الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/10/14

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: معرفة التحريفات في السند

 

المرحلة الثانية معرفة التحريفات في السند[1]

 

توضيح الدرس

شرعنا في مباحث الفصل الأول من كتاب أصول الرجال للسيد محمد جواد الشبيري الزنجاني "حفظه الله" قلنا إن الفصل الأول يتألف من خمس مراحل:

المرحلة الأولى فهم مفاد السند وقد أخذنا فيها كيفية دراسات مفردات السند ومعرفة حلقات السند.

اليوم ندرس المرحلة الثانية معرفة التحريفات في السند فقد تكون المفردات بشكل ظاهر واضحة لكنها وصلت إلينا محرفة وهذا شيء طبيعي بحسب طول الفترة الزمنية وكثرة النساخ وردائة الخطوط وشبه الكلمات فهذه أمور قد توجب حصول اللبس في كتابة السند فمن هنا لابد من دراسة الأمور التي قد تقع في السند وتوجب تحريفه من هنا تطرق السيد المصنف حفظه الله إلى ثلاثة أمور:

الأمر الأول التصحيف أي تغيير الكلمة المصحفة والمكتوبة في الصحيفة أي الورقة

الأمر الثاني زيادة اسم راو في السند

الأمر الثالث بالعكس سقط اسم راو من السند

ثم في الختام يذكر تنبيهات:

التنبيه الأول مفاده في أن الغالب من التحريفات تبديل الكلمة الغريبة بالكلمة المأنوسة فمثلا لفظة يزيد أصبحت مشهورة معروفة لفضاعة العمل الذي قام به يزيد بن معاوية من قتل سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين بخلاف لفظة بريد فإنها غريبة فقد تصحف كلمة بريد وتكتب يزيد خصوصا في ذلك الزمن الذي لم تكن فيه الكلمات منقطة إذ أن أول من نقط هو الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب كتاب العين وأول من نوق المصحف الشريف وشكله هو خالد بن أبي الهياك هو أول من كتب في النحو هو أبو الأسود الذوئلي باشارة من أمير المؤمنين “عليه السلام” إذ قال له أمير المؤمنين الكلمة إما اسم أو فعل أو حرف فالاسم ما أنبع عن المسمى والفعل ما أفاد معناه إلى أن يقول فانحو هذا النحو.

وكان الداعي لذلك هو أن أبو الأسود الذوئلي كان يمشي في بعض سكك الكوفة فسمع شخصا يقرأ القرآن قائلا إن الله بريء من المشركين ورسوله بالكسر فيصير المعنى إن الله يبرئ من اثنين من المشركين ومن الرسول والعياذ بالله فتأذى كثيرا أبو الأسود الذوئلي فقال جل الله أن يبرئ من رسوله فذهب إلى أمير المؤمنين وشكى له وقوع اللحن في كلام العرب فقال له أمير المؤمنين ما قال ثم قال فانحو هذا النحو فنشأ النحو العربي لذلك ستأتي هذه القاعدة إذا دار الأمر بين كلمتين إحداهما مأنوسة والثانية أكثير غرابة فالأصل هو الكلمة الأشد غرابة.

التنبيه الثاني إن وقوع التحريف في السند قد يوجب الإيهام والإبهام في السند من نواحي أخرى كما سيأتي

التنبيه الثالث يشير فيه إلى بعض الاشتباهات التي حصلت في التهذيب حتى قال صاحب الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة وهو الشيخ يوسف البحراني "أعلى الله مقامه الشريف" واصفا كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطائفة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة أربعمائة وستين هجرية، قال الشيخ اليوسف المتوفى سنة 186 واصفا التهذيب قلما تخلو منه صفحة من وقوع أخطاء أو تصحيف حتى قال البعض إن الشيخ يوسف قد بالغ في كثرة أخطاء وأغلاط كتاب تهذيب الأحكام.

