الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/09/20

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: البحث في حال أحمد بن محمد العطار، وأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، وأحمد العبرتائي

 

خاتمة المطاف في دراسة أربعة عشر رجلا الأول الشيخ الجليل أحمد بن محمد بن يحيى العطار.

 

تنقيح المطلب

تطرق شيخنا الأستاذ سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري إلى أربعة عشر مبحثا في التوثيقات العامة وبعد أن ختمها ذكر خاتمة مهمة في أربعة عشر رجلا قد اختلف في توثيقهم وتضعيفهم وهؤلاء الرجال الأربعة عشر قد تكرروا كثيرا في أسانيد الروايات واختلف فيهم لذلك مست الحاجة إلى دراستهم كتطبيقات للمباني الرجالية التي ذكرت في التوثيقات العامة وغيرها وقبل أن نشرع في بيان حال الرجل الأول لا بأس بالإشارة إلى الكتب والمصادر التي ينبغي الرجوع إليها لتوثيق الرواة فالمصادر كثيرة ولكن في الآونة الأخيرة قد كتبت موسوعات كبيرة يمكن أن يرجع إليها الباحث الرجالي وأهمها ثلاث دورات:

الدورة الأولى معجم رجال الحديث للسيد أبو القاسم الخوئي "رحمه الله" في أربع وعشرين مجلدا.

الدورة الثانية تنقيح المقال في علم الرجال للشيخ عبد الله المامقاني وهي تحت التحقيق طبع منها لحد الآن أربعة وثلاثين مجلدا ووصلت إلى حرف الشين، حرف الشين في معجم رجال الحديث للسيد الخوئي هو المجلد العاشر مجلد العاشر يعني أقل من نصف معجم الرجال لأنه أربعة وعشرين مجلد فإذا قسنا على ذلك تكون موسوعة المامقاني من سبعين إلى ثمانين مجلدا وقد حققها أبنه البار الشيخ محي الدين المامقاني "رحمة الله عليه" وقد أوكل هذه الموسوعة التي حققها أوكل طباعتها إلى أبنه الشيخ محمد رضا المامقاني وقد سلمها أيضا الشيخ محي الدين المامقاني إلى مؤسسة آل البيت لإحياء التراث بيد السيد جواد الشهرستاني الوكيل العام للسيد السيستاني وصهره لكي يطبع هذه الموسوعة هذه الموسوعة هي أكبر موسوعة عند الشيعة في الرجال.

الموسوعة الثالثة قاموس الرجال للشيخ محمد تقي التستري وهي حاشية على تنقيح المقال في اثني عشر مجلدا فيحسن للطالب إذا أراد أن يراجع ترجمة أي راوي أن يرجع إلى هذه المصادر الثلاثة معجم رجال السيد الخوئي وتنقيح مقال الشيخ المامقاني وقاموس رجال الشيخ التستري حتى يطلع على الحيثيات والأقوال والملاحظات التي تذكر في شأن أي رجل.

وهناك أيضا موسوعات ولكن لم تطبع بشكل كامل وهي قيمة منها موسوعة تهذيب المقال في شرح الرجال وهي للمرجع السيد محمد علي الموحد الابطحي من علماء أصفهان، تهذيب الرجال قد طبع منه خمسة أجزاء قبل طبع معجم رجال الحديث والجزء الخامس قد وصل إلى حرف الزاي وحرف الزاي في معجم الرجال هو عبارة عن الجزء الثامن ومعجم الرجال أربعة وعشرين مجلد الجزء الثامن يعني يمثل الثلث فإذا الخامس هو الثلث يصير تقريبا خمسة عشر مجلد والكتاب موجود لكن لم يطبعه بالكامل وله شرط أيضا على وسائل الشيعة في الكامل لم يطبع منه إلا مجلدان قبل ما يزيد على عشر سنوات وإلى الآن لم ترى هذه الموسوعة النور، الموسوعة الرجالية تهذيب المقال في شرح رجال أبي العباس رجال النجاشي شرح رجال النجاشي الجزء 1 في خمسة عشر مجلدا وكان متضلعا في الحديث والرجال السيد محمد علي الموحد الابطحي وكان من اللجنة التي أشرفت أيضا على معجم رجال الحديث.

