45/03/29
موضوع: الدرس الثاني والعشرون: القسم الثالث في آدابه في درسه
الكلام في كتاب منية المريد في آداب المفيد والمستفيد، المرحوم الشهيد الثاني ـ رضوان الله عليه ـ ذكر مقدمة لهذا الكتاب، ثم ذكر الفصل الأول والثاني، الفصل الأول شواهد عقلية ونقلية على أهمية طلب العلم، ثم في الباب الثاني تطرق إلى آداب المعلم والمتعلم وقسمها إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول الآداب المشتركة بين المعلم والمتعلم.
النوع الثاني الآداب التي يختص بها المعلم.
هذا القسم الثاني الآداب التي يختص بها المعلم قسمت إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول آداب المعلم في نفسه.
القسم الثاني آداب المعلم مع طلبته.
القسم الثالث آداب المعلم في درسه، وهو بحث اليوم، وإذا انتهينا من بحث اليوم آداب المعلم في درسه وهي ثلاثون يأتي الكلام في النوع الثالث الآداب المختصة بالمتعلم.
إذا بحث اليوم في النوع الثالث آداب المعلم في درسه، ذكر الشهيد الثاني ثلاثين أدباً:
الأول أن لا يخرج إلى الدرس إلا وهو كامل الأهبة والاستعداد مادياً ومعنوياً، الاستعداد المادي يلبس أنظف الثياب يكون مهندم ومرتب لأن الطلاب ينظرون إليه وهو محل قدوتهم، ويفضل أن يلبس اللباس الأبيض، تصور الأستاذ يأتي ولابس لباس فيه خرائط خريطة العالم ينشغل ذهن الطالب بهذه الخريطة.
أن يكون متطيباً ومتعطراً، أن يغتسل ويلبس أنظف ثيابه، هكذا ينبغي أن يكون المعلم لأنه في موضع الأسوة والقدوة، لكن لا ينبغي أن يلبس اللباس الفاخر والباذخ، ولا ينبغي أن يلبس اللباس الممزق والمرقع الذي يظهره بصورة الضعيف والمسكين المستكين أمام طلبته.
رحمة الله على السيد الإمام الخميني كان يلبس الأقمشة الرخيصة لكن كانت مهندمة ومرتبة فلم يكن يلبس اللباس الفاخر لكن لم يكن يلبس اللباس الممزق والضعيف، وهذا أمر مهم جداً.
وهذا مرجعه إلى نكتة تكوينية وهي أن حواس الإنسان خمسة: الباصرة والسامعة والشامة والذائقة واللامسة، وهناك من يقول هناك حاسة سادسة وهي الحدس أكثر الناس تقريباً خمسة وسبعين في المئة من إدراكات الناس بما يبصرون، يتحدثون عما يرون، خمسة وسبعين في المئة من الحواس المدركة هي حاسة ماذا؟ البصر، عشرين في المئة السمع يعني السمع والبصر يشكل خمسة وتسعين في المئة، تبقى الخمسة في المئة الأخيرة إلى الحاسة الشامة والذائقة واللامسة.
الأستاذ المعلم الرئيس الزعيم المدير في موقع القدوة ينبغي أن يري الطلبة الأمر الحسن.
يا ابن الكرام ألا تدنوا فتبصر ما قد حدثوك فما راء كمن سمع
حدثهم عن الزهد يسمعون زهد يدخلون بيتك لا يرون الزهد يرون البذخ ما يؤمنون بك، حدثهم عن الغيبة ويسمعون منك الغيبة ما يؤمنون بكلامك، لكن إذا رأوا شخص مثلاً اغتاب أمامك وتغير وجهك ما تقبل هذا أقوى لبعضهم.
إذاً الأمر الأول أن لا يخرج إلى الدرس إلا كامل الأهبة والاستعداد وما يوجب له الهيبة والوقار في اللباس والهيئة والنظافة في الثوب والبدن، ويختار له البياض فإنه أفضل لبسٍ ولا يعتني بفاخر الثياب بل بما يوجب الوقار وإقبال القلوب عليه كما ورد النصّ به في أئمة المحافل من الأعياد والجمعات وغيرهما، أن يخرج باللباس الأبيض في صلاة العيد وفي صلاة الجمعة.
وقد اشتمل كتاب التجمل من كتاب الكافي للمرحوم ثقة الإسلام الكليني على الأخبار الصحيحة في هذا الباب بما لا مزيد عليه.
