الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/10/05

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: تعريف علم الحديث والدراية والرجال

 

تعريف علم الحديث علم الدراية علم الرجال[1]

توضيح الدرس

كان الكلام في التصدير الذي صدر به السيد محمد جواد الشبيري كتابه أصول الرجال والتصدير تفعيل من الصدارة أي ما جعل في صدارة البحث وقد جعل في صدارة بحثه في أصول الرجال المؤلف من فصلين تصديرا يتألف من ست نقاط. تطرقنا إلى النقطة الأولى في الدرس السابق وهي وجه الحاجة إلى علم الرجال وتطرقنا إلى النقطة الثانية تعريف الحديث.

بقي الكلام في النقطة الثانية عن تعريف العلوم الثلاثة وهي علم الحديث بالمعنى الأخص وعلم الرجال وعلم الدراية وقد بدأ المصنف بتعريف علم الحديث ثم علم الدراية ثم علم الرجال ونحن نبدأ بالعكس فنعرف علم الرجال ثم علم الدراية ثم علم الحديث فما هو تعريف علم الرجال.

ما هو دخيل في قبول الحديث

علم الرجال هو العلم الباحث عن آحاد رواة السند والتي لها دخل في قبول الحديث أو رده ولو سنخا فما هي الأمور التي لها دخل في قبول الحديث أو رده مما يتعلق بآحاد وأفراد رواة السند؟

والجواب يتضمن علم الرجال ثلاثة مباحث رئيسية:

المبحث الأول الجرح والتعديل أي التوثيق أو التضعيف

المبحث الثاني تمييز المشتركات فقد يأتي العنوان والاسم مشتركا بين عدة معنونات

البحث الثالث طبقات الرواة وتمييز طبقة الراوي فمن أراد أن يتضلع في مباحث علم الرجال وتطبيقاته فعليه أن يكون خبيرا بهذه الأمور الثلاثة.

الجرح والتعديل

كيف يثبت الجرح أو التعديل؟ وكيف يميز بين الأسماء المشتركة وكيف يميز طبقة الراوي وهذا ما يعطيك إياه هذا الكتاب الشريف ولنضرب مثالا توضيحيا لتكوين الصورة والرؤية ومن خلال هذا المثال سيتضح التعريف.

روى ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن إسماعيل قرابة ألف رواية خمسمائة منها رواها الكليني عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ومن هنا وقع الكلام في تشخيص محمد بن إسماعيل الذي هو شيخ الكليني ويروي عنه مباشرة.

سوال فمن هو محمد بن إسماعيل وهل هو ثقة أو لا؟

الجواب محمد بن إسماعيل مشترك بين ثلاثة عشر راو فالبحث يقع في تمييز المشتركات وبلحاظ طبقة شيخ الكليني يدور أمر محمد بن إسماعيل بين ثلاثة، الأول محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري، الثاني محمد بن إسماعيل البرمكي، الثالث محمد بن إسماعيل بن بزيع وقد وثق بن بزيع والبرمكي ولم ينص على توثيق البندق النيسابوري.

فهذا بحث في الجرح والتعديل فإن كان شيخ الكليني هو محمد بن إسماعيل بن بزيع أو البرمكي فهو ثقة وإن كان محمد بن إسماعيل الذي هو شيخ الكليني هو البندق النيسابوري فلم يرد فيه توثيق خاص ولنبحث هل يوجد مبنى كلي وعام يمكن أن يوثق منه البندقي أو لا.

إلى هنا أخذنا مبحثين أخذنا الجرح والتعديل واتضح أن البندقي لم يوثق بتوثيق خاص يعني لم يعدل وابن بزيع والبرمكي قد وثقا بالتوثيق الخاص.

تمييز المشتركات

المبحث الثاني أخذنا المشتركات وقلنا محمد بن إسماعيل مشترك بين ثلاثة عشر وينحصر بلحاظ الطبقة في ثلاثة الآن كيف نميز ونعين محمد بن إسماعيل من بين الثلاثة هذا بلحاظ.