وهناك كتب أخرى ولا بأس ببيان ملاحظة وهي أن طالب العلم قد يدرس التوثيقات العامة وقد يدرس كليات علم الرجال ولكن بحصوله على الكليات لا يستطيع أن يستخرج السند نحن لم نفهم الأسانيد ولم نعرف أن نستخرج صحة السند من ضعفه من كتاب وسائل الشيعة وغيره إلا حينما درسنا كتاب وسائل الشيعة كتاب الطهارة وكتاب الحج عند شيخنا الأستاذ سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري فله فضل علي في فهم المسانيد ومعرفتها لأن التعرف على صحة السند وضعفه يحتاج إلى معرفة ثلاثة أمور:

الأمر الأول الجرح والتعديل وأن هذا الراوي موثق أو مضعف.

الثاني تمييز المشتركات وهناك بعض الأسماء المشتركة مثل محمد بن قيس مشترك بين الثقة والضعيف لكن محمد بن قيس الذي يروي عن الإمام الباقر هو الثقة وهكذا مثلا أبو بصير مشترك بين أربعة ثلاث منهم ثقاة وهم الأسدي وأبو بصير المرادي وواحد منهم ضعيف فتمييز المشتركات يحتاج إلى فن وخبرة ودراية.

والبحث الثالث طبقات الرواة فبحاجة طالب العلم إلى معرفة طبقة الراوي فمن خلال الطبقة سيعرف أنه توجد واسطة ساقطة في الرواية أو لا وأفضل وأوسع من كتب في طبقات الرجال سماحة آية الله العظمى المرجع الكبير السيد حسين البروجردي إذ كتب موسوعته ترتيب الطبقات في سبعة مجلدات حجرية وقد طبع المجلد الأول فقط وهو ترتيب أسانيد الكافي في عشرة مجلدات وقد حققه الشيخ محمود دريان وقد طبع أيضا ترتيب أسانيد لعله الفقيه لأنه رتب الكتب الأربعة الروائية وهي الكافي والتهذيب والاستبصار والفقيه ورتب الكتب الأربعة الرجالية كرجال الكشي وغيره ورتب أيضا أسانيد كتب الشيخ الصدوق ككتاب الخصال وغيره، موسوعته تصير كبيرة جدا سبعة أجزاء الجزء الأول حقق في عشرة أجزاء وبقية الأجزاء أيضا حقق بعضها وطبع من قبل مكتب سبطه سماحة آية الله العظمى المرجع الديني السيد محمد جواد البروجردي، هذه مصادر يمكن الرجوع إليها.

أكثر الكتب التي كتبت في الرجال كتب تعلم التوثيقات العامة أو كليات علم الرجال بعض الكتب أشارة إلى هذه الأمور العملية مثلا كيف تعرف أنه يوجد تصحيف في الرواية كيف تعرف طبقة الراوي كيف تعرف أن هناك ؟؟ فيمكن مراجعة كتاب أصول الرجال للسيد محمد جواد الشبيري نجل المرجع الكبير أستاذنا سماحة آية الله العظمى السيد موسى الشبيري الزنجاني وقد ألف هذا الكتاب قبل أكثر من عشرين سنة ولكن أعاد النظر فيه وخرج مصادره الحديثة وطبعه حديثا يمكن الاستفادة لذلك بعد كتاب أصول علم الرجال للشيخ الداوري طيب للطالب أن يدرس كتاب أصول الرجال للسيد محمد جواد الشبيري الزنجاني "حفظه الله" إذا تمت هذه المقدمات وعرفنا أن الطالب لكي يدرس رواة السند وأي سند ينبغي أن يرجع إلى هذه الدورات الثلاث معجم الرجال وتنقيح المقال وقاموس الرجال لذلك سنلاحظ الشيخ الداوري دائما في كل راوي وفي كل رجل يذكر ملاحظات من معجم الرجال ومن تنقيح المقال وأما قاموس الرجال فلعله لم يذكر هنا لأنه لم يكن مطبوعا أيام تدريس شيخنا الأستاذ الداوري لهذا الكتاب الشريف لأنه الشيخ المعلم توفي "رحمة الله عليه" مقرر هذه الأبحاث وهو قد قرر هذه الأبحاث وانتهى من تقريرها في خمسة وعشرين محرم الحرام سنة 1423 يعني تقريبا قبل ثمانية وعشرين سنة قررت هذه الأبحاث ولم يكن آنذاك كتاب قاموس الرجال مطبوعا.

