الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/09/12

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: المبحث الخامس الرواة في كتابي الرّحمة والمنتخبات لسعد الأشعري

 

المبحث الخامس الرواة في كتابي الرحمة والمنتخبات لسعد بن عبد الله الأشعري إذن المبحث الخامس يتناول كتابين فيقع الكلام في مقامين:

المقام الأول كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله

المقام الثاني كتاب المنتخبات لسعد بن عبد الله

أما بالنسبة إلى المقام الأول وهو كتاب الرحمة فالمدرك فيه هو التمسك بديباجة الشيخ الصدوق في مقدمة كتابه من لا يحضره الفقيه إذ قال وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة وعليها المعول وإليها المرجع ككتاب حريز بن عبد الله السجستاني وكتاب الرحمة لسعد بن عبد الله إلى آخر ما ذكره من كتب.

تقريب الاستدلال

استظهر شيخنا الأستاذ الداوري “حفظه الله” أن جميع روايات الكتاب من لا يحضره الفقيه صحيحة واعتمد على ذلك بشهادة الصدوق في مقدمة كتابه وفيها مقطعان:

المقطع الأول قوله "رحمه الله" وجميع ما فيه أفتي به فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره وهذه العبارة تشير إلى اعتقاد الصدوق بصدور هذه الروايات واقعا عن النبي والأئمة "عليهم السلام".

المقطع الثاني قول الصدوق في نهاية الديباجة وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع من هنا يقول الشيخ الداوري نحن لا نحتاج إلى روايات الصدوق لأنها مستخرجة من كتب مشهورة والغاية من معرفة الطريق إلى الكتاب هو إثبات نسبة الكتاب إلى مؤلفه فالسند يثبت أن هذا الكتاب ككتاب الرحمة هو لسعد بن عبد الله فإذا ما كان الكتاب من الكتب المشهورة واشتهر أن هذه النسخة من كتاب الرحمة هي لسعد بن عبد الله فنحن لا نحتاج إلى طريق إلى المؤلف هذا بالنسبة إلى المقطع الأول من السند منا إلى مؤلف الكتاب يعني الطريق إلى الكتب نحن لا نحتاج يقول الشيخ الداوري.

المقطع الثاني من السند من سعد بن عبد الله إلى الإمام المعصوم يعني الأسانيد الواردة داخل الكتاب الشيخ الداوري يقول إن الصدوق قد شهد أنه يفتي بها فيما بينه وبين ربه تقدس ذكره وأن هذه من الروايات التي عول عليها الأصحاب واعتمد عليها فإذن نحن لا نحتاج إلى دراسة السند مطلقا لا في أول الكتاب ولا في آخر الكتاب من هذه الكتب كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله لأنه نص عليه في ديباجة الفقيه وإذا رجعنا إلى رجال النجاشي والشيخ الطوسي نجد أن الشيخ الطوسي "رحمه الله" نص على أن كتاب الرحمة مؤلف من خمسة كتب كتاب الطهارة وكتاب الصلاة وكتاب الصوم والحج والزكاة وبالتالي إذا ابتدأ الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه الرواية بسعد بن عبد الله وكانت هذه الرواية من كتاب الطهارة أو الصلاة أو الزكاة أو الصوم علمنا أن هذه الرواية من كتاب الرحمة نعم لو كانت الرواية من روايات الحج فإننا نشك لأن سعد بن عبد الله له كتابان في الحج الكتاب الأول ضمن كتاب الرحمة والكتاب الثاني مستقل عن كتاب الرحمة فلا نستطيع أن نحمل جميع روايات الحج في من لا يحضره الفقيه التي ابتدأ بها الصدوق بسعد بن عبد الله على أنها من روايات كتاب الرحمة، هذا تمام الكلام في تقريب استدلال الشيخ الداوري لكتاب الرحمة لسعد بن عبد الله وفيه أنه ليس بتام صغرا وكبرا أما الكبرى فلأننا ننكر دلالة كلام الصدوق على صحة جميع روايات من لا يحضره الفقيه فإن الصدوق كان في مقام بيان مدى اعتبار كتابه فأنت حينما تألف كتابا وتذكر فيه روايات من الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار فإنك تقول قد كتبت هذا الكتاب وأوردت فيه روايات من الكتب المعتبرة للثقات من أصحابنا فهل هذا التعبير يستفاد منه وثاقة جميع الرواة الواردين في كتابك؟ كلا هذا في مقام مدح الكتاب وبيان مدى اعتباره الشيخ الصدوق حينما يقول وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المؤول وإليها المرجع فهو كان في مقام بيان اعتبار كتابه لا في مقام التوثيق.

