الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأخلاق

44/07/24

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الحادي والعشرين: الثاني عشر أن يحرضهم على الاشتغال في كل وقت ويطالبهم في أوقات بإعادة محفوظاتهم

 

كان الكلام في آداب المعلم مع طلبته ذكر الشهيد الثاني في كتابه منية المريد في آداب المفيد والمستفيد عشرين أدباً وصلنا إلى الثاني عشر وهو يتكلم عن متابعة الأستاذ لطلاب ومراعاته لهم بحيث يعطيهم وظائف ويتابع، بعض الأساتذة يكتفي بالإلقاء ويمشي ولا يسأل، والطالب الكسول أيضاً يريد أستاذ لا يسأله ولا يعطيه وظيفة، الأستاذ الناجح والمتميز هو الذي يهتم بطلابه يعطيهم وظائف يحثهم على الجدّ والاجتهاد، يعلمهم كيف يحفظون المسائل، ويسألهم عن المسائل المهمة والمباحث المهمة التي ذكرها لهم.

<فمن وجده حافظاً مراعياً أكرمه وأثنى عليه وأشاع ذلك بين الطلاب إلا إذا خاف فساد النفوس> إما فساد نفس الذي أشار إليه فإنه يبتلى بالعجب والفخر وهذا إفساد له والآخرين قد يبتلون بالحسد حينما يميزه بينهم.

إذاً الأستاذ لا بدّ أن يتابع طلابه يمجد المجد وأما من وجده مقصراً عنفه في الخلوة بينه وبين نفسه لا بين الطلاب إلا إذا رأى مصلحة عامة في أن يشير إلى هذه النقاط أمام الجميع.

الخلاصة:

الأستاذ الطبيب والطبيب يضع الدواء يحتاج إلى هذا الدواء وينفع.

 

الثالث عشر

<أن يطرح على أصحابه ما يراه من مستفاد المسائل الدقيقة والنكت الغريبة>.

يختبر أفهامهم يعني هل هذا عنده قدرة على التفريع أو لا؟ عنده قدرة على التفكير أو لا؟ حفظ المسألة شيء والتفريع في المسألة شيء آخر.

كان يقول المرحوم آية الله السيد حجة الكوهكمري كما ينقل الشهيد مطهري في كتابه التربية والتعليم في الإسلام يقول السيد حجة الكوهكمري باني المدرسة الحجيتية: المجتهد الواقعي هو الذي إذا طرحت عليه مسألة لم يتطرق إليها ولم يسمع بها من قابل استطاع فوراً تطبيق الفروع على الأصول واستنباط.

وأما هؤلاء الموجودون فأكثرهم مقلدة المجتهدين يذهبون وينظرون في المسائل ثم يرجحون قول من الأقوال.

الطالب النبيه والطالب الذكي الذي عنده قدرة على التفريع وقدرة على التفكير لذلك أحياناً الأستاذ يختبر طلابه يطرح عليهم مسألة يشوف هذا الطالب عنده قدرة على التفريع أو لا؟ عنده قدرة على التفكير أو لا؟ النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ أيضاً كذلك.

يوم من الأيام كما يقول ابن عمر عبد الله بن عمر بن الخطاب يقول إن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: <إن من الشجر شجرةً لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم حدثوني ما هي؟

يقول ابن عمر: فوقع الناس في شجر البوادي ووقع في نفسه أنها النخلة، فاستحييت.

ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟

قال: هي النخلة.

فقال له أبوه يعني عمر بن الخطاب، قال لـ عبد الله بن عمر: لو قلتها لكان أحب إلي من كذا وكذا> يعني يريد يرى ابنه متفوق أمام النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ .

النخلة مثل المؤمن لماذا؟ النخلة كل ما فيها ينفع الرطب، الخلال، الطلع، الكرب، الخوص، كل شي في النخلة ينفع حتى إذا أزيلت النخلة تأكل الجذب مالها، المؤمن هكذا مثل النخلة كل ما فيه ينفع.

لذلك الأستاذ إذا فرغ من طرح المسائل في هذه الحالة يسألهم مثلاً ما هي الفائدة المترتبة على هذا الدرس؟ ما هي الفروع التي على هذه المسائل؟

طبعاً ينبغي للأستاذ أن يجمع طلابه لأن هناك فوائد تحصل عند الاجتماع ما تحصل عند انفراد.

الرابع عشر

<أن ينصفهم في البحث>.

بعض الأساتذة مهما قلت أنت خطأ، يكسر التلميذ، أتذكر لما كنا في الثانوية درسنا أستاذ كمبيوتر إذا سأل سؤال، مهما أتيت من إجابة خطأ هذا يكسر نفسيات الطلبة يعني دائماً الأستاذ متفوق على التلميذ ربما التلميذ يتفوق على الأستاذ.