نشرع في بيان حال الشيخ الأول وهو الشيخ الجليل احمد بن محمد بن يحيى العطار ولا داعي لقراءة المتن هنا إلا في الموارد التي بحاجة لقراءة المتن وإنما نذكر في كل رجل الأمور التي توجب توثيقه والأمور التي قد توجب تضعيفه ونذكر المعالجة في المسألة والنتيجة النهائية.

 

تطبيق العبارة

الشيخ أحمد بن محمد بن يحيى العطار هو أحد مشايخ الشيخ الصدوق وله روايات كثيرة وورد ذكره في الكتب الأربعة فيما يقرب من مئة مورد وأما في غير الكتب الأربعة فكثير ولاسيما في كتب الشيخ الصدوق طبعا والده محمد بن يحيى العطار هو شيخ الكليني الكليني في كتابه الكافي أكثر من الرواية عن مشايخ كما يلي:

الأول علي بن إبراهيم القمي أكثر من ثلث الكافي رواه عن علي بن إبراهيم القمي عن أبيه إبراهيم بن هاشم.

الثاني محمد بن يحيى العطار فقد روى عنه كثيرا.

الثالث أحمد بن إدريس أبو علي الأشعري أكثر الكافي مروي عن هؤلاء الثلاثة، وأحيانا يروي عن العدة من ضمنهم بعض هؤلاء وعدد الكليني ثلاث العدد المشهورة الكليني يروي عن عدة من الأصحاب عن احمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي، العدة الثانية عدة الكليني عن احمد بن محمد بن خالد البرقي العدة الثالثة عدة الكليني عن سهل بن زياد الآدمي فعدد الكليني قرابة عشرين وبعضها يأتي أول السند وبعضها وسط السند وبعضها آخر السند أشهرها العدد التي يبدأ بها وهي عن ثلاثة إما عن الأشعري القمي أو بن خالد البرقي أو أبن زياد الآدمي لذلك هذا مهم الذي يقرأ الروايات والأسانيد يحفظ الرواة.

إذا محمد بن يحيى العطار شيخ الكليني يصير أحمد بن محمد بن يحيى العطار في مرتبة وفي طبقة الكليني، الكليني متوفى سنة 329 هجرية والصدوق متوفى سنة 381 هجرية قمرية ومولود بدعاء الإمام الحجة، الكليني كان في الغيبة الصغرى والصدوق ولد بدعاء الإمام المهدي في الغيبة الصغرى يعني الصدوق الأب من أعلام الغيبة الصغرى معاصر للكليني فيصير أحمد بن محمد بن يحيى العطار في طبقة شيخ الصدوق والصدوق روى عنه كثيرا.

ووقع أحمد بن محمد بن يحيى العطار في إسناد بعض الكتب والأشخاص فيما يقرب من عشرة موارد واختلف الأعلام في الحكم بوثاقته فذهب بعضهم إلى القول بأنه ثقة وذهب آخرون منهم السيد الخوئي "رحمه الله" في المعجم[1] والمحقق الكاظمي في التكملة إلى الحكم بجهالته وعدم الاعتماد على شيء من رواياته لا أنهم قالوا بتضعيفه أنه مجهول.

