الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/08/10

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: المناقشة في الاحتمالات من الأول للرابع

 

التحقيق في المقام وأما الأمر الثالث فتحقيق الحال فيه أن نقول...

خلاصة الدرس

شرعنا في أول مباحث التوثيقات العامة وهو بحث أصحاب الإجماع قلنا إن البحث في أصحاب الإجماع يتم في أمور:

الأمر الأول في أصل الدعوى وقلنا إن أصل الدعوى من الشيخ الكشي "رحمه الله"

الأمر الثاني في مفاد الدعوى وقد ذكر الشيخ الداوري "حفظه الله" خمسة احتمالات ولم يرجح أي واحد منها بل جاء باحتمال سادس إلا أنه لا شاهد عليه من جهة ولا قائل به من جهة أخرى فتوقف.

الأمر الثالث التحقيق في المقام وهو مناقشة الاحتمالات بل الأقوال الخمسة:

إن الإحتمال الأول: هو ظاهر من العبارات الثلاثة...

أما الاحتمال الأول وهو تصحيح المروي أو تصحيح الرواية فإن الاحتمال الأول يرى أن دعوى الكشي أن العصابة قد أجمعت على تصحيح ما يصح عن ثمانية عشر مفادها إن السند إذا كان تاما إلى أحد أصحاب الإجماع الثمانية عشر فإنه لا حاجة إلى النظر في السند من بعده لأن الرواية تكون صحيحة لأن الأصحاب أجمعوا على صحة ما صح عنه فظاهر العبارات الثلاث:

العبارة الأولى للطبقة الأولى أصحاب الإمام الباقر والصادق "عليهما السلام"،

العبارة الثانية في حق أحداث أصحاب الإمام الصادق "عليه السلام"،

العبارة الثالثة في حق أصحاب الإمام الكاظم والرضا "عليهما السلام".

هذه العبائر الثلاث تنص على صحة ذلك بل إن العبارة الأولى بالخصوص إذ ورد فيها إن العصابة قد أجمعت على تصديقهم ولم يرد فيها تصحيح ما يصح عنهم والمراد تصديقهم فيما يقولون وتصديقهم فيما يرون فيكون ظاهر العبارة الأولى تصحيح المروي تصحيح الرواية.

نعم ظاهر العبارة الثانية والثالثة أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن هؤلاء يعني تصديقهم فيما يحكونه من الفتاوى فبمقتضى العموم أو الإطلاق المستفاد من كلتا العبارتين نستفيد صحة ما يقولونه من فتاوى أو روايات لأن ما يقولونه إما رواية وإما فتوى.

إذن يحمل في هذا المبنى الأول إذا أردنا التعميم وتمسكنا بالإطلاق حجية كلام أصحاب الإجماع الثمانية عشر في الروايات والفتاوى معا.

ولا يخفى أن هذا يبتني على...

والحاصل ولا يخفى أن هذا المبنى يبتني على أن الصحة عند المتقدمين تختلف عن الصحة عند المتأخرين فإن الصحة عند المتقدمين ناظرة إلى تصحيح متن الرواية لا توثيق من يقع في إسناد الرواية.

الإشكال

وفيه إن المبنى الأول لا يتوقف على حمل الصحة على الصحة عند المتأخرين بل يتم حتى بناء على حمل الصحة عند المتأخرين فإننا وإن كنا نحمل الصحة الواردة في كلام الشيخ الكشي على الصحة عند المتقدمين لأنه من المتقدمين ولكن الاستدلال بعبارة الكشي على تصحيح الرواية وتصحيح المروي يتم على كلا المبنيين أما على مبنى الصحة عند المتقدمين فالمراد تصحيح المتن وأن المتن قد اعتضد بقرائن تفيد الصحة وبالتالي إذا صح السند إلى أحد أصحاب الإجماع لا داعي للنظر إلى الرواة الواردين بعده فتكون الرواية صحيحة.

