الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/09/15

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: المبحث الثامن مشايخ الاجازات والمبحث التاسع الوكالة عن الامام

 

المبحث الثامن مشايخ الإجازات

خلاصة هذا البحث وفقا لرأينا وما توصلنا إليه هو أن الغرض من أخذ الإجازة من شيخ الإجازة أحد أمرين:

الأمر الأول صحة الإسناد

الأمر الثاني صحة الاستناد

أما الأمر الأول وهو صحة الإسناد أي صحة الإخبار فهناك شيخ إجازة معروف يأتي له الراوي أو المستجيز ويقول له اجزني فيقول له أجزتك أن تروي عني ما صحت لي روايته فحينئذ يصح للمستجيز أن يقول أخبرني المجيز حدثني المجيز قال لي المجيز فثمرة الإجازة صحة الإسناد أي أن المستجيز يصح له أن يسند الإخبار إلى المجيز ومن الواضح أن صحة التحديث والإسناد والإخبار لا تتوقف على كون شيخ الإجازة ثقة فحتى لو كان كاذبا أو وضاعا يصح للمستجيز أن يقول حدثني فلان الكذاب اخبرني فلان الثقة أو الكذاب

الثمرة الأولى فالثمرة هي صحة الإسناد وإجازات الرواية اليوم هذه ثمرتها تبركا تأخذ إجازة من فقيه أو محدث أو راوي أو مؤرخ فيصح أن تقول حدثني فلان إجازة إذن بناء على الثمرة الأولى وهي صحة الإسناد والتحديث والإخبار لا تكون شيخوخة الإجازة كاشفة عن الوثاقة.

الثمرة الثانية صحة الاستناد فبعض الكتب قد وقع الخلاف في نسبتها إلى مؤلفيها ككتاب الاختصاص للشيخ المفيد، هل هذه النسخة من كتاب الاختصاص من تأليف الشيخ المفيد أو من تأليف غيره فلكي أثبت أن هذه النسخة من تأليف الشيخ المفيد اذهب إلى شيخ الإجازة فيقول لي أروي عني هذا الكتاب وهو كتاب الاختصاص تأليف الشيخ المفيد فهنا أقول حدثني وأخبرني فلان عن كتاب الاختصاص للشيخ المفيد وليس الغرض هنا التحديث فقط بل الغرض إثبات صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه فالثمرة هنا في المثال إثبات صحة نسبة كتاب الاختصاص إلى الشيخ المفيد ومن الواضح أن شيخ الإجازة إذا كان كذابا وضاعا فإنه لن تثبت النسبة فيشترط أن يكون ثقة لا يتعمد الكذب حتى تثبت النسبة، إذن الصحيح على ما ذهبنا إليه حينما درسنا كتاب كليات في علم الرجال قبل ما يقارب سبعة عشر سنة أو أكثر هو القول بالتفصيل إن كانت شيوخة الإجازة بغرض صحة الإسناد فهي لا تفيد الوثاقة وإن كانت بغرض صحة التحديث فهي تفيد الوثاقة وإذا لم نعلم كما هو الغالب فلان شيخ إجازة لصحة الإسناد أو صحة الاستناد لا نعلم وحيث لا نعلم لا يثبت التوثيق فتكون النتيجة إن شيخوخة الإجازة لا تدل على التوثيق وفاقا في النتيجة ليشخنا الأستاذ الشيخ مسلم الداوري "حفظه الله" ولسيد أساتذتنا المرجع الكبير السيد أبو القائم الخوئي "رحمه الله" .

الشيخ الداوري "حفظه الله" ذكر ثلاثة أدلة قد يستدل بها على أن شيخوخة الإجازة تفيد الوثاقة ثم جاء بمناقشات السيد الخوئي "رحمه الله" لهذه الأدلة الثلاثة ثم الشيخ الداوري ذكر بعض ملاحظاته على أجوبة السيد الخوئي واتفق معه في النتيجة ولم أتطرق في تقرير المطالب إذا ما سيذكر لأنه بسيط نقرأه ولكن تطرقت إلى لب المطلب.

