الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/08/21

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: النقطتان الاولى والثانية

 

قال الشيخ الداوري حفظه الله أما بالنسبة إلى النقطة الأولى فجوابها أن الشيخ قدس قد عمل بمضمون هذه الشهادة.

كان الكلام في جواب الإشكال الرابع للسيد الخوئي "رحمه الله" على ما رواه المشايخ الثلاثة فقد أشكل بإشكال نقضي قائلا لو أن الشيخ الطوسي يرى أن الثلاثة لا يرون إلا عن ثقة لما ضعف بعض هؤلاء الرجال الذين رووا عنهم أبن أبي عمير أو صفوان أو البزنطي فإذن تضعيف الشيخ الطوسي "رحمه الله" لبعض من روى عنهم المشايخ الثلاثة يشير إلى أن الشيخ الطوسي لم يعمل بمضمون هذه الشهادة التي نسبها إلى الطائفة من أنها عملت بروايات ومراسيل الثلاثة.

الشيخ الداوري طرح جواب السيد الشهيد ورده وناقشنا كلام الشيخ الداوري وقلنا إن كلام السيد الشهيد إنما هو في مقام الإجابة على الإشكال الأول حول مراسيل الثلاثة وليس في مقام الإجابة عن الإشكال الرابع الذي هو ناظر إلى مسانيد الثلاثة ثم طرح الشيخ الداوري في جواب إشكال السيد الخوئي الرابع أربعة أسئلة وأربعة نقاط نشرع اليوم في بيان هذه النقاط ونبدأ بالنقطة الأولى ونعم النقاط التي ذكرها الشيخ الداوري فهي تنبع عن تتبع كبير والتفات عميق.

النقطة الأولى

أما بالنسبة إلى النقطة الأولى كيف خالف الشيخ الطوسي هذه الشهادة ولم يعمل بها؟ الجواب إن الشيخ الطوسي "رحمه الله" قد عمل بهذه الشهادة وذكرها في كتبه الفتوائية وبعض كتبه الاستدلالية ويظهر من كتبه الفتوائية والاستدلالية اعتماده على هذه الشهادة فأفتى في بعض الموارد مع أنه لا يوجد دليل إلا مراسيل أبن أبي عمير ولا يوجد لديه دليل آخر والشيخ الداوري "حفظه الله" قد تتبع هذه الموارد التي استدل فيها الشيخ الطوسي بمراسيل أبن أبي عمير فقط ولا يوجد دليل غيرها فوقف على خمسة موارد هذه الموارد الخمسة لا يوجد أي دليل آخر غير مرسلة أبن أبي عمير وقد أفتى الشيخ الطوسي:

المورد الأول ما ذكره الشيخ الطوسي "رحمه الله" في مقدار الكر وأن الكر ألف ومائتا رطلا ولم يرد هذا المقدار إلا في مرسلة أبن أبي عمير وقد روى الشيخ الطوسي هذه الرواية في كتابيه التهذيب والاستبصار.[1] [2]

طبعا الروايات في مقدار الكر مختلفة بعضها يقول ألف ومئتين بعضها ما يقول ألفين وأربعمائة الفقهاء مقتضى الجمع قالوا ألفين وأربعمائة من الرطل المكي وألف ومئتين رطل من الرطل العراقي البغدادي لأن الرطل المكي ضعف الرطل العراقي.

نعم الشيخ الطوسي أيضا في الاستبصار ذكر أن هذه الرواية مرسلة وسيأتي توجيهها صفحة 155 في النقطة الأولى.

المورد الثاني ما ذكره الشيخ الطوسي في حد اليأس عند المرأة القرشية وأنه ستون عاما بخلاف غيرها فحده خمسون عاما كما في المبسوط الجزء الأول صفحة 42 والمستند في ذلك مرسلة أبن أبي عمير.[3]

المورد الثالث فتوى الشيخ الطوسي بجواز أكل الخبز المعجون بالماء المتنجس لان النار تطهر هذا الماء المتنجس والدليل مرسلة أبن أبي عمير[4] كما في التهذيب والاستبصار وفتوى جواز أكل الخبز المعجون بالماء المتنجس في النهاية يعني في كتب مختلفة للشيخ الطوسي.