وأما على المبنى الثاني وهو الصحة عند المتقدمين والمراد أن يكون جمع الرواة الواردين في سلسلة السند عدولا إمامية فعلى هذا المبنى أيضا يتم المدعى فيكون مراد الكشي تصديقهم أو تصحيح ما يصح عنهم المهم أن يكون الرواة الواردين في سلسلة السند منا إليهم عدولا إمامية وأما من يأتي بعدهم فإن الأصحاب والطائفة يتعاملون معهم معاملة الصحيح حتى لو كان الرواة ضعاف أو مجاهيل أو كانت الرواية مرسلة فإنهم يتعاملون معها معاملة الرواية صحيحة السند عند المتأخرين أي أنها حجة بمثابة الرواية التي يكون في سندها جميع الرواة عدولا إمامية.

نتيجة الإشكال

إذن الاستدلال بكلام الكشي على صحة المروي أو تصحيح الرواية لا يتوقف على الاستناد إلى مبنى الصحة عند المتقدمين بل يتم حتى لو بنينا على الصحة عند المتأخرين.

هذا تمام الكلام في بيان القول الأول، ولم يناقش فيه الشيخ الداوري بعد ذلك ويبطله ولكننا نقول لو حمل أصحاب القول الأول عبارة تصحيح ما يصح عن هؤلاء على الصحة عند المتقدمين أو المتأخرين فإن تصحيح المروي إنما يتم بناء على ما ورد في الطبقة الثانية والثالثة دون الطبقة الأولى تصديقهم لما يقولون فإنه لم يرد فيها عنوان تصحيح ما يصح عنهم والقدر المتيقن من التصديق تصديقهم أنفسهم وأما عدم النظر إلى الرواة الواردين من بعدهم فهو قد يستفاد من قوله تصديقهم يعني شخص هو يروي رواية هو صادق في نقله للرواية لكن من قال أن هذه الرواية صادقة صدق القائل يعني الصدق المخبر لا يستلزم الصدق الخبري أن هذا الخبر صحيح.

إلى هنا تم كلام الشيخ الداوري "حفظه الله" بالنسبة إلى الاحتمال الأول.

واما الإحتمال الثاني: وهو القول بأن العبارات الثلاث تدل على وثاقة هؤلاء الأشخاص...

وأما الاحتمال الثاني وهو توثيق الراوي واستفادة توثيق جميع الرواة الواردين بعد أصحاب الإجماع إلى المعصوم "عليه السلام" من عبارة الكشي فإن هذه العبارات الثلاث تدل على وثاقة هؤلاء الأشخاص ووثاقة من بعدهم.

والوجه في ذلك بناء على هذا المبنى الثاني أنما ذكر من الفرق في الصحة بين المتقدمين والمتأخرين غير ثابت بل إن الصحة عند الجميع بمعنى واحد وهو أنه يكون الراوي ثقة فإذا قيل في الصحيح عن فلان فمعناه أنه وصل عن فلان بطريق صحيح.

وأما الحكم بصحة المتن اعتمادا على وجود القرائن فهذا بعيد لبعد أن القدماء قد فحصوا جميع الروايات رواية رواية ووجدوا في كل رواية قرينة تدل على صحتها وأن هذه الرواية قد صدرت عنهم عليهم السلام.

إذن بناء على المبنى الثاني الظاهر أن الحكم بالصحة يدور مدار وثاقتهم يعني مبني على الصحة عند المتأخرين لا الصحة عند المتقدمين وبناء عليه فالتصحيح بمعنى التوثيق وهو يشملهم ويشمل كل من وقع في الإسناد بينهم وبين الأئمة "عليهم السلام"، إلى هنا تم كلام شيخنا الأستاذ سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري "حفظه الله".

الإشكال

وفيه:

أولا من قال إن الصحة عند المتقدمين لا تختلف عن الصحة عند المتأخرين هذا أول الكلام فلو رجعنا إلى كلام الشيخ الطوسي في العدة ولحظنا عبائر الشيخ الصدوق وغيرهما من المتقدمين لوجدنا أنهم يرون أن الخبر الصحيح هو الخبر المعتضد بقرائن تفيد الوثوق والصحة بالصدور بخلاف الصحة عند المتأخرين التي أول من ربع فيها الروايات هو السيد أحمد بن طاووس وقد أخذ ذلك من العامة فقال الخبر إما صحيح أو موثق أو حسن أو ضعيف إذن أولا يوجد فارق في الصحة بين المتقدمين والمتأخرين.

