الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الجهة الثالثة في مضمون كتاب الجعفريات

 

قال الشيخ الداوري "حفظه الله" وأما الجهة الثالثة وهي في مضمون الكتاب ومحتواه فالكلام فيها من ناحيتين.

توضيح الدرس

كان الكلام في دراسة الكتاب الأول من مصادر مستدرك الوسائل وهو كتاب الجعفريات لمحمد بن محمد بن الأشعث أو كتاب الاشعثيات فهذا الكتاب له اسمان الجعفريات نسبة إلى المروي عنه وهو الإمام جعفر الصادق والاشعثيات نسبة إلى الراوي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام.

تحدث الشيخ الداوري وبحث هذا الكتاب في ثلاثة جهات تم الكلام فيما سبق في الجهة الأولى والثانية، الجهة الأولى الطريق إلى محمد بن الأشعث، الجهة الثانية الطريق من محمد بن الأشعث إلى الإمام عليه السلام، أما بالنسبة إلى الجهة الأولى فهي تامة عند الشيخ الداوري وأما الجهة الثانية فهي أيضا تامة عند الشيخ الداوري وليست تامة عندنا فإننا ناقشنا في حفيد الإمام الكاظم موسى بن إسماعيل بن موسى وكتاب الجعفريات من جملة مرويات موسى بن إسماعيل بن موسى، اليوم نتحدث عن الجهة الثالثة في مضمون كتاب الجعفريات أو الاشعثيات ومحتواه.

يتحدث الشيخ الداوري في ناحيتين:

الناحية الأولى أن هذا الكتاب وصل إلى المحدث النوري صاحب المستدرك فهذا الذي وصل إليه هل هو عين كتاب الجعفريات أم كتاب آخر وما هو الدليل عليه.

الجهة الثانية ما أورده صاحب الجواهر من إشكالات أربعة على كتاب الجعفريات هل هذه الإيرادات في محلها أو لا.

ونشرع بالجهة الثانية وقد ظهر الجواب عن أكثر ما ذكره صاحب الجواهر "رحمه الله" حينما تطرقنا إلى الجهة الأولى والجهة الثانية وبعد الأجوبة سيتضح الجواب عليها من خلال التطرق إلى الجهة الثالثة فلنراجع كلام صاحب الجواهر المذكور صفحة 16 من هذه النسخة أصول علم الرجال بين النظر والتطبيق صفحة 16.

الإشكال الأول يقول صاحب الجواهر بل الكتاب المزبور على ما حكي عن بعض الأفاضل ليس من الأصول المشهورة وأتضح أن هذه المناقشة في محلها كتاب الجعفريات ليس من الأصول الأربعمائة المشهورة ولا من غير الأربعمائة المشهورة.

الإشكال الثاني بل ولا المعتبرة ولم يحكم أحد بصحته من أصحابنا هذه القضية قابلة للمناقشة فقد ذهب الشيخ الداوري إلى صحته وقد ذهب الكثير إلى عدم صحته ونحن لا نلتزم بأنه قد وصل إلينا بطريق صحيح.

الإشكال الثالث بل لم تتواتر نسبته إلى مصنفه وهذا سيتضح من بحث اليوم أن لم ينقل إلينا بالتواتر أن كتاب الجعفريات الواصل إلينا هو عين ما كتبه محمد بن محمد بن الأشعث هذه المناقشة الثالثة أيضا صحيحة.

الإشكال الرابع بل ولم تصح على وجه تطمئن النفس بها وهذا ما سنبحثه في درس اليوم والشيخ الداوري يقول أنت والاطمئنان وسيتضح أننا لا نطمئن أن هذا هو نفس كتاب الجعفريات إذن أغلب مناقشات صاحب الجواهر واردة وتامة.

تبقى مناقشة وهي أنه ذكر أن فيه الكثير من الروايات العامية الشيخ الداوري يقول وكما أن فيهما روايات عامية فيه أيضا روايات شيعية فلا يرى الشيخ الداوري أن هذه المناقشة واردة لكن الحق والإنصاف أنها واردة حال هذا الكتاب حال كتاب غوالي اللئالي لابن أبي جمهور الاحسائي الذي أكثر من إيراد الروايات العامية

فتكون النتيجة إننا لا نقبل روايات كتاب الجعفريات.