استدل القائلون بوثاقته بأمور وذكر الشيخ الداوري خمسة أمور ولم ينهض عنده إلا الأمر الخامس والأمر الخامس ليس بتام عندنا فتكون النتيجة بناء على ما ذكروا شيخنا الأستاذ الداوري عدم توثيقه بناء على مبنانا وتوثيقه بناء على مبنى الشيخ الداوري وهو الوجه الخامس لكن هناك وجه لم يذكره الشيخ الداوري يمكن من خلاله توثيقه وهو كون الشخص من المعاريف والمشاهير وهذا المبنى كان يبني عليه شيخنا الأستاذ سماحة آية الله الشيخ هادي آل راضي ويذكره كثيرا في درسه الرجالي فكون الرجل من المعاريف أو المشاهير قد يوجب توثيقه لأن المعروف لا يعرف والمشهور لا داعي للنص على وثاقته وهذا الملاك قد يكون في الأول والثاني الرجل الأول احمد بن محمد بن يحيى العطار والرجل الثاني أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد فيمكن توثيقهما بهذا الوجه الوجه الثاني لتوثيقهما وهو إكثار الجليل عنهما وليس مجرد رواية الأجلاء بل إكثار الأجلاء عنهما فلو ثبت أن الشيخ الصدوق قد أكثر من الرواية عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ففي هذه الحالة يمكن توثيق أحمد بن محمد بن يحيى العطار بهذا الوجه ومن يرجع إلى الروايات وإلى سيرتهما يتضح بوضوح جلالة قدرهما فالرجل الأول أحمد بن محمد بن يحيى العطار هو ابن شيخ الكليني محمد بن يحيى العطار والرجل الثاني أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد هو أبن شيخ الصدوق فإن محمد بن الحسن بن الوليد هو شيخ الصدوق وهذان الشيخان كانا في سماء الجلالة والنزاهة والوثاقة محمد بن يحيى العطار شيخ الكليني ومحمد بن الحسن بن الوليد شيخ الصدوق فلو كان ولدهما منحرفا لبان ذلك بكل وضوح والحال إن ولد كل منهما كان من مشايخ الإجازة أحمد بن محمد بن يحيى العطار من مشايخ الإجازة وأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد من مشايخ الإجازة فمن البعيد جدا أن يكون ضعيفا لهذه القرائن لأن أباه معروف في علم الحديث فلو كان هو ضعيفا أو كذابا أو وضاعا لنص على ذلك أما أنه لم ينص على وثاقته فلأنه قد غلبت شخصية أبيه عليه يعني أبوه شيخ كبير ولا داعي للتنصيص على الولد كما أنه يمكن أن يقال إنه بالنسبة إلى الأحمدين أبناء المحمدين يمكن تصحيح روايتهما حتى لو لم نوثقهما فإن الشيخ الصدوق "رحمه الله" والشيخ الطوسي لهما طرقا صحيحة ومتعددة إلى روايات أبيه محمد بن يحيى العطار ونحن نأخذ الروايات من كتب الصدوق ومن كتب الشيخ الطوسي وكل منهما لديه طريق صحيح إلى روايات محمد بن يحيى العطار إذن يمكن تصحيح جميع روايات محمد بن يحيى العطار من دون أحمد وهكذا بالنسبة إلى روايات أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد فإن جميع رواياته عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد ويمكن تصحيح روايات محمد بن الحسن بن الوليد بطرق الشيخ فإن الشيخ الطوسي له ثلاث طرق واحد منها يمر بابنه أحمد واثنان آخران صحيحان من غير أحمد وهكذا الصدوق فالصدوق يروي عن محمد بن الحسن مباشرة لأن أحمد يصير من أقرانه وقد عرض شيخنا الأستاذ الداوري هذا الكلام على شيخه وسيدنا السيد الخوئي وقبل ذلك إذن من الناحية العملية سواء وثقنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار وهو الشيخ الأول ووثقنا أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد وهو الشيخ الثاني أو لم نوثقهما يمكن قبول ما روياه عن أبيهما حتى لو لم نلتزم بتوثيقهما على أنه يمكن توثيقهما بأحد مبنيين:

المبنى الأول كونهما من المعاريف والمشاهير

المبنى الثاني كونهما قد أكثر الأجلاء من الرواية عنهما

هذان المبنيان لم يذكرهما الشيخ الداوري أما المباني التي ذكرها في حق الأول أحمد بن محمد بن يحيى العطار المبنى الأول أن أحمد بن محمد بن يحيى العطار وقع في طرق وأسانيد متعددة صححها العلامة الحلي والوقوع في سند محكوم بالصحة أمارة الوثاقة وفيه أولا إن العلامة الحلي من المتأخرين ولا نقبل توثيقاته إذ أنها مبنية على الحدس ولا أقل من الشك فلا تجري أصالة الحس العقلائية.

وثانيا إن الوقوع في سند المحكوم بالصحة لا يدل على الوثاقة لأن الموثق إن كان من القدماء فالصحة عنده هي عبارة عن اعتضاد الخبر بقرائن تورث الوثوق والاطمئنان وليس التوثيق والتصحيح لوثاقة الراوي فلا تدل على وثاقته وإن كان المصحح من المتأخرين فلا عبرة بتوثيقات المتأخرين إذن الوقوع في سند محكوم بالصحة ليس بتام لذلك يقول الشيخ الداوري وقد أشرنا إليه في نهاية الفصل السابق يعني أشار إلى أن الوقوع في سند محكوم بالصحة كتصحيح العلامة الحلي قد يفيد الوثاقة يقول ولم نذكره صراحة لعدم نهوض دليله عندنا هذا الدليل وهو الوقوع في سند محكوم بالصحة ليس بناهض.