طبقات الرواة وتمييز طبقة الراوي

البحث الثالث تمييز طبقة الراوي، إذا رجعنا إلى نفس كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني فإننا نجد أن الكليني قد روى عن محمد بن إسماعيل البرمكي لكن بواسطة واحدة فقد روى في موردين عن محمد بن جعفر الأسدي والمعروف عند الرجاليين بمحمد بن عبد الله الأسدي إذن توجد فاصلة واحدة وواسطة واحدة بين الكليني والبرمكي إذن البرمكي ليس شيخا مباشرا للكليني وإنما شيخه مع واسطة واحدة وهكذا نجد أن الكليني قد صرح بروايته عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ولكن بواسطتين وهم محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي فيكون السند هكذا محمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحيى العطار عن احمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع فيوجد فارق بين الكليني وأبن بزيع وهو شيخان أي واسطتان إذن من البعيد أن يروي الكليني مباشرة عن ابن بزيع لوجود واسطتين ومن البعيد أن يروي عن البرمكي لوجود واسطة في البين إلا أن هذا لا يعين أن المراد بمحمد بن إسماعيل هو البندقي النيسابوري

سوال فكيف نعين أنه هو البندق النيسابوري؟

الجواب الشيخ الكشي معاصر للكليني وقد روى الشيخ الكشي مباشرة عن محمد بن إسماعيل من دون أن يقيده كما فعل الكليني روى في موردين من دون تقييد في ترجمة سلمان الفارسي وفي ترجمة أبي حمزة الثمالي ولكن في ترجمة ثالثة وهي ترجمة أبي يحيى نص الكشي على أن محمد بن إسماعيل من نيسابور فيكون مراد الكشي في الموارد الثلاثة من محمد بن إسماعيل هو النيسابوري البندقي فتكون النتيجة الكشي يروي مباشرة عن محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري وهو معاصر للكليني إذن الكليني شيخه هو محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري.

إذا تحددت طبقة الراوي يقع الكلام في جرحه أو تعديله لم يرد فيه توثيق وهناك طرق لتوثيقه منها إكثار الجليل هذا مبنى رجالي نبني عليه إكثار الجليل عن رجل أمارة الوثاقة والكليني رجل جليل القدر لم يروي مورد أو موردين عن محمد بن إسماعيل ألف رواية معقولة هذا الثقة الجليل الذي يعبر عن أحاديثه بالصحيحة يروي عن رجل ضعيف هذا مبنى من المباني قد لا يقبل هناك مباني أخرى.

التفاوت بين علم الرجال و بين علم الدراية

والخلاصة التي نستفيدها من هذا المثال أولا أننا بحثنا عن فرد واحد وقع في السند وهو محمد بن إسماعيل فعلم الرجال علم باحث عن آحاد رواة السند يعني عن الأفراد الواقعة في السند فعلم الرجال لا يبحث السند كمجموع كما يبحثه علم الدراية، علم الدراية يبحث السند كمجموع يقول إذا جميع الرواة الواردين في السند عدول إمامية فالرواية صحيحة وإذا جميع الرواة الواردين في السند ليسوا إمامية أو كلهم إمامية لكن واحد منهم غير إمامي صارت الرواية موثقة وإذا كلهم إمامية وكلهم نص على توثيقه لكن واحد منهم لم ينص على توثيقه وإنما مدح فقط فالرواية حسنة وإذا لم يكن السند أحد الثلاثة يعني ليس كلهم عدول إمامية أو ما فيهم واحد ممدوح أو ما فيهم واحد وثق لكن غير إمامي فالرواية ضعيفة كما لو كان فيها ضعيف أو كذاب أو فيها إرسال.

فقسموا في علم الدراية الحديث إلى أربعة أقسام صحيح وموثق وحسن وضعيف.

فالرواية الصحيحة هي الرواية التي يكون جميع رواتها عدولا إمامية والرواية الموثقة هي الرواية التي يكون فيها واسطة موثقة لكنها غير إمامية والرواية الحسنة هي الرواية التي يكون فيها واسطة إمامية ممدوحة ولم ينص على توثيقها والرواية الضعيفة هي الرواية التي اشتملت على ضعف هنا التقسيم للحديث والرواية إلى صحيحة وموثقة وحسنة وضعيفة بلحاظ مجموع السند لا بلحاظ فرد واحد في السند بلحاظ مجموع الأفراد مجموع الآحاد الواردة في السند وأما علم الرجال فهو لا يبحث مجموع السند وإنما يبحث خصوص الفرد خصوص الأفراد والآحاد الواردة في السند هذا أولا.

ثانيا علم الرجال لا يبحث الفرد بما هو شخصية يبحث الفرد بما هو راو فهو يبحث الأمور التي لها دخالة في قبول السند أو عدم قبوله ما هي الأمور التي لها دخالة في قبول السند أحد المباحث الثلاثة الجرح والتعديل للراوي التمييز العنوان المشترك إن كان مشتركا، والثالث تمييز طبقة الراوي.

سؤال و جواب أحيانا لا نحتاج إلى هذه المباحث الثلاثة فلو جاء راو في أصل عرض على الإمام عليه السلام كما عرض عليه كتاب يوم وليلة ليونس بن عبد الرحمن فقال الإمام عليه السلام هذا ديني ودين آبائي وهو الحق كله وبالتالي تكون الروايات حجة عرفنا أن الراوي مجروح أو ممدوح شخصنا طبقته أو ما شخصنا طبقته ميزنا عنوانه عن المشترك معه أو لم نميزه فحينئذ في شخص هذا الراوي لا نحتاج إلى الجرح والتعديل والطبقة وتمييز المشترك لأن الرواية حجة يعني قامت قرينة أو مثلا رواية عمل بها الأصحاب ونحن نبني على أن عمل الأصحاب جابر لضعف الرواية لا نحتاج بعد نبحث تمييز المشتركات وتمييز الطبقات والجرح والتعديل في الرواة ومن هنا قال المصنف ولو سنخا يعني هذه المباحث الثلاثة الجرح والتعديل وتمييز المشتركات وتمييز الطبقات سنخها يعني نوعها نوع هذه المباحث له دخل في قبول الرواية وعدمها وليس بالضرورة أن يكون شخص هذه المباحث له دخل في قبول هذه الرواية أو هذا الراوي فالمدار على دخالة السنخ والنوع لا على شخص القاعدة.

ما هو علم الرجال؟

علم الرجال أولا علم باحث عن أحوال رواة السند مما له دخل في قبول الحديث أو رده ولو سنخا يعني هذا العلم وهذه المباحث الموجودة في العلم سنخها له دخل في قبول ورد الخبر أحيانا سنخها وشخصها له دخل في قبول هذا الراوي أو عدم قبوله وأحيانا شخص هذه القاعدة في هذا الشخص ما نحتاج إلى إعمال شخص هذه القاعدة يمكن القبول خبر هذا الراوي لوجود قرائن دلت على ذلك إذن عرفنا أن علم الرجال أولا يدرس خصوص سند الحديث ولا يدرس متن الحديث.

وثانيا علم الرجال يدرس أفراد السند أي الرواة بمفردهم ولا يدرس مجموع رواة السند.

وثالثا عرفنا أن هذه الأبحاث الرجالية أبحاث جزئية لأنها تتعلق بجزئيات ورواة وأفراد هذه ثلاثة أشياء انتزعناها من التعريف.

وأما تعريف علم الدراية

علم الدراية هو علم يبحث عن المسائل الكلية التي لها دخل في قبول الخبر أو رده ولو سنخا، علم الدراية أحيانا يرتبط بالسند يقول هذا السند صحيح أو موثق أو ضعيف أو حسن لكن يبحثه بشكل كلي يقول كل سند كان جميع رواته عدولا إمامية فهو صحيح لا يبحث الجزئيات أصلا علم الدراية علم اصطلاحات والاصطلاحات كلية وليست جزئية وتارة علم الدراية يبحث المتن يقول هذا المتن مضطرب ويذكر عدة اصطلاحات إلى المتن متن مشوش.