والآن نشرع في الناحية الأولى هذا الكتاب هل وصل إلى المحدث النوري أو لا

مصادر كتاب مستدرك الوسائل

وقبل أن نشرع في بيان ما ذكره الشيخ الداوري نشرع في بيان ما ذكره المحشي وهو الشيخ محمد علي صالح المعلم "رحمه الله" ونعم الحاشية في هذه الحاشية رقم 1 صفحة 23 يذكر مصادر كتاب مستدرك الوسائل مرجعها إلى ثلاثة أمور أو ثلاث مجاميع:

المجموعة الأولى مجموعة كتب وصلت إلى المحدث النوري من بلاد الهند فهذه الكتب قد وصلت إليه بالوجادة لا بالقراءة ولا بالمناولة ولا بالسماع وإنما بالوجادة فهذا الطريق يكون ضعيفاً ومن الكتب الواصلة من الهند كتاب الجعفريات إذن وصل إلى المحدث النوري بالوجادة هذه المجموعة الأولى.

المجموعة الثانية هي عبارة عن مجموعة الآبي.

المجموعة الثالثة هي عبارة عن مجموعة الشهيد الأول.

هذه ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى التي جاءت من الهند ضعيفة لأنها بالوجادة ولكن المجموعة الثانية مجموعة الآبي والمجموعة الثالثة مجموعة الشهيد الأول يمكن الأخذ بها.

بيان ذلك:

المجموعة الثانية مجموعة الآبي وجدها ـ المحدث النوري ـ منقولة من نسخة عتيقة وصحيحة بخط الشيخ منصور بن الحسن الآبي والشيخ منصور بن الحسن الآبي نقلها عن خط الشيخ الجليل محمد بن الحسن القمي وكان تاريخ كتابتها سنة 374 هجرية ويقول المحدث النوري إن الشيخ القمي أخذ هذه الأصول المذكورة من خط الشيخ الأجل هارون التلعكبري تلميذ المفيد وهذه النسخة كانت موجودة عند العلامة يعني نسخة الآبي موجودة عند العلامة المجلسي وصرح بها في أول البحار وانتشرت النسخ منها، كتاب الجعفريات ليس في نسخة الآبي.

المجموعة الثالثة ثلاثة مجلدات مجلدان من هذه الثلاثة بخط جد الشيخ البهائي الشيخ محمد بن علي الجماعي جد الشيخ البهائي، الجزء الثالث بخط بعد أحفاد الشهيد الأول إذن الأجزاء الثلاثة الجزء الأول والثاني بخط جد البهائي الجزء الثالث بخط أحفاد الشهيد هذه المجموعة معروفة بمجموعة الشهيد الأول وموجود فيها كتاب الجعفريات لكن ناقص من أوله ومن آخره الموجود تقريبا ثلث كتاب الجعفريات أو الاشعثيات.

الشهيد الأول رحمة الله عليه كتب هذه المجموعة بخطه في الحلة بالعراق سنة 776 هجرية ثم جاء الذي هو جد البهائي الشيخ محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن صالح الجبعي الويزاني ونقل هذه الكتب بخطه عن خط الشهيد الأول كتبها "رحمه الله" بكرك نوح نقلا عن ما كتبه الشهيد الأول في الحلة الشهيد الأول نقل هذه النسخة من نسخة بخط محمد علي الحمداني القزويني تاريخها 613 وقد أكثر الشيخ المجلسي في البحار من النقل عن هذه النسخة،

إذن ثلاثة مجاميع:

المجموعة الأولى بالوجادة لا اعتبار بها وفيها كتاب الاشعثيات أو الجعفريات

المجموعة الثانية يمكن توثيقها لأنها بخط الشيخ الآبي

المجموعة الثالثة هي الأهم يمكن الوثوق بها لأنها بخط الشهيد الأول رحمة الله عليه

هذا من ناحية كبروية روايات مستدرك الوسائل الآن من ناحية صغروية.

المحدث النوري له سند إلى محمد بن محمد بن الأشعث وقد أتضح خمس طرق له في الجهة الأولى ولكن وجود طريق صحيح له كما في الطريق الأول والثاني طريق التلعكبري لا يعني أن هذا الطريق لنفس هذه النسخة التي وصلت إليه فالمحدث النوري ذكر أن الكتاب ـ كتاب الجعفريات ـ معه وأنه كان ضمن كتب أخرى جاء بها بعض السادة من بلاد الهند إذن من المجموعة الأولى لكنه صاحب المستدرك لم يأتي بما يدل على أن هذا الكتاب هو نفس كتاب الجعفريات فلربما هو كتاب آخر وما ذكره من الطريق إنما هو الوجادة وجد هذه النسخة مكتوب عليها أنها كتاب الجعفريات ليس عنده قراءة من هذه النسخة أو سماع أو مناولة أو إجازة فلا يمكن الاعتماد على هذه النسخة طريق ضعيف لها

