الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /التنبیه الرابع؛ المقام الثاني؛ القسم الثاني؛ملاحظات ثلاث علی کلمات الأعلام
الملاحظة الثانیة
إنّ المحقّق الخوئي قسّم الشبهة الحكمیة إلى ثلاثة أنواع و قال في النوع الأوّل و الثاني بعدم جریان الاستصحاب لا الاستصحاب الحكمي و لا الاستصحاب الموضوعي.
و ما أفاده في الاستصحاب الموضوعي و إن كان صحیحاً و لكن ما أفاده في الاستصحاب الحكمي فهو محل النظر و المناقشة فإنّ ما أفاده في المقام متوقّف على المقدّمة التي أسّسها خلافاً للشیخ الأنصاري و صاحب الكفایة و المحقّق النائیني و هي أنّ كلّ زمان أخذ في لسان الدلیل ظرفاً فهو قید، فیتفرّع على ذلك أنّ متعلّق الوجوب هو الإمساك النهاري، و لكن قد تقدّم أنّ الحقّ هو التفصیل بین قیدیة الزمان و ظرفیته، فإذا كان الزمان قیداً لمتعلّق التكلیف فیرجع الأمر إلى ما أفاده المحقّق الخوئي، و أمّا إذا كان ظرفاً له فلا مانع من جریان الاستصحاب لأنّ متعلّق الوجوب حینئذٍ هو نفس الإمساك من غیر فرق بین القضیة المتیقّنة و القضیة المشكوكة و الزمان ظرف لتعلّق الوجوب بالإمساك فحسب.
الملاحظة الثالثة
إنّ مقتضی التحقیق في النوع الثالث هو تمامیة ما أفاده العلامة الأنصاري من التفصیل بین القیدیة و الظرفیة، فإن كان الزمان قیداً فلایجري استصحاب الحكم بل یجري استصحاب العدم و إن كان الزمان ظرفاً فلایجري استصحاب العدم بل یجري استصحاب الحكم.
و لتوضیح ذلك لابدّ من التنبیه على الفرق بین أنحاء استصحاب العدم حتّی یتبیّن وجه القول بالتفصیل المذكور
فإنّ استصحاب العدم قد یكون استصحاب عدم الجعل و قد یكون استصحاب عدم المجعول و هو أیضاً تارة استصحاب عدم الحكم للمتعلّق إذا كان مطلقاً و لمیقیّد بزمان خاصّ، و هذا یتصوّر على القول بظرفیة الزمان، حیث أنّ لازم ذلك عدم تقیّد المتعلّق مثل الإمساك بكونه بعد الغروب أو عدم تقیّد الجلوس بكونه بعد الزوال، فإنّ المتعلّق أمر واحد.
و أخری استصحاب عدم الحكم للمتعلّق إذا كان مقیّداً بزمان خاصّ، و هذا یتصوّر على القول بقیدیة الزمان، فإنّ الجلوس في المثال المذكور حینئذٍ یتقیّد بأزمنة مختلفة فیتكثر الموضوع حسب تعدّد الأزمنة، مثل الجلوس یوم الخمیس و الجلوس یوم الجمعة من الفجر إلى الزوال، و الجلوس یوم الجمعة من الزوال إلى الغروب و الفرق بینهما هو أنّ الأوّل استصحاب عدم الحكم للمتعلّق المطلق و الثاني استصحاب عدم الحكم للمتعلّق المقیّد، و الأوّل يعمّ ما كان الزمان ظرفاً أو قیداً و الثاني يختص بما كان الزمان قیداً.
فلابدّ من ملاحظة مجری استصحاب العدم بهذا النحوین من جهة تعارضه مع استصحاب آخر أو من حیث إمكان جریانه.
أمّا الاستصحاب الأوّل أعني استصحاب عدم الحكم للمتعلّق المطلق فلایجري لما تقدّم من أنّ الشك فیه لایتّصل بالیقین. و بعبارة أخری: إنّ الیقین السابق انتقض فیه بالیقین الآخر و هو قوله: «بَل انقُضه بیقینٍ آخَر»، فإنّ وجوب الجلوس المطلق لمیكن فیما سبق، و إن شئت قل: لمیكن في الأزل، فالحالة السابقة هي الیقین بعدم وجوب الجلوس، و هذا الیقین انتقض بالیقین بوجوب الجلوس یوم الجمعة من الفجر إلى الزوال و لذلك بعد الزوال لانتمكن من جریان استصحاب عدم الحكم لمطلق الجلوس، لانقلاب العدم إلى الوجود بین الفجر و الزوال من یوم الجمعة.
