الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/09/29

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: البحث في حال المعلى بن خنيس ومحمد بن اسماعيل

 

الثالث عشر المعلى بن خنيس

وقد اختلفت الأقوال فيه فذهب الأكثر إلى وثاقته ومنهم الشيخ[1] الطوسي ومن المتأخرين السيد أبن طاووس والوحيد البهبهاني والمحقق الكاظمي الأعرجي والسيد الأستاذ[2] السيد أبو القاسم الخوئي "رحمهم الله جميعا" فقد ذهبوا إلى وثاقة المعلى بن خنيس وكذلك السيد القائد السيد علي الخامنئي يرى وثاقة المعلى بن خنيس وهو القول الصحيح وهو قول شيخنا الأستاذ الداوري

وذهب بعضهم إلى ضعفه ومنهم النجاشي[3] وابن الغضائري[4] وظاهر المحقق الحلي في المعتبر[5] وتوقف العلامة الحلي فيه[6]

وقد ورد المعلى بن خنيس بهذا العنوان في الكتب الأربعة في ثمانين موردا غير ما ورد بعنوان المعلى فقط[7] و

استدل على وثاقته بأمور خمسة الخامس منها هو الروايات وهي عبارة عن خمسة عشر رواية مادحة واستدل على تضعيفه بثلاثة وجوه الثالث منها هو الروايات أيضا وهي خمس روايات إذن توجد خمسة وجوه لتوثيقه والوجه الخامس منها خمسة عشر رواية مادحة وموثقة وتوجد ثلاثة وجوه لتضعيفه مقتضى الجمع أن الروايات المضعفة يوجد لها توجيه وقد يناقش فيها فتبقى أدلة التوثيق من دون معارض فتكون النتيجة وثاقة المعلى بن خنيس وهذا رأي السيد الأستاذ السيد الخوئي والشيخ الأستاذ الشيخ الداوري ونحن نميل إلى هذا الرأي.

أما المقام الأول الوجوه التي استدل بها على وثاقة المعلى بن خنيس،

الوجه الأول ما ذكره الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة قال وكان من قوام أبي عبد الله “عليه السلام” وإنما قتله داود بن علي بسببه وكان محمودا عنده ومضى على منهاجه وأمره مشهور[8] كتاب الغيبة صفحة 210 الطبعة الثانية.

وأورد الشيخ الطوسي روايات مادحة في الشهيد المعلى بن خنيس الذي قتل بسبب حبه للإمام الصادق وكان من وكلاء الإمام الصادق وعماله المقربين يؤيد ما ذكره الشيخ الطوسي من توثيق ما ذكره أبن طاووس أن المعلى من أجلاء وكلاء الإمام الصادق فعبر أجلاء بتعبير أجلاء وكلاء الإمام الصادق ولكن أبن طاووس من المتأخرين لذلك عد ما ذكره من المؤيدات لا من الأدلة.

الدليل الثاني وقوع المعلى بن خنيس في أسناد تفسير علي بن إبراهيم القمي ولاسيما القسم الأول الذي يبني عليه شيخنا الداوري فهذا الوجه تام بناء على مبنى السيد الخوئي والشيخ الداوري وليس بتام على مبنانا.

الوجه الثالث رواية الأجلاء عنه مثل حماد بن عثمان وعبد الله بن مسكان وجميل بن دراج وهشام بن سالم وسيف بن عميرة وغيرهم ومنهم أبن أبي عمير في مورد واحد من الكتب الأربعة وهذا الوجه وهو رواية الأجلاء ليس بتام بناء على مبنى السيد الخوئي والشيخ الداوري ومبنانا لكن رواية خصوص المشايخ الثقاة ومنهم أبن أبي عمير أمارة الوثاقة فيمكن توثيقه لرواية أبن أبي عمير عنه بناء على مبنانا ومبنى شيخنا الأستاذ الشيخ الداوري لكن هذا الوجه ليس بتام بناء على مبنى السيد الخوئي.

الأمر الرابع عدم استثناء أبن الوليد للمعلى بن خنيس من كتاب نوادر الحكمة وعدم الاستثناء أمارة على الوثاقة بناء على مبنى الشيخ الداوري ومبنانا لا على مبنى السيد الخوئي إذن إلى هنا المباني الأربعة تم منها ثلاثة مباني وهي الأول ما ذكره الشيخ في الغيبة والثالث رواية أبن أبي عمير عنه والرابع عدم استثناء أبن الوليد دون الثاني وهو وروده في تفسير القمي.

الوجه الخامس من الوجوه التي استدل بها على توثيق ومدح المعلى بن خنيس الروايات المادحة وهي تشير إلى عظم شأنه حتى أن الإمام “عليه السلام” دعا على داود بن علي فمات من لحظته كما أن الإمام الصادق أخذ القود وهو القصاص وطالب داود بالقصاص لأنه قال له لما قتلت المعلى بن خنيس قال لم أقتله وإنما قتله السيرافي قال إذن أطالب بالقود فاقتص منه وقتله الروايات تدل على عظم شأنه.

الخامس ما ورد في حقه من الروايات المادحة ومجموعها خمسة عشر رواية وفيها الصحيح:

ومنها ما أورده الشيخ في الغيبة عن أبي بصير قال لما قتل داود بن علي المعلى بن خنيس فصلبه عظم ذلك على أبي عبد الله “عليه السلام” واشتد عليه ـ الإمام الصادق ـ وقال له يا داود علام قتلت مولاي وقيمي في مالي وعلى عمالي والله إنه لأوجه عند الله منك في حديث طويل وفي خبر آخر أنه قال أما والله لقد دخل الجنة.

