الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/08/14

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: المبحث الثاني المشايخ الثقات

المبحث الثاني المشايخ الثقاة

المحور في هذا القسم هم المشايخ الثلاثة صفوان وأبن أبي عمير والبزنطي، يتطرق الشيخ الداوري إلى شهادة الشيخ الطوسي والنجاشي في حق أبن أبي عمير تأييد هذه الشهادة ومساندتها وتفنيد جميع هذه الإشكالات، الشيخ الداوري يرى أن الثلاثة لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة وفاقا للشهيد الصدر وخلافا للسيد الخوئي تحقيق ونتائج هذه النتائج التي يتوصل إليها.

ثبت بأسماء المشايخ الثقاة موثقة بالمصادر يعني تعداد لأسماء الرواة الذين روى عنهم المشايخ الثلاثة، دراسة أحوال سبعة آخرين

يقع الكلام في جهتين:

الجهة الأولى تختص بالمشايخ الثلاثة محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى واحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي وهذا البحث هو عمدة هذا المبحث الثاني.

الجهة الثانية تختص بسبعة من الرواة ذكر في حقهم أنهم لا يرون إلا عن ثقة وهم النجاشي، أبو غالب الزراري، الأشعري القمي، جعفر بن بشير، علي بن الحسن الطائي أو الطأطري، ومحمد بن أبي بكر بن همام ومحمد بن إسماعيل الزعفراني.

ثمرة البحث في الجهة الأولى

يقع الكلام في الجهة الأولى وهي تدور حول المشايخ الثلاثة فعلى ضوء المعطيات الرجالية إذا تم هذا المبنى تتسع دائرة الاعتماد على الروايات من جهة والثقات من جهة أخرى فيزداد عدد الرواة الموثقين برواية المشايخ الثلاثة عنهم وتزداد دائرة الروايات الصحيحة بزيادة مراسيل الثلاثة والروايات التي رواها الثلاثة فيصبح عندنا المئات من الرواة يمكن توثيقهم والآلاف من الروايات يمكن تصحيحها على أسس علمية قويمة.

ومن المناسب قبل الدخول...

وبالتالي من المناسب قبل أن نشرع في بيان أصل الدعوى أن نذكر ما ذكره الشيخ الطوسي والنجاشي في سيرة المشايخ الثلاثة ثم بعد ذلك يتطرق الشيخ الداوري "حفظه الله" إلى أصل الدعوى.

أصل الدعوى

أصل الدعوى كلام الشيخ الطوسي في بحث حجية خبر الواحد من كتاب العدة في الأصول هناك يقول:

سؤال: إذا تعارض خبر مسند مع خبر مرسل فهل يقدم الخبر المسند على الخبر المرسل مطلقا أو لا؟

الجواب: يقول الشيخ الطوسي يوجد تفصيل من هو هذا المرسل إذا كان المرسل قد عرف أنه لا يروي ولا يرسل إلا عن ثقة يصير تعارض بين الخبر المسند والخبر المرسل كمراسيل الثلاثة الذين لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة وهم محمد بن أبي عمير وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي وصفوان بن يحيى بياع السابوري.

إذن لا تقل إن الخبر المسند يقدم على الخبر المرسل مطلقا بل إذا تعارض الخبر المسند مع خبر مرسل نظر في حال المُرسِل فإن كان من المشايخ الثلاثة وغيرهم من الثقاة هذه وغيرهم.

يقول شيخنا الأستاذ الشيخ حسان سويدان فيه إشارة إلى أصحاب الإجماع يعني هؤلاء الثلاثة من أصحاب الإجماع يبقون خمسة عشر، الخمسة عشر البقية وغيرهم الذين هم السبعة الذين سندرسهم ممن عرفوا هؤلاء ثقاة عرفوا أنهم لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة في هذه الحالة يصير تعارض مستقر بين الرواية المرسلة والرواية المسندة وأما إذا كان المرسل من غيرهم تقدم الرواية المسندة على الرواية المرسلة.

