الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/09/26

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: البحث في حال علي بن حديد وعمر بن حنضلة

 

التاسع علي بن حديد

والأقوال فيه ثلاثة وهي التوثيق والتضعيف والتوقف والحكم بجهالته وعلي بن حديد ممن كثرت رواياته ولاسيما في الكتب الأربعة فبلغت أكثر من مأتي مورد[1] كما نص على ذلك السيد الخوئي "رحمه الله" في معجم رجال الحديث الجزء 12 صفحة 329 وقد ذكر الشيخ الداوري عشرة أمور مما يمكن أن يقال في حقه الأمور التسعة الأولى لا تدل على وثاقته إلا بعض الروايات الشريفة التي قد يفهم منها مدحه والأمر العاشر يدل على تضعيفه.

الشيخ الداوري "أيده الله" يميل إلى توثيق علي بن الحديد لبعض المباني منها أن أبن أبي عمير قد روى عنه يعني احد الثلاثة قد روى عنه ودلالة بعض الروايات وأما التضعيف وهو الوجه العاشر وهو تصريح الشيخ الطوسي في ثلاثة مواضع في التهذيب والاستبصار بتضعيف علي بن حديد فالشيخ الداوري يؤول تضعيف الشيخ الطوسي إلى أنه علي بن حديد ليس من الإمامية وسيأتي الكلام في هذه الموارد العشرة وسيتضح أنه لم ينص أحد على أنه غير إمامي إلا الكشي فقد نص على أنه فطحي ولم ينص أحد على انه غير إمامي ولكن قد يفهم هذا من كلام الشيخ الطوسي في التهذيب حينما قال لا يعول على ما ينفرد به لأن مبنى الشيخ الطوسي أن الإمامي يعول على ما ينفرد به وأما غير الإمامي إذا انفرد برواية ولم يرويها ولم يروي مضمونها إمامي غيره فلا يعمل بها ولا يعول على ما ينفرد به فالشيخ الداوري يستظهر أن مرجع تضعيف الشيخ الطوسي في التهذيبين إلى مذهب علي بن حديد فتكون النتيجة قبول توثيق علي بن حديد للرواية ولرواية أحد المشايخ الثلاثة من دون معارضة بالتضعيف والصحيح هو التوقف في علي بن حديد لأنه إما أن تثبت بعض الوجوه الدالة على وثاقته فتتعارض مع تضعيف الشيخ فيحصل التساقط فيصبح علي بن حديد مجهولا لدينا وإما أنه لا يدل دليل على توثيقه فيقدم تضعيف الشيخ الطوسي وأما تأويل تضعيف الشيخ الطوسي على أنه من ناحية مذهبه فلا دليل عليه ومجرد استظهار الشيخ الداوري واطمئنانه بأن الشيخ الطوسي إنما ضعف بناء على فساد المذهب والعقيدة بقرينة قوله ما ينفرد به فإن الشيخ الطوسي ذكر ما ينفرد به في موضعين وأما الموضع الثالث فأطلق التضعيف من دون إشارة إلى ما ينفرد به فنتمسك بإطلاق كلام الشيخ الطوسي ولا يمكن أن نقيده بقوليه الآخرين ما ينفرد به لأن هذا مجرد احتمال لا يصل إلى درجة الاطمئنان فتكون النتيجة إن علي بن حديد إما ضعيف إذا لم ترجح أدلة توثيقه وإما مجهول فيما إذا نهضت بعض الأدلة على توثيقه ونهضت بعض الأدلة على تضعيفه وهو الصحيح فيتعارض الجرح والتعديل والتوثيق والتضعيف فيحصل التساقط تكون النتيجة إن علي بن حديد ضعيف هذا خلاصة البحث.

وأما تفصيله تحقيق المقام يقتضي التكلم في مقامين:

المقام الأول في مذهبه ووثاقته

الثاني في كيفية التعامل مع رواياته

أما المقام الأول فلم يرد التصريح بوثاقة علي بن حديد في الكتب الرجالية يعني لا يوجد توثيق خاص نعم يمكن توثيقه من جهة التوثيقات العامة أما توثيق خاص في الكتب الرجالية فلم يرد في حق علي بن حديد

أهم الأقوال فيه عشرة

الأول قول النجاشي

والثاني قول الشيخ الطوسي في الفهرست والرجال

الثالث قول الشيخ البرقي في رجاله وهذه الأقوال الثلاثة ليس فيها نص على التضعيف ولا التوثيق،

الرابع قول الكشي في ترجمته وقد نص على أنه فطحي قال قال نصر بن الصباح علي بن حديد بن حكيم فطحي من أهل الكوفة وكان أدرك الرضا[2] ثم ذكر عدة روايات هذه الروايات أكثرها ضعيف واثنتان منها يرويها علي بن حديد نفسه فيلزم الدور إذ أن قبولها يتوقف على وثاقته فلا يمكن الاستدلال بهذه الروايات نعم قد ترجح رواية الكافي لأنها وإن كان طريقها ضعيفا ولكن توجد طرق أخرى تصححها.