الرواية الثانية ما رواه الكليني إلى أن يقول عن المسمعي قال لما قتل داود بن علي المعلى بن خنيس قال أبو عبد الله لادعون الله على من قتل مولاي وأخذ مالي فقال له داود أنك لتهددني بدعائك قال حماد قال المسمعي وحدثني معتب أن أبا عبد الله “عليه السلام” لم يزل ليلته راكعا وساجدا فلما كان السحر سمعته يقول وهو ساجد اللهم إني أسألك بقوتك القوية وبجلالك الشديد الذي كل خلقك له ذليل أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تأخذه الساعة الساعة فما رفع رأسه حتى سمعنا الصيحة في دار داود بن علي فرفع أبو عبد الله “عليه السلام” رأسه وقال إني دعوت الله بدعوة بعث الله "عز وجل" عليه ملكا فضرب رأسه بمرزبة من حديد انشقت منها مثانته فمات[9] ، هذا يدل على جلالة قدره لدرجة أن الإمام دعا على قاتله.

وروى الكليني أيضا عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن الوليد بن الصبيح قال جاء رجل إلى أبي عبد الله “عليه السلام” يدعي على المعلى بن خنيس دينا عليه فقال ذهب بحقي يعني مات وذهب حقي فقال له أبو عبد الله “عليه السلام” ذهب بحقك الذي قتله ثم قال للوليد قم إلى الرجل فاقضه من حقه فإني أريد أن أبرد عليه جلده الذي كان باردا[10] يعني يكون المعلى مطمئنا باردا الإمام قضى دينه هذه تدل على المدح.

وروى أيضا الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبن أبي عمير عن الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله “عليه السلام” أنه قال دخلت عليه يوما وألقى إلي ثيابا وقال يا وليد ردها على مطاويها فقمت بين يديه فقال أبو عبد الله “عليه السلام” رحم الله المعلى بن خنيس فظننت أنه شبه قيامي بين يديه قيام المعلى بين يديه ثم قال أف للدنيا أف للدنيا إنما الدنيا دار بلاء يسلط الله فيها عدوه على وليه وإن بعدها دارا ليست هكذا فقلت جعلت فداك وأين تلك الدار يعني فكر المراد أن الدار الآخرة يعني التي يتسلط المؤمن على عدوه بالعكس الإمام قال لولا في الدنيا يصير بالعكس يعني في دار الدنيا العدو يتسلط على المؤمن ثم بعد ذلك بالعكس المؤمن يتسلط على العدو فقال ها هنا وأشار بيده إلى الأرض[11] يعني في الحياة الدنيا يحصل العكس لا الآخرة

ومنها ما أورده في بصائر الدرجات إلى أن يقول عن المعلى بن خنيس وإن كانت هذه الرواية عن نفس المعلى قال كنت عند أبي عبد الله “عليه السلام” في بعض حوائجي قال فقال لي مالي أراك كئيبا حزينا الإمام مسح على وجهه وأراه أهله المعلى من الكوفة والإمام في المدينة وكان في ذلك الوقت منتشر مرض كان المعلى يخاف على أهله قال المعلى بن خنيس فقلت ما بلغني عن العراق عن هذا الوباء أذكر عيالي أحيانا في ذلك الزمن ينتشر طاعون وباء قال فاصرف وجهك فصرفت وجهي ثم قال أدخل دارك قال فدخلت فإذا أنا لا أفقد من عيالي صغيرا ولا كبيرا إلا وهو في داري بما فيها ثم قال خرجت فقال لي أصرف وجهك فصرته فنظرت فلم أرى شيئا[12] هذا يدل على أنه عنده مكانة عند الإمام الصادق، إنصافا المعلى بن خنيس رجل جليل القدر وشهيد.

فمنها ما رواه الكشي عن حمدويه بن نصير قال حدثني العبيدي عن أبن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج قال حدثني إسماعيل بن جابر قال كنت عند أبي عبد الله “عليه السلام” مجاورا بمكة فقال لي يا إسماعيل اخرج حتى تأتي مرا أو عسفان ـ منطقتان ـ فتسأل هل حدث بالمدينة قال فخرجت حتى أتيت مرا فلم ألقى أحدا ثم مضيت حتى أتيت عسفان فلم يلقني أحد فارتحلت من عسفان فلما خرجت منها لقيني عير يعني التقيت جمال تحمل زيتا من عسفان فقلت لهم هل حدث في المدينة حدث قالوا لا إلا قتل هذا العراقي الذي يقال له المعلى بن خنيس قال فانصرفت إلى أبي عبد الله “عليه السلام” فلما رآني قال لي يا إسماعيل قتل المعلى بن خنيس فقلت نعم فقال أما والله فقد دخل الجنة[13] ، شهادة من الإمام بأن عاقبته حسنة وأنه قد دخل الجنة.

وروى حمدويه إلى أن يقول عن الوليد بن صبيح قال قال داود بن علي لأبي عبد الله “عليه السلام” ما أنا قتلته يعني معلى قال فمن قتله قال السيرافي وكان صاحب شرطته يعني رئيس شرطة داود بن علي قال أقدنا منه يعني اقتص لنا منه قال قد أقدتك اقتص منه قال فلما أخذ السيرافي وقدم ليقتل جعل يقول يا معشر المسلمين يأمروني بقتل الناس فأقتلهم لهم ثم يقتلوني فقتل السيرافي هذه الرواية تقول صاحب السلطان كراكب الأسد يغبط بموضعه وهو أعلم بموكعه الناس يقولون ما شاء الله هذا فوق الأسد وهو في كل لحظة يخاف أن الأسد يفتك به هكذا صاحب السلطان، هذا ما يهمنا مما ورد في حقه من الروايات وأما بقية الروايات وهي ست روايات أخرى أوردها الكشي في رجاله خمس منها راجعة إلى قتل المعلى بن خنيس ودعاء الإمام له وعلى قاتله نظير ما تقدم.