يقول الشيخ محمد الجواهري ـ رحمه الله ـ يقول:

درست الشهيد الصدر السيد محمد باقر الصدر، وكان تدريسي للمكاسب يأتي الشهيد الصدر ويلقي عليّ الدرس وأنا أشكل عليه في المواطن الصعبة ويجيب.

يقول: وكنت استفيد منه أكثر مما كان يستفيد منه، كان يفتح ذهني على مسائل مو دائماً الأستاذ أفضل من التلميذ قد يكون التلميذ أفضل من الأستاذ لكن الأستاذ وصل إلى هذه المرحلة التلميذ يصل إليها.

لذلك ينبغي للأستاذ أن يكون منصفاً لتلاميذه فإذا التلميذ جاء بمطلبٍ حقّ وجاء بفكرة صحيحة ينبغي أن يشجعه وأن ينصفه ولا ينبغي أن يحسده هذا مشكل أحياناً الأستاذ أيضاً يحسد تلميذه.

أحد الفضلاء في حوزت قم يقول: كنت أدرس وأستاذي أيضاً يدرس في نفس المكان فمر أستاذي ورأى حلقتي كبيرة وهو ما عنده أحد يحضر واحد اثنين.

يقول: ومرّ عليّ في أثناء الدرس فنظر إلي نظرة فانخمد صوتي لم أستطع أن أتكلم، ضربني عين.

يقول: ذهبت إلى المستشفى.

قالوا: الأوتار مال الأحبال الصوتية كلها متقطعة.

يقول: جدتي تعرف هذه الأمور المتعلقة بالعين ذكرت أذكار وأوراد وزيت الزيتون ها مساج يقول رجع لي صوتي، اعرفه يعني مو..

في الرواية أن من العين النبي يقول: <إن من العين ما يدخل العجل القدر والرجل القبر> لذلك لا تتحدث بنعمك أمام الآخرين يحسدونك ويضربونك عيون التفت إلى نفسك جيداً إذا الله ميزك بنعمة ذكاء، جدّ، منصب، مال إلى آخره لا توغر صدور الآخرين أنت الله أنعم عليك غيرك محروم من هذه النعمة لا توقر صدور الآخرين.

أحياناً الأستاذ يحسد أحد طلابه طبعاً هذه موارد نادرة وقليلة عادة يكون الحسد بين الأقران أو بين ولكن أحياناً مثلاً يقول المفروض ولدي أفضل منه.

يقول الشهيد الثاني: كل من قدم ولده على تلميذه ما توفق ولده حسب التجربة، وكل من قدم طلابه ورعاهم على أولاده الله وفقه في أولاده أيضاً، إخلاص النية لله عزّ وجل.

يقول هكذا الشهيد الثاني:

<وما رأينا ولا سمعنا بأحد من المشايخ اهتم بتفضيل ولده على غيره من الطلبة وأفلح بل الأمر بيد الله والعلم فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم>.

الخامس عشر

<أن لا يظهر للطلبة تفضيل بعضهم على بعض عنده في مودة أو اعتناء مع تساويهم في الصفات من سن أو فضيلة أو ديانة فإن ذلك ربما يوحش الصدر وينفر القلب>.

بعض الطلبة بعض الأساتذة وبعض الآباء يميز بين أولاده حتى لو الولد في ميزة لا تظهره أمام الآخرين، ولنا في أخوة يوسف سلوى، إذ قالوا يوسف أحب إلى أبينا منا هذا يسبب الحسد يسبب البغضاء يسبب الضغينة، شوفوا الأستاذ يهتم بطالب طالبين والباقي وجودهم كالعدم حتى الكاف زائدة، يوغر صدورهم.

نعم، أحيانا إكرام الطالب لجده أو لأخلاقه ربما يكون نموذج بارز يحتذى به بين الطلاب، ولكن في أكثر الموارد يوغر الصدر لذلك لا ينبغي للأستاذ أن يميز بين طلابه، طبعاً ينبغي أن يشخص المتميز يرعاه رعاية خاصة لكن من دون أن يظهره للآخرين.

السادس عشر

<أن يقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأسبق فالأسبق>.

هذا مثل المعلم الكتاتيب يجون مجموعة وكل واحد لازم يدرسه لوحده فمن سبق لبق، السابقون السابقون أولئك المقربون، لا أنه يجون يتجمعون يقدم واحد على الثاني هذا أيضاً يوغر الصدر.

