الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأخلاق

43/07/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: مقدمة تمهيدية حول المؤلف والمؤلف

نشرع اليوم إن شاء الله في بيان كتاب منية المريد في آداب المفيد والمستفيد للشهيد الثاني ـ رضوان الله عليه ـ وقبل أن ندخل في صلب الكتاب نقدم مقدمة تمهيدية حول الكتاب والمؤلف.

أما المؤلف فهو الشهيد السعيد زين الدين الجبعي العاملي المستشهد سنة تسعمئة وخمسة وستين هجرية قمرية، هذا الاصطلاح الشهيد الثاني أو اصطلاح المعلم له خصوصية فيذكر المعلم الأول والمعلم الثاني والمعلم الثالث أو المعلم الرابع وهكذا يذكر الشهيد الأول والشهيد الثاني والشهيد الثالث أو الشهيد الرابع فمن هم هؤلاء؟ وإلى ما ترمز هذه الاصطلاحات.

أما مصطلح المعلم فهو يشير إلى العالم الذي له أثر في الفكر الإنساني وجاء بأشياء لا تزال البشرية تتعلم منها فمصطلح المعلم يشير إلى عالم فيلسوف جاء بآراء ولا تزال هذه الآراء والتعليمات ينهل منها الكثير من علمائنا في الحوزات العلمية والجامعات والمعاهد العلمية، والمعلمون كما يلي:

المعلم الأول وهو أرسطو طاليس المتوفى في القرن الثالث قبل ميلاد المسيح ـ عليه السلام ـ وهو مؤسس علم المنطق ومؤسس الفلسفة المشائية، ونحن إلى يومنا هذا ندرس في الحوزة العلمية المنطق الأرسطي وندرس الفلسفة القديمة المشائية فآثار وأفكار وآراء أرسطو لا تزال مهيمنة إلى يومنا هذا مع أنه توفي في القرن الثالث قبل ميلاد النبي عيسى ـ عليه السلام ـ .

المعلم الثاني أبو نصر الفارابي والذي كان يعمل خفيراً في إحدى بساتين دمشق أي كان حارساً ليلياً لكنه كان يسهر الليل في المطالعة إلى أن بلغ مبلغاً كبيراً من العلم وذاع صيته وانتشر طلابه حتى وصل خبره إلى سيف الدولة الحمداني فقربه سيف الدولة وانتشر واشتهر صيته وأخذ يعلم ومن أهم آثاره كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة، واشتهر بالمعلم الثاني لما لأفكاره وآراءه من آثر في امتداد الفكر الإنساني.

المعلم الثالث هو أبو علي أحمد بن علي بن يعقوب بن مسكويه أو مُسكويه صاحب كتاب تجارب الأمم في التاريخ وكتاب تهذيب الأخلاق في علم الأخلاق.

هذا الكتاب تهذيب الأخلاق اعتمد عليه المحقق المدقق الشيخ محمد مهدي النراقي في كتابه جامع السعادات فهو يعتمد بشكل أساسي على المذهب العقلي في الأخلاق الذي أرسى دعائمه ابن مسكويه في كتاب تهذيب الأخلاق.

كما أن الخواجة نصير الدين الطوسي ـ رحمه الله ـ قد ترجم كتاب تهذيب الأخلاق إلى اللغة الفارسية واشتهر في اللغة الفارسية بكتاب أخلاق ناصري نسبة إلى ترجمة الخواجة نصير الدين الطوسي لكتاب أحمد بن مسكويه له أثر كبير في علم الأخلاق والتاريخ والفكر الإنساني.

المعلم الثالث أو الرابع بعضهم يعد المحقق السيد محمد باقر الميرداماد يعده بعضهم المعلم الثالث وهو متوفى سنة ألف وواحد وأربعين هجرية قمرية وقد يعد كمعلم رابع وهو أستاذ الشيخ محمد إبراهيم الشيرازي المعروف بملا صدرا أو صدر المتألهين مؤسس مدرسة الحكمة المتعالية.

هؤلاء الأعلام الأربعة لهم أثر كبير في امتداد الفكر الإنساني لذلك أطلق عليهم معلم، بعضهم يرى أن المعلم الثالث هو ابن مسكويه وبعضهم يرى أن المعلم الثالث هو الميرداماد وكلهم شيعة إمامية عدا الأول أرسطو طاليس وولد قبل ميلاد المسيح بثلاثة قرون، وهناك دعوة أن أفلاطون وأرسطو كانا من الأنبياء ولكن هذه الدعوة قابلة للتأمل كثيراً ولكن البعض يرى أنهما كانا من الموحدين أفلاطون وتلميذه أرسطو طاليس كانا من الموحدين.