باب التجمل يقول الشهيد الثاني: وليقصد بذلك تعظيم العلم وتبجيل الشريعة وليتطيب ويسرح لحيته ويزيل كل ما يشينه.
كان بعض السلف إذا جاءه الناس لطلب الحديث يغتسل ويتطيب ويلبس ثياباً جدوداً ويضع رداءه على رأسه ثم يجلس على منصة ولا يزال يبخر بالعود حتى يفرغ، ويقول: أحب أن أعظم حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ .
رحمة الله على الشيخ عبد الحسن الطفل كان يصلي في جامع جد حفص، أنا كنت صغير لعله السابعة من عمري السادسة من عمره، ذهبت وسألتها فأحد كبار السن تعال يا ولدي ماذا سألت الشيخ؟
قلت له: سألته كذا.
قال: غلط غلط يا ولدي، إذا تجي إلى الشيخ تقبل إيدك وتضعها على جبهتك.
ثم تقول: شيخنا لك الفضل، إذا قال: الفضل لله فإنه قد أذن لك بالسؤال، ولتسأل.
قلنا نطبق عملية ذهبت إلى الشيخ في المحراب وقلبي يرجف من هيبته، أخذت يده الشريفة ولا أزال أتذكر العطر مال إيده قبلت يده ووضعتها على جبهتي لكن كان يضع عطراً جذاباً إلى الآن أنا أشم عطره.
قلت له: شيخنا لك الفاضل.
قال: الفضل لله.
قلت: نجحت العملية نجحت الخطة، سألته السؤال لكن أصبحت أتشوق أن أذهب لسؤاله رغبة في شم عطره.
قال رسول الله أبو القاسم محمد: <في كل شيءٍ إسراف إلا العطر والحذاء> العطر لا إسراف فيه حتى لو باهظ الثمن هذا مطلوب أن تأتي برائحة طيبة يرتاح لك الحاضرون، تأتي برائحة منتنة رائحة العرق على بعد ميل يشمونها ويهربون منك.
الحذاء الآن في الطب الصيني يقولون: أغلب الأمراض منشأها القدم لذلك التدليك وفقاً للطب الصيني أول ما يبدأ القدم خصوصاً كعب القدم في كل موضع من باطن القدم عرق يصل إلى الرأس إلى القلب إلى مختلف أجزاء البدن، لذلك الحذاء الطبي يريح بدن الإنسان أيضاً.
السيد الامام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ له مقولة مقتبسة من كلام النبي لكن في السياسة يقول: في كل شيء إسراف إلا الإعلام، يعني إذا تريد تأسس مؤسسة إعلامية لا تصير بخيل تصير ضعوف أصرف الإعلام مطلوب فيه البذل.
هذا تمام الكلام في الأمر الأول.
يعني ليس المطلوب الأستاذ أن يكون مستعد علمياً فقط أول ما بدأ به الشهيد الثاني أول شيء على أهبة الاستعداد ذكر اللباس والعطر حتى يجذبهم نحو الدين.
الثاني أن يدعو عند خروجه مريداً للدرس بالدعاء المروي عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل عليّ عزّ جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك، ثم يقول: بسم الله حسبي الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم ثبت جناني المراد بالجنان القلب وأدر الحق على لساني، ويديم ذكر الله تعالى إلى أن يصل المجلس.
أدعية كثيرة من أبرزها هذا الدعاء المعروف: اللهم أخرجني من ظلمات الوهم وأكرمني بنور الفهم، اللهم أنزل علي خزائن رحمتك إلى آخر الدعاء هذا دعاء مأثور قبل البدء بالدرس.
الأمر الثالث يسلم على من حضر إذا وصل إلى المجلس، ويصلي ركعتين تحية المسجد إن كان مسجداً.
رحمة الله على أستاذنا الميرزل جواد التبريزي كنا نحضر عنده في المسجد الأعظم، أين الشيخ وصل الشيخ ما صعد المنبر؟ أول ما يدخل مسجده الأعظم عند الباب المنبر في الأخير في المحراب أول ما يوصل يصلي ركعتين الطلبة ينظرون إليه يصلي ركعتين تحية المسجد بعد ما يفرغ من الصلاة يذهب يصعد المنبر.
رحمة الله على سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي السيد الخوئي يبدأ بالفاتحة قبل ما يبدأ بالدرس يقرأ سورة الفاتحة.