سؤال ما الفرق بين علم الرجال وعلم الدراية؟ الجواب عدة فوارق الفارق:

الفارق الأول علم الدراية كلي يبحث الأمور الكلية وعلم الرجال يبحث الأمور الجزئية.

الفارق الثاني علم الدراية يبحث السند والمتن معا وأما علم الرجال فيبحث خصوص السند ولا يبحث المتن.

الفارق الثالث علم الدراية يدرس مجموع السند بخلاف علم الرجال فإنه يبحث آحاد السند.

سوال فأيهما أعم وأيهما أخص؟ الجواب علم الدراية أعم لأنه كلي وعلم الرجال أخص لأنه يبحث أمور جزئية، هذا تمام الكلام في تعريف علم الرجال وعلم الدراية وبيان الفارق بينهما.

التعريف الثالث علم الحديث

علم الحديث علم يبحث عن كل سند بانفراده متنا وسندا فعلم الحديث يأتي إلى هذه الرواية مثلا مقبولة عمر بن حنظلة يأتي عنكم الخبران المتعارضان فبأيهما نعمل؟ قال خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر يبحث المقبولة، رواية معروفة مشهورة تلقاها الأصحاب بالقبول هذه المقبولة سندها صحيح أو سندها ضعيف؟ عمل بها الأصحاب أو لم يعمل بها الأصحاب؟ إذا عمل بها الأصحاب عملهم يجبر ضعف سندها أو ما يجبر ضعف سندها؟ ما هي دلالة هذه المقبولة؟ هل تدل على أن الشهرة وموافقة الكتاب ومخالفة العامة من المرجحات للخبر عند التعارض أو ليست من المرجحات تأتي جميع الأبحاث السندية والدلالية لتصحيح العمل بالرواية أو عدم تصحيح العمل بالرواية.

سؤال ما الفارق بين علم الحديث وعلم الرجال؟ الجواب علم الرجال مختص بالسند وعلم الحديث بالمعنى الأخص يشمل السند والمتن معا.

ثانيا علم الرجال يبحث السند من ناحية جزئية يعني من ناحية فرد وارد في السند لكن هذا الفرد إذا ورد في سند ولكن علم الحديث ما يبحث الفرد إذا ورد في سند يبحث خصوص هذا السند فعلم الحديث أخص وعلم الرجال أعم، علم الحديث يدرس حديث خاص حديث واحد بينما علم الرجال يدرس الراوي الواحد لو ورد في آلاف الروايات ومن هنا يتضح أن أعم هذه العلوم هو علم الدراية لأنه علم كلي ثم الأخص منه علم الرجال لأنه يدرس أفراد وآحاد الرواة في أي سند ثم الأخص منه علم الحديث الذي يدرس حديثا خاصا لذلك تقول ما هذا الفقيه قوي بالرجال هذا الفقيه قوي في الحديث يعني إذا امسك حديث معين وحقق من ناحية السند والدلالة قوي لما تقول قوي في الحديث ليس بمعنى قوي في دراية الحديث، دراية الحديث مصطلحات كلية.

إلى هنا اتضح إن علم الحديث له اصطلاحان:

الاصطلاح الأول علم الحديث بالمعنى الأعم وهو الشامل لأقسام ثلاثة الاصطلاح الثاني علم الحديث بالمعنى الأخص وعلم الرجال وعلم الدراية.

واتضح الفارق بين العلوم الثلاثة، هذا تمام الكلام في النقطة الثانية وهي تعريف النقطة الثالثة موضوع العلم وموضوع علم الرجال أو الحديث أو الدراية الفرد بما هو راو الشخص بما هو راو الرجل بما هو محدث وبهذا يفترق عن علم التراجم فإن التراجم موضوعها الفرد بما هو شخصية الرجل بما هو شخصية فبين علم التراجم وعلم الرجال عموم وخصوص من وجه قد يفترق علم الرجال عن التراجم في الرجل والفرد الذي هو راو لكن ليست له شخصية اجتماعية فعلم الرجال يدرسه وعلم التراجم ما يدرسه ويفترق علم التراجم عن علم الرجال في الرجل الذي له شخصية اجتماعية كأن يكون رئيسا أو وزيرا أو شاعرا أو سياسيا أو فقيها ولكن ليس براو وقد يلتقيان فيما إذا كان الشخص راو من جهة وشخصية اجتماعية من جهة أخرى كأن يكون راو وتاجر راو ووزير كعلي بن يقطين "رحمه الله".