المورد الرابع فتوى الشيخ الطوسي بعدم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء في غير الجنابة وهذا فتوى الإمام الخميني "رضوان الله عليه" والسيد القائد، السيد الإمام يعمل بمراسيل أبن أبي عمير والمستند فيها مرسلة أبن أبي عمير[5] هذا كما في التهذيب والاستبصار.

المورد الخامس فتوى الشيخ الطوسي بلزوم الإتيان بسجدتي السهو لكل زيادة ونقيصة في الصلاة ولم يذكر مستندا لذلك إلا مراسيل أبن أبي عمير[6] كما في كتاب الخلاف للشيخ الطوسي وكتاب التهذيب والاستبصار فإذن هذه موارد خمسة أفتى بها الشيخ الطوسي وليس له مستند إلا مراسيل أبن أبي عمير مما يعني أنه قد عمل بقول الأصحاب إن أبن أبي عمير لا يروي ولا يرسل إلا عن ثقة.

وأما الموارد التي ردها الشيخ الطوسي من مراسيل ابن أبي عمير وناقش فيها يقول الشيخ الداوري الذي ظفرنا منها بعد التتبع التام في كتابي التهذيب والاستبصار موردان يعني قرأ أسانيد روايات التهذيب والاستبصار من الجلد إلى الجلد عشرة أجزاء التهذيب وأربعة أجزاء الاستبصار لم يجد إلا موردين وفي هذين الموردين قد ناقش فيهما الشيخ الطوسي وسيتضح أن مناقشته لا لأنه لا يقبل مراسيل أبن أبي عمير بل لأنه في مقام التعارض خلاصة الرد أنه مرسلة من مراسيل أبن أبي عمير عارضت عدة روايات فمقتضى الصناعة العلمية تقديم الروايات الأكثر عددا فإذا جاءتنا أربع روايات مسندة و؟؟؟ مرسلة خمس روايات في مقابل مرسلة واحدة تقدم الروايات المسندة المعتضدة بالمرسلة هذا المبنى الأول.

المبنى الثاني عند الشيخ الطوسي لو تعارض خبر الثقة و الأوثق العادل و الأعدل يقدم الأعدل على العادل والأوثق على الثقة وفي مقابل رواية أبن أبي عمير رواية عبد الله بن سنان هذا الفقيه الكبير الفطحل من أصحاب الإمام الصادق روايتين لعبد الله بن سنان إذن رد الشيخ الطوسي لمرسلة أبن أبي عمير لا لأن نفس المرسلة ليس فيها ملاك الحجية وإنما لأنها معارضة أولا بروايات أكثر عددا ثانيا هذه الروايات المعارضة فيها الأوثق والأعدل والأورع فإذن هذا لا يقتضي أنه رفع اليد عن مراسيل أبن أبي عمير.

المورد الأول ما أشرنا إليه آنفا حول مقدار الكر حيث ناقش الشيخ الطوسي في الرواية بأنها مرسلة ثم حمل المراد من الرطل على الرطل البغدادي لا الرطل المكي أو المدني وذكر روايات أخرى وجمع بينها ولكنه قال عن رواية أبن أبي عمير هذا نص الشيخ الطوسي في الاستبصار الجزء الأول صفحة 11 وهو مع ذلك أيضا مرسل وإن تكرر في الكتب فالأصل فيه أبن أبي عمير عن بعض أصحابنا[7] هذا مرسل وفي ذلك أشعار بالوهن قال وهو مع ذلك أيضا مرسل، حينما قال وهو مع ذلك أيضا مرسل هذا وهن بنحو الإشارة لا بنحو التصريح.

المورد الثاني ما ذكره الشيخ الطوسي في كتاب العتق من التهذيبين أيضا ـ التهذيب والاستبصار ـ حيث أورد مرسلة أبن أبي عمير ولما كانت هذه الرواية مخالفة لروايات الباب ناقش فيها بقوله فأول ما فيه أنه مرسل وما هذا سبيله لا يعارض به الأخبار المسندة[8] مجموعة من الأخبار المسندة وهذا المورد صريح في المناقشة وجهتها الإرسال إذ لا يعارض بالإرسال الأخبار المسندة وأما المورد الأول فهو وإن كان فيه دلالة على وهنه بالإرسال حينما قال وهو مع ذلك أيضا مرسل إلا أنه ليس في صراحته كالثاني لذلك الشيخ الداوري يناقش الثاني من مناقشة الثاني يتضح يذكر شيئين حيثيتين:

الحيثية الأولى الرواية المرسلة إذا تعارضت مع عدة روايات وفيها المسانيد قدمت الروايات التي فيها المسانيد.

الحيثية الثانية الرواية المرسلة إذا تعارض مع روايات مسندة فيها الأوثق والأعدل والأورع قدم خبر الأورع على مبنى الشيخ الطوسي "رحمه الله".

يقول ونجيب عن ذلك بأنه لا تناقض في كلام الشيخ "قدس" وإن بدا لأول وهلة يعني بالنظر البدوي أنه يوجد تناقض وحيث إن الجواب عن المورد الثاني كاف في المقام فسنقتصر الجواب عنه ومنه يعلم الجواب عن المورد الأول يعني نفس الشيء المهم يعني خبر مرسل يعارضه عدة روايات فيها مسانيد والأمر الثاني خبر مرسل يعارضه أخبار فيها الأعدل والأورع والأوثق فيقدم الأورع والأعدل ومنه يعلن الجواب عن المورد الأول ونقول إنما يترأى من التناقض في النظرة البدوية في كلام الشيخ "قدس" يرتفع بوجهين:

الوجه الأول أن هذا المورد وهو ولاء العتق يشتمل على طائفتين من الروايات وبينهما تعارض ففي إحدى الطائفتين ثلاث روايات مسندة ورواية مرسلة أربع روايات وفي الطائفة الثانية مرسلة أبن أبي عمير فقط ومما لا شك فيه أن الترجيح عند التعارض بين المسند المتعدد وبين المرسل يكون الترجيح للأول دون الثاني للمسند دون المرسل فالروايات الأربع مقدمة على مرسلة أبن أبي عمير لأنها جمعت الإسناد والتعدد، فيها مرجحان الإسناد والتعدد وكلام الشيخ صريح في هذا المعنى حيث قال وما كان هذا سبيله ـ مرسل واحد ـ لا يعارض به الأخبار المسندة[9] مجموعة من الأخبار لم يقل الخبر المسند فإن المورد من تعارض الخبر والأخبار لا من تعارض الخبرين ولا مجال للتجريح أي أن الترجيح تعيني لا تخييري يعني يتعين الترجيح لا أنك مخير في هذا الترجيح ولا ربط للمقام في مسألة الشهادة يعني تبقى الشهادة شاملة لمرسلة ابن أبي عمير إنما الكلام في الترجيح عند مقام التعارض وهنا يتعين الترجيح لا أنك مخير في الترجيح.

الثاني إنا قد ذكرنا فيما تقدم أن الشيخ ممن ذهب إلى أنه إذا كان راوي أحد الخبرين أعلم وأفقه وأضبط من الآخر قدم خبره البعض يقول يتعارضان يتساقطان البعض يقول لا الأورعية والاعدلية مرجح كما في مقبولة عمر بن حنظلة فالقول ما قال به أعدلهما وأورعهما في الحديث.

إذا كان راوي أحد الخبرين أعلم وأفقه وأضبط من الآخر قدم خبره ولأجل ذلك قدمت الطائفة ما يرويه زرارة ومحمد بن مسلم وأمثالهما مثل عبد الله بن سنان وبناء على هذا فلو كانت رواية عبد الله بن عمير مسندة فعلى ضوء هذه النظرية تقدم الروايات الأربع عليها حتى لو كانت مسندة لأن المقابل لها متعدد لأن روايتين منهما لعبد الله بن سنان ـ من الروايات الأربع ـ وهو من الأجلاء عظيم في الطائفة فكيف إذا كانت رواية أبن أبي عمير مرسلة؟ ولا تعدد فيها وعلى هذا فلابد من التفريق بين الشهادة يعني شهادة الطائفة بأن أبن أبي عمير لا يروي ولا يرسل إلا عن ثقة وهذه ثابتة في حقه وبين هذا المورد يعني مورد التعارض مع روايات أكثر عددا أكثر إسنادا فيها من هو افقه وأعلم وبهذين الوجهين يمكننا أن نقول إن مورد الشهادة في غير باب التعارض والشهادة تامة يعني إن مورد الشهادة تكون في غير باب التعارض والشهادة تامة في غير باب التعارض ولا غبار عليها.

