الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأخلاق

44/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس السابع: أهمیة الإخلاص

قال تعالى على لسان إبليس ـ لعنه الله ـ (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) الكلام عن أهمية الإخلاص، الفصل الثالث في درجة الإخلاص، شرعنا ولله الحمد في الباب الأول في آداب المعلم والمتعلم، ثم دخلنا في النوع الأول آداب فيها اشتركا، الآدب الأول، وهذه الآداب التي يشترك فيها المعلم والمتعلم أقسام، القسم الأول آدابهما في أنفسهما.

هناك عدة آداب:

الآدب الأول أو الأمر الأول إخلاص النية لله عزّ وجل.

الآدب الثاني استعمال ما يعلمه والعمل به.

إذاً الإخلاص في الرتبة السابقة إخلاص النية.

شرعنا في الفصل الأول الآيات، الفصل الثاني الروايات من العامة من الخاصة، أحاديث الأنبياء والمرسلين، فالبحث النقلي قد أخذناه في أهمية الإخلاص، بحث اليوم عميق جداً يكشف عن تجربة نفسانية للشهيد الثاني ـ رضوان الله عليه ـ هذا الشهيد لم يصل إلى مراحل إلا بعد أن طوى مراحل.

يقول تلميذه الوفي الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي والد الشيخ البهائي، يقول مررت مع أستاذي الشهيد الثاني على موضعٍ هذا الموضع في تركيا قرب اسطنبول يقول فأشار الشهيد الثاني إلى الموضع وقال ها هنا يقتل عالم بأبشع قتله، يقول الشيخ حسن عبد الصمد لم التفت إلى أنه ينعى نفسه، مرت السنون يقول وإذا بالشهيد الثاني يقتل في هذا الموضع بأبشع قتله، يقول الشيخ حسن بن عبد الصمد وكأنما قد كشف لأستاذي عن موضع قتله وكيف يقتل؟ وكيف يمثل به؟

في هذا الفصل الثالث يتكلم الشهيد الثاني عن درجة الإخلاص، واقعاً لا أدري هل أقرأ كلامه أم أرتجل لأن كلامه فيه مسحة نورانية، نقرأ فقرات كلامه ونعلق عليها، يقول:

(هذه الدرجة وهي درجة الإخلاص عظيمة المقدار كثيرة الأخطار دقيقة المعنى صعبة المرتقى يحتاج طالبها إلى نظر دقيق وفكر صحيح ومجاهدة تامة وكيف لا يكون كذلك؟! وهو مدار القبول) الإخلاص مدار قبول الأعمال الله عزّ وجل يثبك على قدر إخلاصك.

(وعليه يترتب الثواب وبه تظهر ثمرة عبادة العابد وتعب العالم وجدّ المجاهد) ثم يشير إلى حقيقة مرة، يقول الإخلاص قليل بين الناس حتى بين طلاب العلوم الدينية، وقد تتعجب يقول أكثرهم هكذا يقول الكثير يأتي إلى طلب العلم طلباً للشهرة والجاه والمال إلا من عصم الله، وهو مبتلى بالجهل المركب هو يتوهم أنه يطلب العلم لله لكن في قرارت نفسه هو ما يطلب العلم لله وإنما يطلب العلم للناس طلباً للمال أو للشهرة أو للجاه.

ثم يشير إلى الكاشف كيف تكتشف أنت مخلص أم غير مخلص؟ يقول من أهم الكواشف أنه لو افترضنا أنك تدرس وغيرك يدرس وذاك الذي يدرس أفضل منك، وهو عنده طلاب وأنت عندك طلاب، فهل إذا رأيت طلاب غيرك ترحب بهم كـ ترحيبك بطلاب نفسك، إذا ترحب بطلابك الخاصين وتوقرهم وتحترهم بينما طلاب ذلك العالم الجليل تتعامل معهم بفتور فاعلم أنك مصاب بداء الـ (أنا) وأنك تدرس لنفسك.

مثال آخر يقولون (عدو كل شخص من مهنته) يعني الخباز إذا فتح إلى جانبه خباز يقول (ملعون الوالدين هذا يريد يكسر رزقنا) ولكن الخباز إذا فتح إلى جنبه دكان أو قصاب أو سوبر ماركت لأنه الذي يشتري من القصاب والسوبر ماركت يأتي إلى الخباز، (عدو كل شخص من مهنته).