الخلاصة

لمعرفة التصحيف وخصوصا في السند لابد من معرفة الطبقات ولعل أهم كتابين لمعرفة التصحيف والأخطاء والأغلاط في الرواية:

الأول كتاب الوافي[2] للفيض الكاشاني 26 مجلد فإنه دقيق جدا في ضبط المتن وضبط السند لذلك نجد السيد الخوئي دائما وقال في الوافي وقال في الوافي في معجم رجال الحديث فيض الكاشاني صاحب ذوق ادبي رفيع وخبرة رجالية فهو دقيق جدا في ضبط السند وضبط المتن.

كتاب الثاني كتاب وسائل الشيعة للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى سنة 1104 والفيض الكاشاني المتوفى سنة 1093 هجرية يعني متعاصران لكن الحر العاملي من جبل عامل من لبنان وعاش في مشهد والفيض الكاشاني عاش في أصفهان وكاشان "رحمة الله عليه" هذان كتابان دقيقان جدا الحر العاملي كتب وسائل الشيعة المطبوع الآن ثلاثين مجلد عشرين مجلد طبعة عبد الرحيم ثلاثين مجلد طبعة مؤسسة آل البيت[3] ألف الوسائل في عشرين سنة وميزته أنه راجعه مرتين وشرح لكن لم يوفق لإكمال شرحه طبع المجلد الأول تحرير الوسائل لذلك أخطائه قليلة بل نادرة في السند والمتن.

نعم مشكلة الوسائل تقطيع الروايات رواية واحدة يقطعها عشرة أجزاء مثلا جزء في الطهارة جزء في الديات فأنت تتوهم أنها عشر روايات والحال أنها رواية واحدة تشخص ذلك من السند لذلك كتب مؤخرا كتاب جامع أحاديث الشيعة بأمر المرجع الكبير السيد حسين البروجردي طبع المجلد الأول في حياة السيد البروجردي شكل لجنة كتبت المجلة الأول بعد وفاة السيد البروجردي لم يكتب هذا الكتاب كتبه تلميذه المعزي من المجلد الثاني إلى المجلد 31.

ميزة جامع أحاديث الشيعة[4] أنه أولا يذكر الآيات الوسائل ما تذكر الآيات فقط روايات جامع الأحاديث يذكر الآيات، الميزة الثانية أنه لا يقطع الروايات يذكر الرواية بأكملها فإذا أردت معرفة الروايات المقطعة فعليك بمراجعة كتاب وسائل الشيعة هذه كتب مهمة في البحث أحيانا كل بحث له مصادر مفتاحية مثلا في تمييز المشتركات كما سيأتي في الطبقة الثالثة هناك كتب مهمة مثل كتاب إيضاح الاشتباه للعلامة الحلي إذا تراجع هذا الكتاب تعرف أنه الأسماء المشتركة والألقاب وغيرها بحيث تميز المشتركات من خلالها.

 

تطبيق العبارة

المرحلة الثانية معرفة التحريفات في السند

قد حدث في الأسناد جمع سند تحريفات واختلالات كثيرة عبر الزمان على أيدي النساخ من أجل ردائة الخط وشباهة الكلمات بعضها مع بعض وغير ذلك.

فبدلت أحيانا الرواية الصحيحة بالرواية غير الصحيحة أو الرواية غير الصحيحة بالرواية الصحيحة فلذلك كانت معرفة التحريفات والطرق الموصلة إلى أصل السند من الأمور الهامة في التحقيق حول السند.

والتحريفات على أنواع:

أول واحد التصحيف المراد بالتصحيف يعني الاشتباه في كتابة الكلمة في الصحيفة الورقة التصحيف قد يكون بتبديل عن بالواو أو بالعكس الواو بعن.

المثال علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله “عليه السلام”...[5] هذه موجودة في الكافي الجزء الخامس هنا قد تتوهم تقول الكليني له شيخان الشيخ الأول علي بن إبراهيم الشيخ الثاني محمد بن يحيى العطار بالتالي هنا يوجد سندان وفق إلى ما درسنا في المرحلة الأولى فتقول هكذا يعني يوجد سندين السند الأول الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه السند الثاني الكليني عن محمد بن يحيى العطار عن طلحة بن زيد...