قال الكشي في ترجمة هشام بن الحكيم قال علي بن محمد عن أحمد بن محمد عن أبي علي بن راشد عن أبي جعفر الثاني “عليه السلام” يعني الإمام الجواد قال (قلت جعلت فداك قد اختلف أصحابنا فاصلي خلف أصحاب هشام بن الحكم قال عليك بعلي بن حديد قلت فأخذ بقوله قال نعم فلقيت علي بن حديد قلت له نصلي خلف أصحاب هشام بن الحكم قال لا).[3]

الرواية الثانية آدم بن محمد القلانسي البلخي وهذا ضعيف قال حدثني علي بن محمد القمي هذا أيضا ضعيف الرواية ضعيفة عن أبي الحسن “عليه السلام” قال (قلت له أصلي خلف من لا أعرف فقال لا تصلي إلا خلف من تثق بدينه فقلت له أصلي خلف يونس وأصحابه فقال يأبى ذلك عليكم علي بن حديد قلت أأخذ بذلك في قوله قال نعم)[4] هذا يدل على توثيقه لكن الرواية ضعيفة بالقلانسي والقمي، قال فسألت علي بن حديد عن ذلك فقال لا تصلي خلفه ولا خلف أصحابه.

الرواية الثالثة في الكافي قلت لأبي جعفر “عليه السلام” (إن مواليك قد اختلفوا فأصلي خلفهم جميعا فقال لا تصلي إلا خلف من تثق بدينه ثم قال ولي موال يعني واحد من أولياء الله الموالين لأئمة أهل البيت فقلت أصحاب فقال مبادرا الإمام بادره قل إن استتم ذكرهم يعني يكونون أصحاب إذا بقوا على ما هم عليه لا يأمرك علي بن حديد بهذا أو هذا مما يأمرك علي بن حديد به فقلت نعم)[5] فالإمام يبين أن علي بن حديد عنده وجاهة بأن الإمام سأله ماذا يقول علي بن حديد هل يأمرك بهذا.

الرواية الرابعة عن علي بن حديد ـ واضح بعد لا يمكن الاستدلال بها ـ قال كنت مقيما بالمدينة في شهر رمضان سنة 213 فلما قرب الفطر كتبت إلى أبي جعفر “عليه السلام” اسأله عن الخروج في عمرة شهر رمضان أفضل أو أقيم حتى ينقضي الشهر وأتم صومي فكتب إلي كتابا قرأت بخطه إذن هذه الرواية الرابعة مكاتبة، سألت رحمك الله عن أي العمرة أفضل، عمرة شهر رمضان أفضل يرحمك الله وفي البحار عن الخرايج هذه الرواية السادسة سهل بن زياد عن أبن حديد هذه ضعيفة بسهل بن زياد وعلي بن حديد وفي نسخة أحمد بن حديد قال خرجت مع جماعة حجاجا فقطع علينا الطريق فلما دخلت المدينة لقيت أبا جعفر “عليه السلام” في بعض الطريق فأتيته إلى المنزل فأخبرته بالذي أصابنا فأمر لي بكسوة وأعطاني دنانير وقال فرقها على أصحابك على قدر ما ذهب فقسمتها بينهم فإذا هي على قدر ما ذهب منهم لا أقل ولا أكثر[6] هذه الرواية فيها اهتمام الإمام يهتم بعلي بن حديد لكن سندها غير نقيض فلا تدل على الوثاقة.

الخامس ذكره أبن شهر أشوب[7] وهو من المتأخرين وكلامه أيضا لم يوثقه ابن شهر أشوب.

السادس واقع في كامل الزيارات[8] ولا عبرة بهذا التوثيق.

السابع ورد ذكره في تفسير القمي هذا يتم على مبنى السيد الخوئي ولا يتم على مبنى الشيخ الداوري لأنه ورد في القسم الثاني ولا يتم على مبنانا.

الثامن أنه لم يستثنى من كتاب نوادر الحكمة هذا تمام عندنا وعند الشيخ الداوري وليس بتام عند السيد الخوئي لذلك السيد الخوئي يبني على ضعفه نحن نبني على جهالته الشيخ الداوري يبني على توثيقه.

التاسع روى عنه المشايخ الثقات كابن أبي عمير[9] إذن الآن ما يوجب توثيقه هو عندنا وعند الشيخ الداوري أولا أنه لم يستثنى من روايات نوادر الحكمة لم يستثنيه ابن الوليد والسيرافي والصدوق وثانيا روى عنه ابن أبي عمير هذان الوجهان الروايات كلها تسقط، هذان الوجهان للتوثيق يعارضان الوجه العاشر التضعيف.

العاشر صرح الشيخ بتضعيفه في التهذيب والاستبصار. قال في التهذيب فأول خبر زرارة فالطريق إليه علي بن حديد وهو مضعف جدا لا يعول على ما ينفرد بنقله[10] الشيخ الداوري استظهر من قوله لا يعول على ما ينفرد بنقله على أن تضعيف الشيخ منشأه فساد عقيدة علي بن حديد.

المورد الثاني وقال في الاستبصار فأول ما في هذا الخبر أنه مرسل وراويه ضعيف وهو علي بن حديد وهذا يضعف الاحتجاج بخبره[11] هنا كلام الشيخ الطوسي في الاستبصار وهذا متأخر من أواخر كتب الشيخ الطوسي كتاب الاستبصار ولم يقيد التضعيف بأنه لا يعول على ما ينفرد به فنأخذ بإطلاق التضعيف.

الثالث وقال في مورد آخر من الاستبصار وهو ضعيف جدا لا يعول على ما ينفرد بنقله[12] إذن موردان الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار ذكر أنه لا يعول على ما ينفرد بنقله.

الشيخ الداوري يستظهر أن التضعيف منشأه فساد العقيدة وهذا لا نستظهره فيتعارض التوثيق بسبب عدم استثناءه من رجال نوادر الحكمة ورواية أبن أبي عمير عنه ويتعارض مع تضعيف الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار يحصل التساقط النتيجة يكون مجهولا

والتحقيق في المقام أن ما ورد في كلام الكشي عن نصر بن الصباح من علي بن حديد فطحي محل نظر لعدم الإشارة إلى ذلك في كلمات النجاشي والشيخ الطوسي والبرقي وابن شهر أشوب ولو كان ذلك ثابتا لأشاروا إليه ولو كان لبان نعم ما ذكره الشيخ في التهذيب وقوله لا يعول على ما ينفرد بقوله قد يستفاد منه الإشارة إلى ذلك حيث إن مذهب الشيخ الطوسي عدم العمل على ما ينفرد به المخالف إذا وقع التعارض بين ما رواه المخالف وبين ما يرويه الإمامي العادل كما نص على ذلك في كتاب العدة، عدة الأصول الجزء الأول صفحة 380 إلا أن عدم تعرضه ولو بالإشارة إلى كونه فطحيا في كتابه الفهرست والرجال عده إياه من أصحاب الإمام الرضا والجواد عليهما السلام يعارض هذا الاستظهار إلا أن يقال إن علي بن حديد تغير رأيه ورجع إلى الحق عند ذكر الشيخ الطوسي له في الفهرست والرجال

والحاصل والنتيجة إن نسبته إلى الفطحية أو بقاءه عليها غير ثابتة وأما الروايتان اللتان أوردهما الكشي فهما وإن كانتا تدلان على جلالته ومكانته إلا أنهما ضعيفتان أما الأولى فبعلي بن محمد وهو ابن قتيبة والثاني فبآدم بن محمد القلانسي وعلي بن محمد القمي.

وأما الروايات فالأخيرتان مع الغض عن سندهما ترجعان إلى علي بن حديد فهو الراوي لهما ولا يثبتان له مدحا ولا توثيقا يلزم من الاستدلال بهما الدور وأما الأولى فهي وإن كانت واضحة الدلالة إلا أنها ضعيفة السند بسهل بن زياد

وأما وقوعه في إسناد كامل الزيارات فلا يفيد توثيقه وهو أيضا ليس من مشايخ ابن قولويه الثلاثمائة ثمانية وثمانين شيخا

وأما وروده في تفسير القمي...

