الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/07/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الكتاب الثلاثون من كتب مصادر المستدرك

الثلاثون كتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة المنسوب للإمام الصادق "عليه السلام"

الطريق إلى الكتاب

وقد اختلف في نفس الكتاب وفي نسبة الكتاب إلى الإمام الصادق يوجد قولان:

القول الأول يرى صحة نسبة كتاب مصباح الشريعة إلى الإمام الصادق "عليه السلام" والكتاب مطبوع ومتداول.

القول الثاني يرى عدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام الصادق بل هو إلى بعض الصوفية كشقيق البلخي الوارد في سند الكتاب والعلماء على هذين القولين.

من يرى صحة نسبة الكتاب إلى الإمام الصادق

فمن أنصار القول الأول الذي يرى صحة نسبة الكتاب إلى الإمام الصادق أو لا أقل قد نقل عن هذا الكتاب أو أكثر النقل عنه:

العالم الأول السيد ابن طاووس "رحمه الله" في كتابه الأمان من أخطار الأسفار والأزمان هذا العالم الأول.

العالم الثاني الشيخ إبراهيم الكفعمي في كتاب مجموع الغرائب وموضوع الرغائب.

العالم الثالث الشهيد الثاني واعتمد عليه غاية الاعتماد في عدة من كتبه ككتاب منية المريد وكتاب كشف الريبة عن أحكام الغيبة وكتاب مسكن الفؤاد وكتاب أسرار الصلاة.

العالم الرابع أبن أبي جمهور الاحسائي

العالم الخامس السيد حسين القزويني

العالم السادس الفيض الكاشاني

فهؤلاء العلماء الستة قد نقلوا عن مصباح الشريعة وإذا أردنا أن نعرف بعض آراء المعاصرين فإننا نجد الإمام الخميني "رضوان الله عليه" قد أكثر من النقل من مصباح الشريعة في كتبه المختلفة ككتاب سر الصلاة أو صلاة العارفين وكتاب الآداب المعنوية للصلاة وغيرها وكذلك الشهيد السيد عبد الحسين دستغيب "رضوان الله عليه" هؤلاء العلماء قد نقلوا عن كتاب مصباح الشريعة ومجرد النقل لا يعني اعتقادهم بصحة الطريق ولكن قد يكشف عن اعتقادهم بصحة نسبة الكتاب إلى الإمام الصادق "عليه السلام".

من يرى عدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام الصادق

في المقابل القول الثاني قول صاحب البحار وصاحب الوسائل وصاحب الرياض ـ رياض العلماء ـ فلم يعتمدوا على هذا الكتاب أما صاحب البحار فقال إن هذا الكتاب كان بمرأى الشيخ الطوسي "رضوان الله عليه" شيخ الطائفة ولكن شيخ الطائفة أخذ منه لكنه لم يثق كل الوثوق به لأنه في سنده شقيق البلخي ولعل الكتاب يسند إلى هذا الصوفي شقيق البلخي وأيضا صاحب الرياض قال هذا من الكتب المجهولة وأما صاحب الوسائل فلم يعتمد عليه وقال إن سنده لم يثبت فلابد من تحقيق المسألة.

ولكي نحقق المسألة لابد من ذكر التفاصيل والجواب النهائي قبل الخوض بالتفاصيل الجواب بشكل مختصر سند الكتاب قد يتأمل فيه من ناحية بعض الصوفية الواردين فيه ولكن قد يغض النظر عنه لشهرة الكتاب ولكن مجرد الشهرة لا يعني صحة نسبة الكتاب إلى الإمام الصادق "عليه السلام" فقد يشتهر كتاب ككتاب مصباح الشريعة لو سلمنا أنه مشهور لكن شهرة الكتاب لا تعني شهرة النسبة إلى المؤلف خصوصا أنه قد وقع الخلاف في نسبته إلى الإمام الصادق أو بعض الصوفية خصوصا إذا لاحظنا أن سبك مطالب الكتاب تنسجم مع كتب المصنفين والصوفية وطريقة الكتاب تختلف عن سبك الروايات الشريفة الواردة عن الأئمة "عليهم السلام".

