الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الاشكال الرابع للسيد الخوئي (قده)

قال شيخنا الداوري حفظه الله وإنما العمدة في المقام كما ذكرنا هو الإشكال الرابع.

كان الكلام في بحث مشايخ الثقات الذين لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة قلنا إن السيد الخوئي "رحمه الله" لم يقبل أن الثلاثة لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة وذكر أربعة إشكالات وقد أجاب شيخنا الأستاذ الداوري عن هذه الإشكالات الأربعة باجمعها وانتهى إلى هذه النتيجة وهي قبول مراسيل الثلاثة وحجيتها وتوثيق كل شخص يروي عنه أحد الثلاثة، صفوان وابن أبي عمير والبزنطي.

تطرقنا في الدروس السابقة إلى رد الإشكالات الثلاثة الأولى بقي رد الإشكال الرابع، مفاد الإشكال الرابع أنه إذا كانت الدعوى ثابتة فكيف ضعف الشيخ الطوسي والشيخ النجاشي بعض من روى عنه هؤلاء؟

إذن الإشكال الرابع ناظر إلى مسانيد الثلاثة بخلاف الإشكال الأول للسيد الخوئي فإنه كان ناظرا إلى مراسيل الثلاثة، إذن بحثنا اليوم في مسانيد الثلاثة والإشكال الرابع هو إشكال نقضي مفاده هكذا لو كان الشيخ الطوسي "رحمه الله" يؤمن بما ذكره في العدة من أن الثلاثة لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة فكيف ضعف بعض من روى عنهم المشايخ الثلاثة وبحسب المجموع تقريبا يصيرون سبعة عشر رجلا اختلف فيه هل هو ثقة أو ضعيف فهل هذا إلا نقض للدعوى من أساسها بل قيل إنه وقع الاتفاق على تضعيف بعضهم كبعض مشايخ أبن أبي عمير فإن ابن أبي عمير روى عن ثلاثة عشر رجلا اتفق على تضعيف تسعة منهم واختلف في الباقي يعني أربع الباقين بعضهم وثقهم وبعضهم ضعفهم كما أن صفوان بن يحيى بياع السابوري روى عن سبعة أشخاص اتفق على تضعيف اثنين منهم واختلف في خمسة منهم.

وأما البزنطي فقد روى عن خمسة أشخاص كلهم وقع الاختلاف فيهم فبعضهم وثقهم وبعض أئمة الرجال قد ضعفهم ولم يروي البزنطي عن رجل اتفق على ضعفه وعلى أي تقدير فيكفي بعض هذه الموارد في نقض الدعوى وهي أن الثلاثة لا يرون إلا عن ثقة وقد ثبت أنهم قد رووا عن الضعيف فكيف يمكن الاعتماد على هذه الدعوى.

هذا وقد حاول السيد الشهيد الصدر...