ولم يبق من الوجوه إلا وروده في كتاب نوادر الحكمة...

ما ورد في تفسير القمي ينفع على مبنى السيد الخوئي ولا ينفع على مبنى الشيخ الداوري لأن ورد في القسم الثاني من التفسير ولا يتم على مبنانا إذن لم يبقى من الوجوه إلا وروده في كتاب نوادر الحكمة ورواية ابن أبي عمير عنه فهذان الوجهان يدلان على التوثيق مضافا إلى رواية الكافي المتقدمة عن أبي علي بن راشد فإنها وإن وردت بسند ضعيف إلا أن الظاهر أن للكليني طريقا إلى جميع روايات علي بن مهزيار بواسطة الحميري وسعد بن عبد الله الأشعري فتكون الرواية معتبرة السند يعني بطريق آخر كما أنها من جهة الدلالة كذلك إذ تدل على جلالة وعظم شأن علي بن حديد عند الإمام وذلك مما يستلزم الوثاقة.

هنا مورد النقاش في كلام الشيخ الداوري يقول وأما تضعيف الشيخ له في التهذيبين فيحمل على الضعف في المذهب لا مطلقا هذا أول الكلام هذا يحتاج إلى ضرسا قاطع وقلب قوي وجزم أما هذا لا يمكن أن نقول به، والظاهر قوله لا يعول على ما ينفرد بنقله وهذا التعبير إنما هو في صورة التعارض كما أشرنا إلى ذلك آنفا يعني إذا تعارض قول غير الإمامي مع قول الإمامي ومما يؤكد هذا الحمل أن روايات علي بن حديد في كتابي التهذيبين كثيرة وفيه أبواب متعددة من الكتابين من دون أن يكون للشيخ فيها كلام ما عدا الموارد الثلاثة المتقدمة،

المقام الثاني

نقبل روايات علي بن حديد أو لا؟

بناء على مسلك الشيخ الداوري وهو توثيقه تقبل رواياته بناء على التوقف كما نذهب إليه الشيخ الداوري يقول أيضا يمكن قبول رواياته لأن أكثر رواياته عن جميل بن دراج وهناك طريق صحيح لكتاب جميل بن دراج غير علي بن حديد وفيه قد يقال إن هناك اختلاف في النسخة فقد يكون علي بن حديد قد نقل عن نسخة تختلف عن النسخة التي نقل منها غيره عن كتاب جميل بن دراج إلا إذا استظهر اتحاد النسخة فيتم كلام الشيخ الداوري.

يقول وأما المقام الثاني فبناء على القول بوثاقته كما هو الظاهر فالأمر واضح يعني يقبل كلامه ورواياته تكون حجة، وأما بناء على القول بضعفه أو التوقف فيه فيمكن الاعتماد على قسم كبير من رواياته والعمل بها يعني ليس جميع رواياته وإنما القسم الكبير وهو خصوص ما رواه عن جميل بن دراج فإن المستفاد من كلام النجاشي في ترجمة جميل بن دراج أن كتاب جميل بن دراج من الكتب المعروفة وله طرق متعددة[13] ما دام هو من الكتب المشهورة بعد ما يحتاج إلى طريق هذا مبنى الشيخ الداوري وهذا لا نأخذ به على إطلاقه، منها طريق ابن أبي عمير وطريق صفوان وطريق أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي يعني المشايخ الثلاثة وطريق أبن أبي نجران وغيرهم فلا ينحصر طريق الكليني والشيخ في طريق واحد وهو خصوص طريق علي بن حديد بل يمكن أن يكون طريقهم من المشايخ الثلاثة وربما النسخة مختلفة.

والحاصل أنه يمكن القول بوثاقة علي بن حديد والاعتماد على رواياته وعلى فرض عدم تمامية الأدلة على وثاقته إلا أنه يمكن التعويل على أكثر رواياته والاستناد عليها والله العالم

والصحيح هو التوقف في علي بن حديد فلا تقبل رواياته وبناء على التوقف أو التضعيف لا يمكن الأخذ بأكثر روايات علي بن حديد لأن احتمال اختلاف النسخ وتعددها وارد هذا تمام الكلام في التاسع علي بن حديد واتضح أن الصحيح هو التوقف في توثيقه.

