45/05/01
الموضوع: البحث التحليلي المشتق
وقد وقع الكلام في أنه هل للمشتق بسيط أو مركب فهل مدلول المشتق اللغوي معنى بسيط أم أن مدلول المشتق مركب من ثلاث معان:
فالمشتق بمادته وهيئته مركبٌ من معان ثلاثة.
وينبغي أن يعلم أن المراد بالتركيب في المشتق عند القائلين به أنه إذا ضم مدلول الهيئة إلى مدلول المادة نحصل على معنى واحد فنحن ندرك من المشتق معنى واحد لا ثلاثة معاني لكننا بالتحليل نحلل هذا المعنى الواحد إلى ثلاثة معاني معنى للذات ومعنى للمبدأ ومعنى للنسبة بين الذات والمبدأ، فتقول: زيدٌ قاتل والمعنى هو صدور القتل لكن تلحظ ذات زيد الذي هو القاتل وتلحظ المبدأ مبدأ القتل الضرب وتلحظ النسبة بينهما بين الذات الضاربة والقاتلة وبين معنى القتل والضرب.
فمن يرى أن المشتق بسيط أو مركب يرى أنه في الإدراك هو معنى واحد لا متعدد لكن من يرى البساطة يرى أنه لا ينحل إلى عدة معاني ومن يرى التركيب يرى أنه يتركب من ثلاثة معاني بالتحليل فهو يكون بنحو تركب مفاد الجملة الناقصة، مثل ماذا الجملة الناقصة؟ إن جاء زيد هذه جملة ناقصة إن جاء زيد أكرمته قتلته فهذه التي فيها الشرط إن جاء زيد مفادها واحد شرطية مجيء زيد ولكن يمكن تحليلها إلى أداة وفعل.
فليس المقصود من التركيب وجود مفهومين ذهنيين مستقلين ونسبة بينهما في الذهن بل في الذهن يوجد مفهوم واحد لكن الذهن يمكن أن يحلل هذا المفهوم الواحد إلى ثلاثة معاني.
وقد توجهت عدة شبهات إلى القول بتركب المشتق مما دعا بعض الأعلام إلى القول ببساطة المركب بأحد أنحاء ثلاثة، وبالتالي تكون الأقوال أربعة:
المحقق المدقق الشيخ محمد حسين الأصفهاني اختار التركيب.
لكن الأعلام الثلاثة صاحب الكفاية والمحقق والمحقق العراقي قد أشكلوا على هذا التركيب فلجأوا إلى القول ببساطة المشتق.
إذا ذهب المحقق الأصفهاني إلى القول بتركب المشتق وذهب صاحب الكفاية والميرزا النائيني والمحقق العراقي إلى القول ببساطة المشتق، والسرّ في ذهاب الأعلام الثلاثة إلى بساطة المشتق هو استحكام إشكال من الإشكالات على القول بتركب المشتق ونحن نأخذ هذا المبحث بيسر من دون الإطالة فيه لأن الذي يهمنا البحث الثاني البحث اللغوي هل المشتق حقيقة في الأعم أو في خصوص من تلبس بالمبدأ؟
وسيتضح إن شاء الله من خلال البحث في كلتا الجهتين أننا نلتزم في الأول أن المشتق مركب وفاقاً للمحقق الأصفهاني وخلافاً للأعلام الثلاثة فالمشتق في الجهة الأولى مركب وليس ببسيط
كما نلتزم في الجهة الثانية أن المشتق حقيقة في خصوص من تلبس بالمبدأ ومجاز في الأعم وهذا ما سنأخذه تباعاً.
فلنتطرق إلى البحث الأول بحث المشتق التحليلي فهل المشتق مركب أو بسيط؟
فالمشتق مفهوم مركب على نحو النسبة الناقصة التحليلية في الذهن فهو مفهوم واحد لكن الذهن يحلله إلى ثلاث معان.
فعندنا هيئة فاعل ومفعول كقاتل ومقتول، وعندنا قتل وضرب وفعل وهي صيغة المصدر، والفرق بين المشتق الأصولي كاسم الفاعل والمفعول واسم الزمان واسم المكان كقاتل ومقتول ومقتل هو صحة الحمل، فيصح أن تقول: زيد قاتل زيد مقتول، ولا يصح أن تقول: زيد قتلٌ زيد ضرب.
فالمشتق الأصولي قاتل ضارب من ناحية الهيئة فاعل ملحوظ لا بشرط من حيث الحمل على الذات يعني قد يحمل على الذات وقد لا يحمل على الذات فهو لا بشرط من ناحية الحمل على ذات زيد، ولكن المصدر قتل ضرب مأخوذ بشرط لا من جهة الحمل على الذات فلا يصح أن تقول: زيدٌ قاتلٌ ضربٌ أكلن لأن المصدر وهو الأكل والضرب والقتل أخذ بنحو بشرط لا من جهة الحمل على الذات.