و هذا الاستصحاب هو الذي ادّعی جریانه بعض الأعلام مثل المحقّق النراقي و المحقّق الخوئي و من تبعهم، فقال هؤلاء الأعلام بتعارض هذا الاستصحاب و استصحاب الحكم المجعول إلا أنّهم قرّروه بعنوان عدم جعل الحكم للمتعلّق المطلق.
و على أي حال هذا الاستصحاب لایجري سواء قلنا بقیدیة الزمان أم بظرفیته فلاتصل النوبة إلى تعارضه مع استصحاب الحكم المجعول و هو وجوب الجلوس یوم الجمعة من الفجر إلى الزوال.
أمّا الاستصحاب الثاني أعني استصحاب عدم الحكم للمتعلّق المقیّد فهو لا مانع من جریانه، و مثاله هو وجوب الجلوس یوم الجمعة من الزوال إلى الغروب، فإنّ هذا الموضوع غیر الموضوع السابق فإنّ الجلوس له أنواع مختلفة: الجلوس المطلق من حیث الزمان، و الجلوس المقیّد، و الجلوس المقیّد أیضاً إمّا قبل یوم الجمعة مثل الجلوس یوم الخمیس، و إمّا یوم الجمعة من الفجر إلى الزوال و هو محكوم بالوجوب حسب الفرض و إمّا یوم الجمعة من الزوال إلى الغروب.
و قد ادّعي أنّه لا حالة سابقة لعدم وجوب الجلوس یوم الجمعة من الزوال إلى الغروب، و فیه: أنّ هذا الوجوب لمیكن في الأزل، فالحالة السابقة التي تتصوّر له هو العدم الأزلي و المحقّق الخوئي قائل بجریان استصحاب العدم الأزلي، أمّا وجوب الجلوس المقیّد بالفجر إلى الزوال یوم الجمعة فموضوعه أمر آخر، أو فقل: إنّ المتعلّق فیه هو غیر المتعلّق في المبحوث عنه و مع اختلاف المتعلّق لایعدّ ذلك حالة سابقة، و المفروض هو أنّ الزمان بقیدیته یكون مكثراً للموضوع فالحكم الجاري لموضوع لایستصحب بالنسبة إلى موضوع آخر.
و نتیجة ذلك هو أنّ النوع الثالث على فرض قیدیة الزمان یجري فیه استصحاب عدم الوجوب، و أمّا استصحاب الحكم فلایجري فیه.
نعم على فرض ظرفیة الزمان لایجري هنا استصحاب عدم الحكم بل الجاري هو استصحاب وجود الحكم.
هذا تمام الكلام في الشبهة الحكمیة.
الموضع الثاني: الشبهة الموضوعیة
قال المحقّق الخوئي: «تارة یكون الفعل فیه مقیّداً بعدم مجيء زمان، كما إذا كان الإمساك مقیّداً بعدم غروب الشمس، أو كان جواز الأكل و الشرب في شهر رمضان مقیّداً بعدم طلوع الفجر و علیه فلا إشكال في جریان الاستصحاب العدمي، فباستصحاب عدم غروب الشمس یحكم بوجوب الإمساك، كما أنّه باستصحاب عدم طلوع الفجر یحكم بجواز الأكل و الشرب.
و أخری یكون الفعل مقیّداً في لسان الدلیل بوجود الزمان لا بعدم ضدّه كما إذا كان الإمساك مقیّداً بالنهار و جواز الأكل و الشرب مقیّداً باللیل فیجري الاستصحاب في نفس الزمان»([1]
).
و الكلام في الشبهة الموضوعیة هو كما أفاده المحقّق الخوئي.
