الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/10/08

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: فائدة أصول الرجال

 

توضيح الدرس

فائدة علم الرجال

النقطة السادسة من تصدير كتاب أصول الرجال فائدة أصول الرجال وفائدة أصول الرجال كفائدة علم الرجال وفائدة علم الرجال هي عبارة عن تمييز الأحاديث المعتبرة من الأحاديث غير المعتبرة.

وبما أن أصول الرجال هي عبارة عن مقدمة لعلم الرجال فبالتالي تكون ثمرة علم الرجال الذي هو ذو المقدمة نفس ثمرة مقدمة علم الرجال والذي هو عبارة عن أصول علم الرجال كما أن الأدلة التي أقيمت على نفي الحاجة إلى علم الرجال إذا تم تنسف فائدة أصول الرجال لأن ما يقضي على ذي المقدمة يقضي على نفس المقدمة فإذا انتفى العلم انتفت مقدمته وإذا انتفت الحاجة إلى العلم انتفت الحاجة إلى مقدمة ذلك العلم فإذا تمت الأدلة التي أقيمت على عدم وجود حاجة إلى علم الرجال تكون الأدلة تامة على نفي الحاجة إلى أصول علم الرجال الذي تمثل مقدمة لعلم الرجال.

ومن هنا ذكر سماحة السيد محمد جواد الشبيري الزنجاني “حفظه الله” ثلاثة أمور لابد من إثباتها فإذا تمت هذه الأمور الثلاثة ثبتت الحاجة إلى علم الرجال وإذا انتفى واحد من هذه الأمور الثلاثة انتفت الحاجة إلى علم الرجال ومنها فإن كلام المصنف في فائدة علم الرجال أكثره في بحث نفي الحاجة إلى علم الرجال والأدلة التي أقيمت على نفي الحاجة إلى علم الرجال وردها.

وهذا ما يذكر في مقدمات علم الرجال في بحثين:

البحث الأول وجه الحاجة إلى علم الرجال وهو أول نقطة بحثها السيد الشبيري الزنجاني في التصدير

البحث الثاني أدلة نفات الحاجة إلى علم الرجال وردها وهي آخر نقطة بحثها السيد الشبيري الزنجاني في التصدير وتمثل النقطة السابعة.

فالنقطة السادسة فائدة علم الرجال وهي تمييز الأحاديث المعتبرة من الأحاديث غير المعتبرة والنقطة السابعة لم يذكرها بعنوان بارز وإنما ذكرها ضمن بحث فائدة علم الرجال وهي الأدلة التي أقيمت على نفي الحاجة إلى علم الرجال وردها هاتان النقطتان وجه الحاجة إلى علم الرجال هذا إثبات والأمر الثاني نفي وهو الرد على الأدلة التي أقيمت على نفي الحاجة إلى علم الرجال.

هذان بحثان يبحثان في مقدمات الموسوعات الرجالية وقد بحثهما السيد أبو القاسم الخوئي في مقدمة معجم رجال الحديث وعادة تبحث هاتان النقطتان في مقدمات الكتب الرجالية التي كتبت في الكليات والقواعد الكلية ككتاب كليات في علم الرجال للمرجع الديني الشيخ جعفر السبحاني “حفظه الله”.

السيد الزنجاني يقول لكي تثبت الحاجة إلى علم الرجال نحتاج إلى ثلاثة مقدمات إذا انتفت واحدة من هذه المقدمات الثلاث انتفى وجه الحاجة إلى علم الرجال، هذه المقدمات الثلاث في كل مقدمة ذكر ثلاثة مباني تنفي هذه المقدمة وردها يعني تسعة مباني وفي الأخير رد المبنى العاشر يعني عشرة مباني مردودة إذن سنتطرق إلى ثلاثة أمور لإثبات وجه الحاجة إلى علم الرجال:

المقدمة الأولى تقسيم الأحاديث إلى معتبرة وغير معتبرة فلو بنينا على أن جميع الأحاديث معتبرة ولا يوجد حديث غير معتبر انتفت الحاجة إلى علم الرجال لأن فائدة علم الرجال تمييز الحديث المعتبر عن غير المعتبر فإذا ما بنينا على أن جميع الأحاديث معتبرة إذن لا حاجة إلى علم الرجال إذن المقدمة الأولى تقسيم الأحاديث إلى معتبرة وغير معتبرة.

