45/03/26
الموضوع: الوجه الثالث الاستدلال برواية الصلاة ثلثها
الوجه الثالث للجهة السلبية الاستدلال بروايات «الصلاة ثلاثة أثلاث: ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود»[1]
إن هذه الرواية تنفي دخل أي شيء سوى هذه الثلاثة إذ لا يكون للشيء أكثر من ثلاثة أثلاث، فلو بقينا نحن وإطلاق الرواية لقلنا إن تكبيرة الإحرام أيضاً لا تدخل في مسمى الصلاة لأن مسمى الصلاة وفقاً لرواية التثليث يتوقف على ثلاثة أجزاء، وهي: الركوع والسجود والطهور.
لكننا نقيد رواية التثليث بما دلّ على أن تكبيرة الإحرام ركن فيبقى ما عدا الأمور الأربعة من أجزاء الصلاة خارجاً عن مسمى الصلاة.
فالكلام في المقام يختلف عن الكلام في الإطلاق فلو جاءتنا رواية مطلقة أكرم العلماء ثم جاءتنا رواية مقيدة لا تكرم الفساق فإن عموم العام وهو وجوب إكرام العلماء يبقى في غير موارد التقييد أي يبقى في إكرام العلماء غير الفساق هم العلماء العدول.
فحجية المطلق تبقى وإن وقع التقييد والتخصيص لكن لسان رواية التثليث يختلف فإنها تنص على أن قوام الصلاة ثلاثة وبمجرد افتراض وجود جزء رابع ينثلم التثليث، فحينئذ لا يمكن تقييد رواية التثليث بما دل على دخالة تكبيرة الإحرام في مسمى الصلاة، إذ أن الحصر في رواية التثليث إنما ثبت بعنوان التثليث، ومن الواضح أن عنوان الثلثية ينثلم حقيقة بافتراض وإضافة أمر رابع سواء أضيف أمر خامس أو لا، فحينئذ لا مجال لتقييد رواية التثليث بروايات تكبيرة إحرام.
فكذلك يقال الصلاة على ثلاثة أثلاث الركوع والسجود والطهور يعني هذه الثلاثة لها مكانة كبيرة ولها معنى كبير في الصلاة وبهذا المعنى تنتفي الجزئية إذا انتفت الجزئية بعد لا يمكن إثبات الأركان الأجزاء الأربعة الدخيلة في مسمى الصلاة.
راجعت فلم أجد تطرق إلى الجانب الإيجابي تطرق السيد الخوئي إلى رأي الأعلام الثلاثة الميرزا النائيني والأصفهاني والمحقق العراقي.
وأما الجانب السلبي ما عدا هذه الأمور الأربعة كالقراءة والذكر والطمأنينة عدمه لا يسلب مسمى الصلاة.
اتضح أن الجانب السلبي لم ينهض الدليل عليه، ويقع الكلام في الجانب الإيجابي وهو مقومية الركوع والسجود والطهارة والتكبيرة لمسمى الصلاة.
ويقع الكلام في أمرين:
وسيتضح أنه لم ينهض دليلٌ روائي على دخل هذه الأمور الأربعة في مسمى الصلاة.
وهو مقومية الركوع والسجود والطهور في مسمى الصلاة فيمكن استفادتها من الرواية المثلثة.
فإن استظهرنا الأول أي الصلاة المأمور بها فالرواية تصبح أجنبية عما نحن فيه لأننا نبحث الأمور الدخيلة في المسمى ولا نبحث متعلق الأمر.
وإن استظهرنا المعنى مسمى الصلاة فإن التزمنا بأن الصلاة في رواية التثليث تحمل على مسمى الصلاة وعنوان الصلاة يعني عنوان الصلاة ما يثبت إذا لم يثبت أحد الثلاثة فإذا حملنا رواية التثليث على مسمى الصلاة فلابد أن نحمل رواية لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب على نفس هذا المعنى وهو دخالة الصلاة في المسمى.
الرواية عن محمد بن مسلم بسند صحيح عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال: <سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته، قال: لا صلاة إلا أن يقرأ بها>[3] .
فلا بدّ من حمل الصلاة هنا على المسمى يعني مسمى الصلاة لا يصدق إلا بفاتحة الكتاب فتدخل فاتحة الكتاب في مسمى الصلاة، وبالتالي الداخل في قوام المسمى يصبح خمسة لا أربعة.
قد يقال إن الأربعة وهي الطهور وتكبيرة الإحرام والركوع والسجود تدخل مطلقاً في حالة التذكر والنسيان معاً بخلاف فاتحة الكتاب فإنها تثبت في خصوص حال التذكر ولا تثبت في حال النسيان ولا تثبت في حق الأخرس.
ولكن لو راجعنا روايات تكبيرة الإحرام لوجدناها على ستة طوائف ولا يصلح شيء منها لإثبات المطلوب وهو دعوة أن تكبيرة الإحرام داخلة في مسمى الصلاة.
ومن المعلوم أن الإجزاء إنما يكون بلحاظ امتثال الأمر لا بلحاظ صدق المسمى فلا تدل رواية الإجزاء على دخالة تكبيرة الإحرام في مسمى الصلاة، الإجزاء فرع الامتثال لا فرع الدخول في المسمى.
لكن الطائفة الثانية لا تدل لعدم التمامية سنداً ودلالة.