و المتحصّل أنّ الاستصحاب یجري في الزمان و أیضاً في التدریجیات غیر القارّة، و أمّا التدریجیات القارّة ففي النوع الأوّل (الشبهة المفهومیة) و الثاني (تعارض الأدلّة) لایجري الاستصحاب الموضوعي و الاستصحاب الحكمي جارٍ إذا كان الزمان ظرفاً و لایجري إذا كان قیداً، و أمّا النوع الثالث من التدریجیات القارّة (و هو الشك في حدوث تكلیف جدید مع الیقین بتحقّق الغایة بالنسبة إلى التكلیف السابق) فإذا كان الزمان فیها ظرفاً فیجري فیها استصحاب التكلیف دون استصحاب عدم الحكم عدماً أزلیاً و إذا كان الزمان قیداً یجري استصحاب عدم الحكم عدماً أزلیاً و لایجري استصحاب التكلیف السابق.
ثم اعلم أنّ النوع الثالث حسب ما استفید من كلام الشیخ العلامة الأنصاري یختصّ بما كان الزمان فیه قیداً للتكلیف.
هذا تمام الكلام في التنبیه الرابع.
التنبیه الخامس: الاستصحاب التعلیقي
(فیه مقدمات خمس و مقامات ثلاثة)
المقدمة الأولی: اعتبار وجود المستصحب في الوعاء المناسب له
المقدمة الثانیة: العناوین المأخوذة في الأحكام علی ثلاثة أنحاء
المقدمة الثالثة: النزاع جارٍ عند القائلين بجريان الاستصحاب الكلي فقط
المقدمة الرابعة: تبیین محل النزاع
المقدّمة الخامسة: المناقشة في المثال المعروف للاستصحاب التعلیقي
المقام الأول: القول بجريان الاستصحاب التعليقي
المقام الثاني: القول بعدم جريان الاستصحاب التعليقي
المقام الثالث: الاستصحاب التعلیقي في الموضوعات
الاستصحاب التعلیقی
و یسمّی بالاستصحاب التقدیري أیضاً و هو استصحاب الحكم الذي كان معلّقاً على شرط مفقود أو كان معلّقاً على عدم المانع و هو (أي المانع) موجود. و اختلف الأعلام في جریانه فقال السيد العلامة بحر العلوم([2]
) و الشیخ الأنصاري و المحقق الهمداني و صاحب الكفایة و المحقّق العراقي و المحقق الحائري و المحقق البروجردي و المحقق الحکیم و الشیخ محمد تقي الآملي و المحقق الداماد و بعض الأكابر جمع آخر من الأعلام([3]
[4]
[5]
[6]
[7]
[8]
[9]
[10]
[11]
[12]
[13]
[14]
) بجریانه.
و قال بعض آخر منهم مثل صاحب الریاض([15]
) و صاحب المناهل([16]
) على ما حكي عنهما و المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي و بعض الأساطین ([17]
)و السيد المحقق السيستاني([18]
) بعدم جریانه.([19]
[20]
[21]
[22]
[23]
[24]
[25]
[26]
)
و هکذا قال جمع من الأعلام مثل السید المحقق الیزدي بالتفصیل. ([27]
[28]
[29]
[30]
)
مقدمات خمس
المقدمة الأولی: اعتبار وجود المستصحب في الوعاء المناسب له
قال المحقّق النائیني: «الأوّل: یعتبر في الاستصحاب الوجودي أن یكون المستصحب شاغلاً لصفحة الوجود في الوعاء المناسب له، من وعاء العین أو وعاء الاعتبار، إذ لایعقل التعبّد ببقاء وجود ما لا وجود له»([31]
[32]
).
المقدمة الثانیة: العناوین المأخوذة في الأحكام علی ثلاثة أنحاء
قال المحقّق النائیني -و تبعه المحقّق الخوئي-([33]
[34]
[35]
[36]
):
«إنّ الأحكام المتعلّقة بالعناوین تختلف باختلاف القرائن الخارجیة و الداخلیة ... [و تنقسم إلى ثلاثة أنحاء:]
[النحو الأوّل:]
فقد تقتضي القرینة ثبوت الحكم الثابت لعنوانٍ خاص لذات المعنون و لو مع زوال عنوانه، كما في الحلیة الثابتة لعنوان الحنطة مثلاً حیث أنّ العرف یفهم من الدلیل الدالّ علیها حلّیة الدقیق و الخبز من دون التماس دلیل آخر، فلایكون الحكم تابعاً للعنوان، و لایدور مداره بقاءً.