رحمة الله على أستاذنا آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي قبل ما يبدأ يبدأ بدعاء الفرج: اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلا.
الابتداء بمثل هذه الأمور سورة الفاتحة دعاء الفرج صلاة ركعتين هذا من موجب التوفيقات في الدرس.
جيد هذا إذا كان الدرس في مسجد يصلي ركعتين تحية المسجد، إن لم يكن في مسجد كما في هذه المدرسة، الشهيد الثاني يقول: يصلي ركعتين وينوي إحدى النيتين:
النية الأولى الشكر لله تعالى على توفيقه وتأهيله لذلك، تشكر الله أن وفقك أن تدرس وأهلك للتدريس.
النية الثانية أن يصلي ركعتين وينوي الحاجة إلى تسديده وتأييده وعصمته من الخطأ.
ولكن لم ترد روايات وأدلة تدل على استحباب صلاة ركعتين بإحدى هاتين النيتين أنه يستحب تصلي ركعتين بنية طلب التأييد والتسديد أو تصلي ركعتين بنية الشكر على التوفيق والتأهيل.
يقول الشهيد الثاني: وأما استحبابهما لذلك بخصوصه فلم يثبت وإن استحبه بعض العلماء. نعم، الصلاة خير موضوع الصلاة مستحبة على كل حال، الصلاة بصورة مطلقة مستحبة حتى لو لم تنوي هذه النية يكفي تصلي ركعتين هذا مستحب، هذه من النوافل المبتدأة إن شاء الله درستم في الشرائع شرائع الإسلام يذكر المحقق الحلي أن النوافل على ثلاثة أقسام:
القسم الأول نوافل راتبة، وهي نافلة صلاة الصبح والظهر الظهرين والعشائين ونافلة الليل التي تكون صلاة إحدى وخمسين نافلة الصبح ركعتان قبلها نافلة الظهر ثمان قبلها نافلة العصر ثمان قبلها نافلة المغرب أربع ركعات بعدها نافلة العشاء ركعتان من جلوس بعدها ونافلة صلاة الليل ثمان ثمان ركعات وركعتان الشفع وركعة الوتر إحدى عشر ركعة تجمعهم هي الصلوات اليومية تصير صلاة إحدى وخمسين التي هي من علامات المؤمن هذه نوافل راتبة يعني تترتب على الصلوات الواجبة اليومية.
القسم الثاني نوافل ذات سبب يعني لسبب من الأسباب تصليها مثل صلاة الحاجة، مثل صلاة الاستخارة، أنت تريد تستخير تصلي ركعتين لها كيفية خاصة فهذه نوافل ذات سبب.
وهناك نوافل مبتدأة القسم الثالث النوافل المبتدأة يعني ابتداءً تصلي قربة إلى الله تعالى، هذا الآن أنت يمكن أن تأتي بالنافلة المبتدأة، وتنوي شكر الله عزّ وجل على أن أهلك للتدريس أو تنوي أن الله عزّ وجل يسددك ويوفقك في تدريسك.
لذلك يقول بعض العلماء استحب هذه الصلاة ثم يدعو بعدهما بالتوفيق والإعانة والعصمة.
الأمر الرابع أن يجلس بسكينة ووقار وتواضع وخشوع وإطراق يعني بعظهم إذا يجلس يجلس متبختر نافخ صدره فيه الغرور وبعضهم إذا ترى وجهه وجلسته تذكر الله عزّ وجل لتواضعه لله عزّ وجل مطرق برأسه في خشوع.
ثانيا رجليه أحيانا يمد رجايله وجه طلابه مفروض يثني هاتين الرجلين، أو محتبياً غير متربع ولا مقعٍ.
ما المراد بالاحتباء؟
الاحتباء أن يجلس على إليتيه ويضم ساقيه وفخذيه إلى بطنه بيديه مثلاً هكذا الاحتباء، هذا الاحتباء.