الشيخ الداوري "حفظه الله" يتطرق إلى كلام الشهيد الصدر الأول السيد محمد باقر الصدر "رحمه الله" في الانتصار لدعوى أن الثلاثة لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة مفاد جواب الشهيد الصدر إنه بحسب حساب نظرية الاحتمال يحصل الاطمئنان بأن الثلاثة لا يرون إلا عن ثقة فمثلا لو أحصينا مشايخ محمد بن أبي عمير سنجدهم قرابة 398 رجلا أو 400 رجلا ولو أحصينا من ثبت ضعفهم من هؤلاء الأربعمائة سنجد أن عددهم خمسة إذن يوجد 395 شيخا موثقا لابن أبي عمير ويوجد خمسة مشايخ مضعفون من مشايخ أبن أبي عمير فلو روى أبن أبي عمير عن رجل ولم نشخص هل أنه روى عن رجل من 395 الثقات أو من الخمسة الضعاف كانت نسبة الرواية هي عبارة عن خمسة على أربعمائة يعني في كل حلقة يرويها ابن أبي عمير نسبة الكذب خمسة على أربعمائة يعني واحد على ثمانين فأحيانا ابن أبي عمير يقول عن رجل أحيانا يقولون عمن حدثه عمن أخبره الواسطة 81 أحيانا يقول عن غير واحد عن غير واحد يعني عن جمع وأقل الجمع ثلاثة، مثلا هذا الاحتمال واحد من عشرة آلاف وهذا أقل الجمع ثلاثة قد يكون أربعة خمسة فيصير واحد من عشرة آلاف واحد من خمسين ألف مثل هذا الاحتمال عادة العقلاء لا يعيرونه أهمية فتكاد تطمئن أن أبن أبي عمير روى عن الثقة ولم يروي عن الضعيف، إذن حاول السيد الشهيد الصدر "رحمه الله" الاجابة على الإشكال على ضوء نظرية حساب الاحتمالات وأفاد بما حاصله أنا إذا لاحظنا النسبة بين ما يرويه هؤلاء المشايخ الثلاثة عن مشايخهم الذين لم يرد فيهم ضعيف مثل مشايخ ابن أبي عمير الذين لم يرد فيهم ضعيف ثلاثمائة وخمسة وتسعين وبين ما يرونه عن الضعفاء المنصوص على ضعفهم مثل رواية ابن أبي عمير عن خمسة من الضعفاء فنجد أن النسبة ضئيلة جدا خمسة على أربعمائة يعني واحد على ثمانين بحيث لا ترفع الاطمئنان ولا تخدش في حصول الاطمئنان بوثاقة الجميع فيكون ما روي عن الضعفاء من قبل الثلاثة بمنزلة الشاذ النادر الذي لا يعتنى به ولا يلتفت إليه وأما الأكثر والقريب من روايات المشايخ الثلاثة والقريب من الكل فلن يرد فيهم تضعيف وحينئذ لا يلتفت إلى ذلك القليل النادر لأن نسبته إلى الأكثر والأغلب كنسبة الواحد إلى المائة أو الواحد إلى الألف ولا يكون هذا موجبا للوهن والضعف في حصول الاطمئنان بمراجعة كلام الشهيد الصدر يراجع مشايخ الثقات للشيخ ميرزا غلام رضا عرفانيان الحلقة الأولى صفحة 40.

شيخنا الأستاذ الداوري يقول ولكن هذا الجواب بحسب الظاهر غير تام وذلك لأمرين:

الأمر الأول في حساب الاحتمالات من المفترض أن تلحظ موارد الروايات لا الأشخاص فقد يروي أبن أبي عمير عن راو واحد من الرواة الخمسة الضعفاء ألف رواية وقد يروي عن الثلاثمائة وخمسة وتسعين الثقات كل واحد رواية أو روايتين فيصير المجموع ثلاثمائة وخمسة وتسعين رواية أو سبعمائة رواية فالتركيز على الأفراد في حساب الاحتمالات ليس مفيدا وإنما ينبغي التركيز على الموارد إذن في حساب الاحتمالات لكي تكون نظرية حساب الاحتمالات جديرة بقبول ما يرويه المشايخ الثلاثة لابد أن نجري نظرية حساب الاحتمالات في نفس الروايات وفي نفس الموارد المروية لا في نفس الرواة فإن العبرة في القلة والكثرة وفي الندرة والشهرة على الروايات لا الرواة فما ذكره الشهيد الصدر "رحمه الله" لا محصل له.

ولكن هذا الجواب بحسب الظاهر غير تام وذلك لأمرين وسيتضح أن كلا جوابي الشيخ الداوري على جواب الشهيد الصدر ليس بتام.

الأول إن الذي ينبغي مراعاته وملاحظة نسبته هو الموارد ـ الروايات ـ لا الأشخاص ـ لا الرواة ـ بمعنى أنه لابد أن نحصر أولا ما رواه هؤلاء عن من لم يرد فيهم تضعيف ونحصر ثانيا ما رووه عمن ورد فيهم التضعيف يعني كم عدد روايات ابن أبي عمير عن مشايخه الثقات الثلاثمائة خمسة وتسعين وكم عدد روايات أبن أبي عمير عن مشايخه الضعاف الذين هم خمسة، ثم نقارن بين هذه الروايات.

ثم نقيس هذا بذاك يعني ما رواه عن الضعيف وما رواه عن الثقة، ونلاحظ النسبة بينهما ما رواه عن الثقة وما رواه عن الضعيف لا أننا نلاحظ النسبة بين المشايخ فقد تنعكس الحال إذ قد يروي ابن أبي عمير مثلا عن شخص ضعيف كثيرا ويروي عن آخر لم يرد فيه تضعيف قليلا فالمناط في النسبة هي روايات أبن أبي عمير ومقدار هذه الروايات لا عدد مشايخ ابن أبي عمير ومقدار مشايخ أبن أبي عمير "رحمه الله" هذا تمام الكلام في الأمر الأول الذي ذكره شيخنا الأستاذ الداوري في الرد على الشهيد السيد محمد باقر الصدر "رحمه الله".