ثم في الأخير يشير إلى نقطة يشكك فيها ثم يتأمل بعضهم أجاب هكذا قال هذه المناقشات وردت في التهذيبين التهذيب والاستبصار وهما من الكتب المتقدمة للشيخ الطوسي شهادة الطائفة بأن الثلاثة لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة ورد في العدة للشيخ الطوسي وكتاب العدة من الكتب المتأخرة للشيخ الطوسي ؟؟؟ المتأخر ولا يقال يوجد تعارض

يقول الشيخ الداوري على أننا لو سلمنا بشمول الشهادة لباب التعارض إلا أن لنا جوابا آخر سيأتي في النقطة الثالثة، النقطة الثالثة حينما يحصي الرواة ويذكر أن المشايخ الثلاثة ثمانمائة وخمسة وأربعين شيخ من ضعفوا سبعة عشر هؤلاء السبعة عشر لم يثبت الاتفاق على ضعف واحد منهم كلهم مختلف في توثيقهم وتضعيفهم بالتالي لا يمكن أن يقال إن هناك تعارض ربما يقبل أنه هناك من يوثق هؤلاء السبعة عشر.

وأما ما يقال أن كتاب العدة متأخر زمانا عن التهذيبين والاعتبار إنما هو بالمتأخر وهو العدة فغير تام لأن النقض في الشهادة لا يفرق فيه بين المتقدم والمتأخر هذه تبقى شهادة التهذيبين متقدم العدة متأخر تبقى أن كلام الشيخ الطوسي في التهذيبين ناقض للشهادة التي ذكرها مؤخرا يعني يوجد تهافت يوجد تناقض كلام الشيخ في العدة المتأخر يوجب قبول مراسيل ومسانيد الثلاثة كلام الشيخ الطوسي المتقدم حينما رد مرسلتي أبن أبي عمير في التهذيبين يدل على عدم قبول مراسيل الثلاثة وعدم حجيتها اللهم إلا أن يقال بأن الإجماع لم يثبت لدى الشيخ الطوسي "قدس" ثم ثبت بعد ذلك فتأمل.

يقول وجه التأمل لعله إشارة إلى الخدشة في أن إجماع الطائفة المحقة ثبت لدى الشيخ الطوسي في زمن متأخر والصحيح إن هذا الوجه الأخير تام لا غبار عليه فيمكن الاحتجاج بأن نقض الشيخ الطوسي كان متقدما وشهادة الشيخ الطوسي التي نقلها كانت متأخرة فيؤخذ بالمتأخر والسر في ذلك أن الشيخ الطوسي كتب كتابه تهذيب الأحكام في شرح المقنعة للشيخ المفيد في حياة الشيخ المفيد وإذا رجعت إلى الجزء الأول والثاني وأوائل الجزء الثالث من التهذيب تجد الشيخ الطوسي يقول قال شيخنا أطال الله بقاه ثم أواخر الجزء الثالث وابتداء من الرابع إلى العاشر يقول قال شيخنا "رحمه الله" مما يعني إن الشيخ الطوسي كتب الأجزاء الثلاثة الأول من التهذيب في حياة شيخه المفيد ثم بعد ذلك أكمل التهذيب في حياة زميله وشيخه السيد المرتضى إذا نحسب سنة ولادة الشيخ الطوسي وسنة وفاة الشيخ المفيد نجد أن الشيخ الطوسي شرع في كتابه تهذيب الأحكام وعمره على الأقل 25 سنة 26 سنة أين هذا من بلوغ الشيخ الطوسي لأوج المرجعية وهو في الستينات من عمره ويكتب كتاب العدة لما صار مرجع كان عنده مكتبته الكبيرة ومكتبة شيخه وأستاذه الشريف المرتضى ومكتبة سابور بن اردشير لكن لما كتب التهذيب كان في عنفوان شبابه.

