الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/08/25

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الكلام في في أحوال المضعَّفِين

قال شيخنا الأستاذ الداوري "حفظه الله" والجواب إما على الاحتمال الأول فالأمر مشكل إذ كيف يكون ذلك والحال أن بعضهم قد وقع الاتفاق على تضعيفه.

كان الكلام في إجابة الشيخ الداوري الموسعة على الإشكال الرابع للسيد الخوئي "رحمه الله" مفاد الإشكال الرابع للسيد الخوئي إننا لو قبلنا الشهادة التي نقلها الشيخ الطوسي في العدة بأن المشايخ الثلاثة لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة نصطدم بتضعيف الشيخ لبعض الرواة الذين روى عنهم المشايخ الثلاثة مما يعني أن نفس الشيخ الطوسي لم يكن يعمل بمقتضى هذه الشهادة.

شيخنا الأستاذ الشيخ مسلم الداوري "حفظه الله" أجاب على إشكال السيد الخوئي "رحمه الله" بجواب موسع في أربع نقاط وصلنا إلى النقطة الثالثة وقد فصل فيها كثيرا.

الإحتمالات في الشهادة التي نقلها الشيخ

وقال إن الشهادة التي نقلها الشيخ الطوسي في العدة تحتمل أمرين:

الاحتمال الأول إفادة التوثيق مطلقا أي أن الثلاثة وهم ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي لا يرون إلا عن ثقة عندهم وعند الطائفة فهو ثقة مطلقا عندهم وعند غيرهم والدليل على هذا الاستظهار الوثاقة مطلقا هو التمسك بظهور كلام الشيخ الطوسي في العدة فإن كلامه مطلق إلا عن ثقة موثوق فيه يعني مطلقا عندهم وعند غيرهم.

الاحتمال الثاني أن يكون المراد أن الثلاثة لا يرون إلا عن ثقة عندهم يعني ثقة لا مطلقا ثقة عندهم بالخصوص لا عند الطائفة.

الشيخ الداوري يقول في صفحة 163 وعلى ضوء هذين الاحتمالين التوثيق مطلقا والتوثيق لا مطلقا ومع فرض التسليم بثبوت التضعيف في حق بعض من روى هؤلاء الثلاثة عنه مثل يونس بن ضبيان والمفضل بن صالح أبو جميلة وعلي بن أبي حمزة البطائني لو افترضنا أن تضعيفهم قد ثبت فهل يلزم وجود إشكال على هذه الشهادة أو لا؟ يتكلم بناء على الاحتمال الأول وبناء على الاحتمال الثاني هل يوجد إشكال أو لا؟

أما بناء على الاحتمال الأول وهو استفادة الوثاقة مطلقا فالأمر مشكل لأن استفادة الوثاقة مطلقا يعني أن الثلاثة لا يرون إلا عن ثقة عندهم وعند غيرهم والحال إن غيرهم قد ضعف من رووا عنه فكيف يكون ثقة عندهم وعند غيرهم والحال إن الغير قد ضعف من رووا عنه إذن بناء على الاحتمال الأول استفادة التوثيق مطلقا فالأمر مشكل إذ كيف يكون ذلك هم يرون أن هذا الشخص ثقة عندهم وعند غيرهم والحال إن الغير قد ضعف والحال إن بعض الطائفة قد اتفق على تضعيفه والحال إن بعض من رووا عنه المشايخ الثلاثة قد وقع والاتفاق على تضعيفهم بل حتى من اختلف فيه يمكن أن يشكل حالة للنقض هذا لا يلتئم مع الشهادة ولا سيما إذا كان المراد من الشهادة عمل جميع الأصحاب إذ يلزم نقض هذه الشهادة بذلك أي بتضعيف بعض من رووا عنه وبالتالي يصير هذا من باب تعارض الشهادة وبالتالي هنا لا يمكن الأخذ بشهادتهم لأن التضعيف لبعض من رووا عنه أمر محقق إما على نحو الاتفاق والوفاق بين جميع علماء الطائفة وإما على نحو الخلاف ويكفي التضعيف ولو على نحو الخلاف يكفي للخدشة في هذه الشهادة.

