الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الخامس كتاب أبي سعد عبّاد العصفري

الكتاب الخامس من مصادر كتاب مستدرك الوسائل كتاب أبي سعيد عباد العصفوري والبحث فيه في ثلاث جهات كما هو المعتاد:

الجهة الأولى الطريق إلى الكتاب وسيتضح أن الطريق غير صحيح بأبي سمينة الذي ينقل مباشرة عن أبي سعيد الصيرفي.

الجهة الثانية مؤلف الكتاب وسيتضح أنه لم يثبت توثيقه.

الجهة الثالثة مضمون الكتاب وسيتضح أن هذا الكتاب عبارة عن فضائل أهل البيت عليهم السلام وهو عبارة عن تسعة عشر رواية كلها نقية في فضائل أهل البيت وليس فيها شيء من روايات الأحكام وبالتالي مضمون الكتاب وإن كان صحيحاً إلا أنه لا يفيدنا في أثبات الأحكام الشرعية ودراستها إذن خلاصة الجهات الثلاث هو أن الجهة الأولى والثانية غير صحيحة والجهة الثالثة غير مفيدة مع أنها صحيحة إذن كتاب العصفري لم يثبت لدينا.

والتفصيل أما الجهة الأولى وهي الطريق إلى كتاب العصفري فهو ينتهي إلى التلعكبري أي أنه من المجاميع الحديثية للعلامة المجلسي فقد ذكرنا أن كتاب مستدرك الوسائل مؤلف من مجاميع ثلاث:

الأولى مجاميع بلاد الهند وقد وصلتنا بالوجادة،

الثانية مجاميع العلامة المجلسي وهي بخط التلعكبري وقد وصلت إلينا بخط الآبي عن القمي إلى أن يصل إلى التلعكبري

الثالث هو عبارة عن مجاميع الشهيد الثاني وهي عبارة عن ثلاثة مجلدات، المجلد الأول والثاني وصلنا بخط جد الشيخ البهائي والمجلد الثالث وصلنا بخط بعض الأحفاد

إذن هذا الكتاب الذي وصل عن طريق خط التلعكبري. هذه المجاميع مجاميع معتبرة لكن لابد من النظر في السند، سند كل كتاب كتاب يعني معتبرة من جهة خط الشيخ التلعكبري وتناقل العلماء لها حتى وصلت إلى القمي ثم الآبي ولكن لابد من النظر إلى سندها، إذن نبحث هذه الجهات الثلاث.

أما الجهة الأولى وهي طريق المحدث النوري إلى التلعكبري فإننا نجد أن التلعكبري يروي هذا الكتاب عن محمد بن همام عن محمد بن احمد بن خاقان النهدي وكلهم ثقات أجلاء عن محمد بن علي بن إبراهيم الصيرفي أبي سمينة هذا أبو سمينة هو المشكل من أشهر الكذابين وقد نص على ذلك الشيخ النجاشي والشيخ الكشي، عن أبي سعيد عباد الصيرفي أو العصفري كما سيأتي لأنه هل هو رجل واحد أو رجلان.

إذا أردنا التفصيل نجد أن طريق الشيخ الطوسي في الفهرست وطريق النجاشي في فهرسته أيضا ينتهي إلى هذا الطريق إلى التلعكبري أما التلعكبري تلميذ المفيد فهو أبو محمد هارون بن موسى وقد تقدم أنه من الأجلاء وأما محمد بن همام فهو أبو علي محمد بن أبي بكر همام بن سهيل الكاتب الاسكافي وقد مر أنه من الأجلاء الثقات أيضا.