الشيخ الطوسي خرج من طوس قاصدا بغداد عمره 18 سنة يعني أدرك أواخر أيام الشيخ المفيد طبعا الاستبصار جاء متأخر يقولون الاستبصار بضعة التهذيب يعني الشيخ الطوسي الروايات المتخالفة في التهذيبين أخذها ووسعها وكتب كتاب الاستبصار في ما اختلف من الأخبار فإذن هذا يكون وجيها من القريب جدا أن الشيخ الطوسي عند كتابته للتهذيبين لم يكن مطلعا على هذه الدعوى أن الطائفة سوت بين مراسيل ابن أبي عمير ومسانيد غيره ويمكن أن يكون قد حصل على هذه الشهادة في أواخر عمره لما كتب كتاب العدة نحن لا نجزم أنه لم يكن يعلم ولكن بمقتضى هذه المعطيات يمكن القول أن نأخذ بشهادته المتأخرة لتوفر المصادر عنده خصوصا في ذلك الزمان الذي كان يتداول فيه المخطوطات لا توجد مطبوعات ووسائل أخرى، إذن من الراجح أن الإجماع لم يثبت لدى الشيخ عند كتابة التهذيبين ثم ثبت هذا احتمال معتد به، هذا تمام الكلام في جواب النقطة الأولى.

النقطة الثانية

النقطة الثانية كلام المحقق الحلي صاحب الشرائع، صاحب الشرائع عنده ثلاثة مهمة عنده شرائع الإسلام أربعة أجزاء وعنده المختصر النافع لمختصر الشرائع مجلد واحد ثم شرح هذا المختصر باسم المعتبر في شرح المختصر في المعتبر يوجد موضعان الموضع الأول الكر فهذا في المياه بداية الكتاب الجزء الأول صفحة 10 من النسخة الحجرية ويوجد موضع آخر وهو موضع الوضوء صفحة 41.

المحقق الحلي "رحمه الله" رد مراسيل الثلاثة بل كان كلامه في خصوص مراسيل أبن أبي عمير ردها فقد يقال إن المحقق الحلي هذا جاء بعد العصر الشيخ الطوسي بقليل ولم يعمل بمراسيل أبن أبي عمير والجواب يوجد تهافت بين كلام المحقق الحلي لأنه في موضع آخر سلم باعتبار مراسيل الثلاثة لكن الملاحظ أنه أولا أين ذكر الشيخ المحقق الحلي صاحب الشرائع في كتاب الكر يعني بداية المعتبر صفحة 10 قبل مراسيل الثلاثة في كتاب الوضوء صفحة 41 رد مراسيل الثلاثة فنقول يتعارض كلاما المحقق الحلي فيتساقطان يبقى كلام الشيخ الطوسي بلا معارض ثم الشيخ الداوري يقول العجيب أن السيد الخوئي نقل كلام المحقق الحلي في المعتبر الذي ناقش المراسيل ولم يذكر كلامه الذي قبل المراسيل.

أقول لعل الوجه في ذلك أن السيد الخوئي أخذ بالمتأخر لأن قبول المراسيل كان في باب الكر من المياه في بداية المعتبر ورد هذه المراسيل ومناقشتها في صفحة 41 في كتاب الوضوء فلعله عدل فأخذ السيد الخوئي بالمتأخر.

وأما النقطة الثانية وهي مناقشة المحقق لمراسيل أبن أبي عمير حيث قال في آداب الوضوء من كتاب المعتبر، الوضوء هذا متأخر من المياه والكر، قال ولو احتج بما رواه أبن أبي عمير عن بعض أصحابنا إلى آخره كان الجواب الطعن في السند لمكان الإرسال يعني بسبب الإرسال ولو قال مراسيل أبن أبي عمير يعمل بها الأصحاب منعنا ذلك لأن في رجاله ـ أبن أبي عمير ـ من طعن فيه وإذا أرسل احتمل أن يكون الراوي أحدهم.[10]

فالمستفاد من كلامه قدس أنه لا يمنع أصل الشهادة وإنما يمنع الشهادة الثانية وهي أنهم لا يرون إلا عن ثقة هو يقول لم يثبت أنهم لا يرون إلا عن ثقة لأنه ثبت أنهم رووا عن غير الثقات لا أنه أصل الشهادة ردها أصل الشهادة التي ذكرها الشيخ الطوسي في العدة.