نعم ذكر في واحدة منها أن سبب قتله هو كتمانه لأسماء أصحاب أبي عبد الله وعدم إفشائه وأما الرواية السادسة فهي في فعل المعلى بن خنيس يوم العيد حيث يخرج إلى الصحراء شعثا مغبرا في زي ملهوف فإذا صعد الخطيب المنبر مد يده نحو السماء ثم قال اللهم هذا مقام خلفائك وأصفيائك وموضع أمنائك الذين خصصتم بهم ابتزوها وأنت المقدر للأشياء لا يغلب قضائك إلى آخر الدعاء

وقد ذكر المحدث النوري في مستدرك الوسائل روايات أخرى تدل على جلالة قدر ومنزلة المعلى بن خنيس هذا تمام الكلام في المقام الأول الوجوه المادحة واتضح أن هذه الوجوه الخمسة أربعة منها تام فقط واحد ليس بتام وهو وروده في رجال تفسير القمي.

وأما ما استدل به على ضعفه فأمور:

الأول ما ذكره النجاشي قال كوفي بزاز ضعيف جدا لا يعول عليه[14] هذا التضعيف سيأتي لا يعبئ به ولعل مستند الروايات الشريفة التي سنقرئها وسيتضح عدم تماميتها على التضعيف.

الثاني ما ذكره أبن الغضائري قال كان أول أمره مغيريا يعني من أتباع المغيرة بن سعيد ثم دعا إلى محمد عبد الله ـ النفس الزكية بن عبد الله المحض ـ وفي ظنة أخذه داود بن علي فقتله يعني ظن أنه من أتباعهم وقتله ولا أرى الاعتماد على شيء من حديثه[15] وفيه إن تضعيفات أبن الغضائري لا يعبئ بها على أن كتابه لم يصل إلينا بطريق صحيح إذن هذا الوجه ليس بتام.

الثالث ما ورد بحقه من الروايات الذامة وهي خمس روايات وفيها الصحيح وهي على ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى أنه أذاع أسرار الأئمة "عليهم السلام" وأفشى أخبارهم فأصابه ما أصابه وهي روايتان وكلاهما ضعيف فالروايتان ضعيفتان من ناحية السند وبالتالي لا يعول عليهما كما أنه في الدلالة توجد مناقشة.

الرواية الأولى روى الكشي إلى أن يقول عن حفص الأبيض التمار قال دخلت على أبي عبد الله “عليه السلام” أيام صلب المعلى بن خنيس "رحمه الله" فقال لي يا حفص إني أمرت المعلى فخالفني فابتلا بالحديد إني نظرت إليه يوما وهو كئيب حزين فقلت يا معلى كأنك ذكرت أهلك وعيالك قال أجل قلت أدن مني فدنا مني فمسحت وجهه فقلت له أين تراك فقال أراني في أهل بيتي وهذه زوجتي وهذا ولدي قال فتركته حتى تملا منهم واسترت منهم حتى نال ما ينال الرجل من أهله ثم قلت أدن مني فدنا مني فمسحت وجهه فقال أين تراك فقال أراني معك في المدينة قال قلت يا معلى إن لنا حديثا من حفظه علينا حفظ الله عليه دينه ودنياه يا معلى لا تكون أسراء في أيدي الناس بحديثنا إن شاءوا منوا عليكم وإن شاءوا قتلوكم يا معلى إنه من كتم الصعب من حديثنا جعل الله له نورا بين عينيه وزوده القوة في الناس هذه تدل على مزيد عناية ومن أذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتى يعضه السلاح أو يموت بخبل يا معلى أنت مقتول فاستعد[16] هذه الرواية لا تدل على لو سلمنا بصحتها سندا وهي ضعيفة سندا هذه تدل على النهاية الذي يكتم سر الأئمة الله يعطيه درجات عليا الذي ما يكتم سرهم لا تدل على فساد العقيدة إلا ما يكتم السر يقتل أو يستجن يصاب بخبل يعني نهاية هذا العمل هكذا عاقبة العمل وليس المعتقد.

روى النعماني عن سيف بن عميرة عن المفضل بن عمر الجعفي هذه ضعيفة بسيف بن عميرة قال دخلت على أبي عبد الله “عليه السلام” يوم صلب فيه المعلى فقلت له يابن رسول الله ألا ترى هذا الخطب الجليل الذي نزل بالشيعة في هذا اليوم قال وما هو قلت قتل المعلى بن خنيس قال رحم الله معلى قد كنت أتوقع ذلك لأنه أذاع سرانا وليس الناصب لنا حربا بأعظم مؤنة علينا من المذيع علينا سرانا فمن أذاع سرنا إلى غير أهله لم يفارق الدنيا حتى يعضه السلاح أو يموت بخبل[17] قد تشير إلى عاقبة العمل لا فساد العقيدة.

والأمر سهل حتى لو استظهر فيها عدم الوثاقة لكن الروايتان ضعيفتان إذن الطائفة الأولى ليست تامة أنه أذاع أسرار الأئمة وأفشى أخبارهم فأصابه ما أصاب.

الطائفة الثانية صحيحة قوله إن الأئمة عليهم السلام أنبياء

روى الكشي عن محمد بن الحسن البراثي إلى أن يقول عن أبي العباس البقباق قال تدارا أبن أبي يعفور ومعلى بن خنيس فقال أبن أبي يعفور الأوصياء علماء أبرار أتقياء وقال أبن خنيس الأوصياء أنبياء قال فدخلا على أبي عبد الله “عليه السلام” فلما استقر مجلسهما قال فبدأهما أبو عبد الله “عليه السلام” فقال يا عبد الله أبرأ ممن قال إنا أنبياء[18] وهذه الرواية صحيحة السند وقد يقال إن براءة الإمام من المعلى الخنيس لأنه قال لا نبرأ ممن قال.