الأمر الثاني دخالة أوصاف المخبرين في اعتبار الخبر ولا حديث وأما إذا كان الخبر معتبرا من دون حاجة إلى معرفة أوصاف الرواة فلا حاجة إذن إلى علم الرجال لأن علم الرجال يزودنا بأوصاف المحدثين والرواة والمخبرية التي لها دخل في اعتبار الخبر فلو كانت أوصاف المخبرين لا أثر لها في تحقيق اعتبار الخبر إذن لا حاجة إلى علم الرجال.

المقدمة الثالثة إنه يمكن التعرف على أوصاف الرجال من خلال الرجوع إلى علم الرجال وإلا إذا بنينا على المقدمة الثانية وأن أوصاف المخبرين لها دخالة في اعتبار الخبر لكن لا يمكن الاعتماد على علم الرجال لأن الرجاليين يخبرون عن حدس واجتهاد وظن ولا يخبرون عن حس فلا عبرة ولا حجية لاخباراتهم ففي هذه الحالة تنتفي الحاجة إلى علم الرجال.

البحث عن المقدمات الثلاث لعلم الرجال

إذن عندنا مقدمات ثلاث لابد من إثباتها:

المقدمة الأولى تقسيم الحديث إلى معتبر وغير معتبر

المقدمة الثانية دخالة الأوصاف في اعتبار الأخبار

المقدمة الثالثة يمكن تحصيل الأوصاف التي لها دخالة في اعتبار الخبر من علم الرجال

سماحة السيد محمد جواد الشبيري الزنجاني “حفظه الله” يقول هذه المباني العشرة التي سنتطرق إليها لا تنفي الحاجة إلى علم الرجال نعم بعضها يثبت قلة الحاجة إلى علم الرجال لا أنه ينفي الحاجة أساسا وبتاتا على أننا لا نبني عليها ولكن لو سلمنا جدلا وبنينا عليها فإنها لا تنفي الحاجة إلى علم الرجال بالنسبة إلى المباني التسعة المبنى العاشر والأخير أن علم الرجال حرام لأنه من باب حرمة التجسس هذا ينفي الحاجة إلى علم الرجال حرام يصير ولكن يرد بأنه أولا هذا ليس بتجسس وثانيا لو سلمنا أنه تجسس فهو جائز لوجود منفعة أهم ومصلحة أهم وآكد وهي التعرف على الأحاديث المعتبرة من غير المعتبرة.

شرح المقدمة الاولى

ثلاث مبان في رد المقدمة الاولى

نشرع في بيان المقدمة الأولى وهي تقسيم الأحاديث إلى معتبرة وغير معتبرة وهنا توجد ثلاثة مبان قد يدعى أنها تنسف هذه المقدمة:

المبنى الأول قطعية صدور جميع الروايات يعني جميع الروايات الموجودة عندنا قطعا صدرت عن النبي وأهل بيته.

المبنى الثاني قطعية اعتبار الروايات الشريفة والفرق بين قطعية الصدور وقطعية الاعتبار أن قطعية الصدور نحرز فيها أن النبي والأئمة قد قالوها وأنها قد صدرت عنهم "صلوات الله عليهم" بخلاف المبنى الثاني قطعية الاعتبار يعني قام الدليل القطعي على اعتبارها وحجيتها فلربما لم تصدر لكن شرائط وضوابط الحجية قد توفرت فيها فهي قطعا حجة وقطعية حجيتها لا يعني قطعية صدورها.

المبنى الثالث قطعية اعتبار روايات الكتب الأربعة ولا نحتاج في الاستنباط الفقهي إلى روايات من غير الكتب الأربعة وهي كتاب الكافي للكليني ومن لا يحضره الفقيه للصدوق وكتاب تهذيب الأحكام وكتاب الاستبصار للشيخ الطوسي "رضوان الله عليهم أجمعين" فهذه الكتب الأربعة للمحمدين الثلاثة محمد بن يعقوب الكليني ومحمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق ومحمد بن الحسن الطوسي هذه الروايات تكفي للاستنباط الفقهي ولا حاجة لغيرها وكلها معتبرة.