العاشر عمر بن حنظلة وهو أيضا ممن وقع الاختلاف فيه فذهب بعضهم ومنهم السيد الأستاذ الخوئي "رحمه الله" إلى القول بعدم ثبوت وثاقته وذهب آخرون ومنهم الشهيد الثاني إلى القول بوثاقته إذن يوجد قولان في حقه.

الشيخ الداوري استظهر بحق وثاقته ونحن نميل إلى توثيق عمر بن حنظلة "رحمه الله" وله في الكتب الأربعة روايات كثيرة تبلغ سبعين موردا ذكره الشيخ الطوسي في رجاله وعده في أصحاب الباقرين[14] ومثله البرقي[15] وهو وإن لم ينص أحد من القدماء على وثاقته فلم يرد في حقه توثيق خاص إلا أنه يمكن القول بوثاقته بوجوه.

الشيخ الداوري "حفظه الله" يذكر ستة وجوه في توثيق عمر بن حنظلة والصحيح منها هو الوجه الأول وهو رواية صفوان بن يحيى عنه وهو احد المشايخ الثلاثة طبعا الشيخ الداوري يذكر ستة وجوه الوجه السادس يذكر فيه عدة روايات كلها ضعيفة لكن رواية منها وهي رواية الكافي يرويها عن يزيد بن خليفة يزيد بن خليفة واقفي لم يرد فيه توثيق فهو ضعيف على مبنى السيد الخوئي لكن على مبنى شيخنا الأستاذ الداوري يمكن توثيقه لأن يزيد بن خليفة روى عنه ابن أبي عمير فتكون النتيجة يمكن توثيق عمر بن حنظلة لرواية صفوان عنه هذا الوجه الأول والوجه الثاني رواية الكافي التي يمكن تصحيحها حيث إن راويها يزيد بن خليفة روى عنه ابن أبي عمير وفي المقابل لا يوجد معارض لا يوجد ما يدل على تضعيف عمر بن حنظلة فتكون النتيجة الوثاقة.

الشيخ الداوري يذكر ستة وجوه الوجه الأول رواية بعض المشايخ الثقات عنه كصفوان بن يحيى وهذا وجه تام الوجه الثاني رواية الأجلاء عنه وهذا ليس بتام مجرد رواية الأجلاء لا تدل على التوثيق فقد روى عنه زرارة وابن مسكان وابن بكير وهم من أصحاب الإجماع والخزاز وابن رياب وابن حازم وهشام بن سالم واضرابهم.[16]

الثالث نص الشهيد الثاني على وثاقته والشهيد الثاني من المتأخرين لا عبرة بتوثيقاته.

الرابع ما أشار إليه في التكملة من كثرة رواياته عن الأئمة والرواية تقول أعرفوا منازل الرواة على قدر روايتهم عنا[17] واتضح أن كثرة الرواية عن المعصوم لا تدل على الوثاقة.

الخامس عمل الأصحاب برواياته وتلقيها بالقبول والصحيح أنه نص على رواية واحدة من رواياته عبر عنها بالمقبولة يأتي عنكما الخبران المتعارضان فبأيهما نعمل قال خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر قل فإن كان كل منهما مشهور قال خذ بما وافق كتاب الله ودع ما خالفه واضرب به عرض الحائط قلت فإن كان على كل منهما شاهد من كتاب الله قال خذ بما خالف العامة فإن الرشد في خلافهم قلت فإن كان كل منهما مخالف للعامة إلى أن يقول الإمام أرجعه حتى تلقى إمامك يعني توقف يعني بين هذه الأسئلة على أن عمر بن حنظلة فقيه وليس بالسهل وليس إنسان عادي.

الخامس العمل على رواياته هذا ليس بتام لأنه لم يثبت أنه الطائفة عملت بجميع رواياته وإنما عملت برواية واحدة.

السادس الروايات الواردة في حقه

الرواية الأولى ما رواه الكليني في الكافي بسنده إلى يزيد بن خليفة قال قلت لأبي عبد الله “عليه السلام” إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت فقال أبو عبد الله “عليه السلام” إذن لا يكذب علينا[18] ما دام قال لك يعني لم يكذب علينا هذه تفيد التوثيق هذه رواية ضعيفة بيزيد بن خليفة يمكن توثيقه برواية أبن أبي عمير عنه بقية الروايات كلها ضعيفة.

