوري حفظه الله فلتعيين المراد من يونس أو ابن سنان اثر كبير في الحكم بصحة السند المشتمل على أحدهما أو ضعفه يعني أو الحكم بضعف السند المشتمل على أحدهما إذن يوجد اثر كبير إما تضعف السند أو تصحح السند.

وبحث تمييز المشتركات بحث مبسوط يعني طويل ولا نريد الورود فيه هنا وإنما نشير إلى عامل أساسي في إيجاد الاشتراك في السند والالتفات إلى هذا العامل يؤثر كثيرا في تعيين المراد في العناوين المتشركة هنا يذكر السبب الوحيد الذي ذكره لوقوع الاشتراك قال وهذا العامل هو الاختصار بالاعتماد على الإسناد السابقة.

توضيحه إن المؤلفين مثل الكليني كثيرا ما يذكرون اسم الراوي بمشخصاته الكاملة في سند ثم يحذفون المشخصات في سائر الأسناد اعتمادا على السند المتقدم

المثال الأول علي بن إبراهيم بن هاشم القمي عن أبيه عن عمر بن عثمان...

     علي عن أبيه عن أبن أبي عمير...[2] علي يعني علي بن إبراهيم عن أبيه مكان عن عمر بن عثمان السند الثاني عن أبن أبي عمير.

المثال الثاني محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان...

     محمد عن أحمد عن ابن فضال...[3] محمد يعني محمد بن يحيى عن أحمد يعني أحمد بن محمد بن عيسى مكان علي بن النعمان جاء ابن فضال.

المثال الثالث عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي...

     أحمد عن علي عن سيف عن إسحاق بن عمار...[4] هنا أحمد يعني هنا تعليق في بداية السند عدة من أصحابنا حذفها هذا تعليق في الإسناد الواسطة الأولى حذفت أحمد إشارة إلى أحمد بن محمد عن سيف يعني سيف بن عميرة، عن علي يعني علي بن الحكم مكان أبي بكر الحضرمي جاء إسحاق بن عمار.

يقول السند الثاني معلق يعني حذف أول إسناده وهو قوله عدة من أصحابنا وأحمد هو أحمد بن محمد وعلي هو علي بن الحكم وسيف هو سيف بن عميرة.

ولا إشكال في الاختصار في المصادر الأولوية وهي الكتب الأربعة وما ماثلها مثل كتاب قرب الإسناد للحميري كتاب مسائل علي بن جعفر إلى آخره لوجود القرينة في الأسناد المتقدمة في نفس المصادر الأولية وإنما الإشكال في المصادر الثانوية الكتب الأربعة المتأخرة هم يقولون الكتب الأربعة الأولية والكتب الأربعة الثانوية، الكتب الأربعة الأولوية يعني للمتقدمين الكافي للكليني والفقيه للصدوق والتهذيب والاستبصار للطوسي.

الكتب الأربعة الثانوية الوافي للفيض الكاشاني والوسائل للحر العاملي والبحار للمجلسي والمستدرك للنوري وإنما الإشكال في المصادر الثانوية فإذا جاء مؤلف متأخر مثل صاحب الوسائل فأخذ الروايات المشتملة على العناوين المختصرة من غير أن يأخذ الروايات المشتملة على العناوين المفصلة التي هي سابقة عليها حصل الإشكال في السند للفصل بين القرينة وذي القرينة.

في الأمثلة المتقدمة لو وردت الروايات المشتملة على (علي) أو (محمد، أحمد) أو (أحمد، علي، سيف) في التهذيب أو الوسائل مثلا من غير أن ترد الروايات المتقدمة عليها لحصل الارتباك في فهم المقصود لأن ذو القرينة غير مذكور.

فلذلك كان الرجوع إلى المصادر الأصلية من أنفع الأمور في حل اشتراك العناوين هذا أول طريقة أول وسيلة، الحل الأول لتمييز المشتركات الرجوع إلى المصادر الأصلية.