والجواب هذا اشتباه عظيم لأن طلحة بن زيد أستاذ محمد بن يحيى الخفعمي وليس محمد بن يحيى العطار ومحمد بن يحيى الخفعمي ليس في طبقة مشايخ الكليني بل الكليني يروي عن محمد بن يحيى الخفعمي بواسطتين فالصحيح هكذا علي بن إبراهيم عن أبيه وهذه الواو عن يعني علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن يحيى الخفعمي عن طلحة بن زيد لذلك إذا نرجع إلى الوسائل ـ وسائل الشيعة للحر العاملي ـ ونرجع إلى كتاب الوافي للفيض الكاشاني نقلا هذه الرواية عن الكافي لكن من دون واو نقلوها عن صححوا السند لدقة صاحب الوسائل ودقة الفيض الكاشاني.

والصواب علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن يحيى هذا الخفعمي تلميذ طلحة عن طلحة... يشهد على وقوع التصحيف الأسناد المشابهة كما في سند قريب من هذا السند يعني من خلال الطبقة ومعرفة الطبقة من معرفة الأسناد المشابهة.

وبعبارة أخرى إبراهيم بن هاشم هو من تلامذة محمد بن يحيى الخفعمي وليس راويا عن طلحة بن زيد مباشرة يعني طلحة بن زيد أستاذ إبراهيم بن هاشم مع الواسطة ـ واسطة محمد بن يحيى الخفعمي ـ وعلي بن إبراهيم ليس من تلامذة محمد بن يحيى علي بن إبراهيم هو زميل وفي طبقة محمد بن يحيى العطار وليس في طبقة محمد بن يحيى الخفعمي بل يروي عنه بتوسط أبيه علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن محمد بن يحيى الخفعمي هذا تبديل عن بأو يوجد بالعكس تبديل الواو بعن طبعا قلنا أسانيدنا فيها عنعنة إذا تراجعون أسانيد السنة هناك أنواع أحيانا حدثنا قال حدثنا قال حدثني هذا ابلغ لأن لفظ حدثنا حدثني يشير إلى نحو تحمل الحديث يعني تحمل الحديث بالمشافهة هذا أعظم شيء وأحيانا نا يعني علي بن إبراهيم نا أبيه نا محمد بن يحيى نا يعني حدثنا اختصار لحدثنا وأحيانا قثنا هذا موجود في كتب العامة إن رواية الكافي عنعنة وأيضا روايات الكتب الأربعة لكن مع التعليق في بداية الإسناد في من لا يحضره الفقيه والتهذيبين.

وقد يكون بتبديل الواو بعن.

المثال: الحسين بن سعيد هذا الأهوازي عن صفوان عن فضالة عن العلاء...[6]

والصواب صفوان وفضالة لأن هؤلاء من طبقة أصحاب الإجماع صفوان بن يحيى بياع السابوري وفضالة بن أيوب هؤلاء من الطبقة الثالثة من أصحاب الإجماع يعني عاصروا الإمام الكاظم والرضا عليهما السلام والصواب صفوان وفضالة كما ورد في النسخ الصحيحة من التهذيب والدليل عليه كون صفوان وفضالة في طبقة واحدة كلاهما من مشايخ الحسين بن سعيد ورواة العلا يعني ممن يروي عن العلاء بن رزين.

النمط الثالث وقد يكون بتبديل اسم الراوي بما يشبهه المثال أبن أبي عمير عن معاوية بن عثمان الصحيح معاوية بن عمار والصواب معاوية بن عمار إذ لم نجد في مشايخ أبن أبي عمير اسم راوي اسمه معاوية بن عثمان وقد أكثر ابن أبي عمير من الرواية عن معاوية بن عمار.

عمار الساباطي هذا موثق لكن ليس إمامي فطحي وعندنا راوي ثاني إسحاق بن عمار صار اشتباه من القوم قالوا هذا إسحاق بن عمار هو ابن عمار الساباطي وهو فطحي فالأكثر يرون روايات إسحاق بن عمار موثقة وليست حسنة لأنه غير إمامي إلا أنه موثق فيرون أنها رواية موثقة موثقة إسحاق بن عمار وليس حسنة لكن السيد الزنجاني يرى أنها صحيحة كثير من المعاصرين يرى أنها صحيحة يعني هو إمامي إسحاق بن عمار وهذا ليس ابن عمار الساباطي.

وقد يكون بغير ذلك من الصور.

المثال: سعد بن عبد الله هذا الأشعري القمي عن احمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي وموسى بن جعفر عن أبي جعفر عن أبي طالب عبد الله بن الصلت...[7]

والصواب موسى بن جعفر بن أبي جعفر هو قال موسى بن جعفر عن أبي جعفر فصحف بن بعن هذا تمام الكلام في العنوان الأول التصحيف.

العنوان الثاني زيادة اسم راو في السند

المثال: علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن عيسى...[8] هنا المنشأ انس الراوي إن علي بن إبراهيم دائما يروي عن أبيه والحال أن علي بن إبراهيم قد يروي عن أبيه وهذا تسعين بالمائة من روايته وقد يروي عن محمد بن عيسى الذي هو في طبقة أبيه لاحظ المثال علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن عيسى.

قد زيد في السند عن أبيه بين علي بن إبراهيم وشيخه محمد بن عيسى إذ لم تثبت رواية علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بالتوسط أنه في طبقة أبيه وقد زيد عن أبيه بينهما في أسناد قليلة أخرى أيضا لكن أكثرها توجد نسخ خالية عن الزيادة أكثر النسخ خالية عن هذه الزيادة منشأها أنس الناسخ أنس أن علي بن إبراهيم يروي عن أبيه قال ومنشأ الزيادة كثرة رواية علي بن إبراهيم عن أبيه فقد يسبق إلى الذهن كلمة عن أبيه بعد علي بن إبراهيم فيزاد في السند سهوا.

العنوان الثالث سقط اسم راو من السند

المثال: احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن عثمان...[9]

وقد سقط عن فضالة بعد الحسين بن سعيد يعني الرواية هكذا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب لأن الحسين بن سعيد لا يروي مباشرة عن الحسين بن عثمان وإنما يروي بواسطة فضالة بن أيوب لأن الحسين بن سعيد في طبقة أصحاب الإمام الجواد “عليه السلام” وفضالة بن أيوب في طبقة أصحاب الإمام الرضا والكاظم عليهما السلام.

يقول وقد سقط عن فضالة بعد الحسين بن سعيد وقد ورد ذكره في بعض النسخ المعتبرة من الكتاب والقرينة على ذلك ملاحظة الاعتبار السندي بين الحسين بن سعيد والحسين بن عثمان.