وفيه إننا لو رجعنا إلى كلام الشهيد الصدر "أعلى الله مقامه الشريف" لوجدنا أنه قد لحظ كلا الأمرين فإنه لاحظ الراوي والمروي فإنه لاحظ عدد الرواة ولاحظ عدد رواياتهم وانتهى إلى هذه النتيجة وهي أن بعض مشايخ أبن أبي عمير الذين قد اختلف في ضعفهم وهم خمسة نجد أن روايات أبن أبي عمير عن هؤلاء الخمسة في موارد قليلة فقد روى عن فلان رواية أو روايتين وعن فلان ويذكر الموارد القليلة وأكثر روايات أبن أبي عمير عن مشايخه الثقات إذن كلام شيخنا الأستاذ الداوري يشكل مؤيدا وناصرا لكلام شيخنا وسيد أساتذتنا الشهيد السيد محمد باقر الصدر ولعل منشأ هذا الإشكال عدم الاطلاع على كلام الشهيد الصدر بتمامه والتركيز على مقطع معين إذن هذه النقطة التي تصور شيخنا الأستاذ الداوري أن السيد الشهيد الصدر قد غفل عنها نقول إن السيد الشهيد قد لحظها إذن الأمر الأول ليس بتام.

الأمر الثاني يقول شيخنا الأستاذ الداوري لو غضضنا النظر عن إشكال الموارد والرواة وقلنا إنه يكفي التركيز على عدد الرواة مع غض النظر عن عدد الروايات وسلمنا بحصول الاطمئنان إلا أن هذا الاطمئنان ليس بحجة هنا لأننا لا نبحث عن ثبوت حجية كلام المشايخ الثلاثة وحجية رواياتهم من جهة حساب الاحتمال وإنما نبحث من جهة حجية شهادة الشيخ الطوسي التي ينقلها في العدة عن الطائفة والشهادة تنخرم بمورد واحد فإن الشيخ الطوسي يقول سوت الطائفة بينما يرويه الثلاثة وما يرسله الثلاثة وما يسنده غيرهم لأنهم لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة هذه القاعدة، الثلاثة لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة تنخرم بمورد واحد إذن لإسقاط هذه الشهادة يكفي النقض بالرواية عن راو ضعيف.

الثاني لو غضضنا الطرف عن ذلك ـ أنه ينبغي ملاحظة النسبة في الموارد لا الأشخاص ـ لكن حيث إن المقام مقام شهادة مقام ـ وهو الاستدلال على أن الثلاثة لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة استنادا إلى دعوى الشيخ الطوسي في العدة ـ فلابد أن تكون الشهادة مفيدة لأمر عام شامل لكل الموارد وتخلف مورد واحد في الرواية عن ضعيف يوجب سقوط الشهادة عن الاعتبار والحجية ولا يغني حمله هذا المورد الواحد على الشذوذ والندرة لا يغني عن سقوط الشهادة، وحينئذ فلا تصل النوبة إلى ملاحظة النسبة فإن المقام ليس مقام اطمئنان وعدمه، ليس مقامنا مقام اطمئنان وعدمه مقامنا مقام قبول شهادة أو لا؟ إذ لقائل أن يقول أن نقل الشيخ قدس وحده لا يوجب الاطمئنان بل مقام اعتبار الشهادة وعدمه وسقوط مورد واحد عن الاعتبار كاف في سقوط الشهادة وحجيتها عن الاعتبار وعلى هذا فما أجاب به السيد الشهيد قدس لا يمكن الموافقة عليه.

وفيه يرد على شيخنا الأستاذ:

أولا إن الإتيان بكلام الشهيد الصدر ردا على الإشكال الرابع للسيد الخوئي ليس في محله والسر في ذلك إن الإشكال الرابع للسيد الخوئي ناظر إلى مسانيد الثلاثة بخلاف الإشكال الأول للسيد الخوئي الذي هو ناظر إلى مراسيل الثلاثة وكلام الشهيد الصدر "رحمه الله" في نظرية الاحتمال ناظر إلى رد الإشكال الأول أي مراسيل الثلاثة وليس بناظر إلى رد الإشكال الرابع وهو مسانيد الثلاثة لذلك يقول السيد الشهيد لو قال ابن أبي عمير عن رجل عن من حدثه عن غير واحد هذا كله ناظر إلى مراسيل الثلاثة لا أنه ناظر إلى مسانيد الثلاثة والإشكال الرابع للسيد الخوئي إشكال نقضي إذا كان الشيخ الطوسي يؤمن بالشهادة فكيف نفس الشيخ الطوسي يضعف الرجال الذين تشملهم شهادته في العدة يعني ناظر إلى الرجال المشخصين إسناد الثلاثة وروايتهم عن المشخصين إذن يرد على شيخنا الداوري أولا في أصل طرح جواب الشهيد الصدر ينبغي أن لا يطرح هنا وإما ينبغي أن يطرح كجواب عن الإشكال الأول للسيد الخوئي لا الإشكال الرابع هذا أولا.