المبنى الثاني أنه من مشايخ الإجازة ونحن لا نبني على وثاقة مشايخ الإجازة وقد نص الشهيد الثاني على وثاقة أحمد بن محمد بن يحيى العطار والشهيد الثاني من المتأخرين وتوثيقه حجة عليه وليس بحجة علينا.

المبنى الثالث رواية الأجلاء عنه ومنهم الشيخ الصدوق[2] وابن الغضائري[3] وأحمد بن علي بن نوح السيرافي وهارون بن موسى التلعكبري[4] وأبن أبي جيد[5] وغيرهم ومجرد رواية الأجلاء لا يفيد التوثيق نعم ربما يفيد الحسن أو المدح ولكن إكثار الجليل عنه قد يفيد التوثيق وخصوصا أن الصدوق قد روى عنه كثيرا في كتبه فيمكن توثيق أحمد بن محمد بن يحيى العطار لإكثار الصدوق من الرواية عنه مباشرة.

المبنى الرابع إن أبا العباس أحمد بن علي بن نوح السيرافي قد كتب إلى النجاشي في تعريف طريقه إلى كتب الحسين بن سعيد الاهوازي قال فأما ما عليه أصحابنا والمعول عليه ويذكر سندين السند الأول ما رواه عنهم أحمد بن محمد بن عيسى أخبرنا الشيخ الفاضل أبو عبد الله الحسين والسند الثاني وأخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن يحيى العطار القمي إذن وقع أحمد بن محمد بن يحيى في السند الثاني ومن هنا تقع المناقشة فقد ناقش السيد الخوئي بمناقشتين في هذا الدليل، الدليل الأول قال لعل اعتمادهم واستنادهم بناء على أصالة العدالة ونحن لا نبني عليها وقد ناقشه شيخنا الأستاذ الداوري بمناقشة صحيحة إذ ثبت أن القدماء يبنون على العدالة ولا على أصالة العدالة فهم يشترطون التوثيق والتعديل ولا يبنون على أصالة العدالة ونسبة هذا إلى علمائنا القدماء مجازفة.

المناقشة الثانية نقبلها للسيد الخوئي وهو أنه لربما الأصحاب اعتمدوا على السند الأول لا السند الثاني وإنما السند الثاني جعله مؤيدا للسند الأول ولا أقل من احتمال ذلك وإذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال إذن لا يمكن التمسك بالدليل الرابع.

الدليل الخامس أنه قد وقع في كلام الصدوق مقرونا بالترضي كما في الخصال وغيره فكان دائما الصدوق يترضى على أحمد بن محمد بن يحيى العطار إلا في مورد آخر في مورد واحد ترحم عليه والترضي يفيد التوثيق بناء على مبنى الشيخ الداوري ويفيد المدح والحسن لا التوثيق بناء على مبنانا.

النتيجة النهائية يمكن توثيق أحمد بن محمد بن يحيى العطار بناء على أحد مبنيين أنه من المعاريف والمشاهير وهذا غير شيخوخة الإجازة قد شيخ إجازة لكن ما معروف ومشهور مشاهير ومعاريف يعني من أقطاب الطائفة كشهرة أبيه هذا معروف في الرواية أحمد بن محمد بن يحيى العطار والأمر الثاني إكثار الأجلاء من الرواية عنه هذا تمام الكلام في الرجل الأول أحمد بن محمد بن يحيى العطار.

الرجل الثاني أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد

وهو من الأجلاء وفي طبقة الصدوق فإن الصدوق يروي عن أبيه محمد بن الحسن وجميع الأدلة الخمسة التي ذكرت في حق الأول احمد بن محمد بن يحيى العطار تجري في الثاني أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عدى الخامس وهو ترضي الصدوق حيث لن يترضى عليه والمناقشات في الأدلة الأربعة تأتي