وأما محمد بن أحمد بن خاقان النهدي أو جعفر القنانسي المعروف بحمران أو حمدان فهو وإن وصفه الشيخ النجاشي بالاضطراب إلا أن الكشي قال عنه فقيه ثقة خير

إذن إلى هنا لا توجد مشكلة، وأما محمد بن علي الصيرفي المعروف بأبي سمينة فهو مشهور بالضعف والكذب وقد أخرجه أحمد بن محمد بن عيسى عن قم وقال عنه النجاشي ضعيف جداً فاسد الاعتقاد لا يعتمد في شيء وقد أشتهر بالكذب في الكوفة[1] وذكر الكشي في رجاله عن كتب الفضل ـ فضل بن شاذان ـ أن أبا سمينة أشهر الكذابين[2] والحاصل أن الطريق إلى الكتاب ضعيف بالصيرفي أبي سمينة، كلهم ثقات أو يمكن توثيقهم عدا أبي سمينة لا يوجد طريق لتوثيقه.

سؤال ما الفرق بين المجهول والمهمل؟ لما يقال هذا رجل مجهول هذا رجل مهمل؟ مهمل يعني أهمل ذكره في كتب الرجال بينما المجهول من ذكر ولم يتضح حاله هذا وجه، يوجد وجه ثاني واكبر موسوعة عندنا في الدراية هي موسوعة مقباس الهداية للعلامة الشيخ عبد الله المامقاني تحقيق مؤسسة آل البيت سبعة مجلدات وأكبر موسوعة رجالية عندنا هي موسوعة تنقيح المقال في علم الرجال للشيخ عبد الله المامقاني.

هناك مصطلح تجده إلى العلامة الشيخ عبد الله المامقاني في مقباس الهداية يقولون هكذا المجهول هو الذي ذكر ونص على مجهوليته وأما المهمل فهو الذي إما أهمل ذكره أو ذكر لكن أهمل جرحه أو تعديله فيصير المعنى مختلف عما ذكرتموه شيخنا المجهول هو من ذكر ونص على أنه مجهول في كتب الرجال والمهمل هو الذي أهمل ذكره أو أهمل جرحه أو تعديله.

مؤلف الكتاب العصفري ذكر في كتب الرجال لكن أهمل جرحه أو تعديل، طبعاً أيهما أقوى في التضعيف المجهول أو المهمل؟ بناء على أن المجهول هو من نص على مجهوليته والمهمل من أهمل جرحه أو تعديله أيهما أقوى في الجرح؟ المجهول لأنه نصوا على أنه يصير شيء إيجابي عقد إيجاب بخلاف المهمل عقد سلب، يقولون اللا بشرط تجتمع معه ألف شرط هم لم يذكروا جرحه لكن ربما هو معدل بخلاف من نص على مجهوليته، الخلاصة هذا الرجل مهمل.

قال وأما مؤلف الكتاب فقد ذكره الشيخ[3] الطوسي في الفهرست والنجاشي[4] في رجاله مجرداً من دون مدح أو ذم، يعني ماذا مجرداً؟ يعني مهملا أهمل فيه المدح والذم، نعم ذكر الشيخ في الفهرست أنه عامي المذهب[5] وذكر المحدث النوري في خاتمة المستدرك[6] أن كتابه دال على تشيعه بل على تعصبه فيه ـ التشيع ـ لأن هذا كتابه تسعة عشر رواية في فضائل أهل البيت.

التشيع على نحويين التشيع بمعنى الحب والتشيع بمعنى الاعتقاد لذلك تجد يقولون الحاكم صاحب المستدرك على الصحيحين شيعي، النسائي صاحب سنن النسائي شيعي ليس بمعنى أنه يعتقد بأن الإمام علي هو بعد النبي بلا فصل، شيعي يعني محب وهكذا الحاكم على الصحيحين الذي هو صاحب المستدرك حاكم النيسابوري هذا أيضا من المحبين بينما شيعي أحيانا بمعنى يعتقد بالأئمة الاثني عشر ومن لم يعتقد بواحد منهم ومن أنكر واحداً منهم فكأنما أنكر الكل.