[النحو الثاني:]
و قد تقتضي [القرینة] ثبوته [أي ثبوت الحكم] للمعنون بما هو كذلك، فیحكم بارتفاعه عند ارتفاعه كما في النجاسة الثابتة للعذرة، فإنّ العرف یراها ثابتة لنفس العذرة فلایحتملون بقاءها عند تبدّلها حیواناً و في مثل ذلك یدور الحكم مدار تحقّق عنوان موضوعه.
[النحو الثالث:]
و قد یشك في ذلك، فلایعلم بقاء الحكم بعد زوال عنوان موضوعه و لا عدمه بعد الفراغ عن سكوت الدلیل الأوّل عنه إثباتاً و نفیاً.
و حینئذٍ فإن كان العرف یرون الوصف الزائل من مقوّمات الموضوع حسب نظرهم - بحیث لو كان الحكم ثابتاً له أیضاً بدلیل آخر، لكانوا یحكمون بحدوث حكم جدید لموضوع كذلك - فلا مجال حینئذٍ للاستصحاب؛ لعدم اتّحاد القضیة المتیقّنة و المشكوكة.
و أمّا إن كانوا یرون ذلك من حالاته و أوصافه، بحیث لو دلّ دلیل على ثبوته في هذا الحال، لیرون ذلك إبقاءً للحكم الأوّل في موضوعه و إن كان الدلیل الأوّل ساكتاً عنه، فهذا هو مورد الاستصحاب.
فتلخّص أنّ جریان الاستصحاب موقوف على سكوت الدلیل الأوّل عن إثبات الحكم في الحالة الثانیة وجوداً و عدماً، و على كون القضیة المشكوكة في الآن الثاني متّحدةً مع القضیة المتیقّنة ... .
[2] و أساس القول بالاستصحاب التعليقي هو ما ذكره السيد بحر العلوم
. في مصابيح الأحكام، ج3، ص290: «لنا على ذلك [أي القول بالتحريم] وجوه: [الوجه] الأوّل: استصحاب حكم العنب. و تقريره: أنّه قد ثبت للعنب قبل أن يصير زبيباً حكمان معلومان، هما: الحلّية قبل الغليان، و التحريم بعده. و بعبارة أخرى: الحلّية بالفعل، و التحريم بالقوّة. فإذا جفّ العنب و صار زبيباً فقد تغيّرت صفته و بقيت حقيقته، فيجب أن يبقى على ما كان عليه قبل الزبيبيّة و الجفاف، فيحرم ما يحرم به عصير العنب، و يحلّ ما يحلّ به؛ لأنّ الأصل فيما ثبت أن يدوم ما لمتختلف الحقيقة، أو يدلّ دليل على الزوال، و هو معنى الاستصحاب».و قال في ص414 - 415: «وحيث استقصينا الكلام في دلائل المختار فقد حان لنا الشروع في أدلّة القول الآخر، و جملة ما قيل في الاستدلال عليه و ما يمكن أن يقال وجوه: ... الثاني: استصحاب الحلّ؛ فإنّ المعتصر من الزبيب كان حلالاً قبل غليانه إجماعاً، فيبقى على الحلّية بعده حتّى يثبت المزيل، فإنّ اليقين لاينتقض بالشكّ».و أجاب عنه في ص421: «عن الثاني: بأنّ المعتصر من الزبيب و إن كان حلالاً قبل غليانه إلا أنّ حلّيّته كحلية العصير العنبي مشروطة بعدم الغليان؛ فإنّ الزبيب عنب قد جفّ، و اختصّ بعد الجفاف بهذا الاسم، فيستصحب فيه الحكم الثابت له قبل جفافه و تغيّر صفته، و هو حليته بالفعل ما لميغل، و تحريمه إذا غلى، و يكون حليته مقرونة بتحريمه المعلّق على الشرط، فلايصحّ استصحابها مع تحقّق الشرط، كما هو المفروض»