وثانيا من قال إن السيد الشهيد الصدر "رضوان الله عليه" أراد أن يستدل بشهادة الشيخ الطوسي بالعدة حتى تقول إنه إذا ثبت أن واحد من مشايخ الثلاثة ضعيف فإن هذه الشهادة تسقط والاطمئنان لا يكفي بل إن الشهيد الصدر "رضوان الله عليه" أتى بهذه الدعوى كجواب على المراسيل يريد أن يقول أن تطمئن في المراسيل أنهم لا يرون إلا عن ثقة ومنشأ الاطمئنان هو حساب الاحتمالات ولم يقل إن منشأ الاحتمال هو شهادة الشيخ الطوسي في العدة فكيف تنقض على الشهيد الصدر بما لا يقله إذ أن الشهيد الصدر استند في حصول الاطمئنان بحجية مراسيل الثلاثة إلى نظرية الاحتمال لا إلى دعوى الشيخ الطوسي فكيف تنقض عليه وتقول إن الاطمئنان في المقام لا يكفي بل لابد من حصول الشهادة التامة التي قد تنخرم ولو بالرواية في مورد واحد عن ضعيف، إذن هذا الأمر الثاني الذي ذكره شيخنا الأستاذ الداوري ليس بوارد.

وثالثا سيتضح أنه لم يثبت أن واحد من هؤلاء الثلاثة قد روى عن مسلم الضعف فإن النقض على شهادة الشيخ الطوسي إنما يتم لو ثبت أن المشايخ الثلاثة قد رووا عن راو مسلم الضعف عند الجميع وأما لو رووا عن راو قد اختلف فيه فإن هذا لا يشكل نقضا فإنه قد يكون ثقة عند المشايخ الثلاثة وضعيفا عند الشيخ الطوسي أو عند غيرهم وسيتضح بعد كلام الأستاذ الداوري أن مجموع الرواة الذين رووا عنهم المشايخ الثلاثة حوالي ثمانمائة وخمسة وأربعين راوي هذا وفق إحصاء الشيخ الداوري "حفظه الله" أحصاهم "أيده الله" من صفحة مئة وثمانية وسبعين إلى صفحة 225، ثمانمائة وخمسة وأربعين راوي هؤلاء الرواة مشايخ الثلاثة، هؤلاء ثمانمائة وخمسة وأربعين روى عنهم المشايخ الثلاثة ومن ضعف منهم سبعة عشر شخصا وهؤلاء السبعة عشر شخصا لم يتفق جميع الرجاليين على واحد منهم كلهم السبعة عشر مختلف في توثيقهم وتضعيفهم فالنتيجة لا يمكن خرم شهادة الشيخ الطوسي في العدة بتضعيف الشيخ الطوسي ؟؟؟ منهم وإنما يتم بتضعيف الجميع.

وهذا ما أشار إليه شيخنا الأستاذ الداوري صفحة 165 آخر شيء تحت عنوان أحوال المضعفين قال وأما أولئك الذين روى المشايخ الثلاثة عنهم وقد ورد تضعيفهم في كلمات الرجاليين بل قيل إنه وقع الاتفاق على تضعيف بعضهم وهم سبعة عشر شخصا فقد تتبعنا أقوال الرجاليين فيهم ولم نعثر على مورد واحد وقع الاتفاق على ضعفه وإنا لنجزم بأن جميع هؤلاء السبعة عشر هم مورد خلاف، إذن العمدة المناقشة الثالثة والتي يقبلها الشيخ الداوري ولمزيد التفصيل يمكن مراجعة ما ذكرناه في شرح كتاب كليات في علم الرجال للشيخ جعفر السبحاني "حفظه الله" إذ اتعب نفسه الشريفة في استقصاء الرواة الذين روى عنهم المشايخ الثلاثة وادعي أنهم قد ضعفوا وهناك أثبت أن جميع هؤلاء الرواة لا يوجد فيهم راو واحد قد اتفق على تضعيفه بل هم مورد خلاف.

