46/04/05
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /التنبیه الثالث؛ القسم الثاني؛ تقریر آخر لتعارض الأصلین
تقریر آخر لتعارض الأصلین المذكور في الجواب الثالث: من المحقّق الإصفهاني
إنّ المحقّق الإصفهاني جعل الكلام تارة في معارضة الأصلین بالنسبة إلى أثر الفرد بما هو و هذا هو ما تقدّم قبل أسطر من التفصیل في التعارض المذكور و قد تبعه في ذلك المحقّق الخوئي، و أخری في معارضة الأصلین بالنسبة إلى أثر الجامع و هو المراد من هذا التقریر للتعارض بین الأصلین، و بیانه أنّه قال([1] ):
«إنّ فرض الكلام في استصحاب الكلّي و في حكومة الأصل في الفرد على الأصل في الكلّي، فلامحالة یكون للجامع أثر شرعي، و نسبة كلا الأصلین في نفي الجامع على حدّ سواء و مقتضی التعبّد بهما على الفرض التعبّد بعدم الجامع، مع أنّ ثبوته مقطوع به.
ففیما إذا تردّد أمر الحادث بین أن یكون بولاً او منیّاً یكون للجامع بینهما أثر و هو حرمة مسّ المصحف و لكلّ منهما أثر مخصوص و هو وجوب الغسل للحدث الأكبر، و وجوب الوضوء للحدث الأصغر.
و لخصوص الحدث الأكبر أثر مخصوص، لایقابله فیه الأصغر و هو حرمة اللبث في المسجد، فأصالة عدم الجنابة بالنسبة إلى عدم حرمة اللبث لا معارض لها، و بالنسبة إلى عