الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/06/10

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الثالث والرابع كتاب زيد النرسي، وكتاب زيد الزراد

 

الكتاب الثالث والرابع كتاب زيد النرسي وكتاب زيد الزرّاد

والكلام في هذين الكتابين كالكلام في الكتابين السابقين وبقية الكتب التي ستأتي من الكتب الاثنين والأربعين التي تشكل مصادر مستدرك الوسائل للمحدث النوري فالشيخ الداوري "حفظه الله" يتطرق إلى ثلاث جهات في جميع هذه الكتب:

الجهة الأولى الطريق إلى الكتاب

الجهة الثانية دراسة وثاقة المؤلف

الجهة الثالثة دراسة مضمون الكتاب

أما الجهة الأولى

كتاب زيد النرسي

أما الجهة الأولى وهي دراسة الطريق إلى كتاب زيد النرسي فالمحدث النوري "رحمه الله" لديه طريقان طريق الشيخ الطوسي وطريق معاصره الشيخ النجاشي أما بالنسبة إلى الكتاب الأول وهو كتاب زيد النرسي فطريق الشيخ الطوسي إلى زيد النرسي وهذا يعرف تراجع فهرست الشيخ الطوسي في ترجمة زيد النرسي لأن الشيخ الطوسي في الفهرست عادة يذكر العنوان ثم يترجم له ثم في الأخير يذكر أخبرنا بجميع كتبه أو أخبرنا بجميع رواياته أو أخبرنا بجميع كتبه ورواياته فلان عن فلان عن فلان.

طريق الشيخ الطوسي في الفهرست[1] إلى زيد النرسي معتبر كما أن طريق الشيخ النجاشي[2] إلى زيد النرسي معتبر أيضا

إذن الطريق إلى كتاب زيد النرسي معتبر من جهة شيخ الطائفة الطوسي وزميله الشيخ النجاشي

كتاب زيد الزراد

وأما الكتاب الثاني وهو كتاب زيد الزرّاد فإن الشيخ الطوسي "رحمه الله" لم يذكر طريقه إلى زيد الزرّاد فإذا رجعنا إلى كتاب الفهرست لا نجد طريقاً للشيخ الطوسي إلى زيد الزرّاد فالطريق ليس بموجود في الفهرست لكن إذا رجعنا إلى فهرست الشيخ النجاشي نجد أن النجاشي "رحمه الله" قد ذكر طريقا صحيحا إلى زيد الزرّاد وهذا الطريق يرويه النجاشي عن شيخه وأستاذه الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان فهل يمكن تعويض الأسانيد أو لا؟

هل يمكن تعويض الأسناد

الشيخ الداوري يقول نعم يمكن لأن الشيخ المفيد أستاذ للشيخ الطوسي والنجاشي معا والشيخ الطوسي يروي جميع كتب وروايات الشيخ المفيد والشيخ النجاشي يروي جميع كتب وروايات شيخ المفيد والشيخ المفيد له طريق إلى زيد الزرّاد لكن الطوسي لم يذكره والنجاشي ذكره.

إذن طريق النجاشي هو نفسه طريق الشيخ الطوسي، هذه الطريقة الأولى للتصحيح وهذه الطريقة الأولى مبتلاة بمناقشة طويلة يأتي التطرق لها في نظرية تعويض الأسانيد والشيخ الداوري لم يبحث النظرية هنا لعلنا نوفق لإقامة بحث خارج مستقل في خصوص نظرية تعويض الأسانيد.

الاشكال على نظرية تعويض الأسانيد

من الإشكالات التي توجه إلى مثل هذا التعويض أن الكتاب الواحد قد تكون له نسخ متعددة فلربما يكون الشيخ المفيد قد خص النجاشي بالرواية عن زيد الزرّاد من نسخة كما أنه قد خص الشيخ الطوسي بالرواية عن زيد الزرّاد من نسخة أخرى فكلاهما ـ النجاشي والطوسي ـ يروي عن زيد الزرّاد بواسطة المفيد ولكن النسخ مختلفة ومتعددة فها هو الشيخ الطوسي "رحمه الله" يذكر في ترجمة العلاء بن رزين أن له أربع نسخ من كتاب العلاء بن رزين ولكل نسخة طريق مستقل وبالتالي لا يصح هذا التعويض.