طبعا يوجد مبنى رابع لم يشر له السيد الزنجاني وهو قطعية صدور روايات الكتب الأربعة يعني قطعا جميع الروايات الواردة في الكتب الأربعة قد صدرت عن النبي والأئمة عليهم السلام.

إذن مباني ثلاثة بل أربعة قطعية صدور جميع الروايات أو قطعية اعتبار جميع الروايات، قطعية صدور جميع روايات الكتب الأربعة أو قطعية اعتبار جميع روايات الكتب الأربعة.

الاشكال على هذه المباني

وفيه أولا هذه المباني الأربعة لا دليل عليها وتفصيله في المباحث المفصلة في علم الرجال.

وثانيا لو سلمنا جدلا وتنزلنا وقلنا بأن هذه المباني كلها صحيحة رغم ذلك لا تنتفي الحاجة إلى علم الرجال لكن تضعف الحاجة وتقل الحاجة إلى علم الرجال وذلك لأن بعض الروايات متعارضة وقد جاء في مقبولة عمر بن حنظلة يأتي عنكما الخبران المتعارضان فبأيهما نعمل؟ قال خذ بما اشتهر بين أصحابك قلت فإن كان كلاهما مشهور قال "عليه السلام" خذ بما وافق الكتاب ودع الشاذ النادر قلت فإن كان على كل منهما شاهد من كتاب الله قال "عليه السلام" خذ بما خالف العامة فإن الرشد في خلافهم إذن عندنا بما اشتهر ودع الشاذ النادر، خذ بما وافق كتاب الله وما خالفه فاضرب به عرض الحائط فهو زخرف، خذ بما خالف العامة فإن الرشد في خلافهم يعني الروايات الموافقة للعامة صدرت على نحو التقية هذه كلها مرجحات للأخبار الأخذ بالشهرة موافقة الكتاب ومخالفة العامة عندنا أيضا من المرجحات فالقول ما قال به أعدلهما وأورعهما في الحديث ومن الواضح أن الأورعية والأعدلية تؤخذ من علم الرجال إذن تبقى حاجة إلى علم الرجال في الروايات المتعارضة.

وبعبارة أخرى عندنا حجية ذاتية وعندنا حجية فعلية فالخبر المعارض الأول حجة في ذاته والخبر المعارض الثاني حجة في ذاته فإذا ما تعارضا لا تكون حجيتهما فعليتان بل لابد من علاج التعارض بينهما فتأتي الأخبار والروايات العلاجية التي تعالج التعارض فتقول خبر الأورع حجيته فعلية وخبر الورع الذي ليس بأورع لا تكون حجية فعلية، خبر العادل حجة وخبر الأعدل حجة إلا أن خبر الأعدل أصبحت حجيته فعلية وأما خبر العادل الذي عارض خبر الأعدل فحجيته ذاتية لكنها ليست فعلية وبالتالي يفيدنا علم الرجال في تنقيح الحجية الفعلية وإن لم نستفد منه في الحجية الذاتية واثبات الحجية الذاتية.

النتيجة النهائية تقسيم الروايات إلى معتبرة وغير معتبرة تام لأننا لا نسلم بالمباني الثلاثة أن جميع الروايات أو جميع روايات الكتب الأربعة قطعية الصدور أو قطعية الاعتبار ولو تنزلنا ورفعنا اليد وقلنا كلها معتبر ولا يوجد غير معتبر فإنه لا تنتفي الحاجة إلى علم الرجال تبقى الحاجة قائمة إلى علم الرجال وهي في خصوص الروايات التي تمثل الحجية الفعلية لا الروايات التي تمثل الحجية الذاتية، هذا تمام الكلام في الأمر الأول.

شرح المقدمة الثانية

الأمر الثاني وهو أنه تنقيح الاعتبار ـ اعتبار الحديث ـ يتوقف على معرفة الأوصاف يعني دخالة أوصاف الرجال في الاعتبار.

إشكال

مبان ثلاث على عدم الاحتياج إلى معرفة الأوصاف

هنا توجد مباني ثلاثة هذه المباني الثلاثة مفادها ونتيجتها أنه لبيان اعتبار الخبر نحن لسنا بحاجة إلى معرفة الأوصاف:

المبنى الأول المدار كل المدار على المقبولية عند الأصحاب فما قبله الأصحاب فهو حجة وما لم يقبله الأصحاب فهو ليس بحجة فلربما خبر فيه صفات تفيد الاعتبار ولم يقبله الأصحاب فلا يكون حجة ولربما يوجد خبر ليس فيه صفات توجب الاعتبار لكن قبله الأصحاب إذن لا دخالة للأوصاف في تحقق الاعتبار.