 

تطبيق العبارة

قال الشيخ الداوري قد اشتهر أن مشايخ الإجازات لا يحتاجون إلى التوثيق وذهب إلى القول به جماعة منهم الشهيد الثاني وأبنه الشيخ حسن صاحب المعالم والوحيد البهبهاني والسيد محمد باقر الداماد والمحقق البحراني ـ الشيخ يوسف البحراني ـ صاحب الحدائق وغيرهم، طبعا مبنى الكثير من المتقدمين أن شيوخة الإجازة أمارة الوثاقة لكن بعد السيد الخوئي الكثير من المعاصرين لا يرى أن شيوخة الإجازة أمارة الوثاقة واستدل لهذه الدعوى أن شيوخة الإجازة تدل على الوثاقة بأمور:

الأمر الأول ما ذكره الشهيد الثاني في درايته ـ الرعاية في علم الدراية ـ بأن عدالة الراوي تعرف بتنصيص عدلين عليها أو بالاستفاضة إذن هو من القائلين بحجية خبر العدل هذا مبنى يعني هو لا يقول بحجية خبر الثقة يقول حجية خبر العدل الإمامي وبالتالي لابد من وجود بينة لإثبات الوثاقة لأن الوثاقة موضوع من الموضوعات والموضوعات لا تثبت بخبر الثقة وإنما تثبت بالبينة هذا قول مشهور القدماء الآن كثير من المعاصرين كالسيد الخوئي والشهيد الصدر والسيد السيستاني والسيد الإمام الخميني والسيد القائد الخامنئي يرون حجية خبر الثقة في الموضوعات فخبر الثقة حجة مطلقا في الموضوعات والأحكام وأما القدماء كانوا يفرقون فكانوا يقولون في الأحكام تكفي حجية خبر الثقة الواحد وأما في الموضوعات فلابد من البينة استنادا إلى عدة روايات كروايات الجبن المتنجس روايات مصدق بن صدقة والأشياء كلها على هذا حتى تسبين أو تقوم به البينة، حتى تستبين يعني حتى تعلم أو تقوم به البينة فالأشياء يعني الموضوعات كلها على هذا حتى تستبين أو تقوم به البينة الشهيد الأول من القائلين بهذا المبنى في الموضوعات والوثاقة موضوع من الموضوعات لذلك يقول إن عدالة الراوي وهي موضوع من الموضوعات تعرف بتنصيص عدلين عليها يعني البينة ولا يكفي بنص ثقة أو العدل الواحد أو بالاستفاضة بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل أو غيرهم من أهل العلم كمشايخنا السابقين من عهد الشيخ الكليني "رحمه الله" وما بعده إلى زماننا هؤلاء اشتهروا هنا موطن الشاهد قال لا يحتاج أحد من هؤلاء إلى تنصيص على تزكية ولا يحتاج إلى بينة على عدالته لما اشتهر في كل عصر من ثقتهم وضبطهم وورعهم زيادة على العدالة[1] إذن الدليل الأول على أن شيوخة الإجازة كالكليني أمارة الوثاقة الشهرة هذا الدليل الأول سنتكلم عنها كبرا وصغرا، أولا هل هذه الشهرة حجة ثانيا هل هي ثابتة، أولا ثبت الشهرة وثانيا ثبت حجية الشهرة.

وقريب من هذا ـ الاحتجاج على وثاقتهم بالشهرة ـ ما ذكره ابنه صاحب المعالم في فوائد المنتقى[2] له كتاب جليل ثلاثة أجزاء منتقى الجمان في أحاديث الصحيحة والحسان.

النقطة الثانية خلاصة النقطة الثانية لو راجعنا كتب الرجاليين لوجدنا أنهم قد اشتغلوا بأصحاب الكتب صاحب هذا الكتاب ثقة أو ضعيف ولم يتعرضوا إلى توثيق مشايخ الإجازة الذين وردوا قبل أصحاب الكتب مما يدل على أن وثاقة مشايخ الإجازة مفروغ عنها وإنما الكلام كل الكلام في أصحاب الكتب لا في أصحاب الإجازات هذا أصل موضوعي مفروغ عنه.

الثاني إن من المتسالم كما تقدم عليه في البحث حول الكتب المتسالم عدم التعرض إلا لأصحاب الكتب يعني من جهة التوثيق والتضعيف ومن يرون عنهم يعني من يروي أصحاب الكتب عنهم وأما من يقع في الإسناد قبلهم ـ قبل أصحاب الكتب إلى الإمام لأن أصحاب الكتب أخذوها من مشايخ إجازة ـ فلا يناقشون فيهم يعني فلا يناقش الرجاليون فيهم ـ في أصحاب الإجازات الذين هم قبل أصحاب الكتب في السند ـ لاستغنائهم عن التوثيق هذا أول الكلام من قال لا يناقشون لاستغنائهم عن التوثيق وهذه كانت سيرة الشيخ الطوسي ومن تقدم عليه كالكشي كما أن العلامة يعني المتأخرين لا يناقش في المشايخ ـ مشايخ الإجازة ـ بل يناقش في نفس الإسناد نفس الطريق إلى الكتاب وما ذلك إلا لأنهم مشايخ إجازة ووثاقتهم محرزة لذلك لا يناقش فيهم.

الدليل الثالث ما يظهر من كلمات النجاشي والشيخ الطوسي وغيرهما من الرجاليين أنهم كانوا يتحرزون في الرواية عن الضعيف وقد تقدم أن النجاشي كان دأبه وطريقته عدم الرواية عمن يغمز أو يتهم بشيء كما أن هذه هي طريقة غيره من المشايخ

وقد مر علينا أن المشايخ لم يمكنوا أبن الغضائري من الدخول على أبي طالب الأنباري لاتهام الأنباري بالغلو والارتفاع وهذا دليل على أنهم لا يرون عن الضعفاء، يعني مشايخ الإجازة ما يرون عن الضعفاء.

إشكال لماذا أغفل الرجاليون مشايخ الإجازة؟ ولم ينصوا على وثاقتهم

الجواب أجاب صاحب المعالم إن الرجاليين لم يكونوا بصدد توثيق أي أحد بل كانوا بصدد توثيق خصوص أصحاب الكتب والمصنفين ولعلهم أغفلوا مشايخ الإجازة لأنهم لم يكونوا من جملة المصنفين هذا سيأتي جوابه والنقض عليه السيد الخوئي والشيخ الداوري أيضا يقول يوجد بعض مشايخ إجازة وثقوا وبعضهم ما وثقوا أنت كيف الآن تدعي أن كل مشايخ الإجازة ما تطرقوا إليهم كما أن بعض مشايخ الإجازة لهم كتب وبعض مشايخ الإجازة ليس لهم كتب[3] ،

هذا غاية ما يمكن الاستدلال به على هذه الدعوى وقد ناقش السيد الأستاذ السيد الخوئي "قدس" في ذلك بمناقشات ثلاث

المناقشة الأولى مناقشة حلية مفاد المناقشة الحلية ما ذكرناه في الأمر الأول وهو إن الغرض من الإجازة هو صحة الإسناد صحة الإخبار جواز التحديث والإخبار عن شيخ الإجازة ومن الواضح أنه يجوز الإخبار حتى عن الكاذب فتكون الإجازة وشيخوخة الإجازة لا تكشف عن الوثاقة.

الأولى وهي مناقشة حلية حل الموضوع حل للإشكال وحاصله أن مشايخ الإجازة بماذا يمتازون عن غيرهم من سائر الرواة وهل هم إلا كغيرهم من الرواة وقد ذكرنا فيما سبق أقسام تحمل الرواية ومنها الإجازة يتحمل الرواية قراءة مناولة سماعا إجازة وجادة واحدة منها الإجازة وفائدتها الإجازة تصحيح الإسناد إلى المجيز إذن ذكر الغرض الأول صحة الإسناد صحة الإخبار والتحديث عن المجيز والحكاية عنه ـ عن المجيز ـ ومعاملته معاملة الراوي يعني معاملة المجيز معاملة الراوي وبالتالي الراوي قد يكون ثقة وقد يكون كاذبا المجيز قد يكون ثقة وقد يكون كاذبا وعليه فلا يكون للمجيز امتياز على نفس الراوي وإذا كانت الرواية عن شخص لا تعتبر توثيقا لذلك الشخص وكذلك الإجازة عن شخص لا تعتبر توثيقا لشيخ الإجازة فمشيخة الإجازة لا تستلزم التوثيق إنصافا هذا كلام تام.

المناقشة الثانية نقضية تقول الشيخ النجاشي ذكر اثنين من مشايخ الإجازة وضعفهم والحال إن مشايخ الإجازة بناء على هذا الكلام ثقاة كيف يضعفهم النجاشي، طبعا يمكن الجواب عن هذا بما سيأتي من كلام الشيخ الداوري وما يستفاد من كلام الشيخ حسن صاحب المعالم إن مشايخ الإجازة بعد الكليني لا غبار عليهم وأما الذين قبل الكليني فيحتاجون إلى توثيق والشيخ النجاشي الذين ضعفهم الاثنين هؤلاء مشايخ التلعكبري التلعكبري أستاذ المفيد وهؤلاء بمثابة مشايخ مشايخ المفيد لأنهم مشايخ التلعكبري ما قبل الكليني قد يجاب بهذا ولكن ستأتي المناقشة أنهم ؟؟؟ فيوجد بعض الأجلاء مما قبل الكليني ممن هم أعظم من ما بعد الكليني والملاك واحد.

الثانية وهي مناقشة نقضية وحاصلها أن النجاشي قد ضعف بعض مشايخ الإجازة كالحسن بن محمد بن يحيى[4] والحسين بن حمدان الخصيبي[5] أو الحضيني وهما ممن أجاز التلعكبري أستاذ المفيد.