<وإذا اجتمعوا يقوم بالتقسيم>.

عنده مصطلح يسمونه التقسيم، أن يبدأ في كل يوم بدرس واحدٍ منهم، أحياناً الأستاذ إذا درس أول درس يدرسه يكون في نشاط آخر درس يدرسه يكون متعب، فإذا دائماً يبدأ الدرس بشخص جاء في البداية والنهاية، ودائماً يختم الدرس بشخص عند التعب يكون ظلمٌ وتفضيل لمن بدأ به الدرس، إلا إذا علم من نفسه أن مستواه في التدريس واحد أول درس يبدأ به وآخر درس يبدأ به في نشاط واحد هنا لا مشكلة.

لذلك ينبغي أن ينصف السابقون السابقون أولئك المقربون حتى يشجعهم على السبق إلى الدرس أول واحد يأتي بعد يحتفظ بنوبته، الثاني النوبة الثانية، والثالث النوبة الثالثة، وهكذا لذلك ينبغي أن لا يقدم أحداً في نوبة غيره ولا يؤخره عن نوبته إلا إذا وجدت مصلحة من المصالح التي تفيد الجميع في هذه الحالة لا بأس.

إذا جاؤوا جميعاً مرة واحدة وتنازلوا، أنا الأسبق يقرع بينهم <القرعة لكل أمر مشكل> يكتب أساميهم قصاصة ورق ويشيل ورقة الذ يطلع اسمه وهكذا <القرعة لكل مشكل>.

السابع عشر

<إذا سلك الطالب في التحصيل فوق ما يقتضيه حاله أو تحمله طاقته وخاف ضجره أوصاه بالرفق بنفسه، وذكره بقول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إن المنبتة لا أرضاً انقطع ولا ظهراً أبقى>.

فمن هو المنبت؟

المنبت هو المسافر الذي قطع سفره لعطب دابته، هذا مسافر يريد يوصل بسرعة، يضرب الحمار، يضرب الناقة والحصان، أسرع الحصان انكسرت رجله، هذا المنبت يعني من انقطع في السفر لعطب دابته.

<لا طريقاً قطع> بعد ما وصل الطريق ضل في منتصف الطريق أو في بداية الطريق.

<ولا ظهراً أبقى> ولا ظهراً الظهر كناية عن الدابة يعني ولم يبق هذه الناقة لغيره لكي يركبها ويقطع الجادة ويقطع الطريق.

كذلك الذي يستعجل في التحصيل العلمي أنت تتحمل في اليوم مادة مادتين ثلاث بالكثير أربع تدرس عشر مواد ما شاء الله أنت سوبر مان، عشر مواد في اليوم هذا مخه يضرب مثل ماكينة السيارة تخلط المكينة النفط تخلط البنزين بالآلة تنكسر المكينة، هذا نفس الشيء يسرع بالدابة تنكسر رجلها.

تأتي آفة في عينها فالنبي يقول: <إن المنبت> يعني من انقطع طريقه لعطب دآبته <لا طريقاً قطع> يعني ما واصل السفر ماله <ولا ظهرنا أبقى> يعني لم يبق هذه الدابة لغيره ولا ظهرنا أبقى يعني كناية عن عدم الاستفادة من الدابة.

كذلك طالب العلم لذلك الأستاذ كالطبيب إذا جاء طالب العلم يريد يدرس كتاب فوق مستواه مثلاً توه جاي الحوزة العلمية يريد يدرس عرفان، عرفان نظري وعرفان عملي وفي مصطلحات تحتاج إلى مقدمات فلسفية والفلسفة تحتاج إلى مقدمات منطقية، أنت لابدّ تتدرج أولاً تدرس المنطق ثم تدرس الفلسفة ثم تدرس العرفان ويريد يقطع الطريق.

لذلك الأستاذ ينبغي أن يلفت انتباهه أنت الآن هذا العلم يضرك ولا ينفعك ينبغي أن تتدرج، لذلك إذا ظهر من الطالب نوع سآمة أو ضجر أمره بالراحة يقول له: أنت سافر غير جو ارجع إلى بلدك روح شوف أهلك لأن أنت من تسافر تنقطع أنت كنت في بلدك عواطفك أنت مع أبيك وأمك وأختك وأخيك الآن جئت إلى الغربة انقطعت كل هذه العواطف ارجع ارجع إنسان طبيعي فطري وإن شاء الله بعد ذلك لما تغير جو أو اذهب إلى بستان غير جو.

إذا استشاره طالب أن يدرس الكتاب الفلاني والأستاذ لا يعرف ذهنية هذا الطالب هنا لا ينبغي للأستاذ أن يشير على الطالب بل ينبغي أن يسأل عن ذهنية الطالب.