وثانيا من البعيد جدا حمل الصحة في كلام الكشي على الصحة عند المتأخرين والاستدلال على هذا النص ـ نص الكشي ـ بتوثيق الراوي ربما يدعى ويقال إنه متوقف على حمل الصحة في كلام الكشي على الصحة عند المتأخرين لا الصحة عند المتقدمين إذن التصحيح ليس بمعنى التوثيق بل التصحيح بمعنى الوثوق والاطمئنان.

وثالثا يرد على شيخنا الأستاذ الداوري فيما ذكره من استبعاد أن المتقدمين قد فحصوا القرائن الموجودة في كل رواية صدرت عنهم عليهم السلام يرد عليه إن من أبرز القرائن الموجبة للوثوق والاطمئنان هي كون الراوي ثقة وهذه قرينة متوفرة يمكن لحاظها في جميع الروايات كما أن الكتب الأربعمائة آنذاك كانت متداولة فكانت الكثير من القرائن كتكرر الرواية في أصل من الأصول الأربعمائة أو وجود الرواية في أصل عرض على الإمام "عليه السلام" وأقر وغيرهما من القرائن كانت متوفرة فمن السهل في ذلك الوقت أن يجزموا بصحة كتاب أو بصحة روايات فلان أو مجموعة خصوصا إذا كانوا من الأجلاء والمشاهير كالفقهاء الثمانية عشر إنما الغريب بالنسبة إلى الراوي المجهول أو الراوي الذي رواياته قليلة ورواياته مبعثرة بخلال الراوي المشهور الذي رواياته معروفة ومشهورة فمن السهل إحصاء هذه الروايات خصوصا أن أبرز قرينة في ذلك الوقت إلى يومنا هذا أبرز قرينة على الوثوق والاطمئنان هي كون الراوي ثقة.

هذا تمام الكلام في الاحتمال الثاني.

وأما الاحتمال الثالث وهو القول بوثاقة هؤلاء وصحة رواياتهم فدليله أنه إذا ثبت...

وأما الاحتمال الثالث وهو القول بوثاقة هؤلاء وصحة رواياتهم يعني القول الأول القول بصحة الروايات ويضاف إليه القول بوثاقة الثمانية عشر.

فدليله إما أن نستخدم المدلول الالتزامي وإما أن نستخدم المدلول المطابقي، نستخدم المدلول الالتزامي نقول إذا كانت روايات الثمانية عشر صحيحة وقد أجمعت الطائفة على صحتها فهذا يعني أن المجمعين قد تتبعوا روايات الثمانية عشر وعلموا أن رواياتهم صحيحة وهذا يلازم عادة وثاقتهم.

إذن عندنا مدلول مطابقي وهو صحة روايات الثمانية عشر وعندنا مدلول التزامي وثاقة الثمانية عشر الاستدلال الثاني بالعكس يقول إن الموضوع لعقد الإجماع معقد الإجماع ليس هو رواية هؤلاء بل هو نفس شخص هؤلاء إجماع على فقاهة وجلالة ووثاقة هؤلاء فالمدلول المطابقي هو وثاقتهم والمدلول الالتزامي قد يقال صحة رواياتهم إذن وثاقة أصحاب الإجماع الثمانية عشر إما أن يكون مدلولا مطابقيا بأن نقول إن معقد إجماع الكشي هو وثاقة هؤلاء وإما أن يكون مدلولا التزاميا فيما إذا قلنا إن معقد الإجماع الذي نقله الكشي هو روايات هؤلاء الثمانية عشر وهذا يستلزم منه وثاقتهم. لكن شيخنا الأستاذ الداوري "أيده الله" لم يناقش فيه أيضا.

إذن الملاحظ أن شيخنا الأستاذ الداوري لم يناقش في الاحتمال الأول والثاني والثالث وإنما ذكر الوجوه التي يمكن أن توجه بها هذه الاحتمالات الثلاثة.

نعم ناقش في الاحتمال الرابع الذي ذهب إليه الفيض الكاشاني في الوافي وسيد الأساتذة السيد أبو القاسم الخوئي "رحمه الله" في معجم رجال الحديث وأنكب شيخنا الأستاذ الداوري لمناقشة أستاذه السيد الخوئي في مبناه المؤيد المنصور وسنذكر الأدلة ومناقشات شيخنا الأستاذ الداوري "حفظه الله" وسيتضح أن الصحيح ما صححه السيد الخوئي "رحمه الله" .

وأما الإحتمال الرابع وهو أن المراد بيان وثاقة هؤلاء الأشخاص...

الاحتمال الرابع مفاده إن المراد من الإجماع بيان وثاقة هؤلاء الثمانية عشر وجلالة قدرهم من دون نظر إلى رواياتهم يعني توثيقهم بأنفسهم من دون توثيق من بعدهم فلا يستفاد توثيق الراوي كما في القول الثاني ومن دون تصحيح رواياتهم أي تصحيح المروي كما في الاحتمال الأول والثاني.

استدلال الفيض الكاشاني على الإحتمال الرابع

فمعنى هذا الاحتمال الرابع أن غاية ما تدل عليه العبارات الثلاث هو وثاقة هؤلاء الأشخاص في أنفسهم وجلالة قدرهم فقط والفرق بين الثمانية عشر وغيرهم من الرواة الثقاة والأجلاء والفقهاء هو أن هؤلاء الثمانية عشر قد أجمعت الطائفة على وثاقتهم وجلالتهم وفقاهتهم هذا الاحتمال قد ذهب إليه الفيض الكاشاني واستدل عليه بوجهين في الوافي الجزء الأول صفحة 12 وأضاف إليه السيد الخوئي وجها ثالثا.

الشيخ الداوري "حفظه الله" يذكر وجهين للفيض الكاشاني ووجهين للسيد الخوئي "رحمه الله" الوجه الأول في معجم الرجال والوجه الثاني في كتاب الطهارة ويرد هذه الوجوه الأربعة.

أما أول الوجهين وهو وجه الفيض الكاشاني فقد ذكر الفيض الكاشاني قدس أن عبارة الكشي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن هؤلاء وتصديقهم كما يحتمل فيها المعنى المشهور ـ القول الأول تصحيح الرواية تصحيح المروي يعني الدلالة على توثيق وتصحيح الروايات من دون حاجة إلى ملاحظة من بعدهم من الضعف أو الجهالة أو الإرسال فالرواية تكون صحيحة إذا صح منا إلى أحد أصحاب الإجماع ولا حاجة إلى النظر في السند بين أصحاب الإجماع والمعصوم "عليه السلام" ـ.

الوجه الأول مفاده يوجد احتمالان:

الاحتمال الأول توثيق خصوص أصحاب الإجماع من دون رواياتهم.

الاحتمال الثاني تصحيح روايات أصحاب الإجماع

وعبارة الكشي تحتمل هذين الأمرين فلا يمكن الأخذ بهما فنقتصر على القدر المتيقن ومن الواضح أن توثيق هؤلاء هو القدر المتيقن بينما تصحيح روايات هؤلاء هو القدر الزائد فلا نأخذ بالقدر المشكوك فيه وهو المقدار الزائد صحة روايات هؤلاء فنقتصر على القدر المتيقن وهو وثاقة هؤلاء إذ أن عبارة الكشي تكون مجملة فنقتصر على القدر المتيقن هذا الوجه الأول.

الوجه الثاني للفيض الكاشاني لو سلمنا وتنزلنا وقلنا بما قال به المشهور من أن عبارة الكشي تشمل روايات أصحاب الإجماع الثمانية عشر وسلمنا بالدلالة إلا أننا نناقش في مصدر هذا الدليل وهو الإجماع المنقول ومن الواضح في الفقه أن الإجماع المنقول ليس بحجة إذ أنه لا يكشف عن قول المعصوم "عليه السلام" فالمعصوم "عليه السلام" ليس داخلا في الإجماع المنقول بخبر الواحد ولا أقل من كونه مشكوك الحجية والشك في الحجية مساوق لعدم الحجية وعليه فلا يمكن الأخذ بهذه الدعوى.