الدليل الأول وهو أنه وقع في سند صححه العلامة الحلي والثاني أن الشهيد الثاني نص عليه والثالث رواية الأجلاء عنه هذه كلها واردة في حقه طبعا الدليل الرابع والخامس خاصين بالأول يعني الدليل الأول والثاني والثالث ليس بتام نعم هنا شيء آخر غير الدليل الأول والثاني والثالث وهو هذا الدليل ربما يتمسك به بالدلالة على وثاقته أو حسنه أو مدحه وهو ما رواه الشيخ الطوسي في الغيبة هذه الخلاصة أنه أبن محمد بن الحسن ذهب إلى أبي بكر البغدادي الذي أدعى النيابة وعرض عليه المال فلم يقبل وقال أنا لم أدعي النيابة هنا اشتباه في مرجع الضمير أولا الرواية قالت أبن محمد بن الحسن ولم تصرح أنه أحمد وإن كان يعلم من الخارج أنه أحمد لأن محمد بن الحسن بن الوليد ليس له إلا ولد واحد وهو أحمد ولكن مرجع الضمير أرجع إلى أحمد بن محمد بن الحسن هو الذي لم يقبل المال وأنه جاء من طرف أبيه لكن الصحيح أن الضمير لا يرجع إلى محمد بن الحسن إلى أبن محمد بن الحسن بل يرجع الضمير إلى أبو بكر البغدادي هو الذي لم يقبل المال فهذا اشتباه في التطبيق وبالتالي الرواية لا تدل على توثيقه نعم كون ذهب من قبل أبيه محمد بن الحسن بن الوليد هذا له مزيد اعتبار لأنه كان ممن ذهب مع الجماعة لكن لا دلالة فيه على التوثيق والحاصل جميع هذه الوجوه مناقشة.

الشيخ الداوري يقول الذي يسهل الخطب أنه حتى لو لم تثبت وثاقته فإنه لا يروي إلا عن أبيه وجميع روايات أبيه يمكن أخذها من طرق الشيخ الطوسي فإن له ثلاثة طرق اثنان منها صحيحان لا يمران بأحمد والثالث يمر بأحمد كما أن الصدوق يروي عن أبيه مباشرة لأنهما في طبقة واحدة هو وأحمد.

يقول الشيخ الداوري صفحة 343 السطر قبل الأخير وبناء على هذا فعدم ثبوت وثاقة أحمد بن محمد لا يضر بصحة الروايات وقد عرضنا هذا النحو من التصحيح على السيد الأستاذ "قدس" فقبله.

الثالث أحمد بن هلال العبرتائي

وقد اختلف فيه فوثقه بعضهم وضعفه آخرون وورد فيه المدح والقدح والشيخ الداوري يضعفه والسيد الخوئي يوثقه ونحن نميل إلى تضعيفه وفاقا لما قاله شيخنا الأستاذ الداوري.

الأمور التي ذكرت فيه تضعيفه

الأمر الأول ما ذكره النجاشي قال إنه صالح الرواية يعرف منها وينكر وقد ورد فيه ذموم من سيدنا أبي محمد الحسن بن علي العسكري "عليه السلام"[6] يبدو أن النجاشي وصلته ذموم من الإمام العسكري لكن لم يذكرها ولم تصل إلينا.

الوجه الثاني ما ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست قال أنه كان غاليا متهما في دينه[7] وقال في التهذيب مشهور بالغلو واللعنة وما يختص برواياته لا يعمل عليه[8] يعني إذا كان في الرواية معه شخص في عرضه تقبل الرواية لوجود الشخص الذي في عرضه أما إذا ينفرد هو منفرد في هذه الطبقة فلا يؤخذ به لأنه ليس بثقة وقال الشيخ في الاستبصار ضعيف فاسد المذهب[9] إذن الأول تام الثاني تام

الثالث أيضا تام إن محمد بن الحسن بن الوليد قد استثناه من روايات كتاب نوادر الحكمة وتبع ابن الوليد ابن نوح السيرافي والصدوق.

الرابع توقف ابن الغضائري في روايته إلا ما يرويه عن أبن محبوب وأبن أبي عمير[10] لكونهما من المشاهير أبن أبي عمير عنده نوادر كتاب النوادر لابن أبي عمير مشهور وأبن محبوب عنده المشيخة ومشيخة ابن محبوب مشهورة فلذلك أبن الغضائري قبل روايات العبرتائي في خصوص هذين الكتابين لأنهما مشهوران.

الخامس وردت في حقه توقيعات من الناحية المقدسة ـ الإمام المهدي ـ كتب هكذا منها ما ذكره الشيخ الطوسي في الغيبة قال روى محمد بن يعقوب قال خرج إلى العمري، العمري هو السفير الأول والسفير الثاني أيضا العمري، في توقيع طويل اختصرناه هذا الشاهد ونحن نبرأ إلى الله تعالى من ابن هلال لا رحمه الله وممن لا يبرأ منه فأعلم الاسحاقي وأهل بلده مما أعلمناك من حال هذا الفاجر وجميع من كان سألك وسأل عنه.