اللهم إلا أن يقال...

إلا بناء على توجيه وهو أن مشايخ الثلاثة رووا عن البعض ووثوقهم فترة الرواية عنهم مثل علي بن أبي حمزة البطائني أي أنهم رووا عنه قبل وقفه يعني أيام زمن الإمام الكاظم “عليه السلام” ومن ضعف علي بن أبي حمزة البطائني إنما ضعفه بعد وقفه أي بعد شهادة الإمام الكاظم “عليه السلام” وإنكاره لإمامة الإمام الرضا بناء على هذا التوجيه لا يوجد تهافت وبالتالي لابد من التفريق في زمن الرواية فيكون رواية المشايخ الثلاثة ناظرا إلى زمن الوثاقة يعني ما قبل شهادة الإمام الكاظم “عليه السلام” وتضعيف من ضعف علي بن أبي حمزة البطائني ناظر إلى زمن ما بعد شهادة الإمام الكاظم أي ما بعد ؟؟؟ لذلك يقول الشيخ الداوري اللهم إلا أن يقال إن هؤلاء المشايخ الثلاثة قد رووا عن أولئك الضعاف في زمن كانوا فيه ثقات مثل علي بن أبي حمزة البطائني أحد أعمدة الوقف الثلاثة طبعا هذا قد يتم في البطائني لكن لا يتم في غيره.

وبعبارة أخرى لابد من التفريق في زمان الرواية ففي الوقت الذي روى هؤلاء المشايخ عنهم ـ عن من ضعفوا ـ كانوا ثقات عند الجميع ثم بعد ذلك اختلف حالهم وهذا ليس بمستنكر أو مستبعد فإن كثيرا من الرواة قد يوصف بأنه خلط في آخر أيامه أو غلا أو نحو ذلك مما يدل على تبدل الحال، خلط يعني أصبح مغاليا.

فإن أمكن التوجيه بهذا فالشهادة حينئذ معتبرة ولا مانع من الأخذ بها وإلا فلا يعني وإن لم يمكن التوجيه باختلاف الفترة الزمنية فلا يعني فالشهادة ليست معتبرة ويوجد مانع من الأخذ بها هذا كله بناء على الاحتمال الأول وهو أن يستفاد من رواية الثلاثة أو أحد الثلاثة عن رجل التوثيق مطلقا

وأما على الاحتمال الثاني وهو استفادة التوثيق لا مطلقا بل عند خصوص المشايخ الثلاثة هنا لا توجد مشكلة يصير من باب تعارض الجرح والتعديل.

روى أبن أبي عمير عن شخص هذا أمارة وثاقته، ضعفه رجالي آخر صار من موارد تعارض الجرح والتعديل إن وجد مرجح في جانب أبن أبي عمير أو الطرف الآخر فهو إن لم يوجد الترجيح تعارضا تساقطا فلا محذور حينئذ لكن هذا الاستظهار، استظهار الوثاقة عندهم بالخصوص لا عند الطائفة خلاف الظاهر لأن الشيخ الطوسي يقول الذين عرفوا بأنهم لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة لكن يقول الشيخ الداوري هو المتعين لأنه هو القدر المتيقن وفيه إننا نقول بالقدر المتيقن عند وجود إجمالا وأما إذا انعقد الظهور والشيخ الداوري يسلم بأن الظهور منعقد لا تصل النوبة إلى الأخذ بالقدر المتيقن.