كذلك طالب العلم إذا هو في منطقة وهو العالم الأوحد كلهم يرجون إليه ولكن إذا المنطقة فيها كذا عالم هنا يصير تنافس ويحصل الحسد، لو افترضنا أنك في يوم من الأيام تدرس مثلاً تدرس كتاب المنطق ثم جاء عالم جليل ودرس كتاب المنطق وكل طلابك تركوك وذهبوا ودرسوا عند ذاك العالم، ما هو موقفك؟ إذا تقول هذا يريد يسقطني ويشوه سمعتي أنا سأواجهه ليس انتقاماً لنفسي بل انتقاماً لعمامة رسول الله وانتهاك حرمة الدين، إذاً هذا شيء شخصي نازع نفساني يغلفه بخلاف ديني.

انظروا إلى سماحة آية الله السيد حسين الكوهكمري ـ رضوان الله عليه ـ كان يدرس كتاب البيع في النجف الأشرف، وعنده مجموعة من الطلبة معتد بهم، في يوم من الأيام جاء مبكراً إلى الحرم الشريف فوجد شيخاً مطموراً غير معروف آنذاك يدرس نفس الكتاب وفي نفس الوقت، يدرس كتاب البيع ولكن وجد عنده شيء جديد في كتاب البيع إنه الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري، فلما جاء طلبة السيد حسين الكوهكمري ماذا قال لهم؟ قالوا سيدنا بسم الله الدرس، قال لا من الآن فصاعداً أنا زميلٌ لكم وندرس عند هذا الشيخ الجليل، الكلام سهل هذا يحتاج إلى نفسية راقية.

إذاً أنت أحياناً أنت ما تعرف نفسك إلا إذا اختبرت، أحدهم كان يصلي عشرين سنة في الصف الأول يوم من الأيام تأخر عن صلاة الجماعة لم يصل إلا إلى الصف الثالث، فصعب عليه في نفسه التفت إلى أنه عشرين كان يصلي ليقال أنه كان يصلي في الصف الأول فأعاد صلوات عشرين لأنها لم تكن على إخلاص.

بعد يا حبيبي الإنسان لأنه يحب نفسها ويثق بها يزين لها ولا يلتفت إلى وساوس نفسه، مثلاً أنا في حياتي طول عمري ولا يوم أذيت أحد ولا يوم أسأت إلى أحد، كيف تثق بنفسك؟! أنت يمكن نسيت، قد يوم من الأيام أذيت أحد أو نسيت عن قصد أو غير قصد، هذه الثقة الزائدة بالنفس أنا لا أوذي أحد ولا يوم أسأت إلى أحد ولا يوم أغضبت أحد.

أنت الآن كم عمرك؟ عشرين سنة ثلاثين سنة تثق بنفسك أنك أنت تتذكر كل هذه العشرين ثلاثين سنة، يوجد عالم كبير جاء له أهل منطقة قالوا له نحن نريد إمام يؤمنا في الصلاة وقد طرحنا الموضوع على اثنين من طلابك وسألناهم هذا السؤال قلنا لو جاءت إمرأة عارية ووضعت صدرها على صدرك تتحمل ما تقع في الزنا أم لا؟ فقال الأول نعم أتحمل روضت نفسي ولا أقع في الفاحشة، وقال الثاني أسأل الله أن يعصمني وأن يلطف بي فلم أجرب نفسي ولكن أسأل الله أن ينجيني من هذا الموقف، فقال أستاذهما اختاروا الثاني.

زينب ـ صلوات الله وسلامه عليها ـ ماذا قالت للحسين ليلة العاشر من محرم؟ اختبرت أصحابك؟ أنت أحياناً ما تعرف نفسك، تعرف نفسك إذا جربت نفسك، قد تتصور وتتوهم أنك شجاع فإذا حانت المعركة تكتشف أنك جبان، وقد تتصور وتتوهم أنك جبان فإذا حانت المعركة تتفاجئ بأنك شجاع، إذاً التجربة خير دليل وبرهان.

الإنسان بحاجة إلى أمرين أولاً اللجأ إلى الله (إلهي لا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ أبداً) تلجأ إلى الله تكل أمورك إلى الله ما تثق بنفسك، والأمر الثاني مخالفة الهوى رأس التقى مخالفة الهوى، حبّ الدنيا رأس كل خطيئة، مشكلة الإنسان لأنه مادي ويأنس بالحسيات هذا من جهة ويحب نفسه من جهة أخرى تسول له نفسه دائماً يتصور أنه مخلص وأنه صادق.