متى يصح التعويض؟ إذا الشيخ النجاشي ذكر طريقين لكتاب زيد الزرّاد عن طريق المفيد أحدهما صحيح والآخر ضعيف وذكر الشيخ الطوسي خصوص الطريق الضعيف ففي هذه الحالة يمكن التعويض لأننا نحرز أن هذا الطريق ضعيف إلى نفس نسخة الطريق الصحيح لأن الشيخ النجاشي قد ذكر كلا الطريقين إلى النسخة والشيخ الطوسي اقتصر على ذكر خصوص الطريق الضعيف إلى النسخة فحينئذ نحرز أن الطريق الصحيح والضعيف إلى كتاب زيد الزرّاد مثلا إنما هو إلى نسخة واحدة فحينئذ يمكن تعويض طريق النجاشي إلى زيد الزرّاد الصحيح بطريق الشيخ الطوسي الضعيف لكن كما في محل بحثنا النجاشي ذكر طريقاً صحيحاً يمر بالمفيد إلى زيد الزرّاد والشيخ الطوسي لم يذكر أصلاً طريقاً إلى كتاب زيد الزرّاد وما يدرينا أن طريق النجاشي المار بالمفيد إلى زيد الزرّاد هو من نفس النسخة التي رواها الشيخ الطوسي عن المفيد إلى زيد الزرّاد وإذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال إلا أن يقال إن الأصل هو عدم تعدد النسخ وحيث لم ينص النجاشي على تغاير النسخ وتعدد النسخ فنحمل كلامه على أن كتاب زيد الزرّاد له نسخة واحدة أو عدة نسخ لكن غير مختلفة فحينئذ يصح تعويض طريق الشيخ الذي لم يذكر أصلا بطريق النجاشي الصحيح الذي يمر بالشيخ المفيد إلى زيد الزرّاد هذا تمام الكلام في الوجه الأول لتصحيح طريق المحدث النوري إلى كتاب زيد النرسي.

لماذا لا نكتفي بكلام النجاشي

قد تقول لماذا لا نكتفي بكلام النجاشي؟ النجاشي ما وصلنا شيء من كتبه الذي وصلنا كتب الشيخ الطوسي التهذيب والاستبصار هذه الروايات فلذلك المهم تصحيح طريق الشيخ الطوسي المهم تصحح طريق الطوسي، الصدوق، الكليني هذه كتبهم الروائية التي وصلتنا أما مثلا تصحح طريق النجاشي وما عندنا له كتب ما الفائدة.

الطريق الثاني لتصحيح طريق كتاب زيد الزرّاد

أن ابن أبي عمير قد روى كتاب زيد الزرّاد[3] وطريقه إليه صحيح والشيخ الطوسي له طريق معتبر إلى جميع كتب وروايات ابن أبي عمير وبالتالي يصح طريق الشيخ الطوسي فإن الشيخ الطوسي وإن لم يذكر له طريقاً إلى كتاب زيد الزرّاد في ترجمة زيد الزرّاد لكن إذا رجعنا إلى ترجمة بن أبي عمير فإنه يمكن أن نأخذ بطريق الشيخ الطوسي في الفهرست إلى جميع كتب وروايات أبن أبي عمير والتي منها روايته لكتاب زيد الزرّاد فيصبح الطريق صحيحاً إلا إذا أخذنا بما ذكره الشيخ النجاشي من أن النوادر مختلفة النسخ فإذا اختلفت النسخ لا يصح هذا التعويض لكن الشيخ الداوري يقول تعدد النسخ لا يضر بالمقام وعهدة هذه الدعوى على مدعيها.

إذن نتيجة الجهة الأولى أن طريق الشيخ الطوسي إلى كتاب زيد النرسي صحيح بلا إشكال لكن طريق الشيخ الطوسي إلى كتاب زيد الزرّاد لم يذكر له الشيخ الطوسي في الفهرست طريقاً لكن يمكن تعويضه بأحد طريقين:

الطريق الأول طريق النجاشي الذي يمر بالشيخ المفيد

الطريق الثاني طريق الشيخ الطوسي الذي يمر بابن أبي عمير

وكلا هذين التعويضين يبتلي بإشكالات إلا أن الشيخ الداوري يرى صحة الطريقين وتفصيل الكلام فيهما وفي نظرية التعويض يحتاج إلى بحث خارج في المسألة،

هذا تمام الكلام في الجهة الأولى.

وأما الجهة الثانية

وهي وثاقة المؤلفين زيد النرسي وزيد الزرّاد

أما زيد النرسي فهو واقع في إسناد تفسير علي بن إبراهيم القمي في قسمه الأول فيشمله التوثيق بحسب نظر الشيخ الداوري فالقسم الأول هو الروايات التي استخرجها الشيخ الداوري من النسخة المتداولة لتفسير القمي والتي يرى أنها مستخرجة من تفسير القمي بخلاف القسم الثاني وهو الروايات التي استخرجها من تفسير أبي الجارود.

إذن بناء على مبنى الشيخ الداوري يمكن توثيق زيد النرسي كما أنه على مبنى السيد الخوئي يمكن توثيق زيد النرسي لأن السيد الخوئي يرى وثاقة جميع الرجال الواردين في تفسير علي بن إبراهيم القمي نعم جاء في التفسير بالباء لا النون يعني زيد النرسي زيد البرسي والظاهر أن هذا تصحيف والصحيح النرسي وقد صحح في طبعات التفسير الأخيرة كتبوا زيد النرسي لا البرسي كما أنه يمكن توثيقه من جهة رواية أبن أبي عمير عنه مباشرة وعلى هذا يمكن توثيقه على مبنانا لا يمكن توثيقه بوروده في تفسير القمي لكن يمكن توثيقه برواية أبن أبي عمير عنه على مبنى السيد الخوئي بالعكس لا يمكن توثيقه برواية أبن أبي عمير عنه لكن يمكن توثيقه لوروده في أسانيد تفسير القمي،

هذا تمام الكلام في زيد النرسي.

وأما زيد الزرّاد فيمكن توثيقه لرواية ابن أبي عمير عنه.

خلاصة الجهة الثانية

كلا الرجلين لم يرد فيهما توثيق صريح لكن يمكن توثيقهما بناء على بعض المباني كمبنى رواية ابن أبي عمير عنهما وهو لا يروي إلا عن ثقة ومبنى ورود أحدهما في تفسير القمي وهو خصوص زيد النرسي.

الجهة الثالثة دراسة مضمون الكتاب

وأما الجهة الثالثة وهي مضمون الكتاب ومحتواه فقد نقل الشيخ الطوسي في الفهرست صفحة 101 [4] عن الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه صاحب من لا يحضره الفقيه عن شيخه وأستاذه، الصدوق ينقل عن أستاذه محمد بن الحسين بن الوليد أن الكتابين ـ كتاب زيد الزرّاد وزيد النرسي ـ موضوعان يعني مختلقان وضعهما محمد بن موسى الهمداني.

سؤال ما الفارق بين همدان بالدال المهملة وهمذان بالدال المعجمة المنقوطة؟

الجواب همدان بالإهمال من دون نقطة نسبة إلى قبيلة همدان في اليمن لا إلى مدينة همدان في إيران ومن ابرز موالي أمير المؤمنين الحارث الهمداني إذ قال (له يا حار همدان ـ يعني أيها الحارث الهمداني ـ من يمت يرني من مؤمن أو منافق قبلا)[5] كل من يموت يرى أمير المؤمنين مؤمن أو منافق أول ما يموت يرى أمير المؤمنين، بخلاف همذان بالنقطة فإنها إشارة إلى مدينة همدان الموجودة وسط غرب إيران.