وأما على الاحتمال الثاني استفادة الوثاقة لا مطلقا، فيمكن توجيه هذه الموارد يعني الموارد التي روى فيها المشايخ الثلاثة عن رجل واتفق على تضعيفه أو اختلف في تضعيفه بحيث لا يرد إشكال على الشهادة وذلك بأن يقال إن هؤلاء الذين ضعفوا في نظر الأصحاب هم ليسوا بضعاف في نظر المشايخ الثلاثة بل هم ثقات إذا لم يكونوا بحد لا تحتمل فيهم الوثاقة، أحيانا لا يمكن إثبات الوثاقة هذا مشكل ولكن إذا يمكن إثبات الوثاقة لا يوجد إشكال وعليه فالمسألة خلافية بين هؤلاء المشايخ الثلاثة الذين وثقوا الرجل وبين غيرهم الذين ضعفوه وحينئذ فلا محذور هذا من اختلاف الجرح والتعديل، إلا أن هنا محذور الاستبعاد وهو خلاف الظهور يعني نستبعد أن يكون المراد الوثاقة لا مطلقا وهو خلاف الظهور بمعنى أن كونهم ثقات في نظر المشايخ وفي نظر غيرهم ضعافا أمر مستبعد بل الظاهر أن المراد أنهم ثقة مطلقا عند المشايخ الثلاثة وعند غيرهم ويمكن أيضا أن ينتصر لهذا القول بالتوجيه الذي ذكرناه مؤخرا وهو أن المشايخ الثلاثة كان هذا الرجل ثقة عندهم أيام روايتهم للرواية بعد ذلك خلط أو انحرف أو وقفه، يقول ويمكن أيضا أن توجه وثاقة هؤلاء عند المشايخ الثلاثة بملاحظة زمان الرواية كما ذكرنا في الاحتمال السابق عند قوله صفحة 163 اللهم إلا أن يقال إن هؤلاء المشايخ الثلاثة قد رووا عن أولئك الضعاف في زمان كانوا فيه ثقات وبعبارة أخرى إلى آخره.

ولا يرد عليه محذور عدم الالتئام مع الشهادة الوارد على ذلك الاحتمال هذا المحذور لا يرد لأن هناك المراد في ذلك الاحتمال الأول الشهادة مطلقا عندهم وعند غيرهم أما هنا لا يرد لأن المراد به الشهادة عندهم لا عند غيرهم.

فإن هذا التوجيه ينسجم مع الشهادة تمام الانسجام أنه ثقة عندهم ثم إن الاحتمال الثاني وهو الشهادة لا مطلقا يعني ثقة عندهم لا عند غيرهم هو المتعين لأنه أخذ بالقدر المتيقن وفيه أنه خلاف الظهور ولا يؤخذ بالقدر المتيقن إلا عند الإجمال وهنا لا إجمال في البين بل يوجد ظهور والشيخ الداوري يسلم لهذا الظهور فمن الغريب كيف لن يأخذ بهذا الظهور ورفع اليد عنه وقال بالقدر المتيقن.

يتفرع على هذا الاحتمال الثاني أن المراد بالثقة الثقة عندهم لا عند غيرهم إشكال، هذا الإشكال ينسحب من الحديث في المسانيد إلى الحديث في المراسيل فإذا أرسل أحد الثلاثة عن رجل ونحن لم نعلم الرجل فإرسالهم عن رجل يدل على أنه ثقة عندهم ولو عرفنا هذا الرجل ووصل إلينا أسمه لربما لم نوثقه فيقع إشكال بالنسبة إلى العمل بمراسيل الثلاثة.

والجواب يوجد توثيق تفصيلي ويوجد توثيق إجمالي وكلاهما حجة، التوثيق التفصيلي أن يقول أبن أبي عمير فلان الذي أروي عنه ثقة فلان عدل والتوثيق الإجمالي أن يقول أبن أبي عمير أخبرني عدل أخبرني ثقة من دون أن يذكر أسمه فإن سيرة العقلاء على الأخذ بحجية خبر الثقة كما هي جارية بالنسبة إلى الثقة المعلوم تفصيلا أيضا هي جارية بالنسبة إلى الثقة المعلوم إجمالا وبالتالي لا فرق بين الشهادة الصريحة والشهادة التي لم يصرح فيها باسم الراوي هذا تمام الكلام في المراسيل.