هذا الآن الشيخ يقول عامي المذهب صاحب مستدرك الوسائل يقول شيعي متعصب من أين تعرف؟ تراجع كلام علماء الرجال للسنة يقولون هو ثقة في نفسه لكن مذهبه باطل شيعي.

قال الحاكم في المستدرك كان ابن خزيمة يقول حدثنا الثقة في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب ـ متهم لأنه شيعي ـ وقال أبو حاتم شيخ ثقة وقال الدار قطني شيعي صدوق وقال أبن عدي سمعت عبدان يذكر عن أبي بكر بن شيبة أو هناد بن السري يعني من أعلامهم في الحديث والرجال، أنهما أو أحدهما فسقه ونسبه إلى انه يشتم السلف إذن فسقه بالنسبة إلى رأيه العقائدي.

قال ابن عدي وعباد فيه غلو في التشيع وروى أحاديث أنكرت عليه في الفضائل والمثالب وقال صالح بن محمد كان يشتم عثمان قال وسمعته يقول يعني صالح بن محمد يقول سمعه أبن عباد صاحب الترجمة، الله أعدل من أن يدخل طلحة والزبير الجنة لأنهما بايعا عليا ثم قاتلاه[7] يعني لأنهم بايعاه يدخلهم الجنة ولأن قاتلاه ما يدخلهم النار الله اكبر من هذه الأمور العبرة بخاتمة الأمور في النهاية قاتلاه.

وعلى أي تقدير فلا يمكن القول بوثاقته لعدم الدليل لأن كلام علماء السنة في الرجال لا حجية له، الكلام أنه من كتبنا يمكن توثيقه بناء على مبنى السيد الخوئي وهو وثاقة الرجال الواردين في تفسير علي بن إبراهيم القمي لكن هذا لا ينسجم مع مبنى الشيخ الداوري لأنه ورد في القسم الثاني من تفسير القمي الذي هو أساسا تفسير أبي الجارود الزيدي فلا تشمله شهادة علي بن إبراهيم في بداية تفسيره لأنها خاصة بالقسم الأول الذي استخرجه الشيخ الداوري من تفسير القمي الواصل إلينا وقال هو تفسير القمي.

يقول وأما وقوعه في تفسير علي بن إبراهيم النسخة الموجودة الجزء الثاني صفحة 253 فلا دلالة فيه على الوثاقة لأنه واقع في القسم الثاني من التفسير وهو غير مشمول بالشهادة.

الشيخ الطوسي عنده كتاب الفهرست والشيخ النجاشي أيضا عنده كتاب الفهرست، النجاشي أدق لأنه خبير بالأنساب ومتخصص في الرجال، الشيخ الطوسي شيخ الطائفة شمولي كتب في التفسير والرجال والحديث والفقه والعقائد إلى آخره، الشيخ النجاشي توفي قبل الشيخ الطوسي وقع الكلام في المتأخر من الكتابين هل كتاب النجاشي متأخر أو كتاب الشيخ الطوسي متأخر، يبدو والله العالم بالحال من خلال التحقيق أن كتاب النجاشي هو المتأخر وأصلا النجاشي كتب كتابه لتصحيح بعض المعلومات التي وردت في فهرست الشيخ الطوسي ولكن الشيخ الطوسي "رحمه الله" كان شيخ الطائفة فليس من المناسب الهجوم عليه علنا فكتب النجاشي بعض المعلومات المصححة وكان في مقام رده على الشيخ الطوسي من هذه المعلومات ما نحن فيه هل يوجد رجلان أو رجل واحد، الشيخ الطوسي "رحمه الله" ترجمة ترجمتين لرجل فيكون ظاهره الانفصال هذان الرجلان هما عباد بن يعقوب الرواجني وأبو سعيد عباد العصفري، الشيخ النجاشي في كتاب الفهرست يقول أنا سمعت من أستاذي الذي هو أستاذ الشيخ الطوسي وهو الحسين بن عبيد الله الغضائري الأب يقول الغضائري على نقل النجاشي ونقله معتبر، يقول هما رجل واحد عباد بن يعقوب الرواجني هو بنفسه عباد العصفري لكن هذا أبو سمينة الملعون من دسائسه سواهم اثنين والحال أنهما واحد.