إذن النتيجة النهائية هذا الكتاب لم يثبت أنه للإمام الصادق "عليه السلام" فلا يمكن التعويل عليه إذن الجهات الثلاث هي كما يلي:

أولا بالنسبة إلى الطريق قد يستغنى عن بحث صحة الطريق بدعوى الشهرة لو سلمت بالنسبة إلى نسبة الكتاب إلى المؤلف فيها كلام ولم تثبت بالنسبة إلى مضمون الكتاب هو كتاب أخلاقي وفيه بعض الروايات الفقهية، إذن الجهة الثالثة مضمون الكتاب كتاب أخلاقي.

تطبيق المتن

الكتاب الثلاثون من مصادر مستدرك الوسائل وقد اختلف في نفس الكتاب وفي نسبته إلى الإمام الصادق "عليه السلام" فذهب السيد رضا الدين ابن طاووس إلى أن الكتاب مروي عن الإمام الصادق "عليه السلام" وذكر في كتاب الأمام من أخطار الأسفار والأزمان أن من آداب السفر أن يصحب المسافر معه كتاب الأهليلجة وهو كتاب مناظرة مولانا الصادق "عليه السلام" للهندي في معرفة الله جل جلاله بطريق غريبة عجيبة ضرورية حتى أقر الهندي بالإلهية والوحدانية.

ويصحب معه كتاب مفضل بن عمر الذي رواه عن الصادق "عليه السلام" في معرفة وجود الحكمة في إنشاء العالم السفلي وإظهار أسراره فإنه عجيب في معناه ويصحب معه كتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة عن الصادق "عليه السلام" فإنه كتاب لطيف شريف في التعريف بالتسليك إلى الله جل جلاله والإقبال عليه والظفر بالأسرار التي اشتملت[1] من الواضح أن السيد ابن طاووس ناظر إلى مضامين هذه الكتب لا إلى صحة نسبتها وأن مضامينها تصلح أن يحمل الإنسان في سفره هذه المضامين في التوحيد والأخلاق.

العالم الثاني ونقل الشيخ إبراهيم الكفعمي في كتاب مجموع الغرائب من هذا الكتاب.

العالم الثالث وأكثر الشهيد الثاني النقل منه ـ مصباح الشريعة ـ واعتمد عليه غاية الاعتماد في كتاب كشف الريبة عن أحكام الغيبة وكتاب منية المريد في آداب المفيد والمستفيد وكتاب مسكن الفؤاد أيضا أخلاقي وكتاب أسرار الصلاة. ونسب الشهيد الثاني الروايات التي نقلها إلى الإمام الصادق "عليه السلام" لكن ما نسب كتاب مصباح الشريعة إلى الإمام الصادق نسب الروايات إلى الإمام الصادق، نعم لم يصرح باسم الكتاب كما أنه لم يذكر طريقا إلى الكتاب وظاهر ذلك اطمئنانه الشهيد الثاني بنسبة الكتاب إلى الإمام الصادق "عليه السلام"[2] .

العالم الرابع ونقل ابن أبي جمهور الاحسائي من الكتاب كثيرا من المطالب وفي جملة من المواضع ينقل كلامه "عليه السلام" بقوله قال الصادق يعني كأنما يجزم النسبة إلى الإمام الصادق لكن الشيخ الأنصاري عندما تعرض إلى كتاب غوالي اللئالي لابن أبي جمهور الاحسائي قال الشيخ الأنصاري وقد طعن في المؤلف والمُؤَلف من ليس من ديدنه الطعن وهو الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق طعن في المُؤِلف ابن أبي الجمهور وفي المُؤَلف غوالي اللئالي.

العالم الخامس وقال السيد حسين القزويني في مبحث الخامس من كتاب جامع الشرائع في بيان الاعتماد على مؤلف الكتب المنتزعة منها قال ومصباح الشريعة المنسوب إليه يعني الإمام الصادق بشهادة الشارح الفاضل يعني الشهيد الثاني والسيد ابن طاووس هذا الشاهد الثاني والفاضل العارف مولانا محسن القاساني ـ الكاشاني ـ وغيرهم فلا وجه لتشكيك المتأخرين بعد ذلك[3] .