قال ويتفرع عن القول بالاحتمال الثاني استفادة الثقة لا مطلقا مسألة أخرى وهي أنه كيف يصح العمل بمراسيل هؤلاء الثلاثة بناء على كون المروي عنهم ثقات في نظرهم فقط؟ فإذا قال أحد هؤلاء الثلاثة حدثني ثقة أو عدل من دون أن يذكر أسمه فهل يكون قوله حجة؟ وهل يعتمد على توثيقه ولعله لو صرح باسمه لكان مورد خلاف أو كان مخدوشا في عدالته؟

والجواب إن قول أحد هؤلاء الثلاثة حدثني ثقة أو عدل كاف في الاعتماد والتعويل عليه والمشهور على اعتباره تزكية من دون حاجة إلى فحص يعني تكفي التزكية الإجمالية كما تكفي التزكية التفصيلية، بل ذهب المشهور إلى تصحيح الروايات بهذا النحو إذ يتيقن من دلالة قوله حدثني عدل على أنه لا يروي إلا عن ثقة يعني أحد المشايخ الثلاثة حينما يقول حدثني عدل هذا يؤكد أنه لا يروي إلا عن ثقة ولذلك اعتبرت شهادة صريحة فلا مجال للخدشة فيها يعني هذه شهادة إجمالية لم يذكر فيها هنا إجمال من ناحية اسم المروي عنه ولكن رغم ذلك يتعاملون معها معاملة التوثيق الصريح يعني تثبت له الحجية.

وقد تقدم أن العبارة تتضمن شهادتين ترجع إحداهما إلى المراسيل والأخرى إلى المسانيد

بالنسبة إلى المسانيد عندنا توجيه أول وتوجيه ثاني، ما هو التوجيه الأول ليس الاحتمال الأول والاحتمال الثاني، الاحتمال الأول يعني استفادة الوثاقة مطلقا الاحتمال الثاني استفادة الوثاقة عندهم فقط لا مطلقا وأما التوجيه يوجد توجيه وتوجيه ثاني، التوجيه الأول أن يكون المشايخ الثلاثة هذا التوجيه الأول والثاني يلحق بالقسم الثاني الاحتمال الثاني وحتى يمكن إلحاقه بالاحتمال الأول التوجيه الأول أن يكون المراد أنه ثقة عندهم مطلقا في مطلق الأزمان الاحتمال الثاني إنه ثقة عندهم أيام روايتهم للرواية ولا يشمل ما بعد روايتهم مسكوت عنه.

نأتي بالنسبة إلى التوجيه الأول الثلاثة إذا رووا عن شخص فهو ثقة عندهم مطلقا يعني في أيام روايتهم وغير أيام روايتهم في هذه الحالة تدخل المسألة في مسألة باب التعارض مثلا ثلاثتهم رووا عن علي بن أبي حمزة البطائني وقلنا إن روايته عن البطائني يعني أنه ثقة مطلقا أيام روايتهم وغير روايتهم وضعفه غيرهم صار تعارض صار البطائني ثقة عند الثلاثة لروايتهم عنه وضعيف عند غيرهم لتضعيفه هنا إن وجد مرجح نعم إن لم يوجد مرجح تعارضا تساقطا هذا بناء على التوجيه الأول.

وأما بناء على التوجيه الثاني فلا تعارض التوجيه الثاني أنهم رووا عنه أيام وثاقته أيام روايته روايتهم عنه كان ثقة وأما في غير أيام الرواية فمسكوت عنه يصير التوثيق أيام روايتهم عنه التضعيف في غير أيام الرواية عنه وبالتالي لا نستفيد من روايتهم عن شخص توثيق الشخص مطلقا بل نستفيد توثيق وتصحيح الروايات التي رووها عنه فقط وأما الروايات التي ما رووها عنه ما نستفيد التوثيق لأنهم يقولون نحن حينما روينا عنه كان ثقة عندنا وبالتالي الروايات التي لم يروها الثلاثة عنه مسكوت عنها فلا تشملها الشهادة تصير شهادة الشيخ الطوسي الذي ينقلها في العدة عن الطائفة تختص بخصوص روايات هؤلاء لا رواة هؤلاء فيصير تصحيح المروي لا تصحيح الراوي فتصير الثمرة روائية ولا تكون الثمرة رجالية.

