45/03/23
الموضوع:جلسة89.المقدمة-الصحيح والأعم- الجهة الرابعة تصوير ثمرة النزاع بين الصحيحي والأعمي
وقد ذكرت عدة ثمار نقتصر على بيان ثمرتين:
وتصوير هذه الثمرة يحتاج إلى بيان مقدمتين كلاهما لا يخلو من الإشكال، فتكون النتيجة النهائية عدم صحة هذه الثمرة[1] .
ومن الواضح أن مورد جريان البراءة الشرعية هو الشكّ في التكليف لا الشكّ في المكلف به.
ومن الواضح أنه في موارد دوران الوجوب بين الأقل والأكثر الارتباطيين كالتسبيحة والثلاث تسبيحات أو التسعة والعشرة هذا ينحل إلى ماذا؟ وجوب الأقل وهو التسعة أو التسبيحة وشكّ في وجوب الزائد وهي التسبيحتان أو الجزء العاشر فيكون من موارد الشك في أصل التكليف وأصل الجزئية فيكون مجرى للبراءة الشرعية.
ومن الواضح أن الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ باليقيني فاشتغال الذمة بوجوب الصلاة يستدعي الاحتياط والإتيان بالأجزاء العشرة، واشتغال الذمة بالتسبيح يستدعي الاحتياط والإتيان بالتسبيحات الثلاث.
إذا كان الجامع تركيبياً كان مورداً لجريان أصالة البراءة، وإذا كان الجامع بسيطاً كان مورداً لجريان أصالة الاشتغال.
المقدمة الأولى مفادها إن القول بالأعم يستلزم القول بالجامع التركيبي، وإن القول بالصحيح يستلزم القول بأن الجامع بسيط.
المقدمة الثانية الجامع التركيبي مجرى لأصالة البراءة والجامع البسيط مجرى لأصالة الاشتغال.
بناءً على القول بالأعم يكون الجامع تركيبياً فيكون مجرى لأصالة البراءة، وبناءً على القول بالصحيح يكون الجامع بسيطاً، وبالتالي يكون مجرى لأصالة الاشتغال.
فتكون هذه الثمرة أنه بناءً على القول بالأعم تجري البراءة، وبناءً على القول بالصحيح تجري أصالة الاشتغال.
لكن كلتا مقدمتين محل إشكال.
كما تطرقنا أيضاً إلى أن الجامع البسيط لو تعقلناه وقلنا بإمكانه بناءً على القول بالصحيح فأيضاً يمكن تصوره وتعقله بناءً على القول بالأعم إذ نبدل القضية من قضية تنجيزية إلى قضية مهملة.
وهذا تقدم في السنة الماضية هذا أول درس من السنة الجديدة تتمة لأبحاث السنة الماضية.
فقد ناقش فيها المحقق الخراساني صاحب الكفاية[3] يراجع حقائق الأصول.
ومفاد كلامه ـ قدس الله نفسه الزكية ـ هو أن البراءة تجري على كلا التقديرين سواء كان الجامع تركيبياً وسواء كان الجامع بسيطاً، فإذا كان الجامع تركيبياً فالمسألة واضحة إذ يدور الأمر إذا كان الجامع تركيبياً بين الأقل والأكثر الارتباطيين ويؤول مرجعه إلى علم بالقدر المتيقن وهو الأقل وشكّ في الأكثر وهو الزائد، وهذا من موارد الشكّ في أصل التكليف بالزائد والجزء فيكون مجرى للبراءة الشرعية وهذا واضح لا غبار عليه.
إنما الكلام في جريان البراءة الشرعية بناءً على كون الجامع بسيطاً، فقال صاحب الكفاية[4] ـ رحمه الله ـ ما ملخصه: إن الجامع البسيط على نحوين:
جامع القتل وجامع الموت موجودٌ هذا الجامع القتل والموت مغايرٌ لوجود الضرب، فالقتل والموت فرع الضرب إذ لو لم يضرب لما مات، فجامع القتل وجامع الموت بسيط وهو في طول الضرب وليس نفس الضرب فالجامع طولي مغاير لنفس الأجزاء فجامع القتل والموت لنفس الضرب ونفس هذه الأجزاء لكن القتل والموت فرع تحقق الضرب أي فرع وجود هذه الأجزاء.
هذا النحو الأول أن يكون الجامع بسيطاً ومغايراً للأجزاء بل هو في طول الأجزاء.
ومن الواضح أن الجامع الانتزاعي موجودٌ بوجود أصل وجود منشأ انتزاعي.
إذاً اتضح هذان النحوان جامع بسيط مغاير لنفس الأجزاء
وهو النحو الأول، جامع بسيط موجود هو عبارة عن نفس الأجزاء هذا النحو الثاني، إذا اتضح هذا يقول صاحب الكفاية: إن الجامع البسيط إن كان من النحو الأول وهو الجامع الطولي المغاير لنفسه الأجزاء فحينئذٍ يكون الشكّ في الجامع شكاً في المحصل.
يعني هل هذا الضرب يحصل الموت أو لا؟ هل هذا الضرب يحصل القتل أو لا؟ فيكون مورده من موارد الشكّ في المحصل.
ومن الواضح أن أصالة الاشتغال تجري في موارد الشكّ في المحصل، إذاً النحو الأول من الجامع البسيط مجرى للاشتغال.
وهو أن يكون الجامع موجوداً بنفس أجزائه فهذا يعني أن الجامع البسيط ينبسط على نفس وجود الأجزاء فهذا الجامع هو عين وجود الأجزاء، فيكون الشكّ شكاً في سعة دائرة هذا الوجود المنبسط وضيقه، فيؤول إلى أن الأجزاء مردده بين الأقل والأكثر، فنشكّ في أن هذا الجامع من النحو الثاني وهو الجامع البسيط الموجود بنفس وجود أجزائه هل يوجد في الإطار الواسع من الأجزاء أو يوجد في الإطار الضيق من الأجزاء؟ فيرجع إلى دوران الأمر بين الأقل والأكثر لأن الجامع مردد بين الوسيع والضيق، فيكون من موارد الشكّ في أصل الوجوب لا المحصل فيكون مجرى لأصالة البراءة.
وبالتالي اتضح أنه يمكن جريان البراءة الشرعية في الجامع البسيط فيما إذا كان الجامع البسيط من النحو الثاني.
فتكون النتيجة البراءة الشرعية جرت في التركيبي لدورانه بين الأقل والأكثر وجرت أيضاً في الجامع البسيط فيما إذا كان من النحو الثاني لدورانه بين الأقل والأكثر والسعة والضيق.
أن الجامع إذا كان تركيبياً فمن الواضح أنه من موارد جريان البراءة الشرعية لأنه من موارد جريان الأمر والوجوب بين الأقل والأكثر فيرجع إلى الشكّ في جزئية الجزء العاشر فيكون مجرى للبراءة، وأما إذا كان الجامع بسيطاً فقد ذكر صاحب الكفاية نحوين من أنحاء الجامع البسيطـ، وذكر الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ خمسة أنحاء للجامع البسيط.
تفصيل الكلام في الأنحاء الخمسة للجامع البسيط يأتي عليه الكلام.