وأما ما اضافه السيد الأستاذ فحاصله...

وأما الدليل الثالث وهو الذي أضافه السيد أبو القاسم الخوئي "رحمه الله" حاصله إن دعوى صحة روايات أصحاب الإجماع غير تامة لأن الفقهاء والعلماء القدماء كالشيخ الطوسي والمرتضى والمفيد لم يرتبوا أثرا على هذه الدعوى المنقولة عن الكشي ولم يعولوا عليها فإن الشيخ الطوسي "رحمه الله" بنفسه قد ناقش في روايات صفوان بن يحيى بياع السابوري وهو من أصحاب الإجماع وناقش في روايات أبن أبي عمير وهو من أصحاب الإجماع وغيرهما ممن ذكر في معقد الإجماع مضافا إلى أننا ندرك بالوجدان الذي لا يحتاج إلى برهان أن أصحاب الإجماع قد رووا عمن ضعف في عدة موارد قد رووا عن الضعفاء فإذن لو سلمنا بظهور عبارة الكشي إلا أن هذا الظهور يبتلى بالموانع فنقتصر على القدر المتيقن وهو وثاقة نفس هؤلاء.

الوجه الرابع ما ذكره السيد الخوئي "رحمه الله" في كتاب الطهارة ذكر وجها آخر حاصله إن معنى تصحيح ما يصح عنهم هو أن النقل عن هؤلاء صحيح فكما يقال صحة عن فلان أو في الصحيح عن أبن أبي عمير مثلا أي أن نقل الرواة الخبر إلى أبن أبي عمير صحيح لا أن الحديث صحيح فكذلك المقام فإن المراد أن نقلهم صحيح لا أن رواياتهم صحيحة.

المناقشة على كلام السيد الخوئي

ثم يبدأ الشيخ الداوري "حفظه الله" بمناقشة كلام السيد الخوئي ويبدأ بمناقشة الوجه الرابع قائلا وفيه ما لا يخفى فإنه خلاف الظاهر من العبارة إذ أن متعلق التصحيح إما قوله الكشي ما صح أو قول الكشي لما يقولون يعني تصديقهم لما يقولون إذن الكشي ذكر متعلق التصحيح والتصديق تصحيحهم لما صح أو تصديقهم لما يقولون وهما ظاهران في إرادة نفس الرواية ومتنها لا في نقلها فهذا الوجه بعيد جدا لا ينبغي المصير إليه.

الإشكال على مناقشة الشيخ الداوري

وفيه إنما ذكره السيد الخوئي وجيه جدا بل ينبغي المصير إليه فإن المتعلق وإن ذكر في كلام الشيخ الكشي تصديقهم لما يقولون تصحيح ما صح عنهم فإن التصديق والتصحيح إما أن يكون ناظرا إلى الخبر وإما أن يكون ناظرا إلى المخبر فإذا حملنا المتعلق على المخبر يعني تصديق المخبر لما يقول تصديق المخبر لما صح عنه فإنه يستفاد منه تصحيح كلامه وتصديقه هو فقط ولا يستفاد تصديق الخبر وأما إذا حملنا المتعلق على الخبر تصديقه لما يقول يعني تصديق المقول الذي قاله تصحيح ما صح عنه يعني تصحيح الخبر الذي صح عنه فإن كلام شيخنا الأستاذ الداوري يتم وهنا كل فقه واستظهاره والظاهر والله العالم أن الظاهر من عبارة الكشي تصديق المخبر حينما تقول صدق فلان لما يقول يعني هذا المخبر صادق صدقه فيما قاله لا أن ما قاله صحيح قد يكون غير صحيح يعني هذا المخبر نظر إلى السماء لكي يرى الهلال رمش عينه سقط على عينه فتوهمه أنه هلال فتقول صدق فلان لما يقول يعني صدق المخبر فيما قاله هذا لا يستلزم أن يكون الخبر صحيحا هو ثقة نصدق كلامه لكن ليس بحجة إذا الآن الليلة قطعا الهلال ما يطلع ما تصدقه إذن الحيثية التي ذكرها شيخنا الأستاذ الداوري جدا مهمة وهي أن المتعلق قد ذكر تصديقه لما يقول تصديقه لما صح عنه لكنها لا تفيده في مدعاه لأن ظاهر كلام الكشي هو الحمل على التصديق من حيثية المخبر والفاعل لا من حيثية الخبر والفعل تصديقه هو كفاعل وكمخبر لا الخبر الصادر منه إذن إنصافا كلام السيد الخوئي لما يقولون إذا صح عن فلان شيء فهو صحيح يعني إذا صح الخبر عن فلان فهذا المخبر صادق خذ ما قاله إذن ناظر إلى التصحيح المخبري من ناحية أن المخبر صادق لكن ينبغي النظر في المقولة التي نسبت إليه، إذن مناقشة شيخنا الاستاذ الداوري "ايده الله" للوجه الرابع الذي نقله عن السيد الخوئي ليست تامة.

