بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/04/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /التنبیه الرابع؛ المقام الثاني؛ القسم الثاني؛ التحقیق حول القسم الثاني علی منهج المحقق الخوئي

 

النوع الأوّل و الثاني:

قال: «إذا شككنا في بقاء هذا الزمان و ارتفاعه من جهة الشبهة المفهومیة أو لتعارض الأدلّة لایمكن جریان الاستصحاب، لا الاستصحاب الحكمي و لا الموضوعي.

أمّا الاستصحاب الحكمي فلكونه مشروطاً بإحراز بقاء الموضوع و هو مشكوك فیه على الفرض فإنّ الوجوب تعلّق بالإمساك الواقع في النهار، فمع الشك في بقاء النهار كیف یمكن استصحاب الوجوب، فإنّ موضوع القضیة المتیقّنة هو الإمساك في النهار و موضوع القضیة المشكوكة هو الإمساك في جزء من الزمان یشك في كونه من النهار، فیكون التمسك بقوله: "لاتَنْقُضِ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ"([1] [2] [3] ) لإثبات وجوب الإمساك فیه تمسّكاً بالعام في الشبهة المصداقیة.

و أمّا الاستصحاب الموضوعي بمعنی الحكم ببقاء النهار، فلأنّه لیس لنا یقین و شك تعلقا بشيء واحد، حتّی نجري الاستصحاب فیه، بل لنا یقینان: یقین باستتار القرص و یقین بعدم ذهاب الحمرة المشرقیة. فأيُّ موضوع یشك في بقائه بعد العلم بحدوثه حتّی یكون مجریً للاستصحاب، فإذاً لا شك لنا إلا في مفهوم اللفظ و من الظاهر أنّه لا معنی لجریان الاستصحاب فیه.

و نظیر المقام ما إذا شككنا في معنی العدالة و أنّها عبارة عن ترك الكبائر فقط أو هو مع ترك الصغائر فإذا كان زید عادلاً یقیناً فارتكب صغیرة نشك في بقاء عدالته للشبهة المفهومیة، فلا معنی لجریان الاستصحاب الموضوعي، لعدم الشك في شيء من الموضوع حتّی یجري فیه الاستصحاب فإنّ ارتكابه الصغیرة معلوم و ارتکابه الکبیرة معلوم الانتفاء فلیس هنا شيء یشك في بقائه لیجري فیه الاستصحاب.

و قد صرّح الشیخ في بعض تحقیقاته بعدم جریان الاستصحاب الموضوعي في موارد الشبهة المفهومیة»([4] ).

النوع الثالث:

قال الشیخ بجریان استصحاب عدم التكلیف بالنسبة إلى احتمال حدوث تكلیف آخر، أمّا استصحاب وجود التكلیف السابق الذي تحقّقت غایته فلا مجری له، لأنّه مرتفع یقیناً، و قد تبعه في ذلك المحقّق الخوئي و لكن المحقّق النائیني خالفه و أنكر جریان كلا الاستصحابین.

نظریة المحقّق النراقي في النوع الثالث ([5] )

«إذا علم أنّ الشارع أمر بالجلوس یوم الجمعة و علم أنّه واجب إلى الزوال و لم‌یعلم وجوبه فیما بعده، فنقول: كان عدم التكلیف بالجلوس قبل یوم الجمعة و فیه إلى الزوال و بعده معلوماً قبل ورود أمر الشارع، و علم بقاء ذلك العدم قبل یوم الجمعة و علم ارتفاعه و التكلیف بالجلوس فیه قبل الزوال، و صار بعده موضع الشك. فهنا شك و یقینان، و لیس إبقاء حكم أحد الیقینین أولى من إبقاء حكم الآخر».

و أیضاً قال المحقّق النراقي في مثال وجوب الصوم إذا عرضه المرض بتعارض استصحاب وجوب الصوم و استصحاب عدم جعل التكلیف بالصوم، و قد تقدّم بیان ذلك في التفصیلات التي ذكرناها في أوائل مباحث الاستصحاب قبل الورود في التنبیهات و قلنا في التفصیل الرابع و هو عدم جریان الاستصحاب في الشبهات الكلّیة الحكمیة بأنّ المحقّق النراقي و المحقّق الخوئي قالا بتعارض استصحاب وجود التكلیف و استصحاب عدم الجعل و تساقطهما، خلافاً للمحقق النائيني حیث قال بأنّ استصحاب عدم الجعل لا مجری له هنا و قد اخترنا هذه النظریة فراجع([6] ).


[1] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج1، ص8.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص245، أبواب أبواب نواقض الوضوء، باب1، ح1، ط آل البيت.
[3] راجع عیون الأنظار، ج10، ص143، الرواية الأولى: الصحیحة الأولى لزرارة.
[4] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج2، ص132.
[5] مناهج الأحكام 239.
[6] عيون الأنظار، ج10، ص361 و ما يليها.