بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/06/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /التنبیه السابع؛ المطلب الأول؛ طریقان آخران لحجیة مثبتات الاستصحاب

 

طریقان آخران لحجّیة مثبتات الاستصحاب

إنّ المحقّق الإصفهاني أشار إلى كلا الطریقین و أجاب عنهما و لا‌بدّ من بیانهما و البحث حولهما.

الطریق الأوّل لحجّیة مثبتات الاستصحاب

إنّ النقض المنهي عنه أعمّ من النقض بلا واسطه و من النقض مع الواسطة فإنّ الشارع نهی عن نقض الیقین السابق بالشك اللاحق و النقض هنا مطلق قد یكون نقضاً للیقین السابق بلا واسطة فهو مسلّم بلا إشكال فإنّه القدر المتیقّن من نهي الشارع عن نقض الیقین السابق، و قد یكون نقضاً للیقین السابق مع الواسطة، و عدم الالتفات إلى مثبتات الاستصحاب و لوازمه یُعَدّ نقضاً للیقین السابق مع الواسطة، لأنّ رفع الید عن اللازم هو رفع الید عن الملزوم فرفع الید عن لوازم الشيء یكون نقضاً لوجود الملزوم نقضاً مع الواسطة و إن لم‌یكن نقضاً صریحاً بلا واسطة.

و إطلاق دلیل لاتنقض الیقین بالشك یدلّ على حرمة النقض سواء كان نقضاً بلا واسطة أو نقضاً مع الواسطة.

إیراد المحقّق الإصفهاني علیه

قبل بیان إیراد هذا المحقّق لا‌بدّ من بیان معنی الواسطة في الثبوت و الواسطة في العروض، أمّا الواسطة في الثبوت فقدتطلق في قبال الواسطة في الإثبات و قد تطلق في قبال الواسطة في العروض و هذا الإطلاق الثاني هو المبحوث عنه هنا فإنّ الواسطة في الثبوت هي ما تكون منشأ لاتّصاف ذي الواسطة بشيء بالذات و هي قسمان فإنّ الواسطة قد تكون متّصفةً بذاك الشيء مثل النار إذا كانت واسطة لثبوت الحرارة للماء مع أنّ النار بنفسها متّصفة بالحرارة و قد لاتكون متّصفةً بذاك الشيء مثل الشمس حیث تكون واسطة لثبوت الاسوداد في وجه الإنسان أو تكون واسطة لثبوت الابیضاض في الثوب مع أنّ الشمس لیست متّصفة بالسواد و البیاض.

أمّا الواسطة في العروض فهي ما تكون منشأ لاتّصاف ذي الواسطة بشيء بالعرض أي بالمجاز للعلاقات المذكورة في الاتّصاف المجازي و هي كوساطة حركة السفینة لحركة جالسها، و معنی مجازیة الاتّصاف صحّة سلب وصف الحركة عن ذي الواسطة مع أنّ الواسطة أي: السفینة متّصفة بالحركة حقیقة، و على هذا یمكن صحّة سلب وصف الحركة عن الجالس و اتّصاف ذي الواسطه أي الجالس بالحركة من باب الوصف بحال المتعلّق.

إذا اتضح ذلك فلنشرع في بیان إیراد المحقّق الإصفهاني على الطریق الأوّل، قال:

«إنّ المتیقّن أو المنصرف إلیه هو خصوص النقض بلا واسطة، و تنقیحه بحیث لایتوقّف على منع الإطلاق أنّ المراد من الواسطة لیس الوساطة في الثبوت، لوضوح بطلانها بل إمّا الوساطة في العروض المصطلح علیها في قبال الذاتي و إمّا مجرّد الإسناد المجازي الذي هو أوسع دائرة من الواسطة في العروض.

أمّا الوساطة في العروض فمنتفیة جدّاً، حیث لا اتّحاد بوجه من الوجوه بین رفع الید عن الملزوم و رفع الید عن اللازم، حیث أنّ العمل بأثر الحیاة و هو الإنفاق مثلاً مع العمل بأثر لازمها و هو خضاب اللحیة مثلاً عملان متباینان لا اتحاد بینهما بوجه حتّی یكون الوصف المنسوب إلى أحدهما بالذات منسوباً إلى الآخر بالعرض.[1]

 


[1] نهاية الدراية في شرح الکفاية - ط قديم، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج3، ص223.