وأما قوله أفتي به فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره فهذا رأي اجتهادي واجتهاد الصدوق حجة عليه وليس بحجة علينا ويشير أنه كفقيه وكمحدث يفتي والإفتاء عبارة عن خبر حدسي لا حسي فإفتاء الصدوق حجة عليه وليس بحجة علينا هذا بالنسبة إلى الكبرى.

وأما بالنسبة إلى الصغرى فإننا لا نسلم أن الصدوق إذا بدأ باسم شخص يكون قد أخذ الرواية من كتابه نعم صرح الشيخ الطوسي "رحمه الله" في مشيخة التهذيب والاستبصار أنه يبدأ السند باسم الرجل الذي أخذ الرواية من كتابه فإذا بدأ الشيخ الطوسي سند الرواية بسعد بن عبد الله نعرف أنه قد أخذ الرواية من كتاب سعد بن عبد الله وأما الصدوق فلا يوجد له تصريح في أنه يبدأ السند باسم الراوي الذي أخذ الرواية من كتابه فإذا بدأ الشيخ الصدوق الرواية بسعد بن عبد الله فهذا لا يدل على أنه قد أخذ الرواية من كتاب سعد بن عبد الله وقد ناقشنا شيخنا الأستاذ الداوري في مجلس الدرس فقلت له شيخنا الأستاذ إن الشيخ الطوسي قد صرح بأنه يبدأ السند باسم الراوي الذي يبدأ الرواية باسمه لكن الصدوق لم يصرح فكيف استظهرتم أنه يبدأ السند باسم الراوي الذي أخذ الرواية من كتابه فقال قد ظهر لنا هذا من التتبع أي أنه حصل للشيخ الداوري اطمئنان ووثوق بأن الصدوق سيرته كسيرة من جاء بعده وهو الشيخ الطوسي أنه يبدأ السند باسم الراوي الذي أخذ الرواية من كتابه.

أقول أولا من أين حصل للشيخ الداوري هذا الاطمئنان مع أن أكثر الأصول والمصنفات لم تصل إلينا وثانيا لو حصل من خلال تتبعه في الكتب وهو بحاثة مدقق خبير إلا أن اطمئنانه حجة عليه وليس بحجة علينا هذا أولا من ناحية الصغرى، المناقشة الأولى ابتداء الصدوق بالسند لا يعني أنه أخذ الرواية من كتاب الشخص الذي بدأ به السند.

ثانيا لو تنزلنا وسلمنا بمبنى الشيخ الداوري أن الصدوق يبدأ السند باسم الراوي الذي أخذ الرواية من كتابه نقول من أين نعلم أن هذه الرواية هي من كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله فلربما تكون من كتاب آخر له فإن سعد بن عبد الله له كتب كثيرة وقد ذكر الشيخ الداوري في خصوص الحج أن له كتاب ضمن كتاب الرحمة وله كتاب مستقل آخر والذي صرح بأن كتاب الرحمة فيه خمسة أقسام هو الشيخ الطوسي وأما الشيخ النجاشي فقد ذكر كتاب الرحمة بشكل مستقل وكتب كتاب الطهارة وكتاب الصلاة وكتاب الصوم بشكل مستقل فلعل لسعد بن عبد الله كتب أخرى في الطهارة والزكاة والحج والصوم غير كتاب الرحمة، إذن القول بأن كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله يدل على وثاقة أي راو روي في هذا الكتاب ويعرف ذلك من خلال ابتداء الشيخ الصدوق للسند بسعد بن عبد الله في أربعة كتب وهي الطهارة والصلاة والصوم والزكاة دون الحج هذا المبنى ليس بتام صغرا وكبرا.