خلاصة رأي الميرزا النائيني تبعاً للمحقق الدواني المشتق بسيط ومادته هي الحروف تدل على الحدث وهيئته هيئة المشتق تدل على ماذا؟ لا بشرط من جهة الحمل على الذات بخلاف المصدر بشرط لا من جهة الحمل على الذات.
فنسبة المشتق إلى المبدأ نسبة العنوان المنتزع إلى مصحح انتزاع فالمشتق ضارب قاتل أكل هذا المشتق نسبته إلى مبدأ القتل والأكل والضرب نسبة العنوان المنتزع، ما هو العنوان المنتزع؟ قاتل إلى مصحح الانتزاع وهو الأكل.
خلاصة كلام المحقق العراقي المشتق معناه بسيط يدل بمادته على الحدث وبهيئته يدل على إلى ذات نسبة الهروب إلى ذات وهذه الذات خارجة عن مدلول المشتق.
هذه أقوال أربعة ومنشأ الأقوال الثلاثة التي ذهبت إلى القول ببساطة المشتق هو توجه إشكالات إلى القول بتركب المشتق.
وقد لخصها سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في ثلاثة أمور تراجع في تعليقته على الحلقة الثالثة للشهيد السيد محمد باقر الصدر، دروس في علم الأصول الحلقة الثالثة القسم الأول صفحة أربعمئة وسبعين إلى أربعمئة واثنين وسبعين الطبعة الثانية من الحلقة الثالثة.
إذا أن سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي له تعليقة على الحلقة الثالثة القسم الأول والقسم الثاني.
في القسم الأول ذكر ملاحق، في المباحث الثلاثة التي لم يتطرق إليها الشهيد الصدر في الحلقة الثالثة وهي مباحث غير عملية:
وذكر هذه الإشكالات الثلاثة التي تتوجه إلى المركب وأجاب عنها ولا داعي للتطرق لها اختصاراً ترجعون لها إن شاء الله.
وإذا رجعنا إلى هذه الإشكالات والأجوبة الدقيقة والعميقة سيتضح عدم تمامية شيء يمنع عن القول بتركب المشتق بالمعنى الذي ذكرناه من أن معناه واحد ولكن الذهن يمكن أن يحلله إلى ثلاثة أمور: ذات ومبدأ ونسبة بين الذات والمبدأ.
ومع إمكان ذلك لا موجب لارتكاب شيء من التكلفات والمحاولات لتصوير بساطة المشتق والتي لا يخلو أكثرها من محاذير ثبوتيه أو إثباتيه بل يكفي شيء واحد وجداني عرفي وهو صحة حمل المشتق على الذات وعدم صحة حمل المصدر على الذات وهذا دليل التركب والتغاير بينهما مفهوماً فهناك مغايرة بين المصدر وبين المشتق إذ كيف يمكن حمل المشتق على الذات ولا يمكن حمل المصدر على الذات؟! إذاً هناك مغايرة بين الذات وبين المشتق الذي يحمل على الذات.
فالمفهوم الواحد لا يعقل أن يكون متحداً مع الذات ومبايناً مع الذات ولا يعقل التغاير بينهما إلا على أساس أخذ مفهوم الذات المبهمة في المشتق بنحو المقيد لا القيد إذ لا يصح الحمل من دون ذلك.
فإذاً معنى الضرب قد أخذ في الضارب ولكن فرقٌ بين معنى الضرب في الضرب الذي هو مصدر ومعنى الضرب في الضارب، فمعنى الضرب في الضارب يعني ضاربٌ ما وقاتلٌ ما، أكلٌ ما، فهي تدل على الذات المبهمة، قاتلٌ جائي ذاهب، من هو؟ فتقول: زيدٌ ذاهبٌ الذات ترفع الإبهام، في هذا الحدث.
على كلٍ تفصيله في المطولات ويمكن تراجعون بحث شيخنا الأستاذ الشيخ فاضل اللنكراني تقريرات بحثه 200 صفحة كاتب المشتق محاضرات في أصول الفقه.
تقرير الشيخ حسن عبد الساتر 130 صفحة المشتق.[1]
تقرير السيد كاظم الحائري 100 صفحة في المشتق.[2]
تقريرات السيد الخوئي 100 وقليل.[3]
تقريرات الإمام الخميني 30 – 50 صفحة.
أكثر شيء اختصاراً السيد محمود الهاشمي 18 صفحة وفي تعليقته كتاب أضواء وآراء 17 صفحة،[4] لكن في تعليقته على الحلقة الثالثة 8 صفحات ونصف.
ولأن هذا المبحث غير عملي لا داعي للإطالة فيه، هذا تمام الكلام في المبحث الأول المبحث اللغوي التحليلي
واتضح أن المشتق مركب وليس ببسيط ولا يوجد أي إشكال ولا أي محذور في الالتزام بتركبه وبالتالي نلتزم بأنه مركب وليس ببسيط.