وما رواه صفوان في بصائر الدرجات بسنده إلى داود بن أبي يزيد عن بعض أصحابنا هذه مرسلة عن عمر بن حنظلة هذه يلزم منها الدور قال قلت لأبي جعفر إني أظن أن لي عندك منزلة قال اجل هذا ما تدل على الوثاقة وما رواه الكليني في الكافي عن عمر بن حنظلة إذن هذه لا يمكن الأخذ بها لأنها مروي عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله “عليه السلام” قال (يا عمر لا تحمل على شيعتنا وأرفقوا بهم فإن الناس لا يحتملون ما تحملون)[19] هذه تدل على جلالة قدره لكن ما تدل على وثاقته والرواية ضعيفة وما رواه في العوالم ـ الشيخ عبد الله البحراني الستري الأصفهاني ـ صاحب كتاب عوالم العلوم المطبوع في مائتين جلد حجري نقله عن أعلام الدين للديلمي كتاب أعيان الدين للديلمي لم يصلنا بطريق صحيح إذن يصير السند مرسل هذا كان أحد الكتب العمدة في تاريخ الأئمة، من كتاب الحسين بن سعيد الاهوازي قال (قال أبو عبد الله لعمر بن حنظلة يا أبا صخر ـ كنية عمر بن حنظلة ـ انتم والله على ديني ودين آبائي وقال والله لنشفعن ثلاثة مرات حتى يقول عدونا فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) وقد ناقش السيد الأستاذ السيد الخوئي في جميع الوجوه وأنها غير تامة.

أما الأول والثاني فلأن رواية هؤلاء عن شخص ليس دليلا على وثاقته يعني رواية الأجلاء ورواية المشايخ الثلاثة وفيه نحن نبني على أن رواية المشايخ تثبت تفيد الوثاقة

وأما الثالث فلأن الشهيد الثاني من المتأخرين فشهادته عن حدس ولا يعتد بها

وأما الرابع فلضعف المستند لسهل بن زياد ومحمد بن سنان مضافا إلى أن كثرة الرواية إذا لم يعلم صدق الراوي لا تكشف عن عظمة الشخص بالضرورة قد الكذاب يكثر من الرواية عن المعصوم حتى يفيد مدى اعتباره ويثبت وثاقته ويوهم الناس بأنه ثقة.

وأما الخامس العمل على رواياته يقول مخدوش صغرا وكبرا، صغرا أصلا لم يعملوا برواية من قال روايته عملوا بها رواية واحدة تلقوها بالقبول هذه من ناحية الصغرى من ناحية الكبرى من قال إن العمل بروايات شخص يفيد وثاقته قد تكون هناك قرائن قادة إلى العمل برواياته لذلك يقول تسمية رواية واحدة بالمقبولة من روايات عمر بن حنظلة ليس دليلا على قبول جميع روايات عمر بن حنظلة كما أن عمل المشهور برواية واحدة لا يكشف عن وثاقة الراوي

وأما الروايات فالأولى ضعيفة السند بزيد بن خليفة فإنه واقفي لم يوثق فلا يصح الاستدلال بها على شيء والثاني ضعيفة الاستدلال أيضا بالإرسال مضافا إلى أن الرواية عن نفس عمر بن حنظلة على أنها لا دلالة فيها على التوثيق من ناحية الدلالة لا تدل والرواية عن عمر بن حنظلة يلزم الدور من الاستدلال.

والثالثة إن الرواية شهادة من عمر بن حنظلة لنفسه وهي غير مسموعة لأنها في حق نفسه ولم يتعرض السيد الأستاذ "قدس" للرواية الرابعة رواية عوالم العلوم عن أعلام الورى للديلمي ولكنها قابلة للمناقشة أيضا سندا ودلالة أما من حيث السند فلأن الرواية مرسلة مضافا إلى عدم العلم بالطريق إلى كتاب الديلمي وأما من حيث الدلالة فلأن ظاهر الرواية الخطاب إلى الشيعة وأنهم على الحق وليست في مقام وثاقة المخاطب وعدمه لكن قد يفهم منها التوثيق ولكن مع ذلك يمكن أن يقال وثاقة عمر بن حنظلة ويستدل على وثاقته بأمرين:

الأول رواية صفوان بن يحيى عنه وقد تقدم في البحث حول مشايخ الثقات الثلاثة أن روايتهم عن شخص دليل على وثاقته وأن شهادة الشيخ الطوسي في العدة بأنهم لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة هي شهادة تامة خلافا لما ذهب إليه السيد الأستاذ السيد الخوئي "قدس" هذا المبنى الأول تام.