وذهب آخرون إلى أن الكتاب ليس للإمام الصادق "عليه السلام" وإنما هو لبعض الصوفية حيث ينتهي سنده إليه وهو شقيق البلخي كما سيأتي في السند واستظهر العلامة المجلسي أن هذا الكتاب كان عند الشيخ الطوسي ولكنه لم يطمئن بنسبته إلى الإمام "عليه السلام" فقال في البحار وكتاب مصباح الشريعة فيه بعض ما يريب اللبيب الماهر وأسلوبه لا يشبه سائر كلمات الأئمة "عليهم السلام" وآثارهم وروى الشيخ في مجالسه ـ الشيخ الطوسي ـ بعض أخباره هكذا أخبرنا جماعة عن أبي المفضل الشيباني بإسناده عن شقيق البلخي عمن أخبره من أهل العلم إذن مرسل هذا يدل على أنه كان عند الشيخ "رحمه الله" هذا الكتاب مصباح الشريعة وفي عصره وكان يأخذ منه ولكن لا يثق به كل الوثوق ولم يثبت عنده كونه مرويا عن الصادق "عليه السلام" وإن سنده ينتهي إلى الصوفية ـ شقيق البلخي ـ ولذا اشتمل على كثير من اصطلاحاتهم وعلى الرواية من مشايخهم ومن يعتمدون عليه في رواياتهم والله يعلم[4] هذا العالم الأول الذي يشكك.

صاحب البحار يقول إن الشيخ الطوسي كان عنده مصباح الشريعة لكن كان يشكك في نسبته إلى الإمام الصادق.

العالم الثاني وعده ـ مصباح الشريعة ـ صاحب الرياض ـ رياض العلماء ـ من الكتب المجهولة وقال وقد ينسب إلى هشام بن الحكم تلميذ الإمام الصادق على ما رأيت بخط بعض الأفاضل وهو خطئ[5] يعني نسبة الكتاب إلى هشام بن الحكم.

العالم الثالث المشكك وجعله صاحب الوسائل في القسم الثالث وذكر أنه غير معتمد عنده ولم ينقل منه وقال فإن سنده لم يثبت وفيه أشياء منكرة مخالفة للمتواترات وربما نسب تأليفه إلى الشيخ زين الدين ـ الشهيد الثاني ـ وهذه النسبة باطلة لأنه كتاب مصباح الشريعة مذكور في أمان الأخطار لابن طاووس قدس[6] وكتاب الأمان وابن طاووس متقدم على الشهيد الثاني هذا وقد تصدى المحدث النوري للدفاع عن القول الأول وحاول إثبات نسبة الكتاب إلى الإمام الصادق وأجاب عن كل ما نوقش به الكتاب[7] لذلك نقل منه عنده معتبر صاحب المستدرك.

وعلى فرض تمامية ما ذكره المحدث النوري لو سلمنا كل مناقشاته تامة فهل يمكن الاعتماد على هذا الكتاب قد يقال إن كلام ابن طاووس ونقله من الكتاب ووصيته للمسافر بأن يصحب الكتاب معه يتضمن الاشعار بشهرة الكتاب ككتاب المفضل بن عمر وحينئذ فلا حاجة إلى الطريق لأن الكتاب مشهور ويؤيد ذلك نقل الشيخ الكفعمي والشهيد الثاني وغيرهما إذ من البعيد أن لا يكون الكتاب مشهورا وعليه فهو في غناً عن البحث عن الطريق هذا أول الكلام من قال أنه مشهور نقلوا عنه لمضامينه الجيدة لا لأنه كتاب مشهور خصوصا في الأمور الأخلاقية يتساهلون.

ولكن على فرض شهرة الكتاب يعني لو سلمنا جدلا أن الكتاب مشهور وهذا غير معلوم فهل نسبته إلى الإمام الصادق "عليه السلام" مشهورة أيضا؟ الجواب شهرة الكتاب لا تستلزم شهرة النسبة إلى الإمام الصادق ولا يوجد دليل يدل على شهرة النسبة إلى الإمام الصادق والجواب إن المحدث النوري قد ذكر أن راوي الكتاب عن الإمام الصادق "عليه السلام" هو واحد من ستة أشخاص وهم

الأول محمد بن ميمون ـ الزعفراني ـ

الفضيل بن عياض

الثالث عبد الله بن أبي اويس

الرابع سفيان بن عيينة، هؤلاء الفضيل وابن أويس وابن عيينة

الخامس إبراهيم بن رجاء هؤلاء من كبار الصوفية.

ستة جعفر بن بشير البجلي

هؤلاء من الرجاليين محمد بن ميمون وجعفر بن بشير معروفين من أئمة الرجال ومحمد بن ميمون لم يرد فيه توثيق قال النجاشي أبو نصر الزعفراني عامي غير أنه روى عن أبي عبد الله "عليه السلام" نسخة[8] هذا سيأتي الكلام أنه من يروي عنه مجموعة مثل محمد بن ميمون الزعفراني والطأطري وغيره فهو ثقة موجود هذا البحث سيأتي.