إشكال الشيخ الداوري على وجوه الثلاثة المتقدمة في إحتمال الرابع

ثم يبدأ الشيخ الداوري "حفظه الله" في مناقشة الوجه الأول والثاني للفيض الكاشاني ثم الثالث للسيد الخوئي.

أما بالنسبة إلى الوجه الأول وهو أن مفاد الإجماع هو التوثيق فقط يقول الشيخ الداوري ففيه أنه مجرد احتمال وليس كل احتمال يؤخذ به كما إذا كان الاحتمال موهونا وهذا الاحتمال كذلك موهون أنه يراد به فقط وثاقة أصحاب الإجماع الثمانية عشر، لماذا هو موهون؟ لأنه خلاف ظاهر العبارة

نعم ورد في العبارة الأولى...

نعم هذا الاحتمال ينسجم مع العبارة الأولى الواردة في الطبقة الأولى لأنه ورد فيها وتصديقهم، هكذا ورد في العبارة الأولى أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء وهذه العبارة تدل بالمطابقة على وثاقتهم وإن كانت قاصرة عن الدلالة على وثاقة من بعدهم ولكن جاء في العبارتين الأخريين تصحيح ما يصح عن هؤلاء أي أن ما صدر عنهم صحيح رواية كان أو فتوى يعني تمسكا بالإطلاق ولو لم يكن الأمر كذلك يعني تصحيح ما صدر عنهم لكان عن الكشي أن يعبر بما هو أدل وأوضح على توثيقهم كأن يقول أجمعت العصابة على تصديقهم أو وثاقتهم لا أن يعبر بتصحيح ما صح عنهم.

فهذا الاحتمال ضعيف جداً وحينئذ يكون مفاد العبارة الثانية والثالثة أن كل ما وصل إلينا بطريق صحيح عنهم فهو صحيح ولا حاجة إلى ملاحظة من بعدهم فنستفيد تصحيح الرواية.

وعليه فلا إجمال في المقام حتى تصل النوبة إلى الأخذ بالقدر المتيقن إذ الاحتمال الآخر وهو الأخذ بالقدر المتيقن ووثاقة هؤلاء فقط موهون بالقياس إلى ظاهر العبارة وإن كنا نقول إن القدر المتيقن هو الدلالة على التوثيق يعني هو يلتزم أن القدر المتيقن هو الدلالة على التوثيق ؟؟؟ الثمانية عشر فقط لكن بحسب الواقع لا من باب الترديد بين الاحتمالين لوهن أحدهما وهو وثاقة الثمانية عشر فقط وقوة الثاني وهو تصحيح رواياتهم كما هي الدعوى.

هذا تمام الكلام في تقرير كلام شيخنا الأستاذ آية الله الشيخ مسلم الداوري.