أما من ناحية السند فقد وقع لهذا الحديث سندان:
السند الأول سهل بن زياد عن النوفل عن السكوني ولو وثقنا سهل بن زياد فإن النوفلي لم يثبت توثيقه، والسند الآخر محمد بن سعيد عن السكوني ومحمد بن سعيد لم يثبت توثيقه أيضاً.
ولو تنزلنا وقلنا بصحة الرواية عملاً بكلام الشيخ الطوسي في كتاب العدة من أن الطائفة عملت بروايات السكوني وغضضنا النظر عن ضعف السند وقويناه فإن دلالة الرواية ليست تامة لأن الأنفية لا تدل على المقومية للمسمى وقد يبتر أنف الشيء ويبقى الشيء شيئاً لأن الأنف ليس بداخل في قوام الشيء وحينما دخل الفرنسي إلى أرض مصر الحبيبة جدعوا أنف أبو الهول وبقي أبو الهول أبو الهول من دون أن يتغير.
هذا نصّ الرواية قلت لأبي عبد الله ـ عليه السلام ـ هذا ناصح المؤذن: <إني أصلي في البيت وأخرج إليهم. قال: اجعلها نافلة ولا تكبر معهم في الصلاة فإن مفتاح الصلاة التكبير>.[7]
لكن هذه الرواية ضعيفة سنداً بناصح، وضعيفة دلالة لأن مفتاح الشيء بحسب الفهم العرفي لا يكون داخلاً في قوام الشيء ومسمى فالمفتاح ليس داخل في قوام الباب بل إن المفتاح أشبه بالشيء الخارج عن حقيقة الباب كمفتاح الدار فإنه خارج عن قوام الدار.
وهذه الرواية ضعيفة سنداً مرويه عن أنس بن مالك وهي رواية نبوية ولو تمت سنداً لتعدد أسانيدها الضعيفة لقلنا أنه لفظة لا الواردة فيها يحتمل أن تكون نافية ويحتمل أن تكون ناهية فإن حملناها على النفي فيصير معنا الله أكبر لا تفتح الصلاة إلا بها فقد يقال بظهور الرواية في أن ابتداء الصلاة لا يكون إلا بالتكبير فهي تدل على الافتتاحية ولا تدل على أن التكبير داخلة في مسمى الصلاة.
ولو حملناها على النهي لا تفتح الصلاة إلا بها فهي تدل على الأمر بافتتاح الصلاة بالتكبير ولا تدل على أن التكبير داخل في مسمى الصلاة.
وهذه الرواية لا ربط لها بمسألة تحريم المنافيات بالتكبير وأن التكبير داخل في المسمى وعدمه هي تدل على أن تحريم الصلاة وحرمتها بالتكبير ولا تدل على أن التكبير داخل في مسمى الصلاة.
فقد يقال إن قوله ـ عليه السلام ـ : <لا صلاة بغير افتتاح يدل على نفي المسمى بغير الافتتاح>.
أما الحل فهذه الرواية اقترنت بما يصلح للدلالة على القرينية فيكون المراد بالنفي النفي بلحاظ الوظيفة لا النفي بلحاظ المسمى لأن الرواية هكذا ورد فيها <يعيد الصلاة> والإعادة ناظرة إلى وظيفة المكلف فأطلق لفظ الصلاة على الفاقد للافتتاح، لأن الصلاة هنا أريد بها الصلاة بلحاظ الوظيفة لا الصلاة بلحاظ المسمى وإلا أصلاً بدون تكبيرة الإحرام ما يصدق عليها أنها هي صلاة والإمام يقول: <لمن لم يكبر يعيد الصلاة> يعني يعيد الصلاة التي وظيفته أن يأتي بها، فهنا أطلق لفظ الصلاة بلحاظ الوظيفة لا بلحاظ المسمى والقارينة على ذلك لفظت يعيد التي هي ناظرة إلى الوظيفة الشرعية العملية للمكلف.
وثانياً النقض بقوله ـ عليه السلام ـ : <لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب[11] ، وبقوله ـ عليه السلام ـ : <لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الصلاة>[12] .
وغير ذلك من الروايات الوار بلسان لا صلاة لمن لم يأتي بكذا.
فإن استظهرنا من هذه الروايات نفي المسمى يلزم أن يدخل في المسمى فاتحة الكتاب وأن يدخل في مسمى أن يقيم صلبة يعني أن يقوم بشكل معتدل لأنه ما يصدق على أنه قائم تدخل كلها.
وإن التزمنا أنها ليست داخلة في القوام فلنلتزم أيضاً بأن تكبيرة الإحرام ليست داخلة في القوام.
اتضح من الطوائف الستة أنها لا تدل على أن تكبيرة الإحرام داخلة في قوام مسمى الصلاة، وبالتالي اتضح أنه لم ينهض دليل على الأمر الإيجابي ولم ينهض دليل على الأمر السلبي، وهذا تحليل لكلام السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ الذي قال بأن أسماء موضوعة للأعم لا الصحيح.
واتضح أن الجهة السلبية والإيجابية لم ينهض دليل عليهما الإثبات الجامع للأعمي يبقى الكلام في جامع الصحيح.
أدلة القول بأن أسماء العبادات قد وضعت للصحيح أهمها أربعة يأتي عليها الكلام.