أولاً يفهم ذهنية الطالب بعد ذلك يعطيه الجواب، إذا الوقت لم يسعفه ما عنده طريق لمعرفة ذهنية الطالب في هذه الحالة يعطي كتاب هذا الكتاب الكل يفهمه سهل الميراس يمكن أن هذا الطالب أن يهضم هذا الكتاب.

والطالب لا ينبغي أن يشتغل بأكثر من فنين وعلمين أو أكثر إذا لم يضبطهما أولاً اضبط الذي عندك، كان الشيخ بهجت ـ رحمه الله ـ يجون يسألونه اعطنا ورداً، قال أنت عملت بالورد السابق أو لا؟ أنت أولاً واجباتك أديتها أو لا؟ أدي واجباتك الصلوات والصيام والحج والخمس والزكاة بعد ذلك انتقل إلى الأوراد.

كذلك طالب العلم إذا استنصح الأستاذ، الأستاذ ينبغي أن يتدرج معه لا ينقله إلى فنّ إلا إذا هضم الفن الذي هو يدرسه والعلم أو العلمين أو الثلاثة التي يدرسها، إذا رآه ما أفلح في هذا العلم ينقله إلى علم آخر ربما يفلح فيه.

بعض الطلبة ربما يفلح في المنقول ولا يفلح في المعقول، وبعض الطلبة بالعكس ربما يفلح في المعقول ولا يفلح في المنقول.

عموماً واجب الأستاذ النصح، ولكي ينصح الطالب نصيحة جيدة لابدّ من معرفة ذهنية الطالب.

التاسع عشر والعشرون هذا مهم جداً.

التاسع عشر

<وهو من المهم أن لا يتأذى ممن يقرأ عليه إذا قرأ على غيره أيضاً لمصلحة راجعة إلى المتعلم>.

بعض الأساتذة يريد يصير الأستاذ الحصري ما يقبل طلابه يدرسون عتد غيره ويتأذى إذا درسوا عند غيره وهذا علامة عدم إخلاصه لله عزّ وجل كما يقول الشهيد مطهري: كثير من الناس يحب أن يخدم الإسلام بشرط أن يكون هو حجة الإسلام، أما إذا لم يكن هو حجة الإسلام فعلى الإسلام السلام.

لذلك بعض الأساتذة يحب أن الطالب يدرس عنده فقط، يدرس عند غيره ما يقبل.

الأستاذ الجيد إذا وجد أستاذ أجود منه ويدرس نفس المادة يحولهم عليه، احنا الآن ما نقول هذه المرتبة الراقية لا أقل يسمح له أن يدرس عند غيره، بل الأستاذ إذا وجد من طلابه الكفاءة وأنه لا يستطيع أن يلبي حاجتهم أرشدهم إلى غيره.

 

يقول الشهيد الثاني:

اتفق لي هذا مع أستاذ لي بعض مشايخي في مصر أحسن الله جزاه، يقول: أشار لي أن ادرس عند غيره.

الله يرحمه المرجع الكبير السيد محسن الحكيم أواخر أيامه كان كثير المرض يعطل كثيراً، فقال لطلابه: ادرسوا عند غيري.

قالوا: لا نتركك ما نترك ندرس عندك.

قال: دعوة عنكم هذا الكلام هذا علم اذهبوا وادرسوا عند السيد أبو القاسم الخوئي ستستفيدون منه إن شاء الله تعالى.

إذاً إذا المعلم الآخر أفضل أو يمكن أن يعلم الطالب فينبغي للأستاذ أن يشير إليه لكن إذا المعلم الآخر فاسق ليس لديه ورع أو ليس عالماً عنده اشتباهات عنده بدع كثير الغلط في هذه الحالة ينبغي على الأستاذ أن يرشد تلميذه بأسلوب حسن خصوصاً إذا كان الأستاذ الآخر عنده ملكة ردية ربما تنتقل إلى هذا الطالب فلا بدّ من تحذير هذا الطالب من الاغترار من الأستاذ الآخر، قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾.

الأدب العشرون والأخير

من آداب الأستاذ والمعلم مع طلبته في مجلس الدرس

<إذا تكمل الطالب وتأهل للاستقلال بالتعليم واستغنى عن التعلم، فينبغي أن يقوم المعلم بنظام أمره في ذلك، ويمدحه في المحافل، ويأمر الناس بالاشتغال عليه والأخذ منه فإن الجاهل بحاله قد لا يأنس ولا يطمئن به وإن تصدى للتعليم>.