المبنى الثاني مبنى المحقق الحلي وهو أن المدار على الشهرة فالشهرة العملية توجب جبر ضعف السند وإعراض الأصحاب يوجب كسر قوة السند فإذن نحن لسنا بحاجة إلى الأوصاف الدخيلة في الاعتبار وعدمه نحن بحاجة إلى معرفة العمل والإعراض فما عمل به المشهور فهو حجة وما لم يعمل به المشهور فهو ليس بحجة من دون حاجة إلى معرفة الأوصاف.

المبنى الثالث إن المدار كل المدار على الاطمئنان فالخبر الذي حصل به وثوق واطمئنان فهو حجة والذي لم يحصل به حصول واطمئنان فليس بحجة.

إذن لا نحتاج إلى المقدمة الثانية وهي دخالة الأوصاف في اعتبار الحديث لأحد هذه المباني الثلاثة.

الجواب

هذه المباني الثلاثة حتى لو تمت لا تنتفي الحاجة إلى معرفة الأوصاف تقل الحاجة أما المبنى الأول المدار على المقبولية وعدم المقبولية فبعض الأحاديث لم يرد فيها أنها مقبولة أو غير مقبولة فنحتاج في تشخيص اعتبارها إلى معرفة الأوصاف وهكذا المبنى الثاني أن المدار على عمل الأصحاب بالرواية أو إعراض الأصحاب عن الرواية فإن بعض الروايات لم يذكروا في حقها أن الأصحاب عملوا فيها أو أعرضوا عنها فكيف نشخص المعتبر من غير المعتبر منها؟ فنحن بحاجة إلى معرفة الأوصاف وهي تحصل من علم الرجال.

وأما المبنى الثالث وهو أن المدار على الوثوق والاطمئنان أو عدمه فإن معرفة أوصاف الرواة لها مدخلية في تحصيل الوثوق والاطمئنان إذن المقدمة الثانية تامة تمت المقدمة الأولى تقسيم الروايات إلى معتبرة وغير معتبرة وتمت المقدمة الثانية وهي أن الأوصاف لها دخل في تحقق الاعتبار.

شرح المقدمة الثالثة

يبقى الكلام في الأمر الثالث المقدمة الثالثة وهي إمكان التعرف على وثاقة أو ضعف الرواة من علم الرجال.

اربع مباني في رد هذه المقدمة

وقد ينكر ذلك بوجوه ومباني ثلاثة بل أربعة:

المبنى الأول إن العلماء اختلفوا في العدالة وبماذا تتحقق هذه العدالة فما هو المراد بالعدالة فلا تكون شهادات العلماء حجة لاختلافهم في معنى العدالة هل العدالة هي عبارة عن الملكة أو العدالة ليست هي الملكة وإنما السيرة الحاصلة من الملكة هل العدالة هي عبارة عن الاستقامة في جادة الشريعة أو لا الملكة التي تنشأ منها الاستقامة في جادة الشريعة.

المبنى الثاني شهادات أئمة الرجال حدسية وليست حسية وخبر الثقة إنما يشمل خصوص الخبر الحسي دون الخبر الحسي والاجتهادي فلربما بعضهم قد عمل بأصالة العدالة والمراد بأصالة العدالة كل إمامي ممدوح لم يثبت في حقه قدح وطعن فهو عدل فلربما من عدل فلان أو علان من الرواة يبني على أصالة العدالة يعني الأصل في كل إمامي لم يثبت في حقه قدح أنه عدل وهذا مبنى استنباطي اجتهادي حدسي وليس حسيا.

المبنى الثالث شهاداتهم بالكتابة وليست بالتلفظ فنحن لدينا رجال الكشي ورجال الشيخ الطوسي ورجال الشيخ النجاشي وهذه عبارة عن كتابات وهذه ليست حجة في حقنا.

المبنى الرابع إن كلام أئمة الرجال نوع من التجسس على الشخصيات وعلى الناس وهذا حرام وكشف العورات المؤمنين وهذه الوجوه الأربعة كلها مردودة.