ويقع الكلام في المقام الثاني وهو كتاب المنتخبات من بصائر الدرجات فقد ذكر الشيخ الطوسي والنجاشي أن سعد بن عبد الله كان عنده كتاب اسمه بصائر الدرجات وهو كتاب كبير واختصره نفس سعد بن عبد الله في مختصر واسماه كتاب المنتخبات والشيخ الصدوق يروي جميع كتب وروايات سعد بن عبد الله بواسطة أبيه وبواسطة شيخه محمد بن الحسن بن الوليد فالصدوق يروي عن أبيه وابن الوليد جميع كتب وروايات سعد بن عبد الله عدا كتاب المنتخبات فإنه قد استثنى منه بعض الروايات وروى بعض الروايات بواسطة ابن الوليد عن الرجال الثقات وهذا هو مدرك المسألة ما نقله الشيخ الطوسي عن الصدوق من أنه يروي كتاب المنتخبات عن طريق الرجال الثقات فيستظهر الشيخ الداوري أنها تدل على وثاقة جميع الرجال الواردين في المنتخبات إلا أن الإشكال في الصغرى لا الكبرى فلو سلمنا بالكبرى وهو أن جميع الرجال الواردين في كتاب المنتخبات تام وصحيح وموثق يقع الكلام في أنه كيف نعرف الرجال الواردين في كتاب المنتخبات.

يوجد كتاب لتلميذ الشهيد الأول وهو عبارة عن اختصار كتاب بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله وأطلق عليه كتاب المنتخبات فقيل إن هذا الكتاب هو كتاب سعد بن عبد الله وفيه إن كتاب سعد بن عبد الله قد ذكر الشيخ الطوسي أنه ما يقرب من ألف صفحة وهذا الكتاب المتداول اليوم والمطبوع لا يصل إلى ألف صفحة.

وثانيا إن نفس المؤلف وهو تلميذ الشهيد الثاني لم يسميه كتاب المنتخبات بل اسماه مختصر بصائر الدرجات بخلاف كتاب سعد بن عبد الله الذي اسماه هو بنفسه كتاب المنتخبات.

وثالثا كتاب المنتخبات هو عبارة تأليف سعد بن عبد الله وانتخاب نفس سعد بن عبد الله للروايات من بصائر الدرجات وليس هو عبارة عن انتخاب شخص غيره وهو تلميذ الشهيد الأول إذن عدم إحراز أن مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله هو نفس كتاب المنتخبات لتلميذ الشهيد الأول إذن الشيخ الداوري عنده المبنى الأول تام وهو كتاب الرحمة المبنى الثاني غير تام وهو كتاب المنتخبات ونحن لا نبني على كليهما.

المبحث الخامس الرواة في كتابي الرحمة والمنتخبات لسعد بن عبد الله الأشعري المقام الأول ثبوت شهادة الصدوق بصحة الروايات مع وثاقة الرجال فيها هذا بالنسبة إلى كتب سعد بن عبد الله ومنها كتاب الرحمة وقد أتضح أن المبنى غير تام صغرا وكبرا.

المقام الثاني عدم إحراز أن مختصر بصائر الدرجات هو المنتخبات يعني هناك مناقشة في الصغرى لا الكبرى.

 

تطبيق العبارة

قال النجاشي في ترجمة سعد بن عبد الله شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها إلى أن يقول صنف سعد كتبا كثيرة وقع إلينا منها كتاب الرحمة يعني وصل إلينا كتاب الرحمة كتاب الوضوء كتاب الزكاة لم يذكر النجاشي أن هذه الكتب من ضمن كتاب الرحمة ظاهر العطف هو الاستقلال كتاب الرحمة كتاب الوضوء كتاب الزكاة كتاب الصوم كتاب الحج ثم يذكر بقية كتبه إلى أن يقول كتاب بصائر الدرجات وكتاب المنتخبات رواه عنه حمزة بن القاسم خاصة ثم يذكر طريقه ـ النجاشي ـ إلى هذه الكتب وقال الشيخ الطوسي عنه ـ عن سعد بن عبد الله الأشعري ـ جليل القدر واسع الأخبار كثير التصانيف ثقة فمن كتبه كتاب الرحمة وهو يشتمل على كتب جماعة منها كتاب الطهارة وكتاب الصلاة وكتاب الصوم وكتاب الحج وكتاب الزكاة ثم بعد ذلك قال كتاب جوامع الحج فكتاب جوامع الحج مستقل عن كتاب الرحمة لكن بخلاف عبارة النجاشي لم يعطف بالواو كتاب الرحمة كتاب الوضوء كتاب الزكاة كتاب الزكاة ظاهره الاستقلال فكيف تتمسك يا شيخنا الداوري بخصوص كلام الشيخ الطوسي.