الحل الثاني يقول ولو لم تكن تلك المصادر يعني الأولية موجودة فيما بأيدينا من المصادر صار الأمر أشكل الآن يشير إلى الحل الثاني ويمكن حل الإشكال بالرجوع إلى سائر روايات الباب حتى الروايات المتأخرة، لماذا الروايات المتأخرة؟ لأن ربما هذه الرواية المتأخرة في المصدر الثانوي كالوسائل موجودة في البداية في المصدر الأولي كالكافي.

إذ من الجائز وقوع التغيير في ترتيب الروايات يعني وقوع التغيير في ترتيب الروايات في المصادر الثانوية غير ترتيب الروايات في المصادر الأولوية فصار المتقدم يعني في المصادر الأولوية متأخرا يعني في المصادر الثانوية والمتأخر في المصادر الأولية متقدما في المصادر الثانوية فتأخرت القرائن.

مثلا نرى في التهذيب، الطوسي توفي سنة 460 هجرية يروي عن الكليني المتوفى سنة 329 هجرية يقول مثلا في التهذيب رواية أحمد بن أبي عبد الله وهو البرقي عن علي بن محمد عن أبي أيوب المدني...[5] وليس في الأسناد المتقدمة عليه ما يوضح المراد من علي بن محمد هنا نستطيع أن نشخص قبل أن نذهب إلى الكافي للكليني يقول ولكن ورد بعد هذا الخبر خبر آخر بهذا اللفظ:

     عنه أي عن محمد بن يعقوب لأن الشيخ الطوسي ينقل عن الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن محمد بن سليمان إذن بن سليمان قيدت علي بن محمد فنعرف إن هو الذي ورد في البداية هو بن سليمان عن أبي أيوب المدني...[6]

ولكن ربما هذا راوي آخر إذا رجعنا إلى الكافي بالطريقة الأولى وجدنا هذا السند موجود في البداية والثاني عطف عليه فيتعين أن يكون المراد هو ابن سليمان.

لذلك قال فيخطر بالبال كون المراد من علي بن محمد هو علي بن محمد بن سليمان لكن هل هذا الذي خطر في بالك تستطيع أن تعتمد عليه؟ ما تستطيع لأنه متأخر في التهذيب لكن كيف صح الاعتماد على السند المتأخر في حذف مشخصات الراوي؟

وللجواب عن هذا السؤال نرجع إلى الكافي يعني نتبع الطريقة الأولى الرجوع إلى المصادر الأولية فنرى فيه ـ في الكافي ـ

     عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن علي بن محمد بن سليمان عن أبي أيوب المدني...[7] هذا السند الأول

     السند الثاني وعنه عن يعقوب بن يزيد... [8]

     السند الثالث وعنه عن علي بن محمد عن أبي أيوب المديني... [9]

هنا السند الثالث وعنه يعني عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن محمد عن أبي أيوب المديني فتعرف إن علي بن محمد في السند الثالث يراد به علي بن محمد بن سليمان الوارد في السند الأول فقد حذف من الحديث الثالث بن سليمان بعد علي بن محمد اعتمادا على ذكره في الحديث الأول وهذا مما لا إشكال فيه.

الحل الثاني هو مراجعة روايات الباب وليس هو مراجعة السند الأخير من روايات الباب مراجعة روايات الباب إذا السند الأول وردت فيه القرينة أمكن الاعتماد في السند الثاني على القرينة في السند الأول من دون حاجة إلى الرجوع إلى المصادر الأولية.

ولو لم نرجع إلى الكافي أيضا لكان احتمال وقوع التغيير في ترتيب الروايات قريبا هذا الاحتمال.

ثم لو لم نجد في روايات الباب ما به ينحل الإشكال يعني الطريقة الثانية ما افادت الطريقة الأولى الرجوع إلى المصادر الأولية ما أفادت الطريقة الثانية الرجوع إلى روايات الباب ما أفادت الطريقة الثالثة وقد يظهر من المصنف أن هناك ترتيب طولي يعني الثالثة تتوقف على العجز عن الثانية والثانية تتوقف عن العجز عن الأولى لا طولية وعرضية ممكن أنت من البداية تلجأ إلى الطريقة الثالثة أو الطريقة الثانية أو الأولى.