وفيه أولا لا دلالة فيها على الانحراف أو عدم الوثاقة وثانيا المعلى بن خنيس لو سلمنا أنه جاء بذلك فإنه قد رجع عن هذا بعد قول الإمام “عليه السلام” ويحتمل حمل هذه الطائفة الثانية على الطائفة الأولى بمعنى أن من أذاع السر تحصل منه البراءة كما أن من يذيع السر يقتل أو يجن كذلك نبرأ منه ولم ترد رواية صحيحة أنهم أنبياء الأئمة "عليهم السلام" بل وردت أنه لا نبي بعدي إذن الطائفة الثانية تامة سندا غير تامة دلالة.

الطائفة الثالثة استحلاله لذبائح اليهود واكله منها

روى الكشي عن حمدويه بن نصير إلى أن يقول عن عدة من أصحابنا وقال العبيدي حدثني به أيضا عن أبن أبي عمير أن أبن أبي يعفور ـ عبد الله بن أبي يعفور ـ والمعلى بن خنيس كانا بالنيل على عهد أبي عبد الله “عليه السلام” فاختلفا في ذبائح اليهود فأكل معلى ولم يأكل أبن أبي يعفور فلما صارا إلى أبي عبد الله “عليه السلام” أخبره فرضي بفعل أبن أبي يعفور وخطأ المعلى في أكله إياه[19] رجال الكشي صفحة 517.

هذه الرواية رويت بالعكس وهو أن الذي أكل هو عبد الله بن أبي يعفور والذي لم يأكل هو المعلى وأن الإمام الصادق استحسن فعل المعلى ذكر ذلك الشيخ المفيد في رسالة الذبائح والسيد المرتضى في الطرابلسيات ونقل في مستدرك الوسائل نقلت الروايتان في مستدرك الوسائل الجزء الثالث صفحة 682 نقل المحدث النوري عن طرابلسيات المرتضى ورسالة الذبائح للشيخ المفيد.

وثانيا لو سلمنا أن الذي أكل هو نفسه المعلى بن خنيس الأكل من ذبائح اليهود لا يؤدي إلى فسق الرجل وعدم وثاقته لا تستلزم عدم الوثاقة إذن الدليل الثالث الروايات الخمس بطوائفها الثلاث ليست تامة.

واما تضعيف النجاشي...

يبقى الدليل الأول وهو تضعيف النجاشي فلعله من جهة نسبته إلى الغلو كما يظهر هذا صريحا من الدليل الثاني وهو تضعيف أبن الغضائري وأن المعلى كان في أول أمره مغيريا وهذا الأمر لم يصل إلينا أنه كان من أتباع المغير بن سعيد ولم يثبت والذي يظهر من الروايات المادحة أنه المعلى بن خنيس لم يكن منحرفا عن عقيدته ولم يكن مغيريا ولم يكن يدعو إلى محمد بن عبد الله النفس الزكية ولم يأخذه داود بن علي ظنة أنه من أتباع محمد بن عبد الله وإنما أخذه لأنه من عمال الإمام الصادق ومن وكلاءه الأجلاء كما صرح بذلك الشيخ الطوسي وشهد له الإمام بدخول الجنة ودعاه على قاتله وهذا يدل على جلالته وعظم مكانته ومقامه عند الإمام.

النتيجة النهائية إن المعلى بن خنيس ثقة صدوق وانحرافه غير ثابت فهو من الأجلاء الثقاة، هذا تمام الكلام في الرجل الثالث عشر واتضح أن المعلى بن خنيس من الثقاة الأجلاء والشهداء العظام.

 

الرابع عشر محمد بن إسماعيل

وهو شيخ الكليني الواقع واسطة بين الكليني وبين الفضل بن شاذان.[20]

ورد محمد بن إسماعيل في كتاب الكافي للكليني أكثر من ألف رواية تحت عنوان محمد بن إسماعيل إلا أن مقدار ما يرويه الكليني عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان يبلغ خمسمائة رواية تقريبا وما يرويه الكليني عن محمد بن إسماعيل عن غير الفضل بن شاذان يبلغ أربعمائة وثمانية وسبعين رواية كما أن الكليني روى عن الفضل بن شاذان مباشرة بغير واسطة محمد بن إسماعيل بمقدار ستة عشر رواية

وإذا درسنا عنوان محمد بن إسماعيل سنجد أنه عنوان مشترك بين ثلاثة عشر رجلا[21] يطلق عليهم محمد بن إسماعيل إلا أن مورد البحث وهو الشخص الذي يروي عنه الكليني بلحاظ الطبقة ثلاثة أشخاص وفيهم الثقة كالبرمكي وابن بزيع وفيهم من لم يرد فيه توثيق كالنيسابوري البندقي فلابد من تمييز محمد بن إسماعيل الذي هو شيخ الكليني لنرى أنه ثقة أو لا وتترتب على هذا البحث فوائد جمة في الفقه ويقع الكلام والبحث في أمور ثلاثة:

الأول تمييز محمد بن إسماعيل عمن يشترك معه في الاسم وهذا بحث في تمييز المشتركات.

الثاني بيان وثاقته وعدمها وهذا بحث رجالي.

الثالث رواياته والتعامل معها ولاسيما أن له في الكافي روايات كثيرة قرابة ألف رواية.

أما البحث في الأمر الأول وهو تمييز المشتركات تمييز محمد بن إسماعيل عن غيره فالأقوال فيه أربعة:

     ما ذهب اليه المنتقى...

القول الأول أنه محمد بن إسماعيل النيسابوري البندقي ولم يرد فيه توثيق خاص ذهب إلى هذا القول الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني[22] صاحب المعالم وصاحب كتاب منتقى الجمان في أحاديث الصحيحة والحسان وذهب إليه أيضا القهبائي صاحب كتاب مجمع الرجال والفيض الكاشاني صاحب كتاب الوافي وكثير من الفقهاء ومنهم السيد الأستاذ الخوئي "رحمه الله"[23] والشيخ الداوري أيده الله ونحن نميل إلى هذا القول بلحاظ الطبقة فالصحيح أن محمد بن إسماعيل هو النيسابوري البندقي لا البرمكي ولا ابن بزيع.

