بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /التنبیه السابع؛ المطلب الأول؛ تحقیق المحقق الإصفهاني في المقام

 

تحقیق المحقّق الإصفهاني في المقام

«إنّ الحجّیة إمّا بمعنی الالتزام بالمؤدّی في الأمارات و بالمتیقن هنا[1] و إمّا بمعنی اعتبار الظنّ علماً و وصولاً تامّاً في الأمارات و اعتبار بقاء الیقین السابق في اللاحق [و قد اختار هذا المحقّق الخوئي] و إمّا بمعنی جعل الحكم المماثل على طبق المؤدّی أو على طبق المتیقّن [و هذا مختار المشهور و صرّح به صاحب الكفایة] و إمّا بمعنی جعل الأمارة منجّزةً للواقع، أو جعل الیقین السابق منجّزاً في اللاحق.

فعلى الأوّلین ینبغي القول بالأصل المثبت دون الأخیرین.

أمّا الأوّلان [أي مبنی الالتزام بالمؤدّی و مبنی الطریقیة و الكاشفیة] فلأنّ الالتزام بشيء واقعاً یستلزم الالتزام بلوازمه، فیكون التعبّد بالالتزام به مستلزماً للتعبّد بالالتزام بلوازمه، و إن لم‌یكن اللازم مؤدّی الأمارة و لا متیقّناً في السابق أو لأنّ اعتبار الظنّ وصولاً تامّاً و اعتبار كون الشخص محرزاً حقیقةً للواقع یستلزم كونه بحسب الاعتبار محرزاً للوازمه، كما أنّ اعتبار بقاء الیقین و اعتبار كون الشخص متیقّناً بالواقع في اللاحق یستلزم اعتبار كونه متیقّناً بلوازمه بقاء.

و أمّا الأخیران [أي مبنی جعل الحكم المماثل و مبنی المنجزیة] فلأنّ جعل الحكم المماثل للمؤدّی أو للمتیقّن، بعنوان التصدیق العملي أو بعنوان الإبقاء العملي للیقین، یقتضي جعل الحكم المماثل لما ینطبق علیه التصدیق العملي و لیس هو إلا ما تعلّق به الخبر دون غیره حیث لا خبر عنه لیكون له تصدیق عملي، و كذا یقتضي جعل الحكم المماثل لما ینطبق علیه إبقاء الیقین عملاً، و لیس هو إلا ما تعلّق به الیقین سابقاً، دون لازمه الذي لم یتعلّق به الیقین لیكون له إبقاء للیقین عملاً، بل ربّما یكون عدمه متیقّناً سابقاً.

و كذلك جعل الخبر منجّزاً، أو جعل الیقین السابق المنجّز لما تعلّق به، منجّزاً له في اللاحق، فإنّه لا مساس له بغیره حتّی یكون منجزاً له بقاءً كما كان منجزاً له حدوثاً.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الصحیح من المعاني أحد الأخیرین دون الأولین.

أمّا [وجه عدم صحّة تفسیر الحجّیة بالمعنی الأوّل و هو] لزوم الالتزام، فلأنّ الالتزام الجدي بالواقع مع عدم إحرازه محال، و المفروض عدم جعل الحكم المماثل، لیكون الالتزام به حقیقةً و بالواقع عنواناً فلا مجال لدلالة الاقتضاء أیضاً، فإنّها خلف و أمّا الالتزام بالواقع بناءً فهو تشریع لا معنی للأمر به، مع أنّ المطلوب من الأحكام العملیة تطبیق العمل علیها لا عقد القلب علیها.

نعم لزوم الالتزام بالواقع كنایة للانتقال إلى الأمر بالعمل - حیث أنّ من یلتزم بشيء یعمل، و من لم‌یلتزم به لایعمل - صحیح إلا أنّه راجع إلى جعل الحكم المماثل، كما لایخفی.

و أمّا [وجه عدم صحّة تفسیر الحجّیة بالمعنی الثاني و هو] اعتبار الهوهویة بین الظنّ و العلم، أو بین الیقین حدوثاً و بقاءً، فهو غیر صحیح، كما قدّمنا في مبحث الظنّ و غیر مفید هنا.

و إذ تبین بطلان الحجّیة بالمعنیین الأوّلین و انحصر في أحد المعنیین الأخیرین یتبیّن عدم حجّیة المثبت من الاستصحاب، بل عدم الحجّیة في الأمارات أیضاً بناءً على عدم مساس للأمارة باللازم، و إلا كان اللازم كالملزوم من حیث تعلّق الخبر بكلّ منهما كما سیأتي إن شاء الله تعالى»[2]

 


[1] نهاية الدراية في شرح الکفاية - ط قديم، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج3، ص221.
[2] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص9.