المناقشة الثالثة أيضا نقضية أنت تقول أصحاب مشايخ الإجازة لجلالة قدرهم لم يوثقوهم ولأن الأمر مفروغ عنه لم يتطرقوا إلى توثيقهم وإنما تطرقوا لتوثيق أصحاب الكتب ننقض عليكم بأصحاب الإجماع الذين هم اجل قدرا من مشايخ الإجازة وقد تعرضوا لتوثيقهم فكيف من هم أدنى منهم فضلا كسائر مشايخ الإجازة لا يتطرق إلى توثيقهم لأنه مفروغ عنه ويتطرق إلى توثيق أصحاب الإجماع عند الرجاليين.

الثالثة وهي نقضية أيضا وحاصلها أن مشايخ الإجازة لم يكونوا اجل قدرا وارفع مقاما من أصحاب الإجماع الثمانية عشر والحال أنهم ذكروا بالتوثيق أصحاب الإجماع كحماد بن عيسى غريق الجعفة وغيره مع أنهم أشهر من مشايخ الإجازة أصحاب الإجماع فكيف يذكر هؤلاء أصحاب الإجماع ولا يذكر أولئك مشايخ الإجازة

والحاصل النتيجة إن هذه الدعوى من مشايخ الإجازة ثقة لا يمكن الاعتماد عليها

هذا ما أفاده السيد الأستاذ "قدس" ـ السيد الخوئي ـ ونحن وإن كنا نوافقه فيما أفاد إلا أن لنا تفصيلا في المقام فنقول أول مناقشة أولا الملاك هو الشهرة أولا نحن لا نؤمن بحجية هذه الشهرة ثانيا من قال إن هذه الشهرة ثابتة وإذا ثابتة من قال إنها عن حس لا عن حدس وبعبارة أخرى المدار في الشهرة الشهرة عند المتقدمين لا الشهرة عند المتأخرين فالشهرة عند المتقدمين حجة لكنها لم تثبت والشهرة عند المتأخرين لو سلمنا بثبوتها فهي ليست حجة إنصافا مناقشة الشيخ الداوري تامة فنقول أما كلام الشهيد الثاني وأبنه الشيخ حسن صاحب المعالم فالإشكال في الشهرة ومناطها فإن كانت هي الشهرة عند المتأخرين فلا اعتداد بها لأنها حدسية مبنية على الحدس لا الحس كثير من الكتب ما وصلت من أين نبني هذه الشهرة هذه الشهرة مبنية على الاجتهاد وحدس لا عن نقل وحس وإن كانت هي الشهرة عند المتقدمين التي هي حجة وحسية فما الدليل عليها ننكر أنها ثابتة ومع الشك يعني في ثبوتها لا يمكن الاعتماد عليها

نعم إذا أحرزنا أن وثاقتهم ـ وثاقة مشايخ الإجازة ـ كانت عن حس لا عن حدس فيمكن القبول ولكن أنى لنا ذلك يعني الشهرة عند القدماء لم تثبت.

يبقى الدليل الثاني والدليل الثالث الدليل الثاني أنه الرجاليون تطرقوا إلى أصحاب الكتب ولم يتطرقوا إلى مشايخ الإجازة وهكذا ما يظهر من كلام النجاشي وغيره من الرجاليين من أنهم يتورعون عن الرواية عن الضعيف وهذا حال مشايخ الإجازة الجواب من قال إن الشيخ الطوسي لم يتعرضوا وكذلك الرجاليون لم يتعرضوا لأصحاب الإجازة لأنهم ثقاة ومفروغ عن وثاقتهم بل قد يكون لم يتطرق لأن كتبهم مشهورة أو وجود طريق آخر للكتاب أو طرق متعددة فإذن عدم التطرق لا ينحصر في هذه العلة أن مشايخ الإجازة ثقاة.

قال الشيخ الداوري وأما الدليلان الثاني والثالث فهما ضعيفان فإن عدم تطرق الشيخ ومن تقدم عليه لمن هو واقع قبل صاحب الكتاب لعله لكون الكتاب معروفا مشهورا أو لعله لوجود طريق آخر للكتاب أو طرق متعددة فعدم مناقشة الشيخ في أوائل السند لا دلالة فيه على وثاقة رجاله وقد تقدم منا تفصيل ذلك في البحوث السابقة وهكذا الأمر بالنسبة إلى النجاشي فقد علمنا بوثاقة النجاشي من أدلة أخرى عرفنا أن سبكه أنه لا يروي إلا عن ثقة وأما بالنسبة إلى غير النجاشي فلا يمكن الجزم بذلك أنهم لا يرون إلا عن ثقة وعدم تمكين المشايخ أبن الغضائري من الدخول على أبن الأنباري لا يدل على أن ابن الغضائري لم يتصل بغيره ممن حاله حال الأنباري لو تمكن وصل

فما ذكر من الأدلة الثلاثة قاصرة عن إثبات المدعى ثم يقول الأولى استبدال الجواب النقضي للسيد الخوئي بهذا وهو أنه ننقض هكذا أن الرجاليين تطرقوا إلى بعض مشايخ الإجازة ووثقوهم وسكتوا عن البعض الآخر وهذا أفضل نقض.