رد على هذه المباني

أما المبنى الأخير ففرق بين التجسس والتحسس فيعقوب "عليه السلام" قال لأبنائه تحسسوا يوسف والتحسس يكون في أمور الخير والتجسس يكون في أمور الشر فراجع تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي فعلم الرجال نوع من التحسس لا التجسس وثانيا لو سلمنا جدلا أن المراد به التجسس فإنه يجوز التجسس في هذا المورد لفائدة أهم وهي الحفاظ على الشريعة من خلال معرفة الروايات المعتبرة من غير المعتبرة.

وأما المبنى الثالث أنها بالكتابة فإن كبرى حجية خبر الثقة تشملها كما تشمل الخبر اللفظي تشمل أيضا الخبر الكتبي إذا حصل وثوق واطمئنان بصدوره من الكاتب والمخبر.

وأما مبنى أن شهاداتهم حدسية وليست حسية فهذا مدفوع بأصالة الحس العقلائية وهو أنه عنوان أصالة يجري في ظرف الشك حينما تقول الأصل أن يكون حقيقة لا مجاز يعني لو شكيت هذا استعمال مجازي أو حقيقي تبني على أنه استعمال حقيقي هنا الآن شكيت أنه وثق عن حس أو عن حدس يوجد تفصيل إن كان الرجالي من القدماء يقولون تجري أصالة الحس العقلائية لأن مناشئ الحس كانت متوفرة الأصول الأربعمائة كانت موجودة وإن كان من المتأخرين كالعلامة الحلي وأبن داود لا تجري أصالة الحس العقلائية ونحن إنما ندرس توثيقات المتقدمين ونرى أنها مبنية على الحس لا الحدس ولكن لو تنزلنا وسلمنا جدلا شككنا أنها حدسية أو حسية فإنه تجري أصالة الحس العقلائية وأما أنهم اختلفوا المبنى الأول اختلفوا في العدالة وما تتحقق به فإن معنى العدالة والوثاقة في كلمات الرجاليين واضحة ومبناهم في هذا لا يختلف مع مبنى المتأخرين في معنى العدالة إذن هذه الوجوه كلها ليس بتام إذن المقدمة الثالثة تامة وهو أنه يمكن تحصيل الأوصاف التي تثبت العدالة من كلمات أئمة الرجال فتمت المقدمات الثلاث أولا قسمت الروايات إلى معتبرة وغير معتبرة.

ثانيا الاعتبار يتوقف على الأوصاف التي لها دخالة في إثبات الاعتبار.

ثالثا صغروية يمكن تحصيل هذه الصفات التي توجب الاعتبار من كلمات أئمة الرجال.

تطبيق العبارة

فائدة أصول الرجال

إن نفس الحاجة إلى علم الرجال والحديث توجب الاهتمام بمباحث هذا العلم لدخالتها في معرفة هذين العلمين جدا والدارس فيهما علم الرجال والحديث لا يمكن الخوض فيهما إلا بالتعرف على منهجية البحث فيهما والقواعد العامة لهما فلا يقدر التسلط على الحديث والرجال من دون أن يتسلط على أصول الرجال.

فعليه فما استدل به لنفي الحاجة ـ إلى الآن ما ذكر الفائدة مباشرة دخل في النقطة السابعة والأخيرة أدلة نفي الحاجة إلى علم الرجال الآن يصير البحث كله أدلة نفي الحاجة إلى علم الرجال الصفحة 22 يصرح بالفائدة تمييز الروايات المعتبرة عن غير المعتبرة ـ فعليه فما استدل به لنفي الحاجة إلى علم الرجال مثلا إن تم فهو ينفي الحاجة إلى أصول الرجال أيضا لأن أصول الرجال مقدمة إلى علم الرجال فإن هذا العلم أصول الرجال علم آلي مقدمي يعني يشكل مقدمة وليس له قيمة مستقلة يعني عن علم الرجال مع الغض عن الرجال والحديث.

وقد بحث سيدنا آية الله الوالد (مد ظله) وهو المرجع الكبير السيد موسى الشبيري الزنجاني “حفظه الله” في بعض دراساته عن فائدة علم الرجال واستوعب الكلام حول أهم الإشكالات المثارة لنفي فائدة هذا العلم والطالب يرى بغيته بالمراجعة إليها.