     ما ذهب اليه الشيخ البهائي...

القول الثاني إنه محمد بن إسماعيل البرمكي المعروف بصاحب الصومعة وهو ثقة ولكن لم ترد عنه روايات وذهب إلى هذا القول الشيخ البهائي والفاض الاردبيلي ـ الشيخ محمد علي الاردبيلي ـ في جامع الرواة وذهب صاحب جامع الرواة إلى أنه محمد بن إسماعيل البرمكي.

ج. ما ذهب اليه المحقق الاردبيلي...

القول الثالث أنه محمد بن إسماعيل بن بزيع وذهب إلى ذلك المحقق المقدس الاردبيلي صاحب مجمع الفائدة والبرهان وهو الظاهر من ابن داود في رجاله.

القول الرابع التوقف وهو ظاهر المحقق السبزواري في كتابه ذخيرة المعاد

والصحيح من الأقوال هو القول الأول أنه محمد بن إسماعيل النيسابوري البندقي وذلك لوجهين:

الوجه الأول من حيث طبقة محمد بن إسماعيل

الوجه الثاني من البعيد جدا ان يروي الكليني عن البرمكي...

والوجه الثاني استبعاد أن يروي الكليني عن البرمكي وابن بزيع من حيث الطبقة إذن كلا الوجهين المرجحين ناظر إلى الطبقة.

أما الوجه الأول فبلحاظ طبقة محمد بن إسماعيل الذي هو شيخ الكليني يظهر أنه هو محمد بن إسماعيل النيسابوري البندقي لأن الشيخ الكليني يروي عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان في قرابة خمسمائة مورد إذن يراد بمحمد بن إسماعيل الذي يروي عن الفضل بن شاذان سؤال فهل يروي أبن بزيع والبرمكي عن الفضل بن شاذان أو لا؟

الجواب لم يروي محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الفضل بن شاذان كما لم يروي محمد بن إسماعيل البرمكي عن الفضل بن شاذان نعم محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري عن الفضل بن شاذان في موارد كثيرة

ويؤيده: (الوجه الأول)....

إذن من حيث الطبقة الذي يدل على أن محمد بن إسماعيل هو النيسابوري البندقي هو أن محمد بن إسماعيل النيسابوري البندقي في رتبة وطبقة تلامذة الفضل بن شاذان وأساتذة وشيوخ الكليني ويؤيد هذا أمران:

أولا ان الكشي يروي عن محمد بن اسماعيل...

الأمر الأول الشيخ الكشي وهو معاصر للكليني روى عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان في ثلاثة موارد يعني ذكر هذا السند في ثلاث ترجمات ذكره في ترجمة إسماعيل الفارسي وذكره في ترجمة أبي حمزة الثمالي وفي هاتين الترجمتين أطلق الاسم فقال محمد بن إسماعيل يعني الكشي عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ولم يقيد محمد بن إسماعيل بلقب لكن في المورد الثالث وهو ما ذكره الكشي في ترجمة أبي يحيى الجرجاني قال الكشي عن محمد بن إسماعيل النيسابوري عن الفضل بن شاذان فهذا يكشف عن أن مراد الكشي من محمد بن إسماعيل حينما ترجم سلمان الفارسي أبا حمزة الثمالي يكون مقصوده هو محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري والكشي في طبقة الكليني فإذن هذا يؤيد أنه من لحاظ الطبقة محمد بن إسماعيل هو البندقي لأن الكشي في طبقة الكليني والبندقي في طبقة أساتذة ومشايخ الكليني يعني في طبقة مشايخ الكليني والكشي وأيضا في طبقة تلامذة الفضل بن شاذان هذا المؤيد الأول.

وثانيا أن الكليني يروي عن علي بن محمد بن قتيبة...

المؤيد الثاني إن الكليني يروي عن علي بن محمد بن قتيبة وأبن قتيبة معدود من تلاميذ الفضل بن شاذان يعني ابن قتيبة في رتبة وطبقة محمد بن إسماعيل النيسابوري إذن النيسابوري البندقي وأبن قتيبة في طبقة واحدة.

قال الكشي في ترجمة الفضل بن شاذان وذكر أبو الحسن محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري أن الفضل بن شاذان بن الخليل نفاه عبد الله بن طاهر عن نيسابور الشاهد هنا ذكر النيسابوري مع الفضل بن شاذان والفضل بن شاذان يروي عنه ابن قتيبة فابن قتيبة في طبقة تلامذة الفضل بن شاذان وابن قتيبة التلميذ في طبقته محمد بن إسماعيل النيسابوري البندقي

إذن يتعين أن يكون البندقي من حيث الطبقة في رتبة تلامذة الفضل بن شاذان وفي رتبة أساتذة الكليني هذا المؤيد الثاني، إذن بهذين المؤيدين يتضح الوجه الأول أن من ناحية الطبقة الذي يناسب أن يروي عن الفضل بن شاذان هو محمد بن إسماعيل النيسابوري البندقي بينما البرمكي وابن بزيع لم يرويا عن الفضل بن شاذان لأنهما إما في طبقته أو متقدمين عليه أبن بزيع ربما متقدم على الفضل بن شاذان كما سيأتي.

الوجه الثاني من البعيد جدا أن يروي الكليني من حيث الطبقة عن البرمكي وابن بزيع وذلك لأن الكليني يروي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع بواسطتين أو ثلاث لأن الذي يروي عن ابن بزيع هو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي والكليني لا يروي عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي مباشرة بل يروي الكليني عن احمد بن محمد بواسطة فيكون بين الكليني وبين أبن بزيع واسطتان[24] يعني الكليني عن رجل مثل محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع إذن بين الكليني وبين محمد بن إسماعيل بن بزيع واسطتان الواسطة المباشرة وهو شيخ الكليني مثل محمد بن يحيى العطار أو علي بن إبراهيم القمي وواسطة ثانية وهي أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي ثم تأتي الواسطة الثالثة محمد بن إسماعيل بن بزيع إذن توجد واسطتان بين الكليني ومحمد بن إسماعيل بن بزيع فلا يعقل أن يحذف الكليني واسطتين في أكثر من خمسمائة مورد أو ألف مورد هذا بالنسبة إلى ابن بزيع وأما بالنسبة إلى البرمكي.