قال ثم إن الأولى أن يبدل الجواب النقضي الأول الذي ذكره السيد الخوئي "رحمه الله" الذي ذكرناه عن السيد الأستاذ "قدس" إلى القول بأن النجاشي قد يتعرض لكثيرين من مشايخ الإجازة لكنه يصف بعضهم بالوثاقة ويسكت عن البعض الآخر فما هو الفرق في ذلك حسب نظركم وأنتم تقولون إنهم سكتوا عنهم جميعا لوثاقتهم الآن ينقض على نقض السيد الخوئي يبين توجيه إلى نقض السيد الخوئي سيدنا الخوئي أنت قلت النجاشي ضعف اثنين هذان اللذان ضعفهما هما ممن تقدم على الكليني وهم ادعوا الشهرة الشهيد الثاني وصاحب المعالم ادعوا بالنسبة إلى من تأخر عن الكليني فلا يصح النقض وقد يجيب السيد الخوئي إننا لا نقبل بهذه التفرقة والمناط واحد بالنسبة إلى من تقدم ومن تأخر.

ووجه أن الشخصين الذين ضعفهما النجاشي متقدمان زمانا على الكليني وهما ما ورد صفحة 293 الثاني وهي نقضية لو الحسن بن محمد بن يحيى والحسين بن حمدان الخصيبي أو الحظيني ودعوى الشهرة في مشايخ الإجازة بالنسبة إلى ما بعد الكليني لا قبله وكلام الشهيد وأبنه ناظر إلى ما بعد الكليني لا ما قبله

والخلاصة إنه لا يمكننا التسليم بهذه الدعوى في حق مشايخ الإجازة يعني جميعهم ثقاة

نعم يمكن القول إن أكثر مشايخ الإجازة ممن هو متأخر زمانا عن الشيخ محكوم بالوثاقة أكثر وليس جميع فليس ضابط لكن لا لوصف المشيخة يعني العنوان ليس ظاهر في العلية هنا كونه شيخ إجازة يعني أنه لابد أن يكون ثقة فإنها لا توجب التوثيق وإنما تثبت الوثاقة بدليل آخر، هذا تمام الكلام في المبحث الثامن اتضح أن المبحث الثامن ليس تاما.

 

المبحث التاسع

المبحث التاسع الوكالة عن الإمام

تنقيح المطلب وتفصيله

طبعا ذهب البعض إلى أن الوكالة عن الإمام تفيد الوثاقة وذهب البعض الآخر إلى أن الوكالة عن الإمام لا تفيد الوثاقة وهو قول السيد الخوئي وذهب ثالث إلى التفصيل كشيخنا الداوري فنقول الوكالة عن الإمام إما أن تكون شخصية وإما أن تكون عامة، الوكالة الشخصية كما لو كان خادما للإمام “عليه السلام” أو وكله الإمام في قضاء حاجة معينة فهذا لا يكشف عن الوثاقة وإنما يدور مدار المصلحة، اقتضى المصلحة أن يوكل الإمام “عليه السلام” شخصا خاصا في قضية خاصة بخلاف الوكالة الثانية وهي الوكالة العامة كما لو كان وكيلا للإمام “عليه السلام” في إبلاغ الأحكام الشرعية أو كان وكيلا عن الإمام “عليه السلام” في جبي الأموال فإنه لابد أن يكون ثقة.

السيد الخوئي يقول في كتاب الوكالة لا يشترط في الوكيل أن يكون عدلا هذا ما ثبت في الفقه الإسلام الوكيل لا يشترط فيه العدالة وبالتالي وكلاء المراجع لا يشترط فيهم العدالة فضلا عن وكلاء الأئمة عليهم السلام لأن وكلاء الأئمة ما يشترط فيهم العدالة فكيف بوكلاء المراجع فضلا عن غيرهم لذلك يرى السيد الخوئي أن الذي يوجب التوثيق هو القائم مقام يعني الممثل الخاص النيابة كالسفراء الأربعة أما غيرهم فلا يثبت.

الشيخ الداوري "حفظه الله" يخالف السيد الخوئي ويقول الوكالة العامة تقتضي والصحيح ما صححه شيخنا الأستاذ الشيخ مسلم الداوري فنلتزم بالتفصيل لأن إذا الوكالة في شأن عام إبلاغ دين إبلاغ أحكام شرعية جبي أموال وباسم الإمام لابد أن يكون ثقة وإذا أطلقت الوكالة ولم نعلم أنها وكالة خاصة أو وكالة عامة فإنها تنصرف إلى الوكالة العامة الوكالة الخاصة التي تحتاج إلى تنصيص وتخصيص وقد ينقض على ذلك بالوكلاء المذمومين وقد ذكر الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة قائمة بأسماء الوكلاء الممدوحين وأسماء الوكلاء المذمومين والجواب الإمام “عليه السلام” حينما وكلهم كانوا ثقاة وعدولا صالحين ثم بعد ذلك انحرفوا أغرتهم الأموال أغرتهم الدنيا وإلا وكلاء الإمام الكاظم كأعمدة الوقف علي بن أبي حمزة البطائني وزياد بن مروان القندي وعثمان بن عيسى الرواسي هؤلاء الثلاثة أعمدة الوقف كانوا من الصالحين وكانوا يرون عن الإمام الكاظم “عليه السلام” فلما مات وطالبهم الإمام الرضا بالأموال والجواري أنكروا إمامة الإمام الرضا فقال عثمان بن عيسى الرواسي كان عنده سبعين ألف دينار وألف جارية وأما علي بن أبي حمزة كان عنده ثلاثين دينار الإمام الرضا أرسلوا له أن أبعث لي بالأموال والجواري فقال عثمان بن عيسى الرواسي أما الأموال فأكلتها وأما الجواري فقد تزوجتها وأما موسى بن جعفر فقد غاب ولم يمت وهو المهدي المنتظر فأنكروا إمامة الإمام لذلك الوقف ما استمر لأنه مو مذهب فكري مذهب مصلحي قائم على الأموال أعمتهم الدنيا.

تطبيق العبارة

قال الشيخ الداوري "حفظه الله" ادعى بعضهم أن الوكالة عن الإمام دليل على الوثاقة مطلقا هذا القول الأول أي سواء كانت الوكالة في القضايا الشخصية كالخادم والبواب والقيم أو كانت في القضايا العامة كالأمور الدينية والمالية ونحوهما وإليه ذهب العلامة الشيخ عبد الله المامقاني في مقباس الهداية الجزء الثاني صفحة 259 بل عن الوحيد البهبهاني "قدس" أنها ـ الوكالة عن الإمام ـ من أقوى أمارات المدح بل من أقوى أمارات الوثاقة والعدالة

القول الثاني وادعى آخرون عدم الدلالة مطلقا لا الوكالة الخاصة ولا الوكالة العامة وإليه ذهب السيد الأستاذ[6] السيد الخوئي معجم رجال الحديث الجزء الأول صفحة 71 المقدمة

وثالث الأقوال التفصيل وهو الأرجح كما سيأتي قول الشيخ الداوري "حفظه الله"

وقد استدل للقول الأول بأمرين القول الأول الوثاقة مطلقا الدليل الأول أمر الأول: بالرواية الواردة في الأمر بالإرجاع إلى الحاجز بن يزيد روى الكليني "رحمه الله" عن علي عن محمد عن الحسن بن عبد الحميد قال شككت في أمر حاجز هذا وكيل للإمام أو لا فجمعت شيئا ثم صرت إلى العسكر يعني ذهبت إلى العسكر سامراء فخرج إلي ـ جاء الجواب الكتبي ـ ليس فينا شك ولا في من يقوم مقامنا بأمرنا رد ما معك إلى حاجز بن يزيد[7]

فبقوله “عليه السلام” ليس فينا شك ولا في من يقوم مقامنا بأمرنا يعني قائم مقام يستدل على أن الوكيل عن الإمام “عليه السلام” يعامل معاملة الوثوق والاطمئنان.

السيد الخوئي يقول هذه الرواية ظاهرة في النائب الخاص الممثل وليست ظاهرة في مطلق الوكيل، الشيخ الداوري يستظهر أنها ظاهرة في الوكيل.

الثاني الدليل العقلي وحاصله إن العادة والسيرة العرفية جرت على أن الإنسان لا يوكل في أموره إلا من كان موثوقا به ومطمئنا إليه وإذا كان هذا حال سائر الناس فكيف بالإمام “عليه السلام”؟ يعني نستدل بالأولوية القطعية.

وقد ناقش السيد الأستاذ السيد الخوئي "قدس" في كلا الدليلين

أما الرواية فهي مورد للإشكال سندا ودلالة ففي السند الحسن بن عبد الحميد وهو ممن لم يوثق ولم يذكر بمدح ولا ذم وليس له في الكتب الأربعة غير هذه الرواية فهو مجهول فتصير الرواية ضعيفة.

