46/04/23
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /التنبیه الرابع؛ المقام الأول؛ الإشکال الثاني
جواب المحقق النائیني عن هذا الإیراد
«إنّ استصحاب الزمان و إن لمیترتّب علیه إحراز وقوع الفعل في النهار مثلاً إلا أنّ استصحاب الوجوب یكفي في ذلك، و ذلك لأنّ استصحاب الزمان لایترتّب علیه إلا ما هو أثره شرعاً، و من المفروض أن لیس له أثر إلا بقاء وجوب الصلاة و أمّا وقوع الصلاة في النهار فهو من آثار بقائه عقلاً لا شرعاً و هذا بخلاف استصحاب وجوبها، فإنّ معنی التعبّد ببقاء الوجوب فعلاً هو التعبّد ببقائه بجمیع خصوصیاته التي كان علیها، و من المفروض أنّ الوجوب السابق إنّما كان متعلّقاً بما إذا أتی به كان واقعاً في النهار فالآن یستصحب ذلك الوجوب على النحو الذي كان سابقاً.
و بالجملة خصوصیة الظرفیة إنّما تنتزع من وقوع العبادة في زمانٍ، فإذا أدرجنا منشأ الانتزاع الذي هو متعلّق الوجوب في المستصحب فلانحتاج إلى إحراز الظرفیة بأمر آخر، بل یكفي في إثبات التقید استصحاب نفس الوجوب المتعلّق بالعبادة على النحو الذي كان متعلّقاً بها سابقاً»([1] [2] ).
یلاحظ علیه
إنّ استصحاب الحكم فیما إذا شككنا في بقاء الموضوع أو تحقّق قیوده لایوجب إحراز بقاء الموضوع أو قیوده. نعم إنّ بقاء الحكم الشرعي بالاستصحاب التعبّدي یلزمه عقلاً ذلك، لأنّ وقوع متعلّق الحكم في ظرف النهار من اللوازم العقلیة لبقاء الحكم و استصحاب الحكم بالنسبة إلیه أصل مثبت و مثال ذلك هو استصحاب طهارة الماء الذي لاقی النجاسة و كان كرّاً سابقاً و شككنا في بقاء كرّیته، فإنّ بقاء طهارته تعبّداً لیس بمعنی بقاء كرّیته فاستصحاب الطهارة هنا لایوجب إحراز الكرّیة شرعاً، فلابدّ في إحراز الكریّة من الاستصحاب الموضوعي و هو استصحاب الكرّیة فإنّ استصحاب الطهارة بالنسبة إلى بقاء كرّیته أصل مثبت.
التحقیق في الجواب عن الإیراد الثاني
إنّ مراد الشیخ الأنصاري من استصحاب الحكم هو أنّه إذا لمیمكن إثبات وقوع الإمساك في النهار باستصحاب بقاء النهار لمثبتیته، فلابدّ من استصحاب بقاء الحكم بوجوب الإمساك و إن لمیثبت أنّه واقع في النهار و معنی ذلك هو أنّ وظیفة المكلّف هو الإمساك فیما شك في بقاء النهار، و لیس مراده إثبات وقوع الإمساك في النهار و إحراز ذلك من استصحاب بقاء الحكم.([3] [4] )
الاتّجاه الثالث: من صاحب الكفایة
قال: «أمّا الفعل المقید بالزمان ... فإن كان [الشك في حکمه] من جهة الشك في بقاء القید، فلا بأس باستصحاب قیده من الزمان كالنهار الذي قیّد به الصوم مثلاً، فیترتّب علیه وجوب الإمساك و عدم جواز الإفطار ما لمیقطع بزواله، كما لا بأس باستصحاب نفس المقیّد، فیقال: إنّ الإمساك كان قبل هذا الآن في النهار و الآن كما كان فیجب فتأمّل»([5] ).
هذا صریح كلام صاحب الكفایة فظهر أنّ ما جاء في مصباح الأصول من أنّه «عدل صاحب الکفایة عن جریان الاستصحاب في الزمان و عن جریانه في الحكم إلى جریانه في فعل المكلّف المقید بالزمان»([6] [7] ) غیر صحیح، فإنّ صاحب الكفایة لمیعدل عن استصحاب الزمان بل قال بأنّ كلا الاتّجاهين صحیح.
نعم، إنّ القول باستصحاب فعل المكلّف المقید بالزمان أولى من استصحاب الحكم؛ لأنّ استصحاب الحكم لایوجب إحراز وقوع الإمساك في النهار بخلاف استصحاب فعل المكلّف المقیّد بالزمان فإنّه یوجب إحراز وقوع الإمساك في النهار.
إیراد المحقّق الخوئي علی الاتّجاه الثالث
«هذا الاستصحاب و إن كان جاریاً في مثل الإمساك، إلا أنّه غیر جار في جمیع موارد الشك في الزمان، فإنّه من أخّر صلاة الظهرین حتّی شك في بقاء النهار، لایمكنه إجراء الاستصحاب في الفعل، بأن یقال: الصلاة قبل هذا كانت واقعة في النهار و [هي] الآن كما كانت إذ المفروض أنّ الصلاة لمتكن موجودة إلى الآن»([8] ).
الجواب عن إیراد المحقّق الخوئي
یمكن استصحاب فعل المكلّف المقیّد بالزمان في تلك الموارد مثل صلاة الظهرین على نحو الاستصحاب التعلیقي فیقال: لو أتی بالصلاة قبل هذا لكانت واقعة في النهار فالآن كما كانت.
مناقشة المحقّق الخوئي في هذا الجواب ([9] )
أوّلاً: إنّ الاستصحاب التعلیقي لایصحّ جریانه في نفسه و ثانیاً: إنّ جریان هذا الاستصحاب مختصّ -عند القائلین به- بما إذا كان المستصحب من الأحكام فلایجري في الموضوعات.([10] )