وهناك فارق ثان بين علم التراجم وعلم الرجال وهو فارق تاريخي هذا ليس فارق أساسي فإن علم الرجال من العلوم الإسلامية لأنه موضوعه رواة الحديث والحديث صاروا الرواة محدثين بعد مجيء النبي وأهل البيت عليهم السلام فعلم الرجال علم إسلامي.

وأما علم التاريخ علم التراجم قديم قدم التاريخ الإنساني وسابقا كانت تبحث التراجم في علم الرجال وأول من فصل علم التراجم عن علم الرجال هو المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة إذ كتب كتاب أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل ففصل تراجم العلماء عن تراجم الرواة ثم جاء السيد حسن الصدر وكتب تكملة أمل الآمل ثم جاء الشيخ عبد النبي القزويني وكتب تتميم أمل الآمل صار الآن هناك دورات في التراجم مثل روضات الجنات للخوانساري رياض العلماء للميرزا عبد الله الأفندي أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي هذه كلها في التراجم.

وهناك كتب في الرجال أبرز موسوعاتنا الرجالية موسوعتان ولعل الأنسب أن يقال أربع الدورة:

الموسوعة الأولى معجم رجال الحديث للسيد أبو القاسم الخوئي أربعة وعشرين مجلد الدورة الثانية تنقيح المقال في علم الرجال وهي أكبر موسوعة شيعية في الرجال للشيخ عبد الله المامقاني ثلاثة أجزاء حجرية الآن طبع منها قرابة خمسة وثلاثين مجلد ولعلها تصل إلى سبعين أو ثمانين مجلد.

الموسوعة الثانية الشيخ عبد الله المامقاني عنده أكبر موسوعة في الدراية مقباس الهداية في علم الدراية سبعة أجزاء وأكبر موسوعة في الرجال تنقيح المقال في علم الرجال.

الموسوعة الثالثة قاموس الرجال للمحقق الشيخ محمد تقي التستري وهي حاشية على تنقيح المقال في اثني عشر مجلدا.

الموسوعة الرابعة مستدرك معجم رجال الحديث للشيخ النمازي الشاهرودي في ثمانية مجلدات.

الخلاصة نحن شرعنا في المطلب الثالث وهو الموضوع قلنا عندنا ست نقاط النقطة الأولى الحاجة إلى علم الرجال أخذناها في الدرس السابق تعريف علم الرجال وبقية العلوم اكملناها اليوم.

الأمر الثالث موضوع علم الرجال، الرجل بما هو راو والمراد بالرجل ما يعم الرجل والمرأة ولكن يقال الرجل من باب التغليب لأن أغلب الرواة هم رجال فإذا قلنا الفرد أو الشخص يصدق على الرجل والمرأة أيضا لفظ الرجل يصدق على الرجل والمرأة لذلك في نهاية الدورات الحديثية يقولون الكنى والألقاب وأعلام النساء يعني مجلد أربعة وعشرين من معجم رجال الحديث المجلد الأول من المعجم يبدأ بالهمزة المجلد ثلاثة وعشرين ينتهي بالياء أربعة وعشرين آخر مجلد الكنى والألقاب وأعلام النساء هناك كتاب أعلام النساء المؤمنات يذكر كل النساء المحدثات.

 

تطبيق العبارة

قال السيد المصنف حفظه الله تعريف علم الحديث، علم الدراية، علم الرجال.

علم الحديث بمعناه الخاص علم يبحث عن كل حديث بانفراده متنا وسندا إذن وجه الخصوصية هنا أنه يبحث حديثا خاصا مفردا فبدأ السيد بالأخص ثم انتهى بالأعم ثم جاء بالأعم ثم جاء بالأخص.