[5] كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج1، ص411..: «كما لا إشكال فيما إذا كان المتيقن حكماً فعلياً مطلقاً لاينبغي الإشكال فيما إذا كان مشروطاً معلقاً فلو شك في مورد لأجل طروّ بعض الحالات عليه في بقاء أحكامه ففيما صحّ استصحاب أحكامه المطلقة صحّ استصحاب أحكامه المعلقة لعدم الاختلال بذلك فيما اعتبر في قوام الاستصحاب من اليقين ثبوتاً و الشك بقاء»
[10] الشيخ محمد تقي الآملي
. في منتهى الوصول إلى غوامض كفايه الأصول، ص100: «لايحتاج في الاستصحاب أن يكون المتيقن مما يترتب عليه الآثار في زمان اليقين به بل يكفى فيه ترتب الاثر عليه و لو فى حال الشك، كما في الاستصحابات التعليقية». و ص117: «كما أنه لو شك فى بقاء الأحكام الفعلية الثابتة للعنب إذا صار زبيباً لا مانع من استصحابه من حيث كونه حكماً منجزاً، كذلك لا مانع من استصحاب حكمه التعليقي عند الشك في بقائه من حيث كونه حكماً تعليقياً، و إن منع من جهة أمر آخر، كتبدّل الموضوع أو كونه شكاً في المقتضي و نحوهما»
[12] الاستصحاب، الخميني، السيد روح الله، ج1، ص134..: «إنّ التعليق إذا ورد في دليل شرعيّ كما لو ورد: «أنَّ العصير العنبيّ إذا غلى يحرم» ثمّ صار العنب زبيباً، فشكّ في أنّ عصيره أيضاً يحرم إذا غلى أو لا، فلا إشكال في جريان استصحابه من حيث التعليق؛ لما عرفت من أنّ المُعتبر في الاستصحاب ليس إلا اليقين و الشك الفعليّين، و كون المشكوك فيه ذا أثر شرعي، أو مُنتهياً إليه، و كلا الشرطين حاصلان، أمّا فعليّتهما فواضحة، و أمّا الأثر الشرعي؛ فلأنّ التعبّد بهذه القضيّة التعليقيّة أثره فعليّة الحكم لدى حصول المُعلّق عليه، من غير شبهة المثبتية؛ لأنّ التعليق إذا كان شرعيّاً معناه التعبّد بفعليّة الحكم لدى تحقّق المعلق عليه، و إذا كان الترتب بين الحكم و المعلق عليه شرعيّاً لاترد شبهة المثبتية، فتحقق الغليان وجداناً بمنزلة تحقق موضوع الحكم الشرعي وجداناً ... تحصل مما ذكرنا أن جريان الاستصحاب التعليقي مما لا إشكال فيه»
[13] قال کثیر من الأعلام بجریان الاستصحاب التعلیقي:مباني الأحكام، ج3، ص117: «قد يشكل في الاستصحاب التعليقي من وجوه: منها عدم المتيقن- لفرض التعليق- و وضوح عدم تحقق الحكم قبل حصول المعلق عليه، و الجواب عنه بوجوه ...». و ص120: «و منها: أن مفاد الاستصحاب هو التعبد بالوجود التعليقي، و ترتب الفعلي على التعليقي عقلي و الجواب عنه أولاً: ...».خلل الصلاة و أحکامها، ص385: «الفرع الثالث في وقوع الشك في الأربع و الخمس في حال القیام ... أقول: یمکن توجیه صحة الصلاة المفروضة بوجوه: ... الثاني ... مقتضى الاستصحاب التعلیقي هو ثبوت حکم الشك بین الثلاث و الأربع».
[15] حكى عنه ذلك ابنه صاحب المناهل و سيأتي في الهامش التالي.