هذا اليماني وضع وهو محمد بن موسى السمان الهمداني، الشيخ الداوري يرد دعوى الشيخ الصدوق ودعوى أستاذه الرجالي الكبير محمد بن الحسن بن الوليد ولكن هذه الدعوى غير صحيحة فإن أبن الغضائري مع ما عرف عنه من القدح في الرجال والكتب قد خط أبن الوليد في دعواه فقال زيد الزرّاد كوفي وزيد النرسي رويا عن أبي عبد الله "عليه السلام" هذا نص كلام ابن الغضائري[6] قال أبو جعفر بن بابويه ـ الصدوق ـ إن كتابهما موضوع وضعه محمد بن موسى السمان قال يعني ابن الغضائري، وغلط أبو جعفر في هذا القول يعني اشتبه الشيخ الصدوق، فإني رأيت كتبهما مسموعة عن محمد بن أبي عمير يعني بالسماع وصلتني هذه الكتب تروى عن أبن أبي عمير طبعاً الغضائري ما أدرك ابن أبي عمير، يعني وصلتني بالسماع يعني قرؤوها علي شيوخي في الرواية مسندة إلى ابن أبي عمير.

يقول الشيخ الداوري وبناء على هذا فدعوى ابن الوليد غير تامة والمتحصل أن كلا الكتابين معتبران

والصحيح إننا لا نقبل كلام ابن الغضائري فإنه قد نقله عنه العلامة الحلي في كتابه خلاصة الأقوال صفحة 223 وقد اتضح فيما سبق أن رجال ابن الغضائري لم يصل إلينا بطريق صحيح وقد نص شيخ الطائفة الطوسي في مقدمة كتابه الفهرست أن أستاذه الحسين بن عبيد الله الغضائري اخترم وكان له كتابان أحدهما في الأصول والآخر في المصنفات وقد اخترم هو "رحمه الله" يعني مات قبل سن الأربعين وعمد بعض ورثته إلى إهلاك الكتابين ولم أجدهما هذا تلميذ الشيخ الطوسي هكذا يقول.

فإذن كتاب الغضائري لم يصل إلى العلامة إلا أن يقال إنه ليس المراد الغضائري الأب الحسين بن عبيد الله وإنما المراد الغضائري الإبن أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري الذي هو زميل للشيخ الطوسي والنجاشي كما أن النجاشي قد درس عند زميله وأستاذه الغضائري الابن احمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري فيكون هذا النقل عن ابن الغضائري ولكن لا نعرف كتابا رجالياً لابن الغضائري قد وصل إلى العلامة الحلي حتى نبني عليه النتيجة شهادة ابن الوليد وتصديق الصدوق له بأن الكتابين موضوعان لا معارض لها فنلتزم بدعوى أبن الوليد والشيخ الصدوق من أن الكتابين موضوعان.

فلو سلمنا بالجهة الأولى والثانية وأنهما صحيحتان على أنه توجد مناقشة في الجهة الأولى خصوصا فإننا لا نسلم بالجهة الثالثة.

النتيجة النهائية هذان الكتابان لا يمكن الاعتماد عليهما.

إذن إلى هنا ثبت عندنا كتاب واحد درست بن أبي منصور، الكتاب الأول الجعفريات لم يثبت لدينا الكتابي الثاني درست بن أبي منصور ثبت الثالث والرابع أصل زيد النرسي وزيد الزرّاد لم يثبتا لكن عند الشيخ الداوري فقط كتاب الجعفريات لم يثبت وأما الباقي فقد ثبتوا، الخامس كتاب أبي سعيد عباد العصفري يأتي عليه الكلام.

 


[1] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص130.
[2] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص174.
[3] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص175.
[4] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص130.
[5] الأمالي - ط دار الثقافة، الشيخ الطوسي، ج1، ص627.
[6] رجال العلامة الحلي‌، العلامة الحلي، ج1، ص223.