الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأخلاق

44/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الخامس عشر:الخامس أن لا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية

كان الكلام في القسم الأول وهي دراسة آداب المعلم في نفسه، أخذنا الأول أن لا يتصدى إلى التدريس حتى تكتمل أهليته والثاني أن لا يذل العلم ببذله لغير أهله، الثالث أن يكون عاملاً بعلمه، الرابع حسن الخلق والتواضع وتمام الرفق.

اليوم إن شاء الله نشرع في بيان الأمر الخامس أن لا يمتنع عن تعليم غير صحيح النية.

ربما الكثيرين في بداية دراستهم لا تكون نيتهم خالصة لوجه الله خصوصاً لشائبة الشهر والزعامة والرئاسة يقول كشاف الحقائق سيدنا ومولانا جعفر بن محمد الصادق ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ (آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حبّ الرئاسة) ومرتبة الصديقين ـ أعلى مرتبة ـ وآخر ما يخرج من القبل حبّ الرئاسة.

هناك مقولة مشهورة للمولى محمد صالح المازندراني ـ رحمه الله ـ يقول في مقام بيان طلبه للعلم (طلبته لغير الله فأبى إلا أن يكون لله) وقد ذكرنا قصة ملا صالح المازندراني الذي يقول (أنا حجت الله على الطلبة أولاً كنت فقيراً ثانياً كنت كثير النسيان ولا افهم شيئاً ثالثاً كنت كبير السن ـ وقد تعلم القراءة والكتابة بعد الثلاثين من عمره ـ ) وقد عانى أبوه الفقر فقال لأولاده: يا أولادي أخرجوا واعملوا واعيلوا أنفسكم بأنفسكم.

فخرج فوجد مدرسة، قال ما هذه؟

قالوا: مدرسة ومن يدرس نعطيه فلوس وأموال.

فقال جيد أدرس وأخذ الأموال.

فهو طلب العلم من أجل المال ولكنه أخلص للعلم، قال: ما دام أعطوني المال في مقابل الدراسة إذاً لا بدّ من الجدّ في الدراسة فأخذ يذاكر دروسه بجدّ كان غرفته ليس فيها سراج والسراج يحتاج إلى زيت وفي ذلك الزمن لم يكن السراج متوفر إلا في الحمامات العامة الحمامات العمومية في المدرسة فكان يسهر الليل في الحمام في الكنيف يذاكر دروسه إلى أن جدّ واجتهد فارتفع سقفه العلمي فأعطوه أموال أكثر فاستطاع أن يحصل على السراج إلى أن درس أصبح آية الله وأتزوج بنت العلامة المجلس صاحب البحار الشيخ محمد باقر المجلسي.

الآن تعليقة الملا صالح المازندراني من أشهر التعليقات على أصول الكافي لثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني فقيه وعارف وفيلسوف.

يقول: (طلبته لغير الله فأبى إلا أن يكون لله).

لذلك من آداب المعلم أن لا يمتنع عن تعليم غير حسن النية فربما عسر على كثير من المبتدئين في الاشتغال تصحيح النية لضعف نفوسهم وانحطاطتها عن إدراك السعادة الآجلة وقلة أنسهم بموجبات ومقتضيات تصحيح النية فالامتناع من تعليمهم يؤدي إلى تفويت كثير من العلم مع أنه يرجى ببركة العلم تصحيحها إذا أنس المتعلم بالعلم.

ففي الرواية عن أمير المؤمنين ـ عليه أفضل صلوات المصلين ـ (أنه قال من بعده الأقرب قربه الأبعد) إذا أنت القريب له تبعده البعيد عنه يقربه يا أخي اشتغل عليه قبل ما يشتغل عليه غيرك صح هو غير حسن النية طلب الدراسة للرئاسة طلب الدراسة للشهرة طلب الدراسة لحبّ الظهور طلب الدراسة للمال أو لغاية في نفس يعقوب ولكن هذه النية قابلة للتغير هو الأسد تروضه ما تروض هذا الآدمي.