وهناك اختلالات أخرى في السند كالتقديم والتأخير في اسم الراوي نظير تبديل محمد بن أحمد باحمد بن محمد عندنا أحمد بن محمد كثيرون أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي، أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، أحمد بن محمد بن يحيى العطار وعندنا أيضا محمد بن أحمد مشهورون مثل صاحب كتاب نوادر الحكمة دبة شبيب محمد بن أحمد بن يحيى فالناسخ تتكرر عنده الأسماء فقد يستبدل احمد بن محمد بمحمد بن أحمد، أو التقديم والتأخير في موضع السندين يعني عندنا سند في المرتبة الأولى وسند في المرتبة الثانية في الموضع الثاني هذا السند الذي في موضع الثاني فيه ضمير يعود على السند الذي في الموضع الأول هذا النسخ يعكس يخلي السند الثاني والأول ثاني السند الثاني فيه ضمير فيصير السند الثاني ما يعود على السند الأول يعود على الأسانيد السابقة تحصل اشتباهات فالتقديم والتأخير في موضع السندين أو في موضع الراوي في السند يعني التقديم والتأخير في موضع الراوي في السند يقدمه أو يؤخره هذا له أثر كبير مثلا هو في بداية السند محمد بن يحيى يعني العطار شيخ الكليني يخليه في وسط السند محمد بن يحيى فيصير توهم أنه الخفعمي أو هو في وسط السند محمد بن يحيى الخفعمي يجعله في البداية محمد بن يحيى فيتوهم من يقرأ أنه محمد بن يحيى العطار أو دخول الحاشية في المتن مثلا هذا موجود كثيرا في روايات من لا يحضره الفقيه الصدوق يعلق على الرواية وما يفصل تعليقه عن متن الرواية فتتوهم أنها رواية والحال أنها حاشية وليست متن الرواية أو الجمع بين النسخة الصحيحة والنسخة المصحفة يعني عندنا نسختين نسخة مصحفة عمل عليها المحقق أزال التصحيف وصححها هذا الناسخ لما أتى يكتب قال الجمع أكمل جمع النسخة الصحيحة مع النسخة المصحفة وغير ذلك مما لا مجال لذكرها وشرحها هنا.

تنبيهات

التنبيه الأول الغالب في باب التحريفات تبديل الكلمة الغريبة أو العبارة الغريبة بالكلمة المأنوسة أو العبارة المأنوسة فإذا دار الأمر بين تحريفين فالأصل صحة ما كان غريبا بعيدا عن الأذهان، مثال على ذلك يقول النجاشي شيخ الرجاليين رأيت هذا الشيخ وسمعت منه شيئا كثيرا وكان علوا فلم أروي عنه شيئا واحدا إلا بواسطة بيني وبينه وقال في تراجم أخرى فلما رأيت أصحابنا يغمزونه تجنبت الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه هنا علوا ما المراد بها؟ كثير من الرجاليين قال المراد غلوا يعني كان مغاليا فالنجاشي تجنب أن يروي عنه لأنه من المغالين إذا تجنب الرواية عنه لأنه من المغالين لماذا قبل الرواية بواسطة بينه وبينه البعض قد يقول لأنه لا يريد أن ينسب إلى نفسه هذا الأمر المشين أن يروي عن مغال وإنما ينسب إلى من روى عنه مباشرة هذا الاحتمال الأول.

الاحتمال الثاني وكان علوا يعني كان يروي أسانيد عالية يعني الوسائط قصيرة كلما قلت الوسائط على الإسناد وبسبب قلة الوسائط قد يدعى وقد يتهم هذا الرجل بالكذب لأنه لم يعاصر هؤلاء هذا احتمال ثاني.

احتمال ثالث وهو الذي نميل إليه وكان علوا يعني وكان كبيرا في السن عال السن والنجاشي حينما رأى هذا الرجل قد كبر في السن لم يجز لنفسه أن يروي عنه وهذا موجود عند الرجاليين يقول علي بن الحسن بن فضال أدركت أبي ولكني سمعت عنه ولم أبلغ الحلم فلم أروي عنه مباشرة إلا بواسطة بيني وبينه كأخيه أحمد بن الحسن بن فضال هذا موجود عند الرجاليين حتى لو سمع لكن ما ينقل إذا سمع قبل بلوغه أو إذا كان الراوي كبيرا فهنا وكان علوا يعني وكان عال السن هنا المتعارف وكان علوا غلوا يذكر العلو والغلو بمعنى المغالاة يقولون فلان فيه ارتفاع وعلو يعني مغالي فلينصرف إليه الذهن والقريب عند الرجاليين معنى الغلو والعلو والارتفاع والبعيد عنهم علو السن.

التنبيه الأول إذا دار الأمر بين تحريفين فالأصل صحة ما كان غريبا بعيدا عن الأذهان.