قال ثم لو لم نجد في روايات الباب ما به ينحل الإشكال يجب الرجوع إلى الإسناد المشابهة هذا الحل الثالث حتى نعثر على قرينة معينة، والروايات الآن يبين نكتة مهمة يقول والروايات التي مضامينها قريبة أقوى قرينية من سائر الروايات لقوة احتمال كون الروايات القريبة المضمون موجودة معا في المصدر الأصلي في موضع واحد مرتبة عادة الروايات التي مضمونها واحد تجعل في مكان واحد وبالتالي قد تتشابه بالأسانيد.

والمهم في تمييز المشتركات الالتفات إلى طبقة الرواة فإن العنوان المشترك إذا تردد أمره بين شخصين أو أشخاص في طبقتين مختلفتين فتميزه سهل غالبا متى يصعب التمييز؟ إذا في طبقة واحدة وإذا في الطبقة الواحدة يدور بين الثقة وغير الثقة.

فعلى سبيل المثال يوجد محمد بن يحيى في الأسناد الكافي مرددا بين محمد بن يحيى العطار الذي هو شيخ الكليني ومحمد بن يحيى الخثعمي الذي هو معاصر للإمام الصادق وغيرهما والتمييز بين العطار والخثعمي سهل في الغالب نظرا إلى كون العطار من مشايخ الكليني المباشرين قدس والخثعمي هو من أصحاب أبي عبد الله الإمام الصادق عليه السلام فبين طبقتيهما بون وفرق بعيد فمحمد بن يحيى العطار في أول السند ومحمد بن يحيى الخثعمي في آخر السند في الأغلب.

وقريب منه تردد ابن سنان بين عبد الله بن سنان ومحمد بن سنان عبد الله بن سنان من أصحاب الإمام الصادق محمد بن سنان من أصحاب الإمام الرضا والجواد فإن عبد الله بن سنان هو من أصحاب الصادق عليه السلام ومحمد بن سنان هو من أصحاب الرضا والجواد عليهما السلام فرواية ابن سنان عن الصادق أو الرضا قرينة واضحة على تعيين المراد لكن حيث اشترك في برهة من الزمن مدة من الزمن تعاصرا فربما يشكل تعيين المراد من ابن سنان ويحتاج إلى بحث أكثر ابن سنان وهو محمد من أصحاب الإمام الرضا وأيضا أدرك عبد الله بن سنان الذي هو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.

واشكل من ذلك ما إذا كان الاشتراك بين راويين واقعيين في طبقة واحدة أو رواة كذلك يعني وقعوا في طبقة واحدة.

المثال عنوان معاوية في أصحاب الصادق عليه السلام فإنه مردد بين أفراد كثيرة اشهرهم أربعة عناوين لم يقل أربعة أشخاص ولم يقل أربعة أفراد قال أربعة عناوين لأن الشخص الواحد قد يأتي بكذا عنوان الآن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي له على الاقل ستة عناوين أحمد، أحمد بن محمد، أحمد بن محمد بن عيسى، أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي، أبو جعفر لذلك يقول في الحاشية عبرنا بأربعة عناوين دون أربعة أفراد أو أشخاص لأن التحقيق عند السيد الشبيري اتحاد معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة وكونه معاوية بن ميسرة بن شريح يعني الشخص واحد يذكر له عنوانان.

هؤلاء الأربعة أو العناوين الأربعة معاوية بن شريح، معاوية بن ميسرة ويرى اتحادهما السيد الشبيري الزنجاني معاوية بن عمار، معاوية بن وهب والأخيران أشهر هؤلاء.

فالتمييز بينهم وتعيين المراد من معاوية عند الإطلاق، إطلاق لفظ معاوية بمفرده يحتاج إلى مزيد تأمل وتدقيق.