[16] قال في المناهل، ص652: «و منها ما نبّه [السيد بحر العلوم
] عليه في المصابيح أيضاً قائلاً ... و لكن أجاب عنه فيه قائلاً ...».قال السید المجاهد تبعاً لوالده صاحب الریاض قال في المناهل، ص652: «و قد یجاب عما ذکره أولاً ... لو غلا حین کونه عنباً لحرم و لکنه لمیغل حال کونه عنباً و إنما حصل الغلیان بعد صیرورته زبیباً فلمیتحقق الحکم بالتحریم بالنسبة إلى هذا الموجود الخارجي الذي هو محل النزاع في آنٍ من الآنات و زمانٍ من الأزمان فلایجوز التمسك باستصحابه في حال الزبیبیة ... و بالجملة یشترط في حجیة الاستصحاب ثبوت أمر من حکم وضعي أو تکلیفي أو موضوع في زمان من الأزمنة قطعاً ثم یحصل الشك في ارتفاعه بسبب من الأسباب فلایکفي مجرد قابلیة الثبوت باعتبار من الاعتبار فالاستصحاب التقدیري باطل، و قد صرّح بما ذکرناه والدي العلامة
. في أثناء الدرس فلا وجه للتمسك باستصحاب التحریم على القل الثاني»
[17] قال بعض الأساطين
في المغني في الأصول، ج2، ص88 : «و نتيجة البحث: إنه لا مقتضي لجريان الاستصحاب التعليقي في الأحكام. و على فرض تمامية المقتضي يأتي إشكال التعارض بين استصحاب الحرمة التعليقي و استصحاب الحلية، فإن تمّ، فالمانع من جريان الاستصحاب التعليقي موجود، و إن لميتمّ الإشكال - كما هو الحقّ الموافق لجواب المحقق الخراساني
). - فلا محذور في الاستصحاب التعليقي من هذه الجهة»
[18] الاستصحاب (السید السیستاني)، ص564: «ظهر مما ذکرنا عدم جریان الاستصحاب التعلیقي».
[19] قال کثیر من الأعلام بعدم جریان الاستصحاب التعلیقي:نتائج الأفكار في الأصول، ج6، ص15: «يعتبر في الاستصحاب فعلية الشك و اليقين لوضوح إناطة كلّ حكم بوجود موضوعه ... فالعلم و الشك التقديريان ليسا موضوعين للاستصحاب ... و لذا لايجري في الاستصحاب التعليقي، فإن التعليق و التقدير غير الفعلية و الموضوع هو الثاني».و ص210: «الاستصحاب التعليقي المصطلح و هو استصحاب الحكم المعلق على موضوع مركب تحقق جزء منه دون جزئه الآخر مع تبدّل حال من حالاته لا أصل و لا أساس له أصلاً».ج5، ص303: «تقدم عدم اعتبار الاستصحاب في الأحكام التعليقية في خطاب الشارع فضلاً عن الموضوعات التعليقية».
[21] منتقى الأصول، الحكيم، السيد عبد الصاحب، ج6، ص196.. منتقى الأصول، ج6، ص196: «التحقيق أن يقال: إن المسالك المعروفة في حقيقة الحكم التكليفي و كيفية جعله ثلاثة: المسلك الأول: ما هو مسلك المشهور من أنها عبارة عن أمور اعتبارية يتسبّب لها بالإنشاء و تكون فعلية الأحكام منوطة بوجود الموضوع بخصوصياته، فبدونه لا ثبوت إلا للإنشاء ... لابدّ من تحقيق الكلام بلحاظ كل مسلك من هذه المسالك الثلاثة، فنقول: أما على الأول- و هو مسلك المشهور المنصور-: فالمتّجه القول بعدم جريان الاستصحاب في الحكم التعليقي»
[22] دروس في مسائل علم الأصول، التبريزي، الميرزا جواد، ج2، ص23. دروس في مسائل علم الأصول، ج2، ص23: «يترتب على ما ذكرنا بطلان القول باعتبار الاستصحاب التعليقي، حيث أن المستصحب في موارد الاستصحاب هو الحكم في مقام الثبوت، و الحكم في مقام الثبوت له مرتبتان: مرتبة الجعل و مرتبة الفعلية، و ليس شيء منهما مما يتمّ فيه أركان الاستصحاب».
[23] المغني في الأصول، الاستصحاب، ج2، ص72: «الحاصل أن ... و أمّا المنشأ و هي الحرمة المنشأة بهذه القضیة التعلیقیة فلا وجود لها قبل الغلیان فلا متیقّن في البین حتی نستصحبه».ص88: «إنه لا مقتضی لجریان الاستصحاب التعلیقي في الأحکام».