سوال طبعا هذا من أين نعرف هذه القرينة والواسطة؟ الجواب إذا نرجع إلى ترجمة محمد بن إسماعيل بن بزيع وسائر الروايات ونلاحظ الأسناد فنلاحظ أن الكليني يروي عن علي بن إبراهيم القمي وأبوه إبراهيم بن هاشم هو الذي يروي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع إذن توجد واسطتان بين الكليني ومحمد بن إسماعيل بن بزيع وهما علي بن إبراهيم القمي عن أبيه إبراهيم بن هاشم هذا في سند وفي سند ثاني محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع والنتيجة محمد بن إسماعيل بن بزيع ليس في طبقة الكليني فلا يمكن أن يروي الكليني عن محمد بن إسماعيل بن بزيع لأنه لم يدركه بل متقدم عليه بطبقتين، إذن رواية الكليني عن محمد بن إسماعيل بن بزيع في غاية البعد.

وأما البرمكي فهو أيضا متقدم على الكليني ويروي عنه بواسطة إذا نرجع إلى كتاب الكافي للكليني نجد أن الكليني يروي عن محمد بن إسماعيل البرمكي بواسطة واحدة وهي محمد بن جعفر الاسدي ويعبر عنه محمد بن عبد الله الأسدي فكيف يروي عنه مباشرة ويروي عنه مع الواسطة ففي الكافي يذكر الكليني في موردين أنه روى عن محمد بن إسماعيل البرمكي بواسطة محمد بن عبد الله الأسدي وأيضا إذا نأتي إلى الصدوق، الكليني توفي سنة 329 هجرية والصدوق توفي سنة 381 هجرية الكليني توفي في نهاية الغيبة الصغرى والصدوق ولد في الغيبة الصغرى بدعاء الإمام الحجة، الصدوق يروي عن محمد بن إسماعيل البرمكي بواسطة في موارد متعددة فيستعبد أن يروي الصدوق مباشرة عن البرمكي فكذلك الكليني مضافا إلى أنه لم يرد أن البرمكي روى عن الفضل بن شاذان ولو في مورد واحد بناء على هذا يظهر أن شيخ الكليني هو محمد بن إسماعيل النيسابوري البندقي وليس محمد بن إسماعيل بن بزيع الذي هو من أصحاب الإمام الكاظم والرضا والجواد والكليني من أعلام الغيبة الصغرى فمن البعيد جدا أن يروي عن أصحاب الإمام الجواد وأما البرمكي فهو ممن لم يروي عن الأئمة عليهم السلام، هذا تمام الكلام في الأمر الأول واتضح في تمييز المشتركات أن من بين ثلاثة عشر رجلا تنحصر في ثلاثة ومن الثلاثة يتعين أن المراد بمحمد بن إسماعيل بن بزيع الذي هو الشيخ الكليني هو محمد بن إسماعيل النيسابوري البندقي.

أما الأمر الثاني هل هو ثقة أو لا طبعا بناء على أنه البرمكي أو ابن بزيع يكون ثقة وقد وثق النجاشي محمد بن إسماعيل البرمكي وقال عنه وكان ثقة مستقيما له كتب[25] كما وثق محمد بن إسماعيل بن بزيع وقال عنه كان من صالح هذه الطائفة وثقاتهم كثير العمل.[26]

وأما محمد بن إسماعيل البندقي فلم يرد فيه توثيق وإنما ذكره الشيخ الطوسي في رجاله فيمن لم يروي عن الأئمة عليهم السلام نعم وقع في أسناد كامل الزيارات كما سيأتي تحقيقه في الأمر الثالث.

وأما الأمر الثالث فبناء على عدم معرفة حال محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري يقع الكلام في الروايات الكثيرة التي رواها عنه الكليني في الكافي وقيل بإمكان تصحيح رواياته بأمور ثلاثة نحن نبني على أمر رابع لم يذكره الشيخ الداوري وهو إكثار الجليل، إكثار الجليل أمارة الوثاقة، إكثار الجليل مباشرة الشيخ الكليني رجل جليل ويقول أنا أتي بالإسناد الصحيحة ومن يريد العمل بالآثار الصحيحة عليه بهذا الكتاب، كتاب الكافي ويروي ألف رواية عن محمد بن إسماعيل مباشرة ولا يكون ثقة هذا بعيد جدا فإكثار الجليل مباشرة عن رجل أمارة وثاقة الرجل.

الوجوه الثلاثة الأول اعتماد الكشي والكليني على محمد بن إسماعيل وكونه أحد تلامذة الفضل وهذا وإن لم يكن توثيقا إلا أنه يمكن عد رواياته في الحسان.

الشيخ الداوري يقول وفيه إن هذا مجرد استحسان وليس دليلا يعتمد عليه فإنه لم يثبت أن الكليني والكشي لا يرويان إلا عن ثقة هذا صحيح لم يثبت أن الكليني والكشي لا يرويان إلا عن ثقة ولكن إكثار الجليل عن رجل كثرة كبيرة توجب الاطمئنان بوثاقته لديه هذا أتصور وجداني لا يحتاج إلى استدلال فيمكن توثيقه بهذا الوجه.