قال بعضهم (طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله) معناه صارت عاقبة العلم أن صار العلم لله.

وعن الحسن (لقد طلب أقوام العلم ما أرادوا به الله ولا ما عنده فما زال بهم العلم حتى أرادوا به الله وما عنده) يعني إذا تتذوق حقيقة العلم تستقيم على الجادة هو خلي يأنس بس إذا أنس بالعلم ولذة العلم وفهم العلم وأدرك العلم الحقيقي والواقعي ستحسن نيته بشكل تلقائي.

لكن يجب على المعلم إذا شعر من المتعلم فساد النية أن يستدرجه بالموعظة الحسنة ينبهه على خطر العلم الذي لا يراد به الله، يتلوا عليه الأخبار الواردة في سوء النية وعدم إرادة العلم لوجه الله حتى يقوده إلى القصد الصحيح، إن لم ينجح ويأس منه يتركه ويمنعه من التعلم فإن التعلم لا يزيده إلا شراً.

قال علي ـ عليه السلام ـ (لا تعلقوا الجواهر في أعناق الخنازير) وعن الصادق ـ عليه السلام ـ (قام عيسى بن مريم ـ عليهما السلام ـ خطيباً في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم)

يقال إن أحد المراجع في النجف الأشرف درس عنده طالب وأعطاه إجازة اجتهاد وصل إلى مرتبة الفقاهة والاجتهاد، فلما مرض هذا المرجع وسافر للعلاج إلى لندن زاره في المستشفى ذلك الطالب الذي أعطاه إجازة اجتهاد واتضح له أنه ضابط استخبارات بريطاني وقال للمرجع (هلو مستر فلان).

يقال إن هذا المرجع قد انصدم وهذه الصدمة عجلت بخروج روحه من الدنيا وموته.

إذاً أحياناً سوء النية وسوء القصد يصل إلى مرحلة عميقة مثل أن يكون جاسوس هذا كيف تتعب عليه؟! وأحياناً قابلة للإصلاح.

لقد أحسن القائل ومن منح الجهال علماً أضاعه ومن منح المستوجبين فقد ظلم، وفصل آخرون فقالوا: إن كان فساد نيته من جهة الكبر والمراء يعني يريد يتكبر ويجادل المراء يعني الجدل ونحوهما العجب فالأمر كذلك يعني يمنعه وإن كان من جهة حبّ الرئاسة الدنيوية فينبغي مع اليأس من إصلاحه أن لا يمنعه لعدم ثوران المفدسة وتعديها ولأنه لا يكاد يخلص من هذه الرذيلة حبّ الرئاسة أحدٌ في البداية فإذا وصل إلى أصل العلم عرف إن العلم إنما يطلب للسعادة الأبدية بالذات والرئاسة تحصل بالتبع وبالعرض.

والرئاسة لازمه لطلب العلم قصد أم لم يقصد!! حبيت تصير رئيس لو ما حبيت تصير رئيس العلم يخليك تصير رئيس.

فأولاً وبالذات تطلب العلم لا الرئاسة وستحصل الرئاسة بالتبع.

والخلاصة تارة نحرز حسن النية في هذه الحالة يحسن التعليم تارة لا نحرز حسن النية هنا عدم إحراز حسن النية له شقان:

الشق الأول أن نحرز خبث النية كما لو كان جاسوساً أو مدسوساً مستشرق يأتي ليدرس الإسلام ويريد يحطم الإسلام هنا يحرم تدريسه وتارة لا نحرز خبث نيته وفساد نيته أو نحرز ولكن يرجى زوال ذلك ويرجى إصلاحه فحينئذٍ الإصلاح راجح.

هذا تمام الكلام في الأمر الخامس أن لا يمتنع من تعليم أحدٍ لسوء نيته.

الأمر السادس بذل العلم عند وجود المستحق وعدم البخل به، قال الله تعالى فإن الله عزّ وجل أخذ على العلماء من العهود والمواثيق ما أخذه على الأنبياء ليبيننه للناس ولا يكتمونه.