[27] و هناك من فصّل في جریان الاستصحاب منهم السید المحقق الیزدي
:حاشية فرائد الأصول (السید المحقق الیزدی
).)، ج3، ص258: «إعلم أن الاستصحاب التعليقي ... إنما يجري فيما إذا أحرزنا أن المجعول الشرعي هو الحكم المشروط أو السببية كما هو ظاهر قوله: "إذا غلى و اشتدّ العصير يحرم"، و أما إذا كان ذلك من انتزاع العقل للملازمة بين الحكم و موضوعه كما لو قال: "يجب الحجّ على المستطيع"، فينتزع العقل منه أن الاستطاعة سبب لوجوب الحجّ و أن زيداً بحيث لو استطاع وجب عليه الحجّ، فلاينفع في جريان الاستصحاب التعليقي عند الشك في وجوب الحج بالاستطاعة في خصوص حال من الحالات، إذ ليس هنا حكم شرعي قابل للاستصحاب»
[28] حاشية المكاسب، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج2، ص169.. : «إن الاستصحاب التعلیقي أیضاً حجة إذا کانت الملازمة من المجعولات الشرعیة لرجوعه حینئذ إلى التنجیزي ... إن الاستصحاب التعلیقي على ما حقّق في محله إنما یکون حجة إذا کانت الملازمة من الأحکام المجعولة الشرعیة و أما إذا کانت من الانتزاعات العقلیة فلا إذ على هذا لیس حکماً حتی یستصحب»
[30] و تبع السید المحقق الیزدی
بعض الأعلام:كالحجة الكوهكمري
في المحجة في تقريرات الحجة، ج2، ص405؛ و السید المحقق الصدر
. في مباحث الأصول، ج5، ص396، و ص398
[34] فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج4، ص458.. «الأمر الثاني: الأسماء و العناوين المأخوذة في موضوعات الأحكام ... تارة يستفاد من نفس الدليل أو من الخارج أن لها دخلاً في موضوع الحكم، بحيث يدور الحكم مدار بقاء العنوان و يرتفع الحكم بارتفاعه و لو مع بقاء الحقيقة ... و أخرى: يستفاد من الدليل أو من الخارج أنه ليس للوصف العنواني دخل في الحكم، بل الحكم مترتب على نفس الحقيقة و الذات المحفوظة في جميع التغيرات و التقلبات الواردة على الحقيقة ... و ثالثة لايستفاد أحد الوجهين من الخارج أو من دليل الحكم، بل يشك في مدخلية العنوان و الاسم في ترتب الحكم عليه ...»
[35] ناقش الشيخ حسين الحلي
) في
أصول الفقه، الحلي، الشيخ حسين، ج10، ص4. في بيان مقرّر فوائد الأصول: «و ينبغي التأمّل فيما أُفيد بقوله: و أُخرى يستفاد من الدليل أو من الخارج أنّه ليس للوصف العنواني دخل في الحكم، بل الحكم مترتّب على نفس الحقيقة و الذات إلخ، فيقال بعد الفراغ عن عدم مدخلية ذلك العنوان في موضوع الحكم: لايعقل أخذه فيه إلّا من جهة كونه علّة للحكم، فلو شكّ في بقاء الحكم بعد ارتفاع ذلك العنوان، لايكون إلّا من جهة الشكّ في أنّ تلك العلّة هل محدثة أو مبقية، و معه يتمّ الاستصحاب مع فرض وحدة الموضوع وحدة عقلية.نعم، كما يمكن أن يستفاد من الدليل العلّية فيتمّ الاستصحاب، فكذلك يمكن أن يستفاد منه كون تلك الحالة و ذلك العنوان ظرفاً للحكم، و بعد انقضاء
ذلك الظرف نشكّ في بقاء الحكم، و تكون الوحدة حينئذ عقلية أيضاً..أمّا مع الشكّ في اعتبار ذلك العنوان المفقود في موضوع الحكم و عدم اعتباره، فلايمكن الرجوع إلى الاستصحاب لعدم إحراز [الموضوع] فلاتتّحد القضية المتيقّنة مع المشكوكة، و التسامح العرفي لاينفع في مثل ذلك كما حرّرناه في خاتمة الاستصحاب، فراجع»