الثاني وفي الدلالة من جهة أن قوله “عليه السلام” من يقوم مقامنا ناظر إلى من كان في مقام النيابة عنهم عليهم السلام كالنواب والسفراء من قبلهم عليهم السلام

وأما الدليل العقلي ففيه أولا السيد الخوئي يقول لا توجد ملازمة بين الوكالة والوثاقة لذلك ذهب الفقهاء في الفقه إلى أن الوكيل لا يشترط فيه العدالة وأما الدليل العقلي ففيه أولا لا ملازمة بين الوكالة والوثاقة فمن الجائز شرعا أن يوكل الإنسان فاسقا وقد قام الإجماع على ذلك جواز توكيل الفاسق والظاهر نفي الملازمة العقلية والشرعية بين الوكالة والوثاقة بقرينة الإجماع، قرينة الإجماع يعني الإجماع يدل على عدم الملازمة الشرعية والدليل العقلي بحكم العقل أيضا لا نرى وجود ملازمة.

وثانيا دليل نقضي إنه ورد الذم في بعض الوكلاء بل صنف الوكلاء إلى ممدوحين ومذمومين وهذا كاشف عن عدم الملازمة بين الوكالة والوثاقة فهذا الدليل ساقط عن الاعتبار. [8]

الشيخ الداوري يقول نحن نتفق مع السيد الخوئي في النتيجة أن الوكالة لا تدل على الوثاقة بالنسبة إلى الوكالة الخاصة وأما في الوكالة العامة فلا نقبل كلام السيد الخوئي ونستظهر من هذه الرواية الوكالة العامة لا خصوص النيابة.

قال ونحن وإن كنا نوافق السيد الأستاذ "قدس" فيما ذكره بالنسبة إلى سند الرواية لعدم توثيق الحسن بن عبد الحميد فيوافقه في المناقشة السندية دون المناقشة الدلالية إلا أن ما أفاده من جهة الدلالة محل نظر وتأمل وذلك لأن قوله “عليه السلام” من يقوم مقامنا مطلق ولا اختصاص له بأمر دون آخر فلا وجه لتخصيص الرواية بما إذا كانت الوكالة على سبيل النيابة بل تشمل جميع الأمور يسيرة كانت أو خطيرة ولكن كلام شيخنا الأستاذ الداوري محل تأمل من يقوم مقامنا بأمرنا ليس ظاهرة في أي وكالة عامة فيه قائم مقامية الآن يوجد وكلاء للمراجع ويوجد معتمدين هذا وكيل وصل إلى درجة الاعتماد لذلك يقولون هذه وكالة وهذه اعتمادية ما يعتمد المرجع على واحد غير ثقة ومن باب أولى الإمام المعصوم ما يعتمد على واحد غير ثقة إذن الوكالة العامة إذا وصلت إلى درجة الاعتماد

وأما الدليل العقلي فالظاهر أنه يمكن القول بالتفصيل وإن الوكالة في دلالتها على التوثيق وعدمه تختلف بحسب الموارد فإن كانت في الأمور الشخصية كالبواب والخادم القيم فلا دلالة فيه على الوثاقة وإن كانت في الأمور الدينية والقضايا المالية أو كانت على نحو العموم كالوكلاء الأربعة فلا نوافق على عدم الحكم بالوثاقة بل قد تكون فوق الوثاقة هذا في درجة الاعتمادية والنيابة، فلا يمكن أن يولى الإمام “عليه السلام” أحدا على ناحية من النواحي أو في أمر ديني أو نحو ذلك فهو غير ثقة إنصافا هذا كلام عرفي، وذلك للدليل العقلي أنه العاقل ما يوكل من لا يوثق به لكن لا من حيث الملازمة العقلية بل من حيث الملازمة العادية عادة هكذا أي بمقتضى السيرة العرفية وعادة العقلاء وسيرة أهل الشرع أن الوكيل في مثل هذه القضايا ثقة فكيف بالإمام “عليه السلام” وهو سيدهم

ولو جوزنا للمعصوم “عليه السلام” أن يتخذ شخصا غير عادل وكيل عنه لكان فيه مهانة وهتكا للدين ويجل مقام الإمام “عليه السلام” من ذلك