وبعبارة أخرى إن كلام المحقق في نفسه يدل على ثبوت الشهادة وإن الأصحاب يعملون بمراسيلهم لأن هذا منقول موجود فنقل المحقق الحلي للشهادة يعني أن هكذا حديث موجود إن كلامه في نفسه يدل على ثبوت الشهادة وأن الأصحاب يعملون بمراسيلهم وإنما الإشكال في وجه عملهم وأنه غير تام أي أن عملهم ـ الأصحاب ـ من جهة أنهم لا يرون إلا عن ثقة غير صحيح بنظر المحقق الحلي لما ثبت أنهم قد رووا عن الضعاف في المسانيد فهذا الإشكال يتعدى إلى المراسيل.

ومنه يعلم أن كلامه ـ المحقق الحلي ـ لا يختص بالمراسيل فحسب بل يشمل المسانيد أيضا لأنه ينكر أنهم لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة وذلك مما تنقض به شهادة الشيخ الطوسي قدس أن الثلاثة لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة.

الشيخ الداوري يجيب بجوابين:

الجواب الأول التهافت فالجواب أولا إن كلام المحقق قدس لا يخلو من تهافت بل تناقض ولا يمكن الأخذ به وذلك لأنه وإن ذكر في هذا المورد رفضه للشهادة إلا أنه ـ المحقق الحلي ـ في مورد آخر يعول عليها ويستند إليها لكن في مورد متقدم فقد قال ـ المحقق الحلي ـ في بحث الكر من نفس الكتاب الثلاثة رواية محمد بن أبي عمير عن أبي عبد الله الكر ألف ومائتا رطل دل على هذا عمل الأصحاب ولا طعن في هذه بطريق الإرسال لعمل الأصحاب بمراسيل أبن أبي عمير[11] إذن نقلها واحتج بها.

وإذا كان بين كلاميه تعارض فيسقطان عن الحجية وتبقى شهادة الشيخ الطوسي سليمة عن المعارض أو النقض ومن الغريب أن السيد الأستاذ قدس قد استشهد في معجم رجال الحديث الجزء الأول صفحة 65 بكلام المحقق الحلي في المورد الأول وأغفل قوله الآخر ولم يشر إليه[12] أقول لعل الوجه في ذلك أن السيد الخوئي أخذ بالكلام المتأخر وأن الكلام المتأخر ناقض للكلام المتقدم على أن المستفاد من كلام المحقق الاتفاق على العمل بمرسلة أبن أبي عمير على ما نقله صاحب الوسائل حيث قال الحر العاملي في وسائل الشيعة قال المحقق في المعتبر وعلى هذا عمل الأصحاب ولا أعرف منهم رادا لها[13] لكن هذا في الماء المطلق في باب الكر وبناء على ذلك فكلام المحقق لا يمكن الاعتماد عليه من هذه الناحية يعني من ناحية التعارض بل يمكن القول إن كلام المحقق شهادة على قول الشيخ بأن الأصحاب عملوا بمراسيل أبن أبي عمير لأنه نقل نص أشار إلى نص ما ذهب إليه الشيخ الطوسي ونقله وعمل به المحقق الحلي لكن قد يقال هذا الكلام لا يجري لأنه لا تعارض في البين يؤخذ بالمتأخر وهو رد دعوى المشايخ الثلاثة المشايخ الثقات.

الشيخ الداوري حفظه الله يقول لو سلمنا بتمامية المناقشة وأنه يوجد تعارض يقول يمكن الجمع بين كلام المحقق الحلي وكلام الشيخ الطوسي لأن كلام المحقق الحلي لم يرد فيه عنوان الوثاقة ورد فيه عنوان الطعن والطعن أعم من الوثاقة وغيرها فقد يطعن من ناحية أنه ليس بإمامي أو هذا الراوي مرمي بالغلو أو يروي عن الضعفاء أو غير ذلك ولكن هذا يبقى مجرد احتمال ولعله خلاف الظاهر لكن العبارة تشمله.