مثلا علي بن حديد أو المفضل بن صالح أبو جميلة يضعفه الشيخ الطوسي الشيخ الداوري نفسه في مجلس الدرس كان يوثق أبو جميلة ويوثق علي بن حديد فكان هناك توثيق من أئمة الرجال القدماء فضلا عن المعاصرين، إذن العمدة في جواب نقض السيد الخوئي بشكل بسيط الإشكال الرابع أنه إذا كان الشيخ الطوسي يؤمن بالشهادة فكيف ضعف بعض من روى عنه؟ الجواب أولا هذا التعارض يكشف عن أن المشايخ حينما رووا عنه فهذا الرجل ثقة بنظر المشايخ الثلاثة لا أنه ثقة بحسب نظر جميع أئمة الرجال فاختلاف الشيخ الطوسي وتضعيفه للرجل لا يضر في أنهم كانوا يعتقدون بوثاقته فحينما نقول لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة عند الجميع أو إلا عن ثقة عندهم فيما يعتقدونه.

وثانيا إذا اختلف ذلك بحيث أن هذا الرجل ضعفه الشيخ الطوسي وتشمله شهادة المشايخ الثلاثة إذ رووا عنه فإن هذا النقض لا يصح إلا إذا كان هذا الرجل مسلم الضعف ولا يوجد مورد واحد بمسلم الضعف هذا الجواب باختصار من دون إطالة لكن الشيخ الداوري "أيده الله" أجاب بجواب طويل مفصل ونعم ما فصل.

الشيخ الداوري يذكر أربع نقاط يقول في صفحة 153 جوابنا عن الإشكال ـ إشكال السيد الخوئي الرابع – ويمكننا أن نجيب عن هذا الاعتراض بالتحقيق التالي فنقول إن حاصل هذا الإشكال النقضي يرجع إلى أربع نقاط هي أربعة أسئلة:

السؤال الأول كيف خالف الشيخ الشهادة ولم يعمل بها؟ الجواب إن الشيخ الطوسي لم يخالف الشهادة وقد عمل بها كما سيأتي تفصيله ولو تنزلنا وقلنا أنه قد خالف الشهادة فهذا لا ينافي الشهادة إذ الشهادة تقتضي أن هذا الرجل ثقة بنظر المشايخ الثلاثة ولا مانع من ثبوت ضعفه بنظر الشيخ الطوسي.

السؤال الثاني كيف ناقش في هذه الشهادة بعض من قارب عصر الشيخ الطوسي كالمحقق الحلي في المعتبر؟ والجواب إن الشيخ الحلي صاحب الشرائع كما ناقش هذه الشهادة في موضع في المعتبر قبل هذه الشهادة في موضع آخر من المعتبر فيتعارض كلاما المحقق الحلي فيسقطان فنرجع إلى شهادة الشيخ الطوسي في العدة ولا معارض لها.

السؤال الثالث كيف يمكن الأخذ بالشهادة واعتبار وثاقة من روى هؤلاء المشايخ عنهم مع ثبوت ضعف بعضهم؟ والجواب سيتضح أن هذا النقض إنما يصح إذا ثبت أنهم قد رووا عن رجل مسلم الضعف وسيتضح أنهم قد رووا عن سبعة عشر رجل اختلفوا في تضعيفهم وتوثيقهم ولم يثبت أن واحدا منهم مسلم الضعف فلا يتم هذا النقض.

السؤال الرابع كيف يمكن الركون إلى مراسيل هؤلاء المشايخ الثلاثة ولعله لو صرح بأسماء من رووا عنهم لضعف بعضهم كما هو الحال في بعض المسانيد؟ طبعا هذا السؤال الرابع خارج أصلا عن إشكال السيد الخوئي الرابع لأن إشكال السيد الخوئي الرابع ناظر إلى المسانيد لا المراسيل وجوابه قد اتضح أنه بحسب نظرية الاحتمال يحصل الاطمئنان بالنسبة إلى المراسيل فتكون نظرية الاحتمال مؤيدة لشهادة الشيخ الطوسي "رضوان الله عليه"، هذا تمام الكلام في جواب الشيخ الداوري المختصر على إشكال السيد الخوئي الرابع في أربع نقاط أو أربعة أسئلة وأما التفصيل، أما بالنسبة إلى النقطة الأولى فجوابها يأتي عليه الكلام.