ومما يؤيد ذلك الآن يذكر مؤيد أن الوكالة العامة تدل على الوثاقة صدور الطعن فيمن انحرفوا بمجرد ينحرف أو يدعي الإمام يذمه كابن الشلمغاني صدر في حقه اللعن مما يدل أنه واضح انه مرتكز عرفي الآن المرتكز في ذهن الناس عرفا هكذا أن الوكيل ثقة ومما يؤيد أن الوكالة العامة تدل على الوثاقة أن من سولت له نفسه وادعى الوكالة زورا عن الأئمة عليهم السلام لم يسكتوا الأئمة على ذلك بل بادروا على التكذيب وإصدار التوقيعات ـ الرسائل ـ المكذبة للدعوى الباطلة حذرا من وقوع الفساد في الدين فكيف يمكن الالتزام بأن الإمام يسكت عن وكيل يضع الأحاديث ويضلل الناس من دون أن يظهر أمره؟

ومما يؤيد أيضا ما ورد في بعض الروايات الدالة على منزلة الوكيل عند الإمام “عليه السلام” لكن قد يقال هذه الروايات ناظرة إلى من وصل إلى درجة التمثيل والاعتماد ومنها ما ورده الشيخ الطوسي بسند صحيح في كتاب الغيبة عن ابن أبي جيد عن أبي الوليد عن الصفار عن محمد بن عيسى قال كتب أبو الحسن العسكري “عليه السلام” إلى الموالي ببغداد والمدائن والسواد وما يليها يعني مواليه ومحبيه وشيعته، بغداد والمدائن والسواد يعني ارض العراق.

قال قد أقمت أبا علي بن راشد مقام علي بن الحسين بن عبد ربه ومن قبله من وكلائي وقد أوجبت في طاعته طاعتي وفي عصيانه الخروج إلى عصياني[9] هذا تنزيل قائم مقام وفي رواية أخرى طويلة وصار في منزلته عندي ووليته ما كان يتولاه غيره من وكلائي قبلكم ليقبض حقي وارتضيته لكم وقدمته على غيره في ذلك وهو أهله وموضعه...[10] الشاهد أن الظاهر أن الإمام في وكلائه هكذا يرى

وبناء على هذا فإذا كان الوكلاء عن الأئمة في الأمور الدينية أو كانت الوكالة عامة حكم بوثاقتهم وقبلت رواياتهم وقد نص الرجاليون على من ثبتت وكالته عن الإمام “عليه السلام” وأما إذا كانت الوكالة عن الأئمة "عليهم السلام" في الأمور الشخصية كالبواب والخادم والقيم فلا يمكن الحكم بالوثاقة لأن هذه الأمور الخاصة لا توجب التوثيق ومجرد الانتساب للإمام بأحد هذه الأسباب لا يقتضي الوثاقة بل يكون من مقتضى المصلحة أن يجعله وكيلا في أمر خاص

ثم إن المنصرف من إطلاق الوكيل إلى القسم الأول وهم الوكلاء في الأمور الدينية والقضايا العامة لا إلى القسم الثاني وهم الوكلاء في الأمور الشخصية

كما أن الرجاليين يميزون بين الوكيل وغيره في تعبيراتهم

وأما ما ذكره السيد الأستاذ "قدس" من أن بعض الوكلاء ورد في حقهم الذم فهذا لا نقض فيه لأن الوكيل حين التوكيل كان عادلا ثم تبدل حاله فالإشكال غير وارد فالذي يقوى في النفس هو القول بالتفصيل بحسب الموارد فكل من أطلق عليه الوكيل فهو ثقة إنصافا كلام الشيخ الداوري تام

وقد ذكر الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة بعض وكلاء الأئمة "عليهم السلام" الممدوحين فهم وغيرهم ممن ثبتت وكالتهم عن الأئمة "عليهم السلام" محكومون بالوثاقة

وتميما للفائدة نورد أسماء بعض من ثبت أنه وكيل عن الأئمة "عليهم السلام" وهم الأول أيوب بن نوح بن دراج إلى الخامس والأربعين ابن بند وغيرهم ممن يعلم بالتتبع والفحص،

هذا تمام الكلام في الأمر التاسع، المبحث العاشر رواية الأجلاء يأتي عليها الكلام.

 


[1] الرعايه في علم الدرايه، الشهيد الثاني، ج1، ص192.
[2] منتقى الجمان فى الاحاديث الصحاح و الحسان‌، العاملي، حسن بن زين‌الدين الشهيد الثاني (صاحب المعالم)، ج1، ص39.
[3] منتقى الجمان فى الاحاديث الصحاح و الحسان‌، العاملي، حسن بن زين‌الدين الشهيد الثاني (صاحب المعالم)، ج1، ص39.
[4] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص64.
[5] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص67.
[6] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص71.
[7] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج1، ص521.
[8] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص71.
[9] کتاب الغيبه، الشيخ الطوسي، ج1، ص350.
[10] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص800.