المثال: حدثني أبي عن أبن أبي عمير عن أبن اذينة عن يزيد بن معاوية عن أبي جعفر “عليه السلام” قال إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أفضل الراسخين في العلم[10] هذه الرواية وردت في تفسير العياشي الجزء الأول صفحة 164 الحديث السادس ولفظه عن بريد بن معاوية قال قلت لأبي جعفر... وليست عن يزيد بن معاوية وتبدو وحدة الحديثين ووقوع التحريف في اسم الراوي في أحد الكتابين فهل الصواب يزيد بن معاوية أو بريد بن معاوية؟

والجواب الأصل صحة الثاني بريد بن معاوية فإن العنوان الأول يزيد أشهر من الثاني بريد لكثرة المسمين بيزيد بالنسبة إلى المسمين ببريد يزيد بن يعقوب من الثقاة خصوصا بعد اشتهار يزيد بن معاوية الخليفة الأموي قاتل أبي عبد الله الحسين “عليه السلام” فربما يوجب ذلك اشتهار لفظ يزيد خطأ ذهن الناسخ بتبديل ما كان غريبا لديه وهو بريد بما كان مأنوسا عنده وهو يزيد هذا مع الغض عن ملاحظة سائر مواقع ورود الحديث المثبتة لكون الراوي هو بريد بن معاوية العجلي[11] أكثر هذه الأمور تشخصها من الطبقات وملاحظة الأسناد المشابهة لبعضها.

التنبيه الثاني التحريف في السند يوجب أحيانا إبهام السند من سائر الجهات تحريف واحد يؤدي إلى ابهامات متعددة،

المثال الأول محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن النعمان عن أبن مسكان... السند الذي بعده

     وعنه عن محمد بن علي عن أبن مسكان... [12]

هو أصله وعنه عن محمد عن علي عن ابن مسكان يعني هذا عين السند الأول، وعنه يعني عن محمد بن يحيى عن محمد يعني محمد بن الحسين وعلي ليس بن علي عن علي يعني عن علي بن النعمان عن أبن مسكان لكن بوجود لفظة بن محمد بن علي صار ابهام الآن هذا عنه بعد ما يرجع إلى محمد بن يحيى يرجع إلى لمحمد بن يحيى، يقول لا إبهام في رجوع الضمير إلى محمد بن يحيى إذا عرفنا كون محمد بن علي تصحيف محمد عن علي فمحمد هو محمد بن الحسين وعلي هو علي بن النعمان فقد تقدما في السند السابق.

فالتحريف يعني تحريف عن وجعلها بن فالتحريف أوجب الإبهام في مرجع الضمير.

المثال الثاني عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله يعني أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن أبيه محمد بن خالد البرقي...

السند الثاني أحمد بن الحجال عن غالب بن عثمان...[13]

السند مبهم جدا وإبهامه نشأ من وقوع التحريف في أوله والصواب أحمد عن الحجال وليس احمد بن الحجال إذا صار أحمد الحجال يصير السند السابق يعني في تعليق هذا السند أحمد بن الحجال عن غالب بن عثمان لو قرئ أحمد عن الحجال عن غالب يعني يوجد تعليق يعني أول السند عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن الحجال عن غالب بن عثمان.

يقول السند مبهم جدا وابهامه نشأ من وقوع التحريف في أوله، أوله أحمد بن الحجال الصحيح أحمد عن الحجال فيصير أحمد هو أحمد بن أبي عبد الله إذا أحمد بن أبي عبد الله يعني الكليني حذف الواسطة الأولى علق الحديث الواسطة الأولى عدة من أصحابنا والصواب احمد عن الحجال واحمد هو أحمد بن أبي عبد الله المتقدم في السند الأول فالسند معلق من دون إشكال التعليق في حذف الواسطة الأولى عدة من أصحابنا.