الإشكال على رد الشيخ الداوري على الوجه الأول

وفيه إن مدعى شيخنا الفيض الكاشاني هو وجود الإجمال في عبارة الكشي والإجمال فيها سيتضح من ملاحظة جميع الأقوال والأدلة التي سيقت لها فإذا استعرضنا الاستظهار الذي ذكر لتصحيح المروي كما في القول الأول والاستظهار الذي ذكر لتصحيح الراوي كما ذكر في القول الثاني والاستظهار الذي ذكر لتصحيح نفس الرواة والمروي كما في القول الثالث واتضح بطلان جميع هذه الاستظهارات فإن النتيجة ستكون إن عبارة الكشي مجملة وليست ظاهرة في تصحيح الرواية والمروي كما يقول الشيخ الداوري "حفظه الله" أن قوة احتمال الثاني سيتضح أن هذا الاحتمال الثاني تصحيح الراوي ليس قويا فإذا أصبح تصحيح الراوي ضعيفا تصحيح المروي ضعيفا تصحيح أصحاب الإجماع والروايات ضعيف تصحيح الراوي والمروي ضعيف كل الأدلة وكل الأقوال التي قيلت إذا تم النقاش فيها ولم يثبت شيء فإنه سيثبت الإجمال إذا ثبت الإجمال سنقتصر على القدر المتيقن.

ما هو القدر المتيقن؟ هو توثيق خصوص أصحاب الإجماع الثمانية عشر وقد سلم معنا شيخنا الأستاذ الداوري بهذا القدر المتيقن إذ قال وإن كنا نقول إن القدر المتيقن هو الدلالة على التوثيق لكن هذا قدر متيقن بحسب الواقع لا من باب الترديد بين الاحتمالين أقول هو قدر متيقن بحسب النظر إلى الواقع بل بحسب الترديد إلى هذين الاحتمالين بل إلى جميع الاحتمالات وهذا هو مدعى السيد الخوئي والفيض الكاشاني من أنه بعد مناقشة جميع هذه الاحتمالات لا يثبت شيء فعلام توقفت يا شيخنا الأستاذ الداوري مع أنك أقررت بأن التوثيق هو القدر المتيقن فكان القول بالإجماع على وثاقة هؤلاء أولى من التوقف والله العالم.

وأما بالنسبة إلى الوجه الثاني وهو أن هذا ليس داخلا في حجية خبر الواحد...

وأما بالنسبة إلى الوجه الثاني فإنصافا مناقشة شيخنا الأستاذ الداوري للفيض الكاشاني تامة، مفاد الوجه الثاني أن الإجماع الذي نقله الشيخ الكشي ليس داخلا في الإجماع المنقول بخبر الواحد ولا كاشفا عن رأي المعصوم وهذا ليس بوجيه.

لأن الإجماع في المقام لا يراد في مقام التوثيق لا يراد به الإجماع في الفقه الإجماع المنقول بخبر الواحد ولابد أن يدخل فيه الإمام المراد بالإجماع يعني شهادة القدماء يكفي أن واحد منهم يشهد وهو نفس الكشي فإذا الكشي شهد وهو من القدماء شهادته توثيق.

ومن نقل الكشي للإجماع يعلم ويستكشف أن هناك مجموعة قد وثقوا هؤلاء ووثقوا رواياتهم وتوثيق القدماء حجة حتى لو لم يثبت الإجماع لأننا لا نريد أن نستكشف حكما شرعيا حتى نقول هذا إجماع منقول وليس بحجة ولا يكشف عن قول المعصوم وإنما هنا توثيق ويكفي في التوثيق قول واحد من القدماء بناء على أن مدرك التوثيق ومدرك حجية قول الرجالي هو خبر الثقة أو البينة.

فإذن يقول شيخنا الأستاذ الداوري الوجه الثاني للفيض الكاشاني ليس بوجيه لأن الإجماع في المقام غير الإجماع في الفقه لاختلاف مناط الحجية في المقامين. فإن المناط في حجية الإجماع في الفقه هو الكشف عن قول المعصوم "عليه السلام" وأما مناط الحجية في المقام توثيق الراوي أو الرواية فهو حصول الشهادة على وثاقة أشخاص معينين وتصحيح رواياتهم فلو كان مع ذلك كاشفا عن قول المعصوم لكان ؟؟؟ في الحجية إلا أن الإجماع الكاشف غير مراد هنا قطعا بل المراد تحقق الشهادة على الوثاقة من جماعة وهذا متحقق في المقام ولا أقل أن الكشي يقول بذلك إذ هو ادعى الإجماع ونقل الإجماع وأيضا الشيخ الطوسي ينقل هذا الإجماع فهو قائل به فيستفاد منه أن الشيخ الطوسي يقبل هذا الإجماع ولا ينكره وإلا لأنكر عليه.