والفضيل بن عياذ وهو وإن كان عاميا إلا أنه ثقة قال النجاشي بصري ثقة عامي روى عن أبي عبد الله "عليه السلام" نسخة[9]

وعبد الله بن أبي أويس لم يرد فيه توثيق قال النجاشي أبو اويس له نسخة عن جعفر بن محمد[10]

وسفيان بن عيينة وهو وإن لم يرد فيه توثيق إلا أنه وقع في إسناد تفسير القمي قال النجاشي له نسخة عن جعفر بن محمد[11]

وإبراهيم بن رجاء الشيباني لم يرد فيه توثيق. قال النجاشي وله عن جعفر "عليه السلام" نسخة[12]

وجعفر بن بشير وهو من الثقات الأجلاء قال الشيخ ثقة جليل القدر وله كتاب ينسب إلى جعفر بن محمد رواية علي بن موسى الرضا[13] يعني مروي عن الإمام علي بن موسى الرضا فلعل الكتاب لواحد من هؤلاء الستة وكونه لواحد من هؤلاء الستة يعني يروي عن الإمام الصادق لا يعني أنه كتاب مصباح الشريعة ولكن رواية أحد هؤلاء كتابا أو نسخة عن الإمام الصادق لا يثبت أن هذا هو نفس الكتاب المقصود وهو مصباح الشريعة أو النسخة المعينة نسخة مصباح الشريعة فلا يبقى إلا كلام السيد ابن طاووس بضميمة شهرة الكتاب والحق في المقام أن كلام ابن طاووس وإن دل على شهرة الكتاب إلا أنه لا يدل على أن النسبة للإمام "عليه السلام" مشهورة أيضا.

الحق والإنصاف كلام السيد ابن طاووس ما يدل على شهرة الكتاب فضلا عن شهرة النسبة إلى الإمام الصادق كلام السيد ابن طاووس ناظر إلى علو المضامين، الآن مثلا أقول لك أنت إذا تسافر أحمل معك كتاب تحف العقول عن آل الرسول لابن شعبة الحراني هل هذا يعني أن الكتاب معتبر عندي هو الكتاب كله أسانيده محذوفة يعني عالي المضامين لا أنه كتاب صحيح عندي وإلى آخره أو مشهور.

على أن ما ذكره من أنه كتاب لطيف وشريف وأنه كثير الفوائد ناظر إلى مضمون الكتاب ومحتواه لا إلى جهة صدوره هذا الكلام صحيح مضافا إلى كتاب المفضل بن عمر في التوحيد وكتاب الاهليلجة في الولاية وهذا الكتاب في الأخلاق يعني في التوحيد والولاية والأخلاق وهذه الكتب الثلاثة تتناول أهم الجوانب في حياة المؤمن وهذا لا دلالة فيه على أن الكتاب عن الإمام "عليه السلام" قطعا.

والحاصل أن الكتاب وإن كان غير محتاج إلى الطريق لشهرته إلا أن نسبته إلى الإمام "عليه السلام" غير محرزة هذا نتيجة الشيخ الداوري.

لكننا لا نلتزم بها الصحيح أن الكتاب يحتاج إلى الطريق وليس بمشهور وطريقه ضعيف إذ فيه إرسال وفيه بعض الصوفية ولو سلمنا جدلا أنه مشهور فشهرته لا تدل على نسبة الكتاب إلى الإمام الصادق "عليه السلام"

ثم إن الكتاب يشتمل على المسائل الأخلاقية وفيه بعض الأحكام كتاب قيم.

الحادي والثلاثون الرسالة الذهبية المعروفة بطب الرضا يأتي عليها الكلام.

 


[1] الأمان من أخطار الأسفار والأزمان، السيد بن طاووس، ج1، ص91.
[2] خاتمة مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج1، ص194.
[3] خاتمة مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج1، ص197.
[4] بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء، العلامة المجلسي، ج1، ص32.
[5] خاتمة مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج1، ص202.
[6] خاتمة مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج1، ص202.
[7] خاتمة مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج1، ص202.
[8] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص355.
[9] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص310.
[10] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص224.
[11] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص190.
[12] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص23.
[13] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص92.