أصل الدعوى هذا وفيها عدة شهادات:

الشهادة الأولى الشيخ الطوسي "رحمه الله" في العدة نسب التسوية إلى الطائفة وأسند الإجماع سوت الطائفة يعني أجمعت الطائفة على العمل بمراسيلهم إذن الشهادة الأولى إجماع الطائفة على العمل بمراسيل هؤلاء.

الشهادة الثانية الشهادة على أنه عرفوا أنهم لا يرون إلا عن ثقة.

الشهادة الثالثة على أنهم لا يرسلون إلا عن ثقة

إذن شهادة الشيخ الطوسي الواحدة تنحل إلى ثلاث شهادات:

الشهادة الأولى إجماع الطائفة على العمل بمراسيل هؤلاء وهذا خارج عن بحثنا هذا بحث في حجية المراسيل يصير بحث فقهي ما يصير بحث رجالي،

الشهادة الثانية إجماع الطائفة على أن الثلاثة لا يرون إلا عن ثقة هذا الذي يفيدنا في البحث الرجالي،

الشهادة الثالثة إجماع الطائفة على أن هؤلاء الثلاثة لا يرسلون إلا عن ثقة هذا خارج بحثنا، إذن تهمنا الشهادة الثانية.

إذن مدرك مشايخ الثقاة شهادة الشيخ الطوسي في العدة:

أولا لأنها فيها نسبة التسوية بين المسند والمرسل إلى الطائفة

وثانيا لأنها تشمل المشايخ الثلاثة وغيرهم بخلاف كلام الشيخ النجاشي "رحمه الله" فإنه كان في خصوص ابن أبي عمير يقول الشيخ الطوسي

فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله هنا ما المراد بقوله يسكنون إلى مراسيله؟ هل المراد يعملون بمراسيله أو المراد يثقون ويعتنون بمراسيله؟ إذا كان المراد من قول الشيخ النجاشي يسكنون إلى مراسيله يعني يعملون بمراسيله من دون توقف صار مؤدى شهادة النجاشي موافق لشهادة الشيخ الطوسي، الشيخ الطوسي نسب التسوية إلى الطائفة الشيخ النجاشي نسب السكون إلى الأصحاب معنا التسوية أنهم لا يرون إلا عن ثقة معنى السكون أنهم يعملون بهذه الروايات من دون توقف يعني أنها حجة وأما إذا قلنا إن معنى سكون الأصحاب إلى روايات ابن أبي عمير هو اعتناءهم وليس عملهم فيكون مؤدى شهادة النجاشي مغايرا لمؤدى شهادة الشيخ الطوسي.

الحق والإنصاف إن معنى السكون السكون يعني لا يوجد أي حركة يعني يعمل من دون توقف فيكون مؤدى شهادة النجاشي موافقا لشهادة الشيخ الطوسي لكن شهادة النجاشي في خصوص أبن أبي عمير وأما شهادة الشيخ الطوسي في العدة فهي تشمل المشايخ الثلاثة بل غيرهم من الثقاة الذين عرفوا أنهم لا يرون إلا عن ثقة.

قبل ما نذكر نص كلام الشيخ الطوسي والنجاشي نقرأ ما ذكره النجاشي والشيخ الطوسي في ترجمة الثلاثة في الفهرسين فهرست النجاشي وفهرست الطوسي.

أما محمد بن أبي عمير صفحة 140 قال عنه النجاشي[1] بغدادي الأصل والمقام لقي أبا الحسن موسى "عليه السلام" وسمع منه أحاديث كناه في بعضها يعني كنا الإمام الكاظم أبن أبي عمير في بعضها، فقال يا أبا أحمد وروى عن الرضا جليل القدر عظيم المنزلة فينا ـ الشيعة ـ وعند المخالفين وكان حبس في أيام الرشيد فقيل ليلي القضاء، الرشيد حبسه حتى يلي القضاء يتولى القضاء، وقيل إنه ولي بعد ذلك يعن يبعد أن حبسه الرشيد تولى القضاء جبراً، يعني حبس ليدل على مواضع الشيعة وأصحاب موسى بن جعفر "عليهما السلام".