ثم لا يخفى أن نقل الكشي الإجماع يكشف عن موافقة عدة من الأصحاب يعتد بها وإلا لم يكن لعنوان ورفض الإجماع وجه وهذا جواب لمن ناقش في دعوى الكشي للإجماع فإن وجود عدة يعتد بها كاف لدعواه وقياس هذا الإجماع في باب التوثيق على الإجماع في باب الفقه في غير محله إنصافا الجواب الثاني لشيخنا الأستاذ الداوري تام.

رد وجه الثالث في كلام الشيخ الداوري

وأما بالنسبة للوجه الثالث الذي أضافه السيد الخوئي "رحمه الله" وهو أن الشيخ الطوسي قد ناقش في روايات بعض المذكورين في معقد الإجماع كروايات صفوان ومراسيل أبن أبي عمير وغيرهما فسيأتي جوابه قريبا في المبحث الثاني.

وسيتضح أنه ليس بتام إذ لو سلمنا بذلك فهذا لا يعني أن الشيخ الطوسي لا يرى ما قاله الكشي وما نقله من إجماع بل أقصى ما يدل على مورد تعارض الجرح والتعديل وبالتالي هو موثق يكون هذا الراوي الذي روى عنه أبن أبي عمير أو الذي روى عنه صفوان يكون موثق بإجماع الكشي أو بكلام نفس الشيخ الطوسي في العدة كما سيأتي أن الطائفة سوت بين ما رواه وما ارسله ثلاثة وهم احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي وصفوان بن يحيى بياع السابوري ومحمد بن أبي عمير وبينما مسانيد غيرهم يعني مراسليهم كمسانيد غيرهم سيأتي هذا مبنى المشايخ الثلاثة الذين لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة فإذا رووا عن رجل ضعيف أو مجهول يكون هذا الرجل قد تعارض فيه الجرح والتعديل تعارض فيه التوثيق العام وهو شهادة الكشي وشهادة الشيخ الطوسي في العدة والتضعيف الخاص من الشيخ الطوسي في الفهرست لا مانع من ذلك وبعبارة أخرى كلام الشيخ الكشي مقتضي وتضعيف الشيخ الطوسي مانع فإذا تعارض الجرح والتعديل نقول بالتساقط فنرجع إلى الأصل، الأصل عدم الوثاقة.

إذن مناقشة السيد الخوئي "رحمه الله" بأن نفس هذه الدعوى لم يعمل بها الشيخ الطوسي وأنها غير معروفة عند القدماء ليست تامة، كيف ليست تامة؟ ما هي الكتب التي وصلت إلينا من القدماء حتى نقول إن هذه الدعوى غير معروفة عندهم نفس كتاب الكشي وصل إلينا ببركة الشيخ الطوسي بقيت الكتب لم تصل إلينا حتى نقول هذه الدعوى غير معروفة عند القدماء زين وصلت إلينا كتب الصدوق والكليني، إذن هذه الدعوى عودتها على مدعيها.

إلى هنا نلتزم بالنتيجة التي ذهب إليها السيد الخوئي والفيض الكاشاني وهي إن جميع الأدلة التي استدل بها على الأقوال مخدوشة فيحصل الإجمال في عبارة الكشي فنقتصر على القدر المتيقن وهو وثاقة هؤلاء وهذا عين الدليل الذي استدل به الفيض الكاشاني في دليله الأول، هذا تمام الكلام فيما ذكره الشيخ الداوري "أيده الله" في بيان الأقوال الأربعة يبقى كلامه "حفظه الله" في القول الخامس، وأما الاحتمال الخامس يأتي عليه الكلام.