قال صفحة 157 ولو احتج بما رواه أبن أبي عمير عن بعض أصحابنا كان الجواب الطعن في السند لمكان الإرسال ولو قال مراسيل أبن أبي عمير يعمل بها الأصحاب منعنا ذلك لأن في رجاله من طعن فيه لم يقل من طعن في وثاقته من طعن فيه والطعن فيه أعم من الوثاقة والإمامية أنه غير إمامي أنه يروي عن الضعفاء أن فيه غلو وارتفاع لكن ظاهر تعبيرهم من طعن فيه يعني طعن في وثاقته يعني هناك قدر متيقن وثاقته في الحديث.

قال الشيخ الداوري صفحة 158 وثانيا على فرض التسليم بتمامية مناقشة المحقق إلا أنه يمكن الجمع بين كلامه وكلام الشيخ بأن يقال إن كلام الشيخ ناظر إلى الوثاقة وأما كلام المحقق فأعم من الوثاقة قد يشمل رواياته قد يشمل الغلو ولعل مراده أن طعن الأصحاب ليس من جهة الوثاقة بل من جهات أخرى ككون الراوي غير إمامي أو مرويا بالغلو أو أنه يروي عن الضعفاء أو نحو ذلك فإن صح الجمع بين الكلامين بهذا الوجه فلا إشكال في المقام

نعم على الوجه الأول يبقى التنافي في كلام المحقق على حاله، ما هو الوجه الأول؟ أن يكون الطعن من جهة الوثاقة لا الأعم، وسيأتي قريبا جواب آخر فإن تمكنا من إجرائه في المقام ارتفع الإشكال من أصله.

الحق والإنصاف أن كلا الجوابين يمكن ردهما الجواب الأول يمكن رده بأننا نأخذ بكلام المتأخر للمحقق الحلي دون المتقدم فلا تعارض في البين فيكون طعن المحقق الحلي المتأخر مناف لشهادة الشيخ.

وثانيا نرفض أن يراد بالطعن الطعن بالأعم بل الطعن في خصوص الوثاقة فيكون الجواب الصحيح على هذا الإشكال إن المحقق الحلي من المتأخرين لا المتقدمين الشيخ الطوسي هو خاتمة المتقدمين أو لا أقل قل خاتمة خاتمة المتقدمين الذي هو الشيخ نجم الدين جعفر الذي هو المحقق الحلي صاحب الشرائع بالتالي رده لا يضر بالمقام كما أن الكثير من الأعلام المعاصرين يردون هذه الشهادة ربما لم يطلع على ما اطلع عليه الشيخ الطوسي لأن الأصول والمصنفات تلفت بعد الشيخ الطوسي وبعد حرق مكتبة سابور بن اردشير فلا عبرة بمعارضة المحقق الحلي صاحب الشرائع "رحمه الله" بل إنه لو وثق أو ضعف وشككنا هل وثق عن حس أو حدس لا تجري في توثيقات الشيخ صاحب الشرائع أصالة الحس كما لا تجري في حق ابن أخته العلامة الحلي المتوفى سنة 726 هجرية الشيخ الطوسي متوفى سنة 460 هجرية، المحقق صاحب الشرائع ستمائة وقليل هجرية متوفى فهو من المتأخرين ولا عبرة لمعارضته، هذا تمام الكلام في جواب النقطة الأولى والثانية وأما النقطة الثالثة يأتي عليها الكلام.

 


[1] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج1، ص41.
[2] الإستبصار، الشيخ الطوسي، ج1، ص10.
[3] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج1، ص42.
[4] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج1، ص414.
[5] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج1، ص139.
[6] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج2، ص155.
[7] الإستبصار، الشيخ الطوسي، ج1، ص11.
[8] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج8، ص257.
[9] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج8، ص257.
[10] المعتبر في شرح المختصر، المحقق الحلي، ج1، ص165.
[11] المعتبر في شرح المختصر، المحقق الحلي، ج1، ص47.
[12] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص65.
[13] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص124، أبواب الماء المطلق، باب11، ح1، ط الإسلامية.