هناك علامات تكتشف منها أنك غير صادق، منها إذا تحب أن يثنى عليك، تدرس تحب يثنى عليك، تلقي قصيدة أو نشيدة تحب يثنى عليك، تعمل مؤسسة أو عمل خيري تحب يثنى عليك، إذا أنت في قرارات نفسك تحب يمدحونك اعرف أنك لست بمخلص، أن يكون العمل له وحده لا شريك له، وأنت هنا أشركت مدح الناس.

يقول الشهيد الثاني (ولو فكر الإنسان في نفسه وفتش عن حقيقة عمله لوجد الإخلاص فيه قليلاً وشوائب الفساد إليه متوجه) أنت تحارب الشيطان خبرة آلاف السنين عنده، أنت كم عمرك عشرين، خمسين، ستين سنة؟! هذا خبرة آلاف السنين عنده، أنت تتوهم أنك صادق ولكن هو يعرف كيف يدخل إليك.

هناك قصة لطيفة يقول الشهيد دستغيب ـ رضوان الله عليه ـ يقول في أحد الأشخاص كشف له ورأى الشيطان فقال للشيطان أغرب عن وجهي ابتعد إن العالم الفلاني قد كتب كتاباً ذكر فيه حيلك وكيف توسوس وكيف نتخلص منك، وإذا الشيطان يضحك، قال ولم تضحك؟ قال إنما كتب الكتاب بأمري، كيف بأمرك؟ قال ذهبت إليه ووسوست له اكتب كتاباً عن مكائد الشيطان حتى يقول الناس هذا عالمٌ خبير بمكائد النفس ووسوسات الشيطان، ولم يكتب هذا الكتاب إلا لخبرته بإبليس اللعين الرجيم.

ذلك الإخلاص صعب جداً، إذا أنت تجزم أنك أنت مخلص وأنا أجزم أني مخلص فاعلم أنك لست بمخلص، قل أسأل الله أن يثبتني وأن يعصمني هذا الخلق الإسماعيلي، قال يا بني إن أرى في المنام أني أذبح، ماذا قال إسماعيل؟ قال أنا مستعد؟! قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، الله يصبرني أنت هكذا قل (الله يعصمني، الله يلطف بي، نسأل الله اللطف والسداد) لا تغتر وتعتد بنفسك، هذا الاعتداد بالنفس من وسوسات إبليس.

يقول (ولو فكر الإنسان في نفسه وفتش عن حقيقة عمله لوجد الإخلاص قليلاً وشوائب الفساد إليه متوجه والقواطع عليه متراكمة سيما المتصف بالعلم وطالبه فإن الباعث الأكثر) واقعاً أنا هذا هزني لما قرأت (فإن الباعث الأكثر سيما في الابتداء لطالب العلم طلب الجاه والمال والشهرة) أمهات الشهوات ثلاثة المال والجاه والنساء.

(وانتشار السيط ولذة الاستيلاء والفرح بالاستتباع ـ يعني بالأتباع ـ واستثارة الحمد والثناء وربما يلبس عليهم الشيطان مع ذلك يقول لهم غرضكم نشر دين الله والنضال عن الشرع الذي شرعه رسول الله صلى الله عليه وآله والمظهر لهذه المقاصد) هذا المهم قصدك ونيتك من الذي يكشفها؟! أمور منها أن تحب أن يثنوا عليك وأن تكره من ينافسك وإن كان أفضل منك وصادق.

(والمظهر لهذه المقاصد يتبين عند ظهور أحد من الأقران أكثر علم منه وأحسن حالاً بحيث يصرف الناس عنه فلينظر حينئذٍ إن كان حاله مع الموكل له والمعتقد لفضله أحسن) أحسن من الذي يوقر العالم أفضل منه (وهو له أكثر احتراماً وبلقاءه أشد استبشاراً مما يمل إلى غيره مع كون ذلك الغير مستحقاً للموالاة فهو مغرور) يعني غره إبليس غره الشيطان مغرور بالأتباع، هذا الذي يدرس في مدرستي أحسن من الذي يدرس في مدرسة غيري، وهذا الذي يدرس عندي أحسن من ذاك، هذا لأنه يحترمني أحسن من ذاك، هذا معناه غرور واعتداد بالنفس.

(فهو مغرور وعن دينه مخدوع فهو لا يدري كيف) يعني مصاب بالجهل المركب، يعني هو غير مخلص ويتوهم أنه مخلص، يتوهم أنه مخلص وصادق، (وربما انتهى الأمر بأهل العلم أن يتغايروا تغاير النساء) غيرة نسوان يصيرون ضرائر يتغايرون.

يقول (وربما انتهى الأمر بأهل العلم أن يتغايروا تغاير النساء فيشق على أحدهم أن يختلف بعض تلامذته إلى غيره وإن كان يعلم أنه منتفعٌ بغيره ومستفيدٌ منه في دينه وهذا رشح الصفات المهلكة المستكنة في سر القلب التي يظن العلم النجاة منها، وهو مغرور في ذلك، وإنما ينكشف بهذه العلامات ونحوها.

ولو كان الباعث له على العلم هو الدين لكان إذا ظهر غيره شريكاً، أو مستبداً أو معيناً على التعليم لشكر الله تعالى إذ كفاه وأعانه على هذا المهم بغيره، وكثر أوتاد الأرض، ومرشدي الخلق، ومعلميهم دين الله تعالى ومحيي سنن المرسلين).

يقول الشهيد مطهري كثير من الناس يحب أن يخدم الإسلام بشرط أن يكون هو حجة الإسلام هذه المقولة الكثير يعيشها أنا أخدم الدين بشرط أنا أكون رائد الدين، أما إذا غيري دعه هو يخدم وما دخلي أنا ما لي شغل، هذا آفة عظمى آفة عظمى.

(وربما لبس الشيطان على بعض العالمين ويقول: إنما غمك لانقطاع الثواب عنك، لا لانصراف وجوه الناس إلى غيرك، إذ لو رجعوا إليك أو اتعظوا بقولك، وأخذوا عنك لكنت أنت المثاب، واغتمامك لفوات الثواب محمود) وهذا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، أحياناً أنت على نياتك الحاشية التي حولك تزخرف لك، ما شاء الله أنت من المخلصين نتعلم منكم، أنت مدرسة في الصبر والجهاد والإخلاص، وأنت تصدق روحك.

(ولا يدري المسكين أن انقياده للحق وتسليمه الامر الأفضل [خ ل: لأفضل] أجزل ثوابا، وأعود عليه في الآخرة من انفراده).

في يوم من الأيام دخل الإمام الجواد ـ عليه السلام ـ وكان صبياً دخل المجلس وموجود في المجلس علي بن موسى بن جعفر وكان فقيه من الفقهاء الكبار، علي بن جعفر الصادق عمّ أبيه، علي بن جعفر أخ موسى بن جعفر وموسى بن جعفر جدّ الإمام الجواد فعلي بن جعفر يصير عمّ الإمام الرضا وكان شيخ كبيراً وقد احدودب ظهره وبانت شيبته، فلما دخل الإمام الجواد ـ عليه السلام ـ وقف علي بن جعفر وقبله بين عينه واجلسه مكانه وظل واقفاً، فالإمام الجواد قال اجلس يا عم، فقال أاجلس وأنت واقف؟! لا اجلس حتى تجلس، فلما خرج الإمام الجواد ـ عليه السلام ـ عاب الحاضرون على علي بن جعفر، قالوا ما كان ينبغي أن تصنع هكذا بهذا الصبي وأنت شيخ كبير، فأمسك علي بن جعفر بلحيته وكان من الفقهاء الكبار وقال ماذا اصنع وماذا افعل إذ شاء الله أن تكون الإمامة في هذا الصبي ولا تكون في هذه الشيبة.

علي بن جعفر ـ رضوان الله عليه ـ لم يصل إلى هذا المقام وهذه المرتبة إلا بعد الإخلاص لله عزّ وجل، هذا يحتاج إلى رياضة نفسانية، الانقياد.

نحن الطلبة بحاجة إلى تعلم ثقافة الانقياد،

وليعلم أن أتباع الأنبياء والأئمة لو اغتموا من حيث فوات هذه المرتبة لهم (قومي رؤوس كلهم .. أرأيت مزرعة البصل؟!) يعتد بنفسه يتصور أنه هو القائد، يا أخي كما يقولون علقها برقبة عالم وأخرج منها سالم، ليش تتحمل المسؤولية وتصير بذمتك، لا يرى إلا نفسه، هو العالم وهو القائد.

انظروا إلى شهيد العصر السيد محمد باقر الصدر ـ رضوان الله عليه ـ لما نهض الإمام الخميني قال وكان مرجع الشهيد الصدر كان مرجع طلابه يعتقدون أنه اعلم من الإمام الخميني وطلاب الإمام الخميني يعتقدون أنه اعلم وطلاب السيد الخوئي يعتقدون أنه اعلم، الشهيد محمد باقر الصدر كان عنده مستوى علمي وطلابه يرونه أنه اعلم من السيد الخوئي واعلم من السيد الإمام الخميني، قال (لو جعلني الإمام الخميني وكيلاً عنه في قرية نائية لشددت الرحال إليها) كان مرجع تقليد وعنده رسالة عملية، وقال لطلابه وأبناءه (ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الإسلام) أن تذوب في القيادة المخلصة.

هذا من تسويلات الشيطان يسول لك أنت أولى من فلان وأفضل من فلان الدين أجد بقيادتك، هذه المسؤولية أجد، وهذا كله أحياناً قد يكون من مكائد الشيطان، ولذلك يقول الشهيد الثاني (من أحس في نفسه بهذه الصفات المهلكة فالواجب عليه طلب علاجها من أرباب القلوب) أهل الأخلاق والمعرفة (فإن لم يجدهم فمن كتبهم المصنفة في ذلك) يعني إما الكاتب وإما الكتاب.

(وإن كان كلا الامرين قد امتحى أثره، وذهب مخبره، ولم يبق إلا خبره،) لم يحصل على عالم أخلاقي ولا كتاب أخلاق يسترشد منه (ويسأل الله المعونة والتوفيق. فإن عجز عن ذلك،) يعني ما توفق (فالواجب عليه الانفراد والعزلة، وطلب الخمول والمدافعة مهما سئل، إلا أن يحصل على شريطة التعلم والعلم) ما تورط نفسك تتصدى إلى شأن أنت لست واجداً له، ربما يأتيه الشيطان ويسول له يقول له أنت إذا ما تدخل يندرس باب الدين والعلم، فيحبب الشيطان إليه الرئاسة.

فليتأمل بهذه الرواية عن رسول الله (إن الله يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم)، وفي رواية أخرى عن رسول الله (إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) يعني ليس بالضرورة أن يؤيد دائماً بالرجل الصالح، في الرواية (الظالم عبدي انتقم به وانتقم منه) وفي الرواية (حبّ الجاه والمال ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل) وفي الرواية عن رسول الله (ما ذئبان ضاريان ارسلا في زريبة غنم بأكثر فساد فيها من حبّ الجاه والمال في دين المرء المسلم).

الخلاصة الكريمة (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) ليس له سلطان على المخلصين الإخلاص بحاجة إلى المراقبة الدائمة، رياضة نفسانية إلى آخر العمر يمكن آخر لحظة من عمرك تفقد عنصر الإخلاص.

أتذكر أحد المراجع مرة رأيته قلت له ادع لي بحسن العاقبة وادع لي بالخير أنت ما شاء الله سيدنا موفق، قال شيخنا ما دام هذا النفس لم يخرج من هذه الحلقوم لا أضم حسن العاقبة كلنا بحاجة إلى الدعاء بحسن العاقبة وفقنا الله وإياكم للإخلاص والصدق.

الصدق عنصر الصدق أتذكر أيام كنا في سنكم في واحد كثير ما يحب الشيخ بهجت، أنا حبيت اتعلف به اقوله انت ذبحتنا شنو عاجبك بالشيخ بهجت، قال صادق مع الله، أحسه صادق مع الله، في ناس عندها تكلف ولكن الشيخ بهجت من أشوفه صادق مع الله عزّ وجل، صادق مع الله، قلت له أحسنت أنا أردت أن امزح معك ولكن وعظتني، عنصر الصدق مع الله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) رزقنا الله وإياكم وجعلنا الله مع الصادقين المخلصين إنه خير موفق ومعين.

الأمر الأول الإخلاص، الأمر الثاني استعمال العلم والعمل به، والأمر الثاني يأتي عليه الكلام.