وأما بالنسبة إلى المسانيد فعلى التوجيه الأول وهو استفادة التوثيق للراوي فيما رووا عنه في أيام روايتهم عنه وفي غير هذه الأيام يعني استفادة أن من رووا عنه ثقة عندهم مطلقا فعلى التوجيه الأول إن ظفرنا بالتضعيف لشخص فهذا الرجالي ضعف علي بن أبي حمزة البطائني دخلت المسألة في باب التعارض لأنه ـ المروي عنه ـ ثقة في نظر المشايخ الثلاثة لروايتهم عنه فنستفيد التوثيق عندهم مطلقا وضعيف في نظر غيرهم فيقع التعارض ومع عدم الاختلاف أحيانا لا يوجد اختلاف بين روايتهم عنه وتضعيف الآخرين يمكن الجمع بينهما ومع الاختلاف فلا إشكال في الأخذ به واعتباره وإلا يعني لو وجد الاختلاف أخذ بالراجح إذا كان ثمة يعني إذا كان هناك ما يرجح أحد النظرين على الآخر التوثيق والتضعيف وإلا إن لم يوجد مرجح فيتساقطان، تتساقط شهادة المشايخ الثلاثة بالثقة وتضعيف الآخرين لهذا الرجل.

وأما على التوجيه الثاني وهو استفادة توثيق المشايخ في زمن روايتهم للرجل دون ما عدى زمن روايتهم عن الرجل فلا يمكن التعدي عن مورد رواياتهم ـ روايات المشايخ الثلاثة ـ إلى غيرها إلى غير رواياتهم عن الرجل فنستفيد تصحيح المروي والرواية ولا نستفيد تصحيح الراوي بل يقتصر على ما ورد منها يعني من رواياتهم عن الرجل ولا يمكن الحكم بوثاقة المروي عنه من غيرهم يعني لا نستفيد توثيق الراوي لأنا حصرنا ذلك يعني التوثيق بزمان روايتهم عنهم زمان رواية المشايخ الثلاثة عن الرواة فلا يتعدى إلى غيرها إلى غير زمن روايتهم عنهم، من سائر الموارد التي رواها غيرهم عنهم إلا أن يتمسك حينئذ باستصحاب الوثاقة يعني نقول روى المشايخ الثلاثة عن علي بن أبي حمزة البطائني فثبت أنه ثقة عندهم شككنا في زوال وثاقته بعد وقفه وبعد أيام روايتهم عنه لا تنقض اليقين بالشك نستصحب الوثاقة، هذا يصير تمسك بالاستصحاب لا بمقتضى شهادتهم المدلول المطابقي لشهادتهم هو وثاقة الرجل الذي رووا عنه أيام روايتهم عنه وهذه الشهادة بالتوثيق لا تشمل الزمن الآخر وهو الزمن الذي لم يرووا فيه عنه في هذا الزمن إذا شككنا نتمسك بالاستصحاب نستصحب بقاء وثاقته إلى ذلك الزمان، هذا تمام الكلام في بيان المقدمات والتفاصيل لجواب النقطة الثالثة.

خلاصة جواب النقطة الثالثة الآن نشرع فيها من الجواب على إشكال السيد الخوئي الرابع.