وروي أنه ضرب اسواطا بلغت منه فكاد أن يقر لعظم الألم ـ كاد أن يعترف وهو في السجن ـ فسمع محمد بن يونس بن عبد الرحمن ـ هذا ابن صاحبه ـ وهو يقول اتق الله يا محمد بن أبي عمير فصبر ففرج الله عنه.

وروي أنه حبسه المأمون حتى ولاه قضاء بعض البلاد أصبح واليا للمأمون في احد الاقضية وقيل إن أخته دفنت كتبه في حالة استتارها يعني بعد أن سجن ـ أبن أبي عمير ـ استترت أخته ودفنت كتبه وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب لذلك أصبح يحدث عم حافظته لتلف الكتب وقيل بل تركتها في غرفة ـ حجرة في الطابق العلوي ـ فسال عليها المطر فهلكت فحدث من حفظه ومما كان سلف له في أيدي الناس فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله هذا شاهد كلام النجاشي أصحابنا يسكنون إلى مراسيله يعملون بمراسيله.

وقال الشيخ في الفهرست وكان من أوثق الناس عند الخاصة والعامة وانسكهم نسكا وأورعهم واعبدهم وقد ذكره الجاحظ في كتابه فخر قحطان على عدنان بهذه الصفة التي وصفناه والجاحظ من النواصب، وذكر أنه كان أوحد أهل زمانه في الأشياء كلها إلى أن يقول وله مصنفات كثيرة وذكر ابن بطة أن له أربعة وتسعين كتابا.[2]

وأما صفوان بن يحيى فقد قال عنه النجاشي أبو محمد البجلي بياع السابوري كوفي ثقة ثقة عين يعني وجه من وجوه الطائفة، روى أبوه عن أبي عبد الله "عليه السلام" وروى هو عن الرضا "عليه السلام" وكانت له عنده منزلة شريفة ذكره الكشي في رجال أبي الحسن موسى "عليه السلام"، إذن هو من أصحاب الإمام الكاظم والرضا وكانت له عنده منزلة شريفة، وقد توكل للرضا وأبي جعفر يعني أصبح وكيلا من وكلاء الإمام الرضا والإمام الجواد وسلم مذهبه من الوقف وكانت له منزلة من الزهد والعبادة وكان جماعة الواقفة بذلوا له مالا كثيرا بعد شهادة الإمام الكاظم وقفوا على إمامة الإمام الكاظم وأنكروا إمامة الإمام الرضا طمعا في الأموال هم كانوا وكلاء الإمام الكاظم علي بن أبي حمزة البطائني وزياد بن مروان القندي هؤلاء طمعوا في الأموال قالوا الكاظم لم يمت وإنما قد غاب وهو المهدي المنتظر فأنكروا إمامة الإمام الرضا قالوا أنت لست إمام لأن الإمام الكاظم ما مات وإنما غاب، هذا أيضا من العلماء الكبار صفوان بن يحيى أغروه بالأموال لكي يصير معهم في الوقف فرفض.

وكان جماعة الواقفة بذلوا له مالا كثيرا وكان شريكا لعبد الله بن جندب وعلي بن النعمان، أصحاب ثلاثة التقوا عند بيت الله أي واحد منهم يموت كل واحد يؤدي صلاة وصيام وزكاة الآخر، كليهما ماتوا صار هو خمس سنوات يصلي عنهم ويصوم عنهم ويزكي عنهم، وروي أنهم تعاقدوا في بيت الله الحرام أنه من مات منهم صلى من بقي صلاته وصام عنه صيامه وزكا عنه زكاته فماتا عبد الله بن جندب وعلي بن النعمان وبقي صفوان فكان يصلي في كل يوم مائة وخمسين ركعة ويصوم في السنة ثلاثة أشهر ويزكي زكاته ثلاث مرات ثلاث دفعات هذا في الواجب، أي شيء مستحب يسوي يسوي على الاثنين وكل ما تبرع به عن نفسه مما عدا ما ذكرناه يعني الصلاة والصوم والزكاة تبرع عنهما مثله.