الثاني أن يقال إن الكليني إنما أورد السند في الكافي للتيمن والتبرك أو لإخراج الروايات عن حد الإرسال وذلك لأن روايات الفضل بن شاذان مشهورة وكتبه معروفة وكانت عند الكليني فعدم معرفة حال محمد بن إسماعيل لا يضر بصحة الرواية وإن كان واقعا في السند، طبعا هذا الوجه يفيد تصحيح الروايات ولا يفيد توثيق محمد بن إسماعيل

وفيه...

لم يثبت شهرة روايات الفضل بن شاذان فنحن ننكر الصغرى وعلى فرض تسليم الصغرى أن روايات وكتب الفضل بن شاذان مشهورة لا يعلم أن محمد بن إسماعيل داخل في روايات الفضل بن شاذان لأنه روى خمسمائة رواية في الكافي بينما روايات الفضل بن شاذان أكثر من ذلك كما أن هذا المبنى يفيد تصحيح الرواية والمروي ولا يفيد تصحيح الراوي إذن هذا ليس بتام.

الوجه الثالث ما ذكره السيد الأستاذ السيد الخوئي وكان يبني ويعتمد عليه سابقا وهو أن محمد بن إسماعيل ورد في إسناد كتاب كامل الزيارات فنستفيد التوثيق فعلاوة على التوثيق تكون روايات محمد بن إسماعيل صحيحة وذلك لأن الكليني شيخ ابن قولويه ومحمد بن إسماعيل شيخ الكليني وفيه إن رأي السيد الأستاذ السيد الخوئي تبدل إلى ما هو الصحيح عند الشيخ الداوري من اختصاص الشهادة بخصوص مشايخ ابن قولويه وهم ثلاثمائة وثمانية وثمانين شيخا ومحمد بن إسماعيل ليس شيخا لابن قولويه وإنما هو شيخ لشيخ ابن قولويه محمد بن إسماعيل شيخ الكليني والكليني شيخ جعفر بن محمد بن قولويه والصحيح عندنا أن كتاب كامل الزيارات لا نستفيد لا توثيق خصوص مشايخ ابن قولويه المباشرين ولا غير المباشرين فلا يتم هذا المبنى إذن بناء على مبنى الشيخ الداوري هذه الوجوه الثلاثة لا تتم.

والذي نراه في المقام...

يقول الصحيح في نظره يمكن تصحيح الروايات الواردة في حق محمد بن إسماعيل البندقي في الكافي بطريقين وكلا الطريقين تام.

الطريق الأول يقول الشيخ الداوري الأول وقد ذكرناه للسيد الأستاذ قدس فوافق عليه وأدرجناه في طبعة المعجم المصححة الجديدة وإن كان هذه الطبعة طبعت بعد وفاة السيد الخوئي السيد الخوئي أنا سمعت مباشرة من الشيخ الداوري “حفظه الله” في مجلس الدرس يقول ذكرت إليه مبنى للسيد الخوئي في المستند فقال هل هو في كتاب الطهارة والصلاة أو ما بعده قلت ما الفرق قال لأننا راجعناه وغيرناه فالموجود في كتاب الطهارة غير مغير من الصلاة وما بعدها مغير فقال أنا بأمر من السيد الأستاذ أمرني أن أغير بعض الاستدلالات وفقا لمبانيه الأخيرة في كامل الزيارات وغير ذلك وذكر أيضا الشيخ الداوري في الجزء الأول في مستطرفات السرائر أن السيد الخوئي كان يبني على أن مستطرفات السرائر تعامل معاملة المراسيل عدى ما ورد في جامع البزنطي لأنه مشهور وكتاب نوادر محمد بن علي بن محبوب لكن الشيخ الداوري استخرج من إجازات البحار أسانيد واخرج روايات مستطرفات السرائر من حد الإرسال إلى الإسناد وقد قبل السيد الخوئي ذلك.

هنا أيضا الأمر الأول كان السيد الخوئي يبني على حجية روايات محمد بن إسماعيل وتوثيقه بناء على وروده في كامل الزيارات وأن كل من ورد في كامل الزيارة فهو ثقة ثم عدل عن هذا المبنى وقال بتوثيق خصوص المشايخ ومحمد بن إسماعيل ليس من مشايخ ابن قولويه صاحب كامل الزيارات فلا تشمله شهادة ابن قولويه.

الوجه الأول أن نتمسك بكلام الشيخ الطوسي في مشيخة التهذيب الوجه الثاني أن نتمسك بكلام الشيخ الطوسي في الفهرست والمشيخة

وخلاصة هذا الطريق...

أما الوجه الأول إذا نرجع إلى مشيخة التهذيب ونلاحظ سند الشيخ الطوسي سنده نفسه إلى سند الشيخ الطوسي "رحمه الله" إلى روايات الفضل بن شاذان سنجد أن الشيخ الطوسي يذكر عدة طرق إلى الفضل بن شاذان في بعض هذه الطرق يرد الكليني إلى الفضل بن شاذان والشيخ الطوسي يروي جميع كتب وروايات الفضل بن شاذان عن عدة طرق منها طريقان عبر الكليني:

الطريق الأول الشيخ الطوسي إلى أن يصل إلى الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن الفضل بن شاذان هذا الطريق الأول فيه واسطتان ثقات علي بن إبراهيم عن أبيه.