وهو أن المضعفين لو رجعنا إليهم سنجد أن المشايخ الثلاثة قد رووا عن ثمانمائة وخمسة وأربعين عنوان هذه العناوين ثمانمائة وخمسة وأربعين إذا نحذف المكررات يصير عندنا سبعمائة وثلاثة وعشرين شخص، مثلا شخص واحد وهو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي هذا قد يذكر في الرواية بخمسة عناوين أو أكثر العنوان الأول أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي العنوان الثاني أحمد بن محمد العنوان الثالث أحمد بن محمد بن عيسى العنوان الرابع أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري العنوان الخامس أبو جعفر فقد أحيانا يذكر بالكنية أحيانا يذكر باللقب أحيانا يذكر باسمه فقط أحيانا باسمه واسم أبيه فإذا لحظنا العناوين التي رووا عنها سنجد أنها ثمانمائة وخمسة وأربعين عنوان لكن إذا شخصنا الأشخاص أنه عنون بهذه العناوين ستكون النتيجة أنهم أن الثلاثة قد رووا عن سبعمائة وثلاثة وعشرين شخصا وأما من ادعي أنهم قد ضعفوا سنجد أنهم سبعة عشر رجلا، هؤلاء السبعة عشر تسعة أدعو أنه قد وقع الاتفاق على ضعفهم وهم ستة روى عنهم أبن أبي عمير وواحد روى عنه البزنطي طبعا البزنطي أدعو أن اثنين مسلمي الضعف قد روى عنهم واحد منهم يونس بن ضبيان وسيتضح أن يونس بن ضبيان اختلف فيه، ستة واثنين ثمانية هذا بالنسبة إلى صفوان والبزنطي روى عن خمسة اختلف في تضعيفهم ولم يدعى أنه أحد منهم متفق على تضعيفه فإذن النتيجة مع حذف المكررات يصبح المشايخ الثلاثة قد رووا عن سبعة عشر رجل ادعي تضعيفهم عشرة منهم قد اختلفوا فيهم وادعي أن سبعة منهم قد وقع الاتفاق وليس تسعة سبعة قد وقع الاتفاق على تضعيفهم هؤلاء السبعة ستة روى عنهم أبن أبي عمير وواحد روى عنه صفوان المجموع سبعة الشيخ الداوري سيعمل دراسة إلى هؤلاء السبعة وسيذكر الأقوال فيهم وسيتضح كل واحد من هؤلاء السبعة يوجد وجه لتوثيقه وإن ضعفه الأكثر لكن يوجد وجه لتوثيقه مثلا أنه ورد اسمه في كامل الزيارات أو ورد اسمه في تفسير القمي أو ورد اسمه في نوادر الحكمة ولم يستثنى فيوجد وجه لتوثيقه وسيتضح أن جميع السبعة عشر ليس موردا للاتفاق وإنما اختلف في توثيقهم وتضعيفهم.

النتيجة النهائية بالتالي هؤلاء السبعة عشر لا يشكلون نقضا لا على الاحتمال الأول ولا على الاحتمال الثاني، الاحتمال الأول استفادة التوثيق مطلقا يعني المشايخ الثلاثة إذا رووا عن رجل فهذا أمارة وثاقته عندهم وعند الطائفة مطلقا هذا لا يمكن النقض عليه بتضعيف بعضهم ليونس بن ضبيان أو علي بن أبي حمزة البطائني لان النقض إنما يصح برجل قد وقع الاتفاق على تضعيفه وأما إذا شخص اختلف في توثيقه لا تنقض الشهادة وبناء على الاحتمال الأول وكذلك لا تنقض الشهادة بناء على الاحتمال الثاني وهي استفادة التوثيق لا مطلقا يعني استفادة التوثيق عند المشايخ الثلاثة بالخصوص لا الطائفة فهنا إذا رووا عن شخص فهو أمارة وثاقته عندهم وإذا ضعفه رجالي آخر صار من موارد تعارض الجرح والتعديل.

النتيجة النهائية الإشكال الرابع للسيد الخوئي وهو النقض بأن نفس الشيخ الطوسي قد ضعف بعض هؤلاء الذين شملتهم الشهادة هذا النقض ليس بتام لان روايتهم عن شخص مقتض للوثاقة يعني علة ناقصة للوثاقة وليس علة تامة للوثاقة تثبت هذه الوثاقة بشكل تام إذا لم يوجد المانع العلة والمقتضي العلة الناقصة والمقتضي إنما يكون فعليا إذا انعدم المانع فإذا وجد المانع وهو الشهادة المعارضة بالتضعيف لا يثبت المقتضي ولا يكون فعليا.

 

أحوال المضعفين

وأما أولئك الذين رووا المشايخ الثلاثة عنهم وقد ورد تضعيفهم في كلمات الرجاليين بل قيل إنه وقع الاتفاق على تضعيف بعضهم وهم سبعة عشر شخصا سبعة منهم ادعي الاتفاق على تضعيفهم وعشرة اختلف في تضعيفهم، فقد تتبعنا أقوال الرجاليين فيهم ولم نعثر على مورد واحد وقع الاتفاق على ضعفه وإننا لنجزم بان جميع هؤلاء هم مورد اختلاف وبالتالي لا يتم النقض.