ومن هنا يظهر أن العنوان المشترك إذا تردد بين جملة من العناوين بعضها في طبقة واحدة وبعضها في طبقات مختلفة كان تمييز العنوان بالنسبة إلى بعض العناوين سهلا مثل احمد بن محمد في البداية وأحمد بن محمد في النهاية فيما يرويه الكليني كما سيأتي وبالنسبة إلى عناوين أخرى صعبا أحمد بن محمد الذي في وسط السند مردد بين البرقي والأشعري القمي فقد يؤول الأمر إلى نفي بعض الاحتمالات من دون أن نقدر على الوصول إلى احتمال واحد مثل محمد بن إسماعيل بعضهم لم يصل إلى نتيجة ينفي كل الاحتمالات النتيجة يقول أنا من المتوقفين لم استطع أن اشخص هذا الرجل.

المثال أحمد بن محمد في إسناد الكافي واقع غالبا في طبقات ثلاث:

الطبقة الأولى طبقة مشايخ الكليني أن يروي عنه الكليني بلا واسطة يعني يروي عنه مباشرة والمراد منه هو أحمد بن محمد العاصمي المعبر عنه باحمد بن محمد الكوفي كما في هذا السند

     أحمد بن محمد عن علي بن الحسن...[10] الكليني يروي مباشرة عن أحمد بن محمد العاصمي الكوفي.

الثاني طبقة مشايخ مشايخ الكليني أي يروي عنه الكليني بواسطة كما إذا روى الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد في هذه الطبقة يوجد شخصان مشهوران باسم أحمد بن محمد يروي عن كليهما الكليني بتوسط عدة من أصحابنا وهما احمد بن محمد بن خالد البرقي المعبر عنه باحمد بن أبي عبد الله وهو يروي عن سعد بن سعد واحمد البرقي أيضا الذي هو هذان العنوانان واحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي الذي يروي عن الحسين بن سعيد.

الثالث طبقة مشايخ مشايخ مشايخ الكليني أن يروي عنه الكليني بواسطتين كما في هذا السند:

     عدة من أصحابنا يعني الكليني عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن احمد بن محمد...

والمراد من أحمد بن محمد هنا احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي فعليه تعيين المراد من أحمد بن محمد إذا روى عنه الكليني مباشرة فهو أحمد بن محمد العاصمي الكوفي أو روى عنه بواسطتين وهو أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي سهل غالبا لأن متعين في شخص وفرد، يقول لوحدة الفرد المشتهر باسم أحمد بن محمد في طبقته

أما إذا روى عنه الكليني بواسطة فالأمر مشكل لأنه يدور بين اثنين بين البرقي وبين الأشعري القمي وكثيرا ما يمكن الجزم بكون المراد هو أحمد بن محمد بن خالد إذا روى عن سعد بن سعد أو أحمد بن محمد بن عيسى إذا روى عن الحسين بن سعيد الاهوازي يقول بملاحظة قرائن أخرى الراوي والمروي عنه بملاحظة الرواية عن الحسين بن سعيد الاهوازي يكون هو الأشعري القمي.

والمتحصل إن الطبقة وملاحظة الراوي والمروي عنه للعنوان المشترك والارتباط السندي بين الرواة من العوامل المؤثرة جدا في تمييز المشتركات.

قلنا لكم راجعوا رسالة الأسانيد المقلوبة للسيد حسين البروجردي "رحمه الله" هذا تمام الكلام في المرحلة الرابعة، المرحلة الخامسة توحيد المختلفات يأتي عليها الكلام.

 


[1] أصول الرجال، السيد محمدجواد الشبيري، ص64.
[2] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص457.
[3] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج1، ص50.
[4] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج1، ص333.
[5] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج9، ص19.
[6] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج9، ص19.
[7] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج6، ص224.
[8] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج6، ص224.
[9] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج6، ص224.
[10] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص750..