هذا تمام الكلام في بيان هذه المصطلحات لأنه هؤلاء الأعلام الأربعة لهم أثر في كتاب منية المريد وغيره كل ما تدرسونه في الحوزة والجامعة هؤلاء الأعلام الأربعة لبعضهم أثر في هذا الفكر وهذا التراث.

وأما مصطلح الشهيد الشهيد الأول الشهيد الثاني مع أن الشهداء كثر لماذا خصّ هؤلاء الثلاثة أو الأربعة بمصطلح الشهيد؟

الجواب لحيثيتين:

الحيثية الأولى قوة علمهم من جهة وعِظَم وبشاعة طريقة استشهادهم من جهة أخرى لذلك اصطلح عليهم بالشهيد وهم كما يلي:

الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي الجزيني المتوفى سنة سبعمئة وستة وثمانين والمستشهد على يدّ المماليك، الشهيد الأول ولد في جزين وجزين منطقة أو قرية في جنوب لبنان هي الآن منطقة مسيحية ـ أنا زرتها وإلى الآن موجود بيت الشهيد الأول وما أدراك ما الشهيد الأول؟!

يقول السيد أبو القاسم الخوئي ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ لو جاز تقليد الميت وأوجبنا تقليد الأعلم لأوجبنا الرجوع إلى الشهيد الأول.

ويقول الشيخ جعفر كاشف الغطاء الذي يعبر عنه الشيخ الأعظم الأنصاري ببعض الأساطين، وما أدراك ما الشيخ جعفر كاشف الغطاء؟! وهو القائل (لو تلف الفقه بأكمله لكتبته من أوله إلى آخره عن ظهر قلب).

الشيخ جعفر كاشف الغطاء يقول الفقهاء ثلاثة: (الشهيد الأول وأنا وابني موسى) يعني هؤلاء بلغوا القمة.

إذا ترجع إلى طريقة استشهاد الشهيد الأول والشهيد الثاني تجد أنهما قد عذبا صلبا رميت جثتهم في البحر أحرقا لذلك لا يوجد قبر للشهيد والشهيد الثاني فقد جمع الشهيد الأول بين عظم العلم وعظم وبشاعة طريقة الاستشهاد.

الشهيد الثاني هو الشيخ زين الدين الجبعي العاملي من قرية جباع من جنوب لبنان أيضاً ومنطقته إلى اليوم موجودة ومعروفة وكان يدرس في مدرسته في بعلبك وإلى الآن موجودة زرتها بجوار المسجد الذي وضع فيه رأس الحسين ـ عليه السلام ـ حينما مرّ السبايا على قول.

الشهيد الثاني المستشهد سنة تسعمئة وخمسة وستين هجرية قمرية على يدّ الدولة العثمانية وما أدراك ما الشهيد الثاني صاحب كتاب مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام، يقول تلميذه الوفي الشيخ حسين عبد الصمد العاملي والد الشيخ بهاء الدين العاملي المعروف بالشيخ البهائي يقول:

كنت في سفر وكنت برفقت أستاذي الشهيد الثاني فمر على منطقة بتركيا وأشار إلى موضع وقال (ها هنا يقتل رجل عظيم وعالم بأبشع قتلة).

يقول والدي الشيخ البهائي لم ألتفت إلى تصريح أستاذي الشهيد الثاني ومرت السنون وإذا بأستاذي الشهيد يقتل في نفس الموضع الذي أشار إليه، يقول والد الشيخ البهائي المدفون في البحرين الشيخ الحسين بن عبد الصمد الحارثي يقول:

كأنما قد كشف لأستاذي الشهيد الثاني عن موضع استشهاده وكيفية استشهاده ولم يشأ أن يشر إلى تفاصيل ذلك وإنما اكتفى بالإشارة إلى موضع مقتله وعظم وبشاعة استشهاده.

الشهيد الثالث هو المولى السيد نور الله التستري المرعشي ـ رضوان الله عليه ـ المستشهد سنة ألف وتسعة عشر هجرية قمرية.