التنبيه الثالث ورد في التهذيب هذا السند:

محمد بن يعقوب عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد عن داود بن سرحان...[14]

والسند غريب حيث إن الكليني لا يروي عن سهل بن زياد مباشرة عادة بل الكليني يروي عنه العدة، عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، سهل بن زياد شيخ الكليني مع الواسطة ولا يروي عنه مباشرة بل يروي الكليني عنه سهل بن زياد بالتوسط والواسطة في الأغلب عدة من أصحابنا وبالرجوع إلى الكافي يتبين منشأ الخطأ في التهذيب فقد ورد فيه ـ في الكافي ـ هذان السندان:

السند الأول عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب...

السند الثاني الكليني بدأ سهل بن زياد يعني الكليني علق السند حذف عدة من أصحابنا، الشيخ الطوسي في التهذيب لما نقل السند لم يضف الواسطة الأولى عدة من أصحابنا أضافه في كتابه الذي كتبه بعد ذلك وهو الاستبصار أما الذي كتبه في بداية شبابه التهذيب كتب كما هو موجود في الكافي.

السند الثاني سهل بن زياد عن أحمد بن محمد عن داود بن سرحان...[15]

والسند المبحوث عنه هو السند الثاني سهل بن زياد عن أحمد بن محمد عن داود بن سرحان يعني السند المعلق الذي حذفت منه عبارة عدة من أصحابنا وهذا السند كما ترى معلق على السند الأول وقد حذف من أوله عدة من أصحابنا اتكاء على السند السابق أعتمد الكليني على السند السابق فلم يلتفت الشيخ الطوسي “قدس” إلى التعليل فأخذ الخبر منه ـ من الكافي ـ وأضاف إليه محمد بن يعقوب من غير أن يضيف القطعة الساقطة من السند وهي عدة من أصحابنا فلذلك سقطت الواسطة بين محمد بن يعقوب وسهل بن زياد وهي العدة فيظن غير العارف بالأسناد كون سهل بن زياد من مشايخ محمد بن يعقوب وقد تنبه الشيخ الطوسي “قدس” نفسه في الاستبصار لأن الشيخ الطوسي يقولون الاستبصار بضعة التهذيب، إلى وقوع التعليق في السند فأضاف عدة من أصحابنا إلى السند فقال:

محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد...[16] الشيخ الطوسي لعله صبر عشرين سنة حضر عند الشريف المرتضى ولعله عمره 54 الشيخ الطوسي و24 سنة صبر عشرين سنة 44 سنة ثم بعد ذلك تصدى للمرجعية من 44 إلى 54 ويحدث نظير هذا الإشكال عند إرجاع الضمير إلى غير مرجعه أو عند التصريح يعني وعنه ترجعه إلى غير مرجعه الحقيقي أفرض مثلا مرجعه محمد بن يحيى العطار ترجعه إلى محمد بن يحيى الخثعمي أو مرجعه أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي ترجعه إلى أحمد بن محمد بن الوليد أو أحمد بن محمد بن يحيى العطار أو عند التصريح بالمشار إليه في عبارة بهذا الإسناد مع الخطأ في تعيين المشار إليه فينقص من السند أو يزاد فيه. وبهذا الإسناد ما يرجعه إلى السند السابق إلى سند آخر فلذلك كان من اللازم الرجوع إلى المصادر الأصلية لئلا تقع في أخطاء المصادر المتأخرة في فهم الأسناد.

المرحلة الثالثة يأتي عليها الكلام.

 


[1] أصول الرجال، السيد محمدجواد الشبيري، ص47.
[2] الوافي، الفيض الكاشاني، ج0، ص8.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج0، ص0، أبواب، باب، ح، ط آل البيت.
[4] جامع أحاديث الشيعة، البروجردي، السيد حسين، ج1، ص0.
[5] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص50.
[6] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج2، ص84.
[7] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج2، ص28.
[8] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص24.
[9] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج4، ص119.
[10] تفسير القمي‌، القمي، علي بن ابراهيم، ج1، ص96.
[11] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج1، ص213.
[12] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج8، ص58.
[13] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص322.
[14] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج4، ص290.
[15] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج4، ص176.
[16] الإستبصار، الشيخ الطوسي، ج2، ص126.