ثم يعدد الشيخ الطوسي بقية كتب سعد بن عبد الله إلى أن ينتهي إلى بصائر الدرجات فيقول نحو ألف ورقة أخبرنا بجميع كتبه ورواياته عدة من أصحابنا يعني الشيخ الطوسي عن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه يعني الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن يعني ابن الوليد عن سعد بن عبد الله عن رجاله[1] إذن سند الشيخ الطوسي إلى كتب سعد بن عبد الله صحيح عدة الشيخ فيها أكثر من ثقة الصدوق ثقة أبوه محمد بن الحسن بن الوليد ثقات السند صحيح.

قال أبن بابويه يعني الصدوق الشيخ الطوسي ينقل عن الصدوق، قال ابن بابويه إلا كتاب المنتخبات يعني الشيخ الطوسي والصدوق يرون جميع كتب وروايات سعد بن عبد الله إلا بهذا السند عن محمد بن الحسن بن الوليد إلا كتاب المنتخبات فإني لم أروها عن محمد بن الحسن يعني كل كتاب المنتخبات ما رويته عن محمد بن الحسن إلا أجزاء قرأتها عليه وأعلمت على الأحاديث التي رواها محمد بن موسى الهمداني وقد رويت عنه يعني عن محمد بن الحسن كل ما في كتاب المنتخبات مما اعرف طريقه من الرجال الثقات[2] هذا مدرك المقام الثاني مدرك وثاقة رجال كتاب المنتخبات.

والمستفاد من عبارة الشيخ الطوسي أمران:

الأمر الأول يتعلق بكتاب الرحمة

الأمر الثاني يتعلق بكتاب المنتخبات

ما يتعلق بكتاب الرحمة ناظر فيه إلى ديباجة الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه ما يتعلق بكتاب المنتخبات ناظر فيه إلى ما ذكره الشيخ الطوسي ونقله عن الصدوق.

قال والمستفاد من عبارة الشيخ أمران الِأول إن كتاب الرحمة يشتمل على خمسة كتب وهي الطهارة الصلاة والصوم والزكاة والحج ونحن وإن ذكرنا كتاب الرحمة فيما سبق في عبارة الشيخ النجاشي إلا أننا لم نذكر اشتماله ـ كتاب الرحمة ـ على هذه الكتب الخمسة وقد ذكرها الشيخ الطوسي وذكر الصدوق في أول الفقيه أن كتاب الرحمة من الكتب المشهورة التي عليها المعول وإليها المرجع ولا يحتاج إلى طريق هذا كلام الشيخ الداوري وليس كلام الصدوق كلام الصدوق وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع ولو ذكر نص الكلام وأشار إلى المصدر لكان أفضل.

الشيخ الداوري استنتج من هذه العبارة أنها لا تحتاج إلى طريق ورواياتها كلها صحيحة[3] ، الشيخ الصدوق لم يعبر بأنها صحيحة الذي عبر بالصحيح الكليني في الكافي والعمل بالآثار الصحيحة الشيخ الصدوق لم يعبر أنها صحيحة قال أفتي بها فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره، إذن هذين عبارتين من الصدوق وعبارتين من الشيخ الداوري التي عليها المعول وإليه المرجع هذه عبارة الصدوق ولا يحتاج إلى طريق ورواياتها كلها صحيحة هذا استنتاجان للشيخ الداوري.