وكيف كان فتحقيق الكلام حول فائدة علم الرجال متوقف على التحقيق عن مسالك بعضها مبحوثة في علم الأصول هذه المسالك مثلا الشهرة العملية جابرة كاسرة إلى آخره وبعضها الآخر يتوقف معرفتها على معرفة جملة وافية من مباحث علم الرجال فلا ينبغي التعرض لها هنا في بداية الأمر.

نحن بنحو الاستطراد في المباني التسعة والعشرة في المناقشة تطرقنا إلى بعض المباني الأصولية والرجالية، وهنا نشير إلى رؤوس الأبحاث المرتبطة بفائدة علم الرجال فنقول:

الفائدة المهمة لعلم الرجال معرفة الحديث المعتبر من ناحية السند ليعمل به أو يعتقد بمضمونه وتمييزه ـ الحديث المعتبر ـ عن غيره، هذه خلاصة هذه النقطة السادسة فائدة علم الرجال.

وترتب هذه الفائدة على هذا العلم ـ علم الرجال ـ يتوقف على أمور ثلاثة:

الأمر الأول انقسام الأحاديث إلى قسمين معتبرة وغير معتبرة والقول بوجود القسمين فيها.

فلو أنكرنا أحاديث غير معتبرة وقلنا بأن جميع الأحاديث معتبرة تقل فائدة علم الرجال هذا أجاب قبل أن يتطرق إلى المباني الثلاثة، المبنى الأول سواء قلنا بأن الأحاديث مقطوعة الصدور هذا المبنى الأول يعني الأحاديث مقطوعة الصدور ولم أجد من قال به هذا مجرد احتمال تشقيقي أو قلنا بأنها مقطوعة الاعتبار يعني قطعا هي معتبرة وإن لم ندعي أنها قطعا قد صدرت هذا المبنى الثاني وإنما قلنا تقل فائدة علم الرجال ولم نقل بنفي الفائدة بالمرة وذلك لأن المراد من اعتبار جميع الأحاديث لابد أن يكون الاعتبار الذاتي أي اعتبار الحديث في نفسه مع الغض عن تعارضها ـ تعارض الأحاديث ـ مع سائر الأحاديث لا الاعتبار الفعلي يعني ولا يراد الاعتبار الفعلي الاعتبار الفعلي يكون لخبر الأورع لخبر الاعدل يعني للخبر المقدم عند علاج تعارض الروايات وذلك لبداهة كثرة الروايات المتعارضة بما لا يخفى على ذي بصيرة ولذلك كثرة الأخبار العلاجية. الأخبار التي تذكر علاج الروايات المتعارضة.

ومن جملة المرجحات للأخبار عند التعارض على بعض الأقوال هو أوصاف الراوي كالأوثقية والأعدلية لأن البعض قد لا يقبل هذا المرجح هناك كلام في ترتيب هل الشهرة أولا أو الكتاب أو مخالفة العامة أو الأوثقية هذا بحث طويل يبحثونه في تعارض الأدلة في خاتمة علم الأصول ويستفاد ذلك يعني الاوثقية والأعدلية من كتب الرجال إذن هناك فائدة لكتب الرجال لكن حيث إن تعيين الأوثق عن غير الاوثق مثلا بالاعتماد على كتب الرجال مشكل في كثير من الأحيان فلذلك تقل فائدة علم الرجال حينئذ يعني حينئذ تكون الفائدة مشكلة تحتاج إلى تحصيل الوثوق والاطمئنان.

كما تقل فائدة علم الرجال إذا قلنا باعتبار جميع أحاديث الكتب الأربعة هذا المبنى الثالث، لاشتمالها على كثير من أحاديثنا خصوصا الأحاديث الفقهية فإن ما لم يرد منها يعني الأحاديث الفقهية في الكتب الأربعة قليل يعني أكثر الروايات الفقهية وردت في الكتب الأربعة الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار.

فمن الأبحاث الهامة هنا في علم الرجال هو البحث عن اعتبار جميع أحاديث الكتب الأربعة، السيد الخوئي بحث بحث مفصل وشيخنا الأستاذ الداوري أيضا بحثه بحث مفصل في الجزء الأول من كتابه أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق.