علم الدراية علم يبحث عن المسائل الكلية التي لها دخل في قبول الخبر ورده يعني ورد الخبر ولو سنخا وشأنا يعني ولو كان سنخ المسائل الكلية من شأنه أن يكون له دخل في قبول الخبر ورده.

المصطلح الثالث علم الرجال علم يبحث عن أحوال آحاد رواة السند يعني أفراد رواة السند مما له دخل في قبول الخبر أو رده كذلك يعني ولو سنخا وشأنا، علم الرجال علم يبحث عن أحوال آحاد رواة السند التي يكون سنخها وشأنها له دخل في قبول الخبر ورده.

ثم يشرح بالمثال المصطلحات الثلاثة يبدأ بالمصطلح الأول علم الحديث يقول فمثلا البحث عن مفاد الخبر الفلاني وحل غرائب ألفاظه وأنه هل هو معتبر سندا أم لا وهل أعرض عنه مشهور الفقهاء والرواة أم لا وهل في متنه اضطراب أم لا وهل يكون فيه تحريف أم لا داخل في علم الحديث، هذه مباحث تتعلق بالسند والمتن.

المصطلح الثاني والبحث العام عن شرائط اعتبار الخبر وأنه هل إعراض المشهور يسقط الخبر عن الاعتبار ام لا وهل الاضطراب مانع عن الحجية أم لا وكذا البحث عن عوامل التحريف وان الأصل هل هو عدم التحريف أم لا، الأصل هو التحريف هذه المباحث داخل في علم الدراية، هذا البحث داخل في علم الدراية كما يدخل فيه البحث عن تقسيمات الحديث من جهة المتن والسند والبحث عن وثاقة مشايخ الإجازة وعدمها يعني مشايخ الإجازة هل شيخوخة الإجازة كون الشخص شيخ إجازة أمارة على الوثاقة أو لا.

الثالث علم الرجال والبحث عن وثاقة محمد بن سنان أو ضعف علي بن أبي حمزة وأمثالهما على عهدة علم الرجال الذي يبحث ثلاثة مباحث، هذه أين موجودة؟ قال علم الرجال علم يبحث عن أحوال رواة السند مما له دخل، ما هي المباحث التي لها دخل في قبول الخبر أو رده الجرح والتعديل تمييز المشتركات تمييز طبقات الرواة، هذا تمام الكلام في النقطة الثانية.

انتهينا من النقطة الأولى الحاجة إلى علم الرجال والنقطة الثانية وهي تعريف.

النقطة الثالثة

الفروق بين هذه العلوم هذه ملحقة بالتعريف.

أولا يذكر الفارق بين علم الدراية وعلم الرجال.

قال علم الدراية موضوع مسائله كلي دائما وهو قد يكون سند الحديث وقد يكون متنه الحديث وإن شئت قلت موضوع علم الدراية الحديث من جهة السند أو المتن وقد يكون العنوان العام المنطبق على عدة رواة كمشايخ الإجازة كون الشيخ شيخ إجازة هذا ينطبق على كثيرين ينطبق على أحمد بن محمد بن يحيى العطار، ينطبق على أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، ينطبق على مشايخ كثيرين.

الآن يذكر في الكلمتين ثلاثة فوارق بين علم الرجال وعلم الدراية:

الفارق الأول وأما علم الرجال فموضوعه جزئي دائما بخلاف علم الدراية فإن موضوعه كلي دائما

الفارق الثاني ولا يرتبط علم الرجال بالمتن أصلا بخلاف علم الدراية فإنه يرتبط بالسند والمتن معا

الفارق الثالث وكذلك لا يرتبط علم الرجال بمجموع السند بما هو مجموع كما هو علم الدراية بل يختص علم الرجال بآحاد أفراد سنده ـ سند الحديث ـ ، هذا تمام الكلام في بيان الفارق بين علم الرجال وعلم الدراية.