يعلق الشيخ الداوري ويقول ومقتضى الشهادة أنه كتاب الرحمة من الكتب المعتبرة المصححة التي لا تحتاج إلى طريق قبل صاحبه ولا بعده وكل ما يرويه الصدوق في الفقيه ـ الآن هذه الكبرى وناقشناها الآن يأتي إلى الصغرى ـ يقول الصدوق إذا بدأ السند في كتاب الطهارة والصلاة والصوم والزكاة دون الحج فهو من كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله قلنا هذا فيه تأمل هذا أول الكلام لأن النجاشي جاء في عبارته أن سعد بن عبد الله عنده كتاب الوضوء وكتاب الصلاة وكتاب الزكاة وكتاب الصوم فلعل هذه الكتب غير كتاب الرحمة.

يقول الشيخ الداوري وكل ما يرويه الصدوق في الفقيه عن سعد بن عبد الله في العبادات فهو من كتاب الرحمة وفيه تأمل فيه إشكال إلا ما يورده في الحج فاحتمل أنه من كتاب الرحمة كما يحتمل أنه من كتاب جوامع الحج فلابد من التمييز في خصوص روايات الحج بل يمكن أن يستفاد مما ذكره بالنسبة إلى كتاب المنتخبات من استثناء بعض رواته ورواياته، من الذي ذكر؟ الصدوق استثنى بعض روايات كتاب المنتخبات ما رواها عن محمد بن الحسن بن الوليد وعلم عليها ثم قال ؟؟؟ الروايات الصحيحة يستفاد أن الذي لم يستثنى وهو باقي روايات كتاب المنتخبات وكل كتب سعد بن عبد الله أنها رواها عن الثقات كما يستظهر ذلك بالنسبة إلى كتاب نوادر الحكمة، نوادر الحكمة لمحمد بن أحمد بن يحيى جاء محمد بن الحسن بن الوليد واستثنى منها تقريبا ثلاثين مورد اثنين وثلاثين مورد على اختلاف نقل النجاشي ونقل الشيخ الطوسي في الفهرست فقال هذه الموارد الثلاثين أو الاثنين وثلاثين ما أعمل بها يعني الباقي يعمل بها أكثر الموارد الثلاثين أسماء رواة في بعض الموارد إذا قال عن رجل أو عن كذا فهنا قلنا وهذا المبنى يبني عليه الشيخ الداوري ونحن نبني عليه أن من لم يستثنى في نوادر الحكمة فهو ثقة لأن الذين وثقوه ثلاثة الذي استثنى أولا محمد بن الحسن بن الوليد ومضى على استثناءه الصدوق ومضى على استثنائهما ابن نوح السيرافي إلا في محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني فلا أدري ما رابه فيه وفي نسخة من رجال النجاشي فلا أدري ما رأيه فيه.

قال وطريقها عن الرجال الثقات يقول هكذا أن روايته ـ الصدوق ـ لبقية كتبه سعد بن عبد الله بدون استثناء ما استثنى منها قرينة على أن جميع رواياتها ـ روايات سعد بن عبد الله التي رواها الصدوق ـ معتبرة وطريقها عن الرجال الثقات وإلا لو لم تكن جميعها معتبرة وعن الثقات فلا وجه لاختصاص الاستثناء بكتاب المنتخبات فلاحظ.

الثاني وثاقة من ورد في كتاب المنتخبات ممن وقع في السند بعد سعد بن عبد الله بشهادة الصدوق التي نقلها الشيخ الطوسي عنه

وأما من وقع قبل سعد فهو أيضا لا إشكال فيه فإن طريق الشيخ الطوسي إلى الصدوق صحيح وذكرناه كما أن طريق الصدوق إلى المنتخبات صحيح أيضا

والحاصل يعني السند ما قبل سعد وما بعد سعد صحيح والحاصل إن أسناد كتاب المنتخبات ومن بعده صحيحة ورجالها ثقات ويبقى كيفية التعرف على رجال المنتخبات المعنيين بتوثيق الصدوق يعني الذي عناهم الصدوق بالتوثيق وهم الواقعون بعد سعد بن عبد الله يعني الكبرى تامة بالنسبة إلى كتاب المنتخبات يقع الكلام في الصغرى كيف نتعرف على الرجال الواردين الآن يبين هذه الصغرى يقول:

ثم إننا بعد التتبع وجدنا أن تلميذ الشهيد وهو الشيخ حسن بن سليمان ابن خالد قد اختصر كتاب بصائر الدرجات سماه كتاب مختصر بصائر الدرجات وقد يقال منتخب البصائر تخفيفا إذن سماه مختصر ما سماه منتخب وأضاف إليه روايات أخرى من غيره ـ من غير بصائر الدرجات ـ وقد ذكر طريقه إلى روايات سعد[4] وقد اسماه صاحب كتاب صحيفة الأبرار بالمنتخبات صاحب صحيفة الأبرار هو الميرزا محمد تقي بن المولى محمد بن الحسين بن زين العابدين بن علي بن إبراهيم المامقاني التبريزي وعليه فكل رواية وردت في هذا الكتاب ـ كتاب منتخبات الشيخ حسن بن سليمان بن خالد ـ في هذا الكتاب عن الصدوق إلى سعد بن عبد الله فهي من كتاب المنتخبات فتكون فائدة كتاب مختصر بصائر الدرجات في هذا المقام التعريف بأسماء الرواة الذين عناهم الصدوق بالتوثيق.

الشيخ الداوري يناقش في هذه الصورة يقول ولكن في إثبات اتحاد المختصر مع المنتخبات اتحاد المختصر يعني مختصر تلميذ الشهيد الأول الشيخ حسن بن سليمان بن خالد مع المنتخبات يعني مع كتاب المنتخبات لسعد بن عبد الله بتسمية شخص آخر له بالمنتخبات، من هو الشخص الآخر الذي سماه بالمنتخبات؟ من جاء بعد الشيخ حسن بن سليمان بن خالد، الشيخ حسن عبر مختصر بصائر الدرجات جاء من بعده وقال هذا كتاب المنتخبات يقول فيه إشكال واضح وذلك أولا تصريح المؤلف بأن الكتاب اسمه كتاب مختصر البصائر فإنه قال في أوله نقلت من كتاب مختصر البصائر تأليف سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي "رحمه الله"[5] وهو الظاهر من كلام الشيخ الحر العاملي أيضا حيث قال في ترجمة المؤلف الحسن بن سليمان بن خالد الحلبي فاضل عالم فقيه له مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله يروي عن الشهيد.[6]

والإشكال الثاني إن الظاهر من كلام الشيخ الطوسي في الفهرست[7] والنجاشي في رجاله[8] إن كتاب المنتخبات من نفس سعد يعني تأليف نفس سعد بن عبد الله هو الذي انتخبه ويقع في ألف ورقة وأما الكتاب الذي انتخبه تلميذ الشهيد "رحمه الله" فهو لا يصل إلى مئة ورقة طبعا مئة من الكتب القديمة الذي كانت على الجلد أيام الشيخ الطوسي في هذا الزمان طبيعي أن تكون أقل من مئة ورقة، يقول والفرق بينهما بيّن والله العالم لا الفرق بهذا المعنى وعدد الأوراق ليس بيّنا الفرق هو في هذا أن الذي انتخب الروايات في المنتخبات هو سعد بن عبد الله والذي انتخب الروايات في مختصر بصائر الدرجات هو الشيخ حسن بن سليمان بن خالد تلميذ الشهيد الأول، هذا تمام الكلام في المبحث الخامس واتضح أنه ليس بتام، المبحث السادس الرواة في كتب يونس بن عبد الرحمن يأتي عليه الكلام.

 


[1] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص135.
[2] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص136.
[3] من لا يحضره الفقيه‌، الشيخ الصدوق‌، ج1، ص3.
[4] الذّريعة إلى تصانيف الشّيعة ط اسماعیلیان، الطهراني، آقا بزرك، ج20، ص182.
[5] مختصر بصائر الدّرجات - ط المطبعة الحيدرية، الحلي، الشيخ عزّ الدين، ج1، ص1.
[6] أمل الآمل، الشيخ حرّ العاملي، ج2، ص66.
[7] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص135.
[8] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص178.