والنتيجة من هذا البحث المذكور في محله ـ في علم الرجال ـ عدم الدليل على اعتبار جميع أحاديث الكتب الأربعة. يعني راجع معجم رجال الحديث وراجع رجال الشيخ الداوري وراجع كليات الشيخ جعفر السبحاني وغيرها من الكتب الرجالية.

الأمر الثاني كون السند وأوصاف الرواة دخيلة في اعتبار الخبر وها هنا توجد مسالك تنكر ذلك أو تضعف دخالتها يعني أوصاف الرواة فيه يعني في اعتبار الخبر فتقل فائدة علم الرجال.

منها يذكر ثلاثة مباني المبنى الأول منها القول بأن الملاك الوحيد لحجية الخبر قبول الأصحاب ولا دخل لوثاقة الرواة وعدمها في ذلك.

المبنى الثاني منها القول بأن إعراض المشهور يسقط الخبر الصحيح من جهة السند عن الحجية وعملهم يعني عمل المشهور بخبر ضعيف في السند يجبر ضعفه الخلاف في المدلول المطابقي لو قالوا إن المدار على الإعراض أو العمل ونص على أن هذا خبر مقبول لكن لم ينص على أنه قد عمل به فإنه يندرج ضمن المسلك الأول لأنه مقبول ولا يندرج ضمن المسلك الثاني لأنه لم ينص على أنه قد عمل به وهكذا لو نص على خبر أنه غير مقبول لكن لم ينص على أن الأصحاب قد أعرضوا عنه فإنه يندرج ضمن ملاك القول الأول دون الثاني لكن على هذا المسلك ـ مسلك عمل الأصحاب وإعراضهم ـ يفيد علم الرجال في الأحاديث التي لم يحرز إعراض المشهور عنها ولا عملهم بها يعني لم يحرز أنهم قد عملوا بها.

المسلك الثالث منها القول بأن ملاك الحجية هو الاطمئنان فقط فخبر الثقة إن لم يفد الاطمئنان يعني الوثوق فليس بحجة وخبر غيره ـ غير الثقة ـ إن أفاده ـ أفاد الاطمئنان ـ فهو الحجة وعليه يعني على أن المدار على الاطمئنان تقل فائدة علم الرجال لكن يفيد أحيانا علم الرجال لدخالة وثاقة رواة الخبر وعدمها في حصول الاطمئنان منه ـ من الخبر ـ وعدمه عدم حصول الاطمئنان من الخبر.

وهذه المسالك لا تنفي فائدة علم الرجال في حال تعارض الأحاديث كما مر عند التعارض توجد ثمرة علم الرجال يرجح يبين صغرى الأوثق والأعدل يبين الصفات التي توجب الأوثقية والأعدلية والأورعية.

الأمر الثالث إمكان التعرف على أحوال الرواة ووثاقتهم أو ضعفهم أو مذهبهم وسائر ما له دخل في قبول الخبر بالرجوع إلى منابع الرجال يعني مصادر الرجال وعدم منع تكويني أو تشريعي عنه مثل أنه حرام تجسس.

وقد ينكر ذلك بوجوه بعضها راجعة إلى إنكار شرائط اجتماع شرائط الحجية في كلام أئمة الرجال.

منها المبنى الأول إن العلماء اختلفوا في العدالة وما تتحقق به هل هي الملكة أو هي الاستقامة نفس العمل وليس الملكة ولا نعلم مبنى أئمة الرجال في ذلك ـ في العدالة ـ فلا تكون شهادتهم أئمة الرجال حجة لاحتمال كون مبناهم غير مبنانا مثلا نحن نبني على أن المدار على الملكة وهم يبنون على أن المدار على نفس العمل لا الملكة يمكن واحد عمله صحيح لكن ما عنده ملكة العدالة.

منها أن شهادات أئمة الرجال حدسية يعني اجتهادية استنباطية بعيدة عن الحس فلا تكون حجة بينا هذا ينفى بأصالة الحس العقلائية

منها أن شهاداتهم ـ شهادات أئمة الرجال- بالكتابة فلا يحتج بها هذا يبحث تحت عنوان لا عبرة بالقرطاس مبحوث هذا في مقدمات علم الرجال مثلا نراجع كتاب تحرير المقال للشيخ مهدي الهادوي الطهراني بحثه بشكل مفصل يفيدكم في هذا المجال.