الطريق الثاني الكليني عن محمد بن إسماعيل إذن يتضح أن الكليني له طريقان إلى الفضل بن شاذان الطريق الأول وهو ما نحن فيه الكليني عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، الطريق الثاني الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الفضل بن شاذان إذن يمكن تصحيح جميع روايات محمد بن إسماعيل التي يرويها عن الفضل بن شاذان لأن الكليني كما يرويها عن طريق محمد بن إسماعيل يرويها بطريق آخر وهو طريق علي بن إبراهيم القمي عن أبيه إبراهيم بن هاشم إنصافا هذا الكلام تام إلا إذا ادعينا إذا لاحظنا شيء عبر عنه شيخنا الأستاذ الداوري في الختام صفحة 457 حينما قال بقي شيء وهو أن طريق الشيخ الطوسي "رحمه الله" هل يختص بخصوص رواياته عن الفضل بن شاذان التي أوردها في التهذيبين ولا تشمل روايات الفضل بن شاذان التي رويت في الكافي فإن استظهرنا هذا المبنى لا يصلح هذا الوجه لأنه يكون خاص بخصوص كتاب تهذيب الأحكام وكتاب الاستبصار للشيخ الطوسي وروايات الفضل بن شاذان في الكتابين ولكن لا يبعد أن نستظهر أن سند الشيخ الطوسي إلى مطلق روايات الفضل بن شاذان سواء رويت في التهذيبين أو في الكافي أو في كتب الصدوق والدليل على ذلك أن كلام الشيخ الطوسي مطلق قال ما ذكرته أحيانا الشيخ الطوسي يقيد يقول ما ذكرته في هذا الكتاب أحيانا يقول الشيخ الطوسي من جملة الموارد التي ذكرتها في هذا الكتاب لكن هو قال ما ذكرته ولم يقيده وحذف المتعلق يدل على العموم فنتمسك بإطلاق كلام الشيخ الطوسي فيتم الوجه الأول.

الثاني ما أورده الشيخ في الفهرست و المشيخة...

الوجه الثاني ما أورده الشيخ الطوسي في الفهرست والمشيخة من طرق متعددة إلى الفضل بن شاذان تصل إلى ثمانية طرق وبعضها صحيح في الفهرست ذكر الشيخ الطوسي طريقين وكلاهما ضعيف، الطريق الأول ضعيف بعلي بن محمد بن قتيبة، الطريق الثاني ضعيف برجلين وهما أبو نصر قنبر وعلي بن شاذان لكن إذا نرجع إلى طرق الشيخ الطوسي في المشيخة وليس في الفهرست ذكر الشيخ الداوري هنا أربعة طرق الطريق الثاني منها صحيح وهو ما رواه الشيخ الطوسي عن أبي محمد الحسن بن حمزة العلوي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الفضل بن شاذان هذا طريق صحيح والطريق الرابع ما ذكره الشيخ الطوسي بسنده هذا عن الفضل بن شاذان فيصير سنده محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الفضل بن شاذان فيتضح من هذا السند أن الشيخ الطوسي والكليني كما يرويان ـ يروي الكليني ـ عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان يروي الكليني أيضا عن علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن الفضل بن شاذان فيمكن تعويض سند الكليني عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان بسنده الآخر الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم القمي عن الفضل بن شاذان كما أن المفيد أيضا ينبغي ملاحظة مشيخة الشيخ الطوسي ربما في مشيخة الشيخ الطوسي نكتشف أن الطوسي له طريق آخر إلى روايات الفضل بن شاذان كما يمكن أن نراجع مشيخة الصدوق ونجد أن الصدوق أيضا له طرق بعضها ضعيف يمر بعلي بن محمد بن قتيبة وبعضها صحيح وهو طريق الصدوق عن الحاكم أبي محمد جعفر بن شاذان عن عمه محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان هذا الطريق صحيح لأن جعفر بن شاذان ترضى عليه الصدوق ومحمد بن شاذان كان وكيلا من وكلاء الإمام “عليه السلام”.

النتيجة النهائية

أولا محمد بن إسماعيل هو محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري.

ثانيا محمد بن إسماعيل لم يرد فيه توثيق خاص.

ثالثا محمد بن إسماعيل يمكن توثيقه بأحد الوجوه إما لإكثار الجليل عنه وهو الكليني وإما أن نتمسك بأحد الوجهين الذين ذكرهما الشيخ الداوري أولا سند الشيخ الطوسي إلى كتب وروايات الفضل بن شاذان في مشيخة التهذيبين وثانيا سند الشيخ الطوسي إلى روايات الفضل بن الشاذان في كتابي الفهرست والمشيخة.

هذا تمام الكلام في الرجل الرابع عشر محمد بن إسماعيل واتضحت هويته ووثاقته وبه نختم الكلام في هذا الكتاب الشريف الجزء الثاني من كتاب أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق لسماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري “حفظه الله” وكان الفاصل بين تدريس الجزء الأول والجزء الثاني خمسة عشر سنة.

والآن نكمل تدريس الجزء الثاني هذا اليوم السبت 29 من شهر رمضان لعام 1441 هجرية قمرية الموافق 3 خرداد 1399 هجرية شمسية المصادف 23 مايو عام 2020 ميلادية.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين


[1] الغيبة، الشيخ الطوسي، ج1، ص347.
[2] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج19، ص258.
[3] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص417.
[4] مجمع الرجال‌، القهپائي، عنايةالله‌، ج6، ص110.
[5] تنقيح المقال في علم الرجال، المامقاني، الشيخ عبد الله، ج33، ص273.
[6] رجال العلامة الحلي‌، العلامة الحلي، ج1، ص225.
[7] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج19، ص257.
[8] الغيبة، الشيخ الطوسي، ج1، ص347.
[9] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص513.
[10] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص94.
[11] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج8، ص304.
[12] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج19، ص264.
[13] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص674.
[14] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص417.
[15] مجمع الرجال‌، القهپائي، عنايةالله‌، ج6، ص110.
[16] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص677.
[17] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص678.
[18] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص515.
[19] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص517.
[20] تنقيح المقال في علم الرجال، المامقاني، الشيخ عبد الله، ج0، ص620.
[21] تنقيح المقال في علم الرجال، المامقاني، الشيخ عبد الله، ج0، ص620.
[22] منتقى الجمان فى الاحاديث الصحاح و الحسان‌، العاملي، حسن بن زين‌الدين الشهيد الثاني (صاحب المعالم)، ج1، ص43.
[23] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج16، ص96.
[24] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج16، ص106.
[25] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص341.
[26] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص330.