وحكى بعض أصحابنا أن إنسانا كلفه حمل دينارين إلى أهله إلى الكوفة وهو من الكوفة كان قال له وده بيت أهلي في الكوفة قال أنا هذه الجمال أكريتها استأذن من أكريته يجوز لي أحملهم أو لا فقال إن جمالي مكرات وأنا استأذن الأجرة. وكان من الورع والعبادة على ما لم يكن عليه احد من طبقته "رحمه الله" فصنف ثلاثين كتابا[3] ، هو افقه الستة الأواخر صفوان هذا غير صفوان بن مهران الجمال المعروف قصته مع الإمام الكاظم "عليه السلام" لذلك عنده إطلاق لفظ صفوان ينصرف إلى بياع السابوري.

وقال الشيخ في الفهرست أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وأعبدهم كان يصلي كل يوم خمسين ومائة ركعة ويصوم في السنة ثلاثة أشهر ويخرج ماله في السنة ثلاث مرات وروى عن الرضا وأبي جعفر "عليهما السلام" وروى عن أربعين رجلا من أصحاب أبي عبد الله هو لم يدرك الإمام الصادق روى عن أربعين رجلا ممن أدركوا الإمام الصادق وله كتب كثيرة مثل كتب الحسين بن سعيد وله مسائل عند أبي الحسن موسى "عليه السلام" وروايات[4] ، الحسين بن سعيد معروف بكثرة الكتب والتصنيفات أيضا صفوان بن يحيى بياع السابوري.

الثالث وأما احمد بن محمد بن عمر بن أبي نصر البزنطي فقد قال عنه النجاشي مولى السكون أبو جعفر المعروف بالبزنطي كوفي لقي الرضا وأبا جعفر عليهما السلام وكان عظيم المنزلة عندهما وله كتب وقال الشيخ في الفهرست مولى السكوني أبو جعفر وقيل أبو علي المعروف بالبزنطي كوفي ثقة لقي الرضا "عليه السلام" وكان عظيم المنزلة عنده وروى عنه كتابا إذن محمد بن أبي عمير والبزنطي من الموالي.

هذا وقد تقدم في المبحث السابق أن هؤلاء الثلاثة ممن أجمعت العصابة على تصديقهم وتصحيح ما يصح عنهم والانقياد لهم والإقرار لهم بالفقه،

موضوع البحث

المدرك هو أولا قول النجاشي في رجاله فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله وهذا خاص في خصوص أبن أبي عمير فإذا حملنا السكون إلى المراسيل على العمل بالمراسيل يصير موافق لشهادة الشيخ الطوسي وأما إذا حملنا السكون إلى المراسيل بمعنى الاعتناء بالمراسيل تكون الشهادة مغايرة.

كلام الشيخ الطوسي هكذا صفحة 143 آخر شيء وإذا كان أحد الراويين مسند والآخر مرسلا هذا تعارض الأخبار في الخبر بحث حجية خبر الواحد وإذا كان أحد الراويين مسند والآخر مرسلا نظر في حال المرسل فإن كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة موثوق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره يعني لا ترجيح للخبر المسند على خبر المرسل ولأجل ذلك سوت الطائفة بينما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى واحمد بن محمد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يرون ولا يرسلون إلا عن من يوثق به وبينما أسنده غيرهم ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيره حتى لو انفردوا يعملون برواياتهم حجة.

قلنا توجد ثلاث شهادات شهادة على العمل بمراسيلهم هذا أولا ثانيا شهادة على أنهم عرفوا أنهم لا يرون إلا عن ثقة ثالثا شهادة على أنهم عرفوا أنهم لا يرسلون إلا عن ثقة وهذا وقع عند العامة نظير ما ذكره الشافعي في سعيد بن المسيب الشافعي كان يقبل مراسيل سعيد ابن المسيب وهي عنده في قوة المسانيد بناء على هذا عندنا بحثان:

البحث الأول الحكم بوثاقة كل من يروي عنه الثلاثة

البحث الثاني الحكم بحجية مراسيل الثلاثة

الذي يهمنا الحكم الأول الحكم بوثاقة كل من يروي عنه الثلاثة، الإشكالات على الدعوى يأتي عليها الكلام.

 


[1] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص326.
[2] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص218.
[3] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص197.
[4] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص145.