المبنى الثاني أن الرواية الأولى عن الكافي معتبرة السند لوثاقة يزيد بن خليفة وكونه واقفيا لا ينافي وثاقته وقد روى عنه صفوان بن يحيى في موارد متعددة وصفوان أحد المشايخ الثلاثة فنوثق يزيد بن خليفة ثم مع تمامية سند الرواية الرابعة تكون بقية الروايات مؤيدة للمدعى وليست دليلا مؤيدة للوثاقة ومن جميع ذلك استفادة وثاقة عمر بن حنظلة.

هنا قد يقال إذا الشخص معروف ما يوثقونه لأنه واضح الوثاقة فيكفي أنه يأتي يذكر الشخص ولا يرد فيه قدح فنبني على التوثيق هذا غير تام لأن هناك رواة أجلاء كأصحاب الإجماع وعلى الرغم من ذلك نصوا على وثاقتهم فلا نبني على هذا المبنى الشبيه بأصالة العدالة وهو وثاقة كل أمامي لم يثبت جرحه والطعن فيه لذلك يقول في الختام الشيخ الداوري:

وأما ما قيل من أن الشخص إذا كان معروفا بين الأصحاب ومشهورا بينهم ولم يرد في حقه قدح وذم فهذا كاشفا عن وثاقته فغير تام أصلا وذلك:

أولا إن كون الشخص معروفا من جهة ذكره ورواياته على فرض تحققه أنه مدح يعني كان معروفا لا يستلزم العلم بحاله لم يمدح إذ ربما لم يصل العلم به إلى أصحاب الأصول الرجالية أو وصلهم ولكن توقفوا في الحكم عليه لعدم وضوح جهة من جهات التوثيق والتضعيف فعدم القدح لازم أعم، أعم من التوثيق وعدم التوثيق.

وثانيا إن اللازم على هذا، هذا ثانيا إشكال نقضي إن قلت أنه يكفي مجرد ذكر الشخص من دون الطعن فيه وهذا يدل على الوثاقة نقول ماذا تقول في الأجلاء كأصحاب الإجماع نص على وثاقتهم.

وثانيا إن اللازم على هذا عدم تعرضهم إلى جميع المشهورين من الرواة بالتوثيق ويكون التوثيق حينئذ بالنسبة إليهم لغوا وعبثا مع أنّا نرى أن دأب الرجاليين وعادتهم جارية على توثيق الثقات وإن بلغوا الغاية في الاشتهار نعم ربما يصفونهم بما هو أعلى وأرفع من التوثيق وأما ذكرهم مجردا عن الوصف فلا.

وثالثا على فرض التسليم يعني لو سلمنا أنه ذكر الرجل من دون تضعيفه يدل على وثاقته هذا يصير توثيق حدسي واجتهادي وليس توثيقا حسيا يعني ما تشمله حجية قول الرجالي، قول الرجالي حجة إذا كان إخباره عن حس لا عن حدس.

وثالثا على فرض التسليم يكون هذا حدسا واجتهادا في اكتشاف التوثيق منهم وقد تقدم في أول الكتاب أن التوثيق لا يكون معتبرا إلا إذا كان من الرجاليين عن حس من نص أو ظهور لا عن حدس

والحاصل إنه يمكن القول بأن عمر بن حنظلة ثقة وإن رواياته معتمدة بالوجهين المتقدمين والله العالم.

الحادي عشر محمد بن سنان يأتي عليه الكلام.

 


[1] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج12، ص329.
[2] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص840.
[3] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص563.
[4] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص878.
[5] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص374.
[6] بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء، العلامة المجلسي، ج50، ص44.
[7] معالم العلماء في فهرست كتب الشيعة و أسماء المصنفين قديما و حديثا‌، ابن شهرآشوب، ج1، ص80.
[8] كامل الزيارات - ط مكتبة الصدوق، ابن قولويه القمي، ج1، ص23.
[9] تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشّريعة، الشيخ حرّ العاملي، ج13، ص467.
[10] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج7، ص101.
[11] الإستبصار، الشيخ الطوسي، ج1، ص40.
[12] الإستبصار، الشيخ الطوسي، ج3، ص95.
[13] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص126.
[14] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص251.
[15] رجال البرقي- الطبقات‌، البرقي، ابو جعفر، ج1، ص11.
[16] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج14، ص34.
[17] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج1، ص50.
[18] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص279.
[19] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج8، ص334.