القرائن الأربعة للجعفريات

نعم يستفاد من كلمات المحدث النوري أنه اعتمد على أربع قرائن اطمئن من خلالها إلى أن هذا الكتاب هو كتاب الجعفريات:

القرينة الأولى أن بحوزته ـ بحوزة صاحب المستدرك ـ مجموعة شريفة بخط جد الشيخ البهائي يعني القسم الثالث مجموعة الشهيد الأول وجد البهائي شمس الدين محمد بن علي الجباعي يروي عن الشهيد الأول والظاهر أن الشهيد الأول يروي هذه النسخة بنفس السند عن محمد بن محمد بن الأشعث لكن هذه النسخة ناقصة من أولها وناقصة من آخرها وليس فيها إلا مقدار الثلث، نعم إذا نرجع إلى العلامة الحلي والراوندي والشيخ الطوسي نجد أن لهؤلاء الثلاثة طرق معتبرة إلى كتاب الجعفريات وبعض هذه الطرق معتبر لكن اعتبار طريق العلامة الحلي والشيخ الطوسي والراوندي لا يعني أنها لنفس هذه النسخة هذا ما نقول إن الطرق إلى العناوين لا إلى المعنونات وحتى لو إلى المعنون لو افترضنا إن طريق الشيخ الطوسي إلى متن كتاب الجعفريات لكن من قال إن السند إلى ذلك المتن الذي رآه الشيخ الطوسي نفس المتن الذين وصل إلينا فطريق الشهيد الأول إلى الشيخ الطوسي إلى الراوندي لا إشكال فيه إنما الإشكال في الطريقة التي وصل إلينا المتن طريق الوجادة من غير المعلوم أنه فبالتالي طريق كتاب الجعفريات هو الوجادة نعم يستثنى منه ما نقل بخط الشهيد الأول يعني عندنا نسختين عندنا نسخة كاملة موجودة في المجموعة الأولى التي جيء بها من الهند ومجموعة ناقصة بمقدار الثلثين وبقي الثلث وهي التي بخط الشهيد الأول يمكن الاعتماد عليها.

القرينة الثانية ذكر صاحب البحار أن طريق كتاب نوادر السيد الراوندي ينتهي إلى محمد بن محمد بن الأشعث وقال وأكثر أحاديث هذا الكتاب مأخوذ من كتب موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليه السلام الذي رواه سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد بن الأشعث عنه[1] فإذا عملنا مطابقة بين النسخة الموجودة وهي مقدار الثلث وبين روايات النوادر واتضح المطابقة نعلم أن هذه الروايات هي روايات كتاب الجعفريات لكن بشرط أن يكون سند النوادر صحيحاً.

القرينة الثالثة الشهيد الأول نقل في كتابه البيان وذكرى الشيعة ونكت الإرشاد بعض الروايات عن الجعفريات[2] حتى قال المحدث النوري فانظر كيف سلك بأخبار الجعفريات سلكه بما في الكتب الأربعة[3] وهذا يثبت الموجبة الجزئية لا الموجبة الكلية يعني يمكن أن نأخذ من كتاب الجعفريات خصوص ما نقله الشهيد الأول وأما ما لم ينقله فلا اعتبار به إلا إذا قام على اعتباره دليل آخر أو قرينة أخرى.

النقطة الرابعة إن الشيخ الصدوق نقل في كتابه التوحيد[4] وكتابه الآمالي[5] روايات هي بعينها سنداً ومتناً في كتاب الجعفريات[6] فهذه القرائن الأربع تفيد أن الكتاب الموجود عند المحدث النوري هو كتاب الجعفريات فيكون كتاب الجعفريات من الكتب المعتبرة التي يمكن الاعتماد عليها

وأما ما ذكره صاحب الجواهر من أن بعض هذه الروايات مطابقة لروايات العامة فهذا وإن كان صحيحاً في الجملة إلا أنه لا يخدش في الكتاب لأن فيه أيضا روايات مطابقة وموافقة لما في الكافي وغيره من كتب الخاصة فعد الكتاب عاميا لأنه مطابق لما عند بعض العامة لا وجه له وموافقة ما في الكتاب لبعض ما في العامة لا ضير فيه ولا مشكلة فيه.