والفرق بين علم الدراية والحديث بكلية موضوع الأول وهو علم الدراية وجزئية موضوع الثاني وهو علم الحديث فإن الثاني ـ علم الحديث ـ مختص بحديث خاص بخلاف الأول ـ علم الدراية ـ فإنه يدرس مباحث كلية في الحديث.

الأمر الثالث والفرق بين علم الحديث والرجال يذكر فارقين:

الفارق الأول إن علم الحديث يبحث عن متن الحديث وسنده يعني بخلاف علم الرجال الذي يختص بدراسة خصوص السند أي المجموع من حيث المجموع، هذا علم الحديث يدرس مجموع السند.

علم الرجال يدرس فرد في السند وعلم الحديث يدرس مجموع الرجال الواردين في السند وآحاد أفراد السند لكن بحثه ـ بحث علم الحديث ـ مختص بحديث خاص، إذن أيهما أعم وأيهما أخص؟ علم الرجال أعم وعلم الحديث أخص لأن علم الحديث يدرس حديث خاص وعلم الرجال يدرس فرد خاص في عموم الأحاديث فيكون علم الرجال كلي بالنسبة إلى علم الحديث.

وأما علم الرجال فهو الباحث عن أحوال الرواة فقط لا عن المتن ولا عن السند بمجموعه لكن من غير تقيد بسند خاص فإذن علم الرجال أعم كلي غير مقيد بسند معين وعلم الحديث خاص وأكثر جزئية.

يقول فلموضوع علم الرجال أيضا كلية بالنسبة إلى موضوع علم الحديث، لماذا هو كلي؟ لأن موضوع علم الحديث يدرس سند خاص وعلم الرجال كلي بالنسبة إلى هذا السند الخاص لأن علم الرجال يدرس كل فرد فرد من الأفراد الواردين في هذا الحديث الخاص، إذن علم الرجال يدرس فرد خاص لكن في عموم الأسانيد بينما علم الحديث يدرس فرد خاص في سند خاص ويدرس مجموع الأفراد الواردين في السند الخاص.

علم الرجال وعلم التراجم

وهنا علم رابع له شباهة بعلم الرجال وهو علم التراجم وموضوع هذا العلم هو الشخصيات من الرواة وغيرهم كالعلماء والأدباء والملوك والوزراء ونظائرهم من ذوي الشأن والوجاهة في المجتمع ولا تختص أبحاثه بخصوص الجرح والتعديل بل تعم جميع أحوال الشخصيات.

فبين موضوع علم الرجال التراجم هل هو علم أو لا؟ هناك كلام بعضهم يقول الدراية ليس علم أصلا لأن العلم ما فيه إمعان فكر وإمعان نظر أخذ وعطاء، في علم الرجال يوجد أخذ وعطاء في علم الحديث يوجد أخذ وعطاء أما علم الدراية هذا مصطلحات فلا يصدق عليه أنه علم كذلك علم التراجم هذا تاريخ سرد فلا يصدق عليه أنه علم والصحيح أنهما علم لأنه يوجد إنعام فكر وإنعام نظر في علم الدراية وفي علم التراجم أما في علم التراجم ترجح أن هذا المترجم له متى ولد ومتى مات وهل أدرك فلان أو لم يدرك فلان ويمكن أن ينقل عن فلان أو لا يمكن هذه تبحث في التراجم إذن هناك إنعام فكر.

كذلك في المصطلحات هناك إنعام فكر هذا المصطلح صحيح أو غير صحيح وما المقصود به وكيف نجمع بين هذا المصطلح وهذا المصطلح.

قال المصنف فبين موضوع علم التراجم وعلم الرجال العموم والخصوص من وجه فإن الرجل الواقع في سند واحد فقط من دون أن يكون له شخصية اجتماعية معدود من الرواة وليس داخلا في موضوع علم التراجم بل هو داخل في موضوع علم الرجال كما أن شخصيات الذين لم يكونوا من الرواة يتكلم عنهم في علم التراجم فحسب فقط أبين الآن وجه خصوص الرجال ووجه خصوص علم التراجم.