قال تعالى (ولا تصعر خدك للناس) قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ (ليكن الناس عندك في العلم سواء).

عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ الإمام الباقر قال (زكاة العلم أن تعلمه عباد الله).

عن أبي عبد الله الصادق ـ عليه السلام ـ قال (قرأت في كتاب علي ـ عليه السلام ـ إن الله لم يأخذ على الجهال عهداً بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهداً ببذل العلم للجهال لأن العلم كان قبل الجهل) هذا تمام الكلام في الأمر السادس أن تبذل العلم عند وجود مستحق.

الأمر السابع أن يحترز لمخالفة أفعاله لأقواله وإن كانت على الوجه الشرعي.

أحياناً له مسوغ شرعي في مخالفة ما يقوله ولكن لا ينبغي أن يخالف ما يقوله كأن يحرم شيئاً ويفعله أو يوجب شيئاً ويتركه أو يندب إلى فعل شيء ولا يفعله وإن كان ذلك مطابقاً للشرع لأن الأحكام الشرعية تختلف باختلاف الأشخاص والموضوعات.

كما لو أمر بتشيع الجنائز وباقي أحكامهم وأمر بالصيام وقضاء حوائج المؤمنين وأفعال البرّ وزيارة قبور الأنبياء والأئمة ولم يفعل ذلك لاشتغاله بما هو أهم كالتحصيل العلمي لأن تحصيل العلم أهم وأفضل هنا مع خوف التباس الأمر على الناس ينبغي أن يشارك في تشيع الجنائز وقضاء الحوائج حتى لا تكون سيرته مخالفة لقوله ولفظه.

يعني ينبغي أن يدفع عن نفسه الشبهة في الرواية (من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومن إلا نفسه) في يوم من الأيام رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ (كان واقفاً مع عمته صفية فمرّ أحد المسلمين فقال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إنها عمتي حتى لا يسيء به الظن) طبعاً ذاك المسلم ينبغي حمل عمل المسلم على الصحة فضلاً عن عمل النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ولكن ينبغي يقولون (رحم الله من جب الغيبة عن نفسه).

اتفق للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ حينما رأها بعض أصحابه ليلاً يمشي مع بعض نساءه إلى منزلها فخاف أن يتوهم ذلك الرجل أنها ليست زوجته فقال (إن هذه زجتي فلانه) ونبهه على العلة لخوفه عليه من تلبيس إبليس عليه وإن كان واجب على السامع أن يحمل عمل النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ على الصحة ويترك الاعتراض خصوصاً مع احتمال وجود مسوغ شرعي.

هذه قاعدة فقهية (حمل عمل المسلم على الصحة)، والله فلان يجري معاملة هل هذا البيع صحيح أو باطل؟! تحمل عمل المسلم، فلان أجرى عقد النكاح هل الصيغة صحيحة أو باطلة؟! تحمل عمل المسلم على الصحة، فلان استأجر بيت أو سيارة هل عقد الإيجار صحيح أم باطل؟! تحمل عمل المسلم على الصحة، هذه قاعدة إذا وجد احتمال الصحة تحمل عمل المسلم على الصحة.

وبالجملة والخلاصة مثال العالم والمتعلم في انتقاشه بأخلاقه وأفعاله مثل الفص والشمع، أنت تارة تنقش على الفص كفص الخاتم والأحجار الكريمة والحجر وتارة تنقش على الشمع أو على التراب تأتي الرياح وتزيل النقش.

نقش العالم والمتعلم كحفر الكلمات في قلب الصخر لا كحفر الكلمات والحروف في قلب الشمع ولا ينبأك مثل خبير.

يقول: وقد شاهدنا هذا عياناً في جماعات من طلبة العلم مع مشايخهم على اختلاف أفعالهم وأخلاقهم ولا ينبأك مثل خبير، يعني ينبغي أن تكون الأخلاق حسنة وتكون بمقتضى الطبع ولا تكون كعابر سبيل.

الثامن والأخير إظهار الحقّ بحسب الطاقة من غير مجاملة لأحد من خلق الله تعالى.