السيد الخوئي "رحمه الله" قبل كلام الغضائري مع أنه ما يعتبر بكتاب الغضائري لكن هذا الناقل النجاشي قبل هذا الكلام، فقبل هذا الكلام وقبل الكتاب وقبل توثيق العصفري الرواجني لأنه ورد في تفسير القمي فعلى مبنى السيد الخوئي يتم.

يقول هذا إذا كان عباد بن يعقوب الرواجني هو بعينه أبو سعيد عباد العصفري كما هو صريح ما نقله النجاشي عن شيخه ـ الحسين بن أبي عبيد الله ـ حيث قال كان أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله يقول سمعت أصحابنا إذن هو ظاهر في النقل عن حس إذن قرينتين عندنا كلام الغضائري ونسبة الكلام إلى الأصحاب في أنهما رجل واحد يقولون إن عباداً هذا هو عباد بن يعقوب وإنما دلسه أبو سمينة،[8] دلس وخل اثنينه قال عباد بن يعقوب الرواجني غير العصفري ولكن الظاهر من الشيخ الطوسي، لماذا قال الظاهر؟ لأن الطوسي لم يصرح أنهما رجلان لكن ظاهر ترجمة الاثنين وعدم التنصيص على أنه نفس الأول وأنهما رجل واحد الظاهر يصير الاثنينية.

ولكن الظاهر من الشيخ في الفهرست أن عباد بن يعقوب الرواجني غير عباد العصفري ولذلك ذكر كلا منهما مستقلا كما ذكر لكل منهما طريقاً إلى كتابه.

الشيخ الداوري يعلق وما ذكره النجاشي هو الأقرب ولا يبعد أن كلام النجاشي يتضمن الرد على الشيخ هذه النكتة العلمية، يتضمن الرد على الشيخ الطوسي حيث ذكر النجاشي مقالة شيخه يعني شيخ الطوسي والنجاشي معا وهو الحسين بن عبد الله الغضائري الأب ونسب القول إلى الأصحاب ـ هذا للرد على الشيخ الطوسي ـ وأن أبا سمينة هو الذي دلسه فكأنه في كلامه ناظر إلى ما ذكره الشيخ في الفهرست من التعدد وسواء كان شخصين أو شخصاً واحداً فلم تثبت لدينا وثاقة أياً منهما نعم هو على مبنى سيدنا الأستاذ ثقة وقد رجح أنهما شخص واحد[9] ، ما هو مبنى السيد الخوئي؟ وثاقة جميع الرجال الواردين في تفسير القمي الواصل إلينا.

الجهة الثالثة مضمون الكتاب وأما نفس الكتاب فقد ذكر المحدث النوري أن فيه تسعة عشر حديثاً كلها نقية[10] يعني صحيحة، وهي في فضائل أهل البيت وليس فيه شيء من روايات الأحكام، إذن الجهة الثالثة صحيحة لكنها غير مفيدة في روايات الأحكام والحاصل أن الكتاب غير معتبر.

النتيجة النهائية الجهة الأولى والثانية غير صحيحتان والجهة الثالثة على الرغم من صحتها لكنها لا تفيدنا في روايات الأحكام، السادس كتاب عاصم بن حميد يأتي عليه الكلام.

 


[1] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص332.
[2] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص823.
[3] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص192.
[4] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص293.
[5] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص149.
[6] خاتمة مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج1، ص53.
[7] تهذيب التهذيب، العسقلاني، ابن حجر، ج5، ص109.
[8] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص293.
[9] معجم رجال الحديث، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج10، ص237.
[10] خاتمة مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج1، ص53.