وبينهما فرق آخر غير جوهري وهو فرق تاريخي، لماذا غير جوهري؟ لأنه لا يرجع إلى حقيقة العلم وهو أن علم الرجال كسائر العلوم المرتبطة بالحديث من تأسيسات المسلمين يعني علم حديث علم إسلامي، وأما علم التراجم فكان موجودا قبل الإسلام يعني علم إنساني.

تنبيهان

الأول إن المعتبر في علم الدراية والرجال دخالة أبحاثهما في قبول الخبر أو رده سنخا لا شخصا وبينا المراد مثلا هذه الرواية عمل بها الأصحاب هذه الرواية وجدت في أصل عرض على الإمام عليه السلام صار بحث الجرح والتعديل ما له دخل في قبول الرواية يكفي إن سنخ بحث الجرح والتعديل له دخل في قبول الرواية.

توضيحه إن بعض الأبحاث المتداولة في علم الرجال كالبحث عن طبقات الرواة هذا بحث واحد وتعيين عصرهم لا يكون دائما دخيلا في قبول الخبر لكن سنخ هذا البحث طبقات الرواة دخيل في قبول الخبر من جهة كشفه هذا البحث طبقة الراوي عن وقوع إرسال في الرواية يعني قطع في السند يعني واسطة ساقطة، أو سقط يعني واسطة ساقطة أو زيادة في السند من أين تعرف؟ لأنه إذا ذكرت ثلاث وسائط وكلها في طبقة واحدة كيف تروي عن بعض هذه زيادة ولذلك يبحث عنه في علم الرجال يبحث عن طبقة الراوي.

والبحث الأصلي في الرجال هو الجرح والتعديل أيضا قد لا يكون دخيلا شخصا يعني شخص الجرح والتعديل لا يكون دخيلا في اعتبار هذا الخبر لتعدد طرق الخبر، طرقه عديدة ما يحتاج النظر إلى هذا السند ما ينحصر طريق الحديث بهذا الطريق، أو اقترانه ـ الخبر ـ بقرينة تدل على صحته وبالتالي نحن لسنا بحاجة إلى بحث الجرح والتعديل فالمعتبر صلاحية المبحث للداخلة في اعتبار الأحاديث.

ذكر السيد إلى هنا مبحثين أول مبحث رجالي ذكره تمييز طبقة الراوي ثاني مبحث الجرح والتعديل بقا المبحث الثالث وهو تمييز المشتركات.

ثم إن المراد من قبول الخبر ورده وقبوله ورده ولو في بعض الأحوال وعلى بعض الآراء مثلا في خبر ثقة وفي خبر أوثق في خبر ورع وفي خبر أورع أحيانا هذا تقبله وهذا تقبله لكن عند التعارض تقدم الأورع والأوثق فهنا الأوثق والأورع لا يقدم مطلقا يقدم في خصوص التعارض أما إذا لا يوجد تعارض هذا حجة وذاك حجة فإذن صار تقديم وقبول في مورد خاص أحيانا تقديم وقبول بناء على مبنى خاص يكفي أن يقبل أن يرد بناء على مبنى، الآن هذا خبر ثقة لا يقبل يرد لمعارضته لخبر الأوثق لذلك يقول ثم إن المراد من قبول الخبر ورده هو قبوله ورده ولو في بعض الأحوال وعلى بعض الآراء فالبحث عن الأوثقية والأعدلية ونحوهما داخل في علم الرجال إذ أوصاف الرواة من المرجحات في حال التعارض على بعض الأقوال.

الثاني إن البحث عن النساء في الروايات أيضا من مسائل علم الرجال وتسمية هذا العلم بالرجال من جهة غلبتهم يعني كثرة الرجال في الرواة.

هذا تمام الكلام في ثلاثة أبحاث وهي الحاجة إلى علم الرجال وتعريف علم الرجال والفروق يبقى الكلام في موضوع علم الرجال ومنهج البحث الرجالي وفائدة علم الرجال، موضوع أبحاثنا يأتي عليه الكلام.

 


[1] اصول الرجال، محمدجواد شبيري، ص11.