هذا سبك المرجعية الدينية تجري عليه مثلا السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ السيد أبو القاسم الخوئي في أواخر أيامه جعل السيد علي السيستاني يصلي مكانه ويدرس في مجلس درسه ووزع شهرية باسمه، هذا إشارة إليه.

أحياناً الطالب عنده نباهه وعنده علم لكن مطمور ما أحد له والأستاذ مشهور ولا يشير إليه، ينبغي أن يشير.

لذلك هذا ديدن العلماء والمراجع، مثلاً: يطلبون منه درس وهو لا يستطيع، يقول: اذهبوا وادرسوا عند تلميذي فلان فإني أرى فيه الأهلية بل أحياناً يأمره، يقول: أنت افتح بحث خارج.

السيد الخوئي قال للشهيد الصدر في مجلس الدرس يحرم عليك التقليد أنت مجتهد صاحب رأي.

فينبغي للأستاذ إذا وصل تلميذه مرحلة الأستاذية أن يشير إليه وأن يحث الطلبة بالالتفاف حوله.

أحياناً نفس الطالب ما يلتفت إلى حاله هو وصل إلى مرتبة ما ملتفت إلى نفسه، الأستاذ يلفته إلى هذه الحالة، يقول:

<ويأمر الناس بالاشتغال والأخذ عنه فإن الجاهل بحاله قد لا يأنس ولا يطمئن به، وإن تصدى للتعليم بدون إرشاد من هو معلوم الحال ولينبه على حاله مفصل ومقدار معلوماته وتقواه عدالته ونحو ذلك مما له مدخل في إقبال الناس على التعلم فإن ذلك سببٌ عظيم لانتظام العلم وصلاح الحال>.

طبعا بحيث لا يخلي عنده غرور أحد العلم الكبار معروفين كان لا يرى نفسه مجتهداً وهو فقيه متضلع كان لا يرى نفسه مجتهداً، يقول أحدهم فمشينا معه لزيارة الحسين من النجف إلى كربلاء.

في النجف كان يقول: أنا لست فقيهاً ولست عالماً.

يقول: طوال الطريق ثلاثة أيام نمشي لزيارة الحسين ثلاثة أيام.

يقول: في اليوم الثالث لما وصلنا كربلاء إلى نتيجة لا يوجد مجتهد غيره.

لاحظ كيف يعني من كان يرى أنه لا أنه ليس بمجتهد؟ وصل إلى نتيجة أنه هو فقط المجتهد والآخرون ليسوا بمجتهدين.

لذلك يقول:

<كما أنه لو رأى منه ميلاً إلى الاستبداد والتدريس ويعلم قصوره عن المرتبة واحتياجه إلى العلم ينبغي أن يقبح ذلك عنده ويشدد النكير عليه في الخلاء>.

يعني إذا وجدت تصدى للتدريس وهو ليس أهلاً ينبغي أن يذكر أن هذا العلم وهذا التدريس يحتاج إلى مقدمات أنت تفتقدها.

<فإن لم ينجح فليظهر ذلك على وجهه الصحيح المقصد حتى يرجع إلى الاشتغال ويتأهل للكمال، ومرجع الأمر كله إلى أن المعلم بالنسبة إلى المتعلم بمنزلة الطبيب فلابدّ له في كل وقت من تأمل العلة المحرجة إلى الإصلاح ومداواته على الوجه الذي تقتضيه العلة>.

 

يقول:

<وللذكي في تفصيل الحال ما لا يدخل تحت الضبط>.

يعني الأستاذ الذكي والنبيه قد يلتفت إلى ضوابط كثيرة وإلى موارد كثيرة غير العشرين مورد.

<فإن لكل مقام مقالاً صالحاً ولكل مرض دواءً ناجحاً، والله الموفق، يقول علي ـ عليه السلام ـ في وصف النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : <طبيب دوار بطبه قد احكم مراهمه وأحمى مياسمه>>.

<طبيب> يعني خبير، <دوار بطبه> يعني يمتلك زمام المبادرة ما ينتظر الناس تأتي له هو ويبادر الناس، <قد أحكم مراهمه> يعني عنده دواء ناجع وناجح، <وأحمى مياسمه> يعني الوصفات لا تحتاج إلى تجهيز.

الأستاذ والمبلغ الناجح والمثالي والنموذجي الذي توفر فيه هذه الأمور الأربعة:

أولاً خبير.

ثانياً يبادر.

ثالثاً عنده حل ناجح.

رابعاً عنده وصفات جاهزة.

هذا تمام الكلام في القسم الثاني أدب الأستاذ مع طلابه.

القسم الثالث في آدابه في درسه يأتي عليها الكلام