محتبياً غير متربع، التربع الآن الجلسة المعهودة يضع على رجل هكذا هذا تربى، الآن بعض الخطباء إذا يجلسوا على المنبر يجلس جلسة التربع هذا في زمن الشهيد الثاني كان التربع غير مناسب ربما في هذا الزمن صار ماذا؟ مألوفاً
ولا مقعٍ من الإقعاء والإقعاء جلسة الكلب والذئب، ما هي كيفية إقعاء؟ قريبة من التجافي، شايفين التجافي في الصلاة؟ يعني أن يجلس بحيث يضع إليته على قدميه وهي في حالة الاستقامة يعني يخلي رؤوس الأصابع على الأرض فتكون القدم مرتفعة ويضع الإليتين على كعبي القدمين مثل صورة التجافي في الصلاة وبعد ويضع يديه إلى الأمام، الكلب هكذا يجلس، يدرسهم وهو في صورة الإقعاء هذا غير مناسب ولا غير ذلك من الجلسات المكروهة مع الاختيار إذا كان مختاراً أحياناً مضطر ما يقدر يجلس ما يقدر يجلس على الأرض، ما حيلة المضطر إلا ركوبها ولا يمد رجليه ولا إحداهما من غير عذر ولا يتكئ إلى جنبه ولا وراء ظهره ونحو ذلك كل ذلك في حالة الدرس أما في غيره فلا بأس لأن الطلب بمنزلة أولاده، طبعاً بمنزلة أولاده لكن ليس بالصورة التي يهتك حرمتهم يأخذ راحته ينبطح بعضهم هكذا يقول خذ راحتك أنا بعد بأخذ راحتي ينبطح ورافع رجول ومخلي رجول ما يناسب.
الخامس قيل يجلس مستقبل القبلة لأنه أشرف ولقوله ـ صلى الله عليه وآله ـ : خير المجالس ما استقبل بها، لكن الأفضل الأستاذ يستدبر القبلة، لماذا يستدبر القبلة؟ حتى الطلبة يستقبلون القبلة إذا هو استقبل القبلة الطلبة وهم أكثر سيستدبرون هذا يذكرنا بالوارد في الاستحباب عند الزيارة إذا بتزور قبر إما معصوم أو غير معصوم، يقولون: إذا الزور قبر المعصوم المستحب أن تستقبل القبلة أو تستدبر القبلة جاوبني؟
المستحب أن تستدبر القبلة، إذا تزور المعصوم، لماذا؟ لأن وجه المعصوم في مقابل القبلة، الميت يوضع قبره يوضع هكذا يوضع على يمينه في قبره مستقبل القبلة فأنت إذا تزور القبر من الخلف يعني مستقبل القبلة تصير في هذه الحالة أنت تزور ظهر المعصوم لكن إذا أنت مستدبر القبلة والقبر أمامك يعني في مقابلك وجه المعصوم.
لذلك يقولون: إذا تزور ـ رزقنا الله وإياكم زيارة الإمام الرضا وزيارة الإمام الحسين وأمير المؤمنين والأئمة والنبي ـ إذا تزور المعصوم المستحب أن تستدبر القبلة وتقابل قبر المعصوم فإنك في هذه الحالة تكون تقابل وجه المعصوم في قبره، وأما إذا لم يكن معصوماً فالمستحب هو أن تستقبل القبلة وتستقبل القبر، تستقبل القبلة هذا مستحب وتستقبل القبر أنت تستقبل ظهره ما تستقبل مقاديم بدنه.
هنا أيضاً الأستاذ والمدرس الأفضل أن يكون مستدبراً للقبلة لأنه إذا استدبر القبلة، مثلي الآن موضعي مستدبر القبلة أنتم تستقبلون القبلة.
قال الشهيد الثاني: ويمكن أن يقال باستحباب استدباره لها ليخص الطلبة بالاستقبال لأنهم أكثر وكذا من يجلس إليهم للاستماع إذا أنت الآن بتحدث ناس الأفضل تخلي المنبر في الحسينية مستدبر القبلة حتى المستمعة يستقبلون القبلة.
ومثله ورد في القاضي إلا أن لذلك مزية زائدة في ذلك القاضي هناك مزية أخرى لأن بالشهود والمترافعين راح يحلفون لما يحلفون بالله مقابلين القبلة، لذلك يقول: وهو كون الخصوم إلى القبلة تغليظاً عليهم في الحذر من الكلام الباطل وفي حال الحلف، ما يقول كلام باطل غير صحيح وما راح يحلف وهو مقابل القبلة، ولا نصّ هنا على الخصوص، لا يوجد نصّ على أنه بالنسبة عند القضاء مستحب أنه الشهود أو المترافعين يكونون ماذا مقابلين القبلة والقاضي يكون مستدبراً للقبلة.
هذا تمام الكلام في الأمور الخمسة الأول من آداب المعلم في درسه، الأمر السادس يأتي عليه الكلام.