وبيان ذلك أن أبن أبي عمير روى عن ثلاثة عشر شخصا كما ذكرنا وادعي الاتفاق على تضعيف ستة منهم واختلف في الباقي، هذا ابن أبي عمير ستة وأخرهم يونس بن ضبيان وأدعي الاتفاق على ضعف اثنين روى عنهما صفوان واحد منهم يونس بن ضبيان ذكر ضمن الستة وواحد آخر صاروا سبعة وأما البزنطي فقد روى عن خمسة اختلف فيهم إذن المتفق عليهم سبعة والمختلف فيهم عشرة المجموع سبعة عشر.

الشيخ الداوري من خلال سرد سيرتهم وتوثيقات الرجاليين لهم سيتضح أن جميع السبعة عشر لم يثبت تضعيفهم بشكل قطعي واجمالي لأن هناك وجه لتصحيحهم وبيان ذلك أن أبن أبي عمير روى عن ثلاثة عشر شخصا كما ذكرنا وادعى الاتفاق على تضعيف ستة منهم واختلف في الباقي أما من ادعي الاتفاق على ضعفهم فهم، خلاصة وزبدة هذه التراجم كلها أولا الشيخ الداوري يذكر التضعيفات الخاصة في حقهم ثم يذكر التوثيقات العامة التي تشملهم، التوثيقات العامة يعني كون أسمه ورد في تفسير القمي أو في نوادر الحكمة ولم يستثنى أو في كامل الزيارات أو كونه من مشايخ الإجازة أو... فيوجد وجه لتصحيحه وبالتالي يوجد اختلاف في توثيقه.

أما من ادعي الاتفاق على ضعفهم فهم:

الأول الحسين بن أحمد المنقري وقد ضعفه النجاشي[1] وذكره الشيخ الطوسي في الرجال في أصحاب الباقر “عليه السلام” ولم يذكر في حقه شيئا[2] نعم ضعفه في أصحاب الإمام الكاظم “عليه السلام”[3] فيحتمل أنه كان ثقة في زمان الباقر “عليه السلام” ثم تبدل حاله كما يحتمل أنه كان ضعيفا في عقيدته لقول النجاشي فيه روى عن داود الرقي وأكثر[4] يعني أكثر من الرواية عن داود الرقي المعروف بانحراف مذهبه، وقوله في داود ضعيف جدا والغلاة تروي عنه

وقد ذكره البرقي في رجاله ولم يذكر في حقه شيئا[5] وحكم السيد الأستاذ في المعجم بجهالته[6] لتعارض وجه الجرح والتعديل ورد في تفسير القمي السيد الخوئي يبني على أن من ورد في تفسير القمي فهو ثقة وتعارض مع هذه التضعيفات تعارض التوثيق العام وهو كونه وارد اسمه في تفسير القمي مع التضعيف الخاص تعارضا تساقطا النتيجة يكون مجهول.

الشيخ الداوري يقول على مبنانا ما يتم لأنه ورد في القسم الثاني من تفسير القمي لكن يتم على مبنى ثاني وهو أنه ورد اسمه في نوادر الحكمة ولم يستثنه أبن الوليد والشيخ الصدوق والسيرافي فيكون ثقة يصير بناء على مبنى الشيخ الداوري وعلى مبنانا أيضا أنه مستثنيات نوادر الحكمة نقبلها أنه من لم يستثنى من نوادر الحكمة فهو ثقة فإذن يمكن توثيقه.

وحكم السيد الأستاذ "قدس" في المعجم بجهالته ـ جهالة الحسين بن أحمد المنقري ـ ولم يذكر في حقه شيئا لوروده في إسناد تفسير علي بن إبراهيم القمي[7] فيكون موردا للتعارض بناء على مبناه لأنه واقعا في القسم الثاني من التفسير، بناء على مبنى الشيخ الداوري لا يمكن توثيقه وبناء على مبنانا أيضا لا يمكن توثيقه، نعم من جهة وقوعه في المستثنى منه من نوادر الحكمة يكون ثقة فيثبت التعارض بناء على مبنى الشيخ الداوري ومبنانا، واضح هذا مبنى نوادر الحكمة.