كان الشيخ مرتضى الأنصاري إذا سألوه مسألة ويعرف يجيب بإخفات وإذا سألوه مسألة وهو لا يعرف ولا يعلم يجيب بصوت مرتفع لا اعلم.

يقال له شيخنا لماذا ترفع صوتك؟

يقول أريد أن أقهر النفس.

والعكس بالعكس الجاهل إذا يعرف الجواب يجاوب بصوت مرتفع وإذا يجهل الجواب يجيب بصوت خافت على استحياء، يا أخي يجب أن تظهر الحقّ لك أو عليك (ولا يجرمنكم شنأن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).

قال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ (إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله).

إذاً لا ينبغي للعالم أن يجامل ويداهن في إظهار الحقّ فإذا رأى من أحدٍ ميلاً عن الحق أو تقصيراً في الطاعة وعظة باللطف فإن لم يفد اللطف عليه بالعنف فإن لم يقبل لا باللطف ولا بالعنف هجره وتركه طبعاً إذا الهجران يؤدي إلى تراجع ذلك الشخص عن المنكر والمعصية فإن لم يفد الهجران توصل إلى هدايته ونهيه وردّه وزجره بمراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

يقول الشهيد الثاني صفحة 97 كتاب منيه المريد لاحظّ هذا الكلام مهم أقرأ نصّه:

وما جاءت الغفلة في الغالب واستيلاء الجهالة والتقصير عن معرفة الفرائض الدينية والقيام بالوظائف الشرعية والسنن الحنيفية وأداء الصلوات على وجهها إلا من تقصير العلماء عن إظهار الحقّ على وجه وإتعاب النفس في إصلاح الخلق وردّهم إلى سلوك سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

حكم على أحد العلماء بالإعدام.. أحد العلماء المجاهدين حكموا عليه بالإعدام وقبل أن ينفذوا عليه حكم الإعدام جاؤوا بعالم آخر، قال له:

أنت مقبل على الله وقبل أن تعدم قل: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

وإذا بالعالم الذي يراد إعدامه يصرخ ويقول: ويحك قتلنا من أجل لا إله إلا الله.. انتهكت أعراضنا من أجل لا إله إلا الله.. استبيح حريمنا.. أخذت أموالنا من أجل لا إله إلا الله.. وأنت تسترزق بهاتين الكلمتين.

هذا عالم وهذا عالم..

هذا عالم سوء من وعاظ السلاطين يسترزق بكلمة الشهادتين.. ذاك عالم خير ومجاهد في سبيل الله، ولذلك يقول الشهيد الثاني: علماء السوء والجهالة لا يكتفون بعدم التعليم بل يبررون للظالم، يقول:

بل لا يكتفي علماء السوء بالتقصير عن ذلك حتى يمالئوهم على الباطل ويؤانسوهم فتزيد رغبة الجاهل وانهماك الفاسق ويقل وقار العالم ويذهب ريح العلم ولقد قال بعض العلماء ونعم ما قال:

إن كل قاعد في بيته أينما كان فليس خالياً عن المنكر من حيث التقاعد عن إرشاد الناس وتعليمهم معالم الدين وحملهم على المعروف سيما العلماء فإن أكثر الناس جاهلون بالشرع في الواجبات العينية كالصلاة وشرائطها سيما في القرى والبوادي.

فيجب كفاية أن يكون في كل بلدٍ وقرية واحدٌ يعلم الناس دينهم باذلاً نفسه للإرشاد والتعليم باللطف متوصلاً إليه بالرفق وكل ما يكون وسيلة إلى قبولهم.

وأهمه قطّ طمعه عنهم وعن أموالهم.

الناس إذا رأوا هذا العالم طماع وراء مصالحه وفلوسه يعرضون عنه وعن دينه وعن علمه، يقول:

فإن علموا منه الرغبة في شيء من ذلك الطمع يعني زهدوا فيه وفي علمه واضمحل أمرهم بسبب ذلك.

وأما إذا قصد وجه الله تعالى وامتثال أمره وقع ذلك في قلوب الخاصة والعامة وانقادوا لأمره واستقاموا على نهج السداد.

وهذا كله إذا لم يكن عليه خطر ولا على أحد من المسلمين ضررٌ في ذلك وإلا فالله أحق بالعذر إذا كان عليه ضرر.

أولم تسمع بقصة الباذنجانه؟!! سمعت بها أم لا؟! إذا خذّ قصة الباذنجانة..

يروى أن ملكاً من الملوك قال ما أقبح الباذنجانة لونها أسود يذكرني بالعبيد ويسود الدنيا في وجهي، فقال العالم المرافق له: نعم سيدي إنها تذكرني بسواد الليل والأيام السوداء والذكريات السوداء.

فقال الملك ولكن طعم الباذنجان لذيذ، فقال العالم المرافق نعم إنه يذوب في الفم كما يذوب الشحم ما أطيب طعمه ورائحته.

فقال الملك ما لي أراك ذممت الباذنجان تارة ثم مدحته تارة أخرى.

فقال العالم المرافق أنا خادمك يا سيدي ولست خادم الباذنجان.

أحياناً يكون العالم هكذا يدور مدار المصلحة فتارة يمدح وتارة يذم في نفس الوقت إذاً يجب عليك أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر إلا إذا وجد ضرر عليك لظروف التقية.

لاحظ هذه الرواية الحلوة يا حلو .. هذه شاهد على أنه يجب عليك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا عند وجود خطر عليك على نفسك على دينك على مالك على عرضك.

روى عبد الله بن سليمان قال (سمعت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ يقول وعنده رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعمى وهو يقول:

إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار).

الحسن البصري هذا ينسب إليه مسلك العرفان والزهد والتصوف، كان معاصر للإمام الباقر والإمام الصادق ـ عليه السلام ـ .

فقال أبو جعفر ـ عليه السلام ـ الإمام الباقر (فهلك إذاً مؤمن آل فرعون) مؤمن آل فرعون من هو مؤمن آل فرعون؟ حبيب النجار إذا تقرأ سورة يس (وجاء من أقصى المدينة رجلٌ يسعى قال يا قومي اتبعوا المرسلين) هذا مؤمن آل فرعون كان يكتم إيمانه (وجاء رجل من أقصى المدينة يكتم إيمانه) يعني وإلا يقتلونه، هذا مؤمن آل فرعون يصدق عليه أنه يكتم العلم لكن كتمه لخطرٍ واضح الرواية أم لا؟!

يقول الإمام الباقر (ما زال العلم مكتوماً منذ أن بعث الله نوحاً فليذهب الحسن يميناً وشمالاً فوالله لا يوجد العلم إلا ها هنا) يعني كان الحسن البصري يعرض بالإمام الباقر أنه يكتم العلم والذين يكتمون العلم يتأذى أهل النار من ريح بطونهم يقول (فليذهب يميناً أو شمالاً فإنه لا يجد العلم إلا ها هنا) عند باقر العلوم الإمام محمد الباقر ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .

في بعض الروايات والسيرة يقولون خرج الإمام الباقر والإمام الباقر كان بديناً وأسمراً هذي بعد من رخصة الملالي خرج لبستان له خارج المدينة فلما رجع رأى الحسن البصري وقد تصبب الإمام الباقر عرقاً في الظهر يوم قائض وكان الإمام يتكئ على غلامين يميناً وشمالاً.

فقال له الحسن البصري المعروف بالزهد (كيف تلقى الله لو متّ في هذه الساعة؟! شيخ كبير في هذه الظهيرة في طلب الدنيا لو جاءك الموت وأنت على هذه الحالة ما حالك؟!)

فقال الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ (لو جاءني الموت في هذه الحالة لكنت في جهادٍ في سبيل الله) قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله) يعني أنت وأمثالك تعلمنا تعاليم جدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ؟!!

هذا تمام الكلام في القسم الأول آداب المعلم في نفسه، القسم الثاني آداب المعلم مع طلبته يأتي عليه الكلام .