46/05/03
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /التنبیه الرابع؛ المقام الثاني؛ القسم الثاني؛ التحقیق حول القسم الثاني علی منهج المحقق الخوئی
نعم، لو كفی في الاستصحاب نفس المسبوقیة بالعدم من دون اتّصافه به [أي لو كفی في الاستصحاب العدم المحمولي الذي هو عدم الوجوب مطلقاً و لمیلزم اتّصافه به حتّی یكون عدماً نعتیاً] لأمكن أن یقال في المقام بجریانه، لسبق الوجود المقیّد المشكوك بالعدم الأزلي لامحالة، لكنّه بمراحل من الواقع، إذ لابدّ في جریانه من إبقاء المتیقّن، و من المفروض أنّه عدم الماهیة لا عدم الوجود، فتدبّر ذلك، فإنّه دقیق».
هذا الذي أفاده مبني على أن یكون المراد من استصحاب العدم هو استصحاب عدم الحكم و بعبارة أخری استصحاب عدم المجعول، أمّا بناء على كون المراد من استصحاب العدم استصحابَ عدم الجعل فإنّه قال:
«نعم، لو قلنا بإثبات عدم المجعول باستصحاب عدم الجعل، لأمكن التمسّك به في المقام أیضاً، و ذلك لأنّه بعد فرض مغایرة الوجوب فیما بعد الزوال للوجوب قبله فالقدر المتیقّن هو جعل الثاني دون الأوّل، فیستصحب عدمه، و یثبت به عدم الوجوب بعده.
و لكنّه قد ذكرنا مراراً أنّ إثبات عدم المجعول باستصحاب عدم الجعل یبتني على القول بالأصول المثبتة.
فتخلّص أنّه سواء كان الزمان أخذ قیداً في الواجب أو ظرفاً له فلایمكن التمسّك بعده لا باستصحاب الوجود و لا باستصحاب العدم، بل لابدّ من الرجوع إلى أصل آخر من اشتغال أو براءة»([1] ).
مناقشة المحقّق الخوئي علی إيراد المحقّق النائیني
«إنّه یمكن اختیار كلّ من الشقّین:
أمّا الشقّ الأوّل، فلمّا عرفت في بحث العام و الخاص من أنّه لا مانع من جریان الاستصحاب في الأعدام الأزلیة.
و أمّا الشقّ الثاني، فلأنّه لا فرق بین الجعل و المجعول إلا بالاعتبار، نظیر الفرق بین الماهیة و الوجود، أو الإیجاد و الوجود، فلایكون استصحاب عدم الجعل لإثبات عدم المجعول من الأصل المثبت في شيء»([2] ).
ملاحظات ثلاث على كلمات الأعلام
الملاحظة الأولی
إنّ المحقّق الخوئي قال في مقدمة بحثه عن الشبهة الحكمیة: إن أخذ الزمان ظرفاً عین أخذه قیداً، و هذا ممّا لایمكن المساعدة علیه، لأنّ الزمان قد یؤخذ في لسان الدلیل بعنوان شرط الحكم من دون أن یكون متعلّق التكلیف مقیّداً به، لوضوح الفرق بین تقیید الفعل المكلّف به و تقیید نفس الأمر و التكلیف.
كما أنّ تقیید المكلّف به و متعلّق التكلیف على نحوین؛ فإنّه قد یكون الزمان مأخوذاً فیه بنحو مفاد كان التامّة، و قد یكون مأخوذاً فیه بنحو مفاد كان الناقصة.
فالظرفیة و إن كانت ذاتیة للزمان إلا أنّ الزمان قد یكون ظرفاً و شرطاً للتكلیف، و قد یكون ظرفاً و قیداً لمتعلّق التكلیف.
فما یتوهّم من أنّ الزمان إذا كان ظرفاً یكون قیداً للمأمور به و متعلّق التكلیف ممنوع.
نعم إذا كان الزمان قیداً لمتعلّق التكلیف فهو ظرف بلا كلام لما أفاده من أنّ الزمان ظرف في نفسه، و لكن المراد من الظرفیة في قبال القیدیة هو أن یكون الزمان ظرفاً فحسب من غیر أن یكون قیداً لمتعلّق التكلیف. و بعبارة أخری: المراد من الظرفیة هو ظرفیة الزمان للتكلیف لا المكلّف به.