وبعضها يمنع الرجوع إلى علم الرجال للمنع الشرعي عنه ـ عن علم الرجال ـ لكونه تفضيحا للناس وقد نهينا عن التجسس عن معايبهم والإخبار عنها بعد العلم بها لرجوعه إلى الغيبة التي هي أشد من الزنا.

وهذه المسالك بأجمعها ضعيفة لا تعول عليها أصلا لا نعول عليها وبعضها في غاية الضعف كالمسلك الأخير وهو المنع الشرعي هذا تحسس وليس تجسس ولو سلم أنه تجسس لجاز في مورد الرواة لوجود مصلحة أكيدة أهم.

وتفصيل الكلام حولها موكول إلى محله وبذلك نختم الكلام حول مقدمات أصول الرجال ونشرع في أبحاثها.

خلاصة البحث

يذكر سبعة عشر نقطة ذكرها في التصدير.

خلاصة البحث

الأول

أغلب الأحكام إنما تستنبط من السنة الشريفة والسنة إنما تكشف غالبا عن طريق الأحاديث اللفظية دون القول والتقرير في الغالب هكذا.

اثنين

حصيلة جميع النشاطات الراجعة إلى علم الحديث هو علم الحديث بمعناه العام يشمل ثلاثة أشياء.

الثالث

من العلوم الراجعة إلى الحديث بمعنى العام علم الحديث بمعناه الخاص علم الدراية وعلم رجال الحديث.

الرابع

الحديث ما يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره بخلاف السنة التي هي نفس قول المعصوم أو فعله أو تقريره.

الخامس

علم الحديث بمعناه الخاص علم يبحث عن كل حديث بانفراده متنا وسندا وعلم الدراية علم يبحث عن المسائل الكلية الدخيلة في قبول الخبر ورده ولو شأنا وعلم الرجال علم يبحث عن أحوال آحاد رواة السند مما له دخل في قبول الخبر أو رده كذلك يعني ولو شأنا ولو سنخا.

السادس

موضوع علم الحديث والسند الخاص في موضع معين.

السابع

موضوع مسائل الدراية كلي دائما وهو قد يكون سند الحديث وقد يكون متنه وقد يكون العنوان العام المنطبق على عدة رواة.

الثامن

موضوع مسائل الرجال هو آحاد أفراد السند يعني فرد فرد من أفراد السند.

التاسع

علم التراجم هو العلم الباحث عن أحوال الشخصيات.

العاشر

أهم مباحث الرجال الجرح والتعديل والطبقات والثالث تمييز المشتركات لم يذكره السيد.

إحدى عشر

أبحاثنا (أصول الرجال) تدور حول الأبحاث المقدمية لعلم الرجال وهي على ثلاثة أقسام معرفة السند معرفة الراوي ومعرفة المصادر العامة لعلم الرجال.

اثنى عشر

نذكر في ضمن الأبحاث أمثلة كثيرة من الرواة المعروفة والإسناد المشهورة ولا نكتفي بالقواعد العامة حتى يحصل أنس بالجزئيات.

ثلاثة عشر

نكتفي بذكر الأبحاث المفيدة في معرفة أحاديثنا ونشرح قليلا من المصطلحات وهي التي كثرة معانيها في أحاديثنا فنستوفي الكلام حول هذه المصطلحات.

أربعة عشر

الحاجة إلى أصول الرجال هي الحاجة إلى علم الرجال والحديث.

الخامسة عشر

ترتب فائدة علم الرجال على مسائله تتوقف على أمور ثلاثة انقسام الأحاديث إلى المعتبرة وغير المعتبرة دخالة أوصاف المخبرين في اعتبار الخبر إمكان التعرف على ذلك بالرجوع إلى علم الرجال.

السادس عشر

هنا مسالك تنكر فائدة علم الرجال أو تضعفها كاعتبار جميع أحاديث الكتب الأربعة وهو ما يقول به الإخبارية لكنها ضعيفة.

سبعة عشر

علم الرجال ينفع أحيانا في حل تعارض الأخبار لأن من جملة مرجحات الأخبار المتعارضة على بعض الأقوال أوصاف الرواة كالأوثقية.

هذا تمام الكلام في تصدير أصول الرجال.

الفصل الأول مراحل التحقيق في السند يأتي عليه الكلام.