الخلاصة القرائن الأربع إن أوجبت الاطمئنان بأن هذا الكتاب هو كتاب الجعفريات فلا يكون فرق بينه وبين سائر الكتب يمكن أن يستند إليها في مقام الاستنباط كما عمل بذلك المحدث النوري وأما إذا لم نطمأن وهو الصحيح فنأخذ بخصوص المقدار المنقول من خط الشهيد الأول وخصوص المقدار الذي نقله الصدوق في كتاب التوحيد والآمالي ويوجد مقدار ثالث وهو ما نقله الراوندي في النوادر إذا صح سند العلامة المجلسي إلى كتاب النوادر فإذا سند الشيخ المجلسي صاحب البحار إلى الراوندي صحيح يصير نأخذ كتاب الجعفريات من مصادر أربعة، الأول النسخة التي فيها مقدار الثلث التي نقلت بخط الشهيد الأول الثاني ما نقله الصدوق في كتاب الآمالي، الثالث ما نقله الصدوق في كتاب التوحيد، الرابع هو ما نقله الراوندي في النوادر لو التزمنا بأن سند المجلسي صحيح إذا ما التزمنا أن سند المجلسي إلى النوادر صحيح في هذه الحالة تكون المصادر ثلاثة وأما الاعتماد على جميع روايات الجعفريات كما هو مدعى المحدث النوري فمرجعه إلى الاطمئنان بأن الكتاب هو الجعفريات، إذن الجواب النهائي للشيخ الداوري هذا يرجع إلى الاطمئنان إما نطمئن إلى أن كل ما في النسخة وارد فيلتزم به وإما لا نطمئن فنأخذ بخصوص ما نقل عن الشهيد الأول والصدوق والراوندي إن صح السند.

والصحيح عندنا أنه لا اعتبار بالنسخة الواصلة من كتاب الجعفريات لأنها قد وصلت إلينا بالوجادة وإذا حصل تطابق بينها وبين ما ورد في كتابي الصدوق وهما الآمالي والتوحيد أو حصل تطابق بين هذه النسخة التي وصلتنا بالوجادة وبين ما هو موجود بخط الشهيد الأول فالعبرة بما ذكره الصدوق والشهيد الأول لا العبرة بما في هذه النسخة وبالتالي حتى لو وجد طريق أو طريقان صحيحان إلى عنوان كتاب الجعفريات كما صحح الشيخ الداوري الطريق الأول والثاني من الجهة الأولى لكن هذا طريق إلى عنوان الكتاب لا إلى معنونه وأما المعنون وهو واقع الكتاب فقد وصل إلينا بالوجادة ولا اعتبار بهذا الطريق الضعيف.

النتيجة النهائية الكتاب الأول من مصادر كتاب مستدرك الوسائل وهو كتاب الجعفريات او الاشعثيات لا يمكن الاعتماد عليه من دون تفصيل لأن العبرة ليس بهذه النسخة العبرة بما هو موجود فيه، هذا مثل ما نقوله في كتاب الضعفاء لابن الغضائري نقول ما نقله الشيخ النجاشي والشيخ الطوسي على الغضائري يمكن الأخذ به لأنهما تلميذاه فلربما نقل عنه مباشرة مشافهة ولا عبرة بما ينقله العلامة الحلي وابن داود عن كتاب الضعفاء لابن الغضائري لأن كتاب الضعفاء لابن الغضائري لم يصل إلى المتأخرين بل إلى المعاصرين كالشيخ الطوسي هو يقول كان الحسين بن عبيد الله الغضائري له كتابان أحدهما في الأصول والآخر في المصنفات واخترم هو "رحمه الله" وعمد بعض ورثته إلى إهلاك الكتابين فالشيخ الطوسي يقول أنه عنده كتابين كتاب في الأصول والآخر في المصنفات ولم ينص على أن له كتاب رجالي وهو تلميذه والكتاب الذي في الأصول والمصنفات لم يصل الورثة أهلكوا الكتابة فكيف يصل كتاب وفي الرجال إلى العلامة الحلي وابن داود فلا عبرة بطريقيهما والعبرة فيما ينقله الشيخ الطوسي والنجاشي عن ابن الغضائري لا عن الكتاب، هنا من باب التقريب إلى الذهن أيضا نفس الشيء العبرة بما ينقله الصدوق من الرواية عن محمد بن الأشعث وليست العبرة بنسخة كتاب الجعفريات الواصلة إلينا إذن الكتاب الأول كتاب الجعفريات أو الاشعثيات لا يمكن الاعتماد عليه، الكتاب الثاني المصدر الثاني كتاب درست أبن أبي منصور يأتي عليه الكلام.

 


[1] بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث، العلامة المجلسي، ج1، ص36.
[2] خاتمة مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج1، ص28.
[3] خاتمة مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج1، ص29.
[4] التّوحيد، الشيخ الصدوق، ج1، ص28.
[5] الأمالي، الشيخ الصدوق، ج1، ص551.
[6] خاتمة مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج1، ص26.