طبعا السيد الخوئي يذهب إلى توثيقه يقول هو فاسد المذهب وفساد المذهب لا يعني عدم الوثاقة، الشيخ الداوري يناقش الإمام لم يقل هكذا فقط وإنما تبرأ منه والتبرأ منه قد تفيد سلب التوثيق منه.

في مقابل الوجوه المضعفة توجد وجوه يستدل بها على وثاقته:

الأول أنه واقع في أسناد تفسير القمي[11] وأسناد كامل الزيارات[12] وفيه أنه ورد في القسم الثاني من تفسير القمي والشيخ الداوري لا يبني عليه ونحن لا نبني على توثيق جميع الرجال الواردين في تفسير القمي أصلا والثاني في كامل الزيارات هو وقع في الإسناد لكنه ليس من المشايخ المباشرين قرابة ثلاثمائة وثمانية وثمانين راوي هم مشايخ مباشرين لابن قولويه في كامل الزيارات ونحن لا نبني أصلا على وثاقة جميع الرجال الواردين في كامل الزيارات.

الثاني رواية الأجلاء عنه كسعد بن عبد الله والحميري والحسن بن علي والزيتوني وإبراهيم بن محمد الهمداني ومحمد بن علي بن محبوب ومحمد بن عيسى العبيدي وموسى بن الحسن الأشعري والحسن بن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن يحيى العطار وعلي بن محمد بن حفص وغيرهم ومجرد رواية الأجلاء لا تفيد التوثيق.

الأمر الثالث أن الشيخ الطوسي في العدة تعرض لهذا الشخص بخصوصه ونص على أنه وأمثاله من الغلاة والمنحرفين يعتمد على روايتهم إذا علمنا أنهم رووها في حال استقامتهم[13] يعني فصّل الشيخ الطوسي بين حال استقامته وحال انحرافه.

ثم ان السيد الاستاذ...

السيد الخوئي قال بوثاقته وإن كان منحرفا في العقيدة فإن فساد العقيدة لا يضر بالوثاقة ولكن القول بوثاقته محل إشكال خصوصا بعد صدور الأمر بالتبري منه ونفي الرحمة عنه.

ثم ان ما ذكر من وجوه التوثيق...

النتيجة النهائية لا يمكن توثيق العبرتائي والصحيح هو القول بضعفه وجميع الوجوه التي ذكرت في توثيقه قابلة للمناقشة فوقوعه في تفسير القمي أسناد تفسير القمي وأسناد كامل الزيارات ورواية الأجلاء عنه وما ذكره الشيخ الطوسي في العدة كل ذلك قابل للمناقشة والحاصل إننا لا نرى وجها لتوثيق أحمد بن هلال العبرتائي نعم لعله يمكن الأخذ برواياته قبل انحرافه وفساده لكن ما هي الأدلة والقرائن التي يمكن من خلالها أن نستكشف أن رواية العبرتائي قبل انحرافه قد يصعب ذلك من ناحية صغروية وإن قررنا ذلك كبرويا ولكن تحقيقه صغرويا صعب المنال وحينئذ إذا لم نستطع التشخيص لا يمكن الاعتماد على روايات أحمد بن هلال العبرتائي، هذا تمام الكلام في المشايخ الثلاث الأول واتضح أن الأول والثاني ثقتان وهما أحمد بن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد والثالث ضعيف وهو أحمد بن هلال العبرتائي.

الشخص الرابع جابر بن يزيد الجعفي يأتي عليه الكلام.

 


[1] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج3، ص122.
[2] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج3، ص120.
[3] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج7، ص24.
[4] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص444.
[5] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص444.
[6] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص83.
[7] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص83.
[8] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج9، ص204.
[9] الإستبصار، الشيخ الطوسي، ج3، ص28.
[10] رجال العلامة الحلي‌، العلامة الحلي، ج1، ص202.
[11] تفسير القمي‌، القمي، علي بن ابراهيم، ج2، ص112.
[12] كامل الزيارات - ط مكتبة الصدوق، ابن قولويه القمي، ج1، ص234.
[13] عدة الأصول، الشيخ الطوسي، ج1، ص151.