الثاني علي بن حديد ولم يذكر النجاشي في حقه شيئا ومثله الشيخ في الفهرست والرجال نعم ضعفه في التهذيب حيث قال وأما خبر زرارة فالطريق إليه علي بن حديد وهو مضعف جدا لا يعول على ما ينفرد بنقله[8] وفي التعبير عنه بعدم التعويل على ما ينفرد بنقله إشارة إلى أنه غير إمامي كما هي العادة في مثل هذا الاستعمال يعني الراوي الثقة إذا روى شيء ولم يروه غيره يعني انفرد بالرواية إذا كان شيعي إمامي يقبلون ما ينفرد به إذا كان عامي سني غير إمامي حتى لو ثقة ما يقبلون ما ينفرد به ربما هذا من آراء العامة فصار مصطلح قبول ما ينفرد به شيعي لا يقبل ما ينفرد به سني، يقول في التعبير عنه بعدم التعويل على ما ينفرد بنقله إشارة إلى أنه غير إمامي كما هي العادة في مثل هذا الاستعمال

وقال الشيخ الطوسي في الاستبصار فأول ما في هذا الخبر أنه مرسل وراويه ضعيف وهو علي بن حديد وهذا يضعف الاحتجاج بخبره[9] وقال الشيخ الطوسي أيضا في موضوع آخر من الاستبصار وهو ضعيف جدا[10] ، هذا يعني خذ هذا وهو ما يوجب تضعيف علي بن حديد ولكنه حيث وقع في أسناد تفسير علي بن إبراهيم القمي وذلك مما يستوجب الحكم بالوثاقة، ورد في القسم الأول يقبله الشيخ الداوري، فيكون من موارد التعارض والكلام من جهة التعارض هو الكلام المتقدم في الحسين بن أحمد المنقري يعني إذا تعارض والتعديل يحصل تساقط فنحكم بجهالة علي بن حديد وسيأتي التحقيق حوله في خاتمة الكتاب في بحث مستقل.

الثالث عمر بن جميع ذكره النجاشي وقال عنه ضعيف قاضي الرأي[11] وضعفه الشيخ في الرجال في أصحاب الصادق “عليه السلام” وقال عنه قاض الري ضعيف الحديث[12] وذكره في أصحاب الباقر “عليه السلام” ونسبه إلى البترية [13]

ولعل الحكم بضعفه من جهة كونه قاضيا وبتريا، قاضي يحكم يحكمون بفسقه وبتري يحكمون بفساد مذهبه وقد روى عنه بعض أصحاب الإجماع إذن يوجد ما يوجب توثيقه وقد روى عنه بعض أصحاب الإجماع كيونس بن عبد الرحمن وعثمان بن عيسى هؤلاء من أصحاب الإجماع ولذا حكم السيد الأستاذ السيد الخوئي "قدس" بجهالة حاله[14] مع أن السيد الخوئي لا يقبل مبنى أصحاب الإجماع ولكن هذا قد يقال أنه وجه لتوثيقه يتعارض مع التضعيف فيكون مجهول الحال، الرابع يونس بن ظبيان يأتي عليه الكلام.

 


[1] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص53.
[2] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص115.
[3] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص347.
[4] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص53.
[5] رجال البرقي- الطبقات‌، البرقي، ابو جعفر، ج1، ص50.
[6] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج6، ص213.
[7] تفسير القمي‌، القمي، علي بن ابراهيم، ج2، ص346.
[8] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج7، ص101.
[9] الإستبصار، الشيخ الطوسي، ج1، ص40.
[10] الإستبصار، الشيخ الطوسي، ج3، ص95.
[11] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص288.
[12] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص249.
[13] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص131.
[14] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج14، ص92.