الشهيد الأول من جزين من جنوب لبنان والشهيد الثاني من جباع من جنوب لبنان والشهيد الثالث المولى نور الله التوستري من توستر وتوستر معرب شوشتر منطقة في جنوب إيران في خوزستان حالياً ثم هاجر من شوشتر إلى مشهد المقدسة ثم هاجر من مشهد إلى بلاد الهند لنشر التشيع هناك قتل بسبب كتابه إحقاق الحق وإزهاق الباطل.

الآن المرعشي النجفي المرجع الديني المرحوم سماحة السيد شهاب الدين المرعشي النجفي حقق الكتاب في حوالي اثنين وثلاثين مجلد كتاب معروف إحقاق الحق وإزهاق الباطل، وله أيضاً بعض التلخيصات المولى نور الله التستري ووشي به وجيء به إلى قصر الحاكم ونزعت ملابسه وجرد بالصياط حتى تناثر لحمه الشريف واستشهد.

وفي نقلٍ أنه جيء بإناء مغلي ووضع رأسه في الإناء حتى غلا مخه.

الشهيد الرابع بعضهم يرى أنه شهيد العصر السيد محمد باقر الصدر ـ رضوان الله عليه ـ المستشهد سنة ألف وتسعمئة وثمانين ميلادية على يدي طاغية العاصر صدام حسين في العراق.

هؤلاء الأعاظم لهم أثر كبير في حياتنا الإنسانية وحياتنا الإسلامية وعلومنا الشرعية، بحثنا حول منية المريد في آداب المفيد والمستفيد للشهيد الثاني إذا عرفنا عظمة الشهيد الثاني صاحب كتاب الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، اللمعة الدمشقية كتبها الشهيد الأول في ستة أيام في السجن ولم يكن عنده أي كتاب إلا كتاب المختصر النافع للمحقق الحلي في ستة أيام كتب الروضة كتب اللمعة الدمشقية ثم جاء الشهيد الثاني وشرحها تحت عنوان الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية وشرح شرائع الإسلام وعنده كتب كثيرة.

الآن دفتر تبليغات مكتب الإعلام الإسلامي طبعوا جميع مؤلفات الشهيد الأول في موسوعة وجميع مؤلفات الشهيد الثاني في موسوعة تحت عنوان موسوعة الشهيد الأول موسوعة الشهيد الثاني لعلهم يطبعونها تحت عنوان موسوعة الشهيدين.

كتاب الكتاب منية المريد يعني غاية ما يتمناه المريد في آداب المفيد والمستفيد الكتب في آداب التعلم والتعليم كثيرة أشهرها كتاب منيه المريد في آداب المفيد والمستفيد.

يوجد كتاب ثاني أيضاً مشهور وهو كتاب آداب المتعلمين للخواجة نصير الدين الطوسي ـ رضوان الله عليه ـ أستاذ العلامة الحلي.

الخواجة نصير الدين الطوسي مترجم كتاب تهذيب الأخلاق وطهارة الأعراق لابن مسكويه تحت عنوان أخلاق ناصري، الخواجة نصير الدين الطوسي ـ رضوان الله عليه ـ كان له أثر كبير في تشيع المغول المغول الذين أسقطوا الدولة العباسية وكانوا كفاراً الذي شيعهم العلامة الحلي الخواجة نصير الدين الطوسي يعني كيف وحوش أنت تجي تسويهم وديعين وتخليهم يسلمون وتشيعهم.

هم الذين جاؤوا بكفرهم لإسقاط الدولة العباسية هل تعلمون ماذا عمل المغول؟ هولاكو لما دخل آخر خليفة عباسي ماذا عمل به؟

طواه بالسجادة وأمر جنده أن يدوسوا عليه ثم ألقاه في نهر دجلة ليكون عبرة لغيره لكن العلامة الحلي وأستاذة الخواجة نصير الدين الطوسي شيعوهم له كتاب آداب المتعلمين الآن حققه العلامة المحقق السيد محمد رضا الحسين الجلالي كتاب مطبوع محقق.

الكتاب الثالث كتاب أستاذنا الميرزا جواد التبريزي ـ رحمه الله ـ أيضاً تحت عنوان آداب المتعلمين.

نختم بهذه النكتة وهي أن علم الأخلاق ثلاثة أقسام:

القسم الأول القيم.

وثانياً إلى عنوان الكتاب.

وثالثاً إلى العلم الذي يندرج تحته هذا الكتاب الشريف.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه غفور رحيم وتواب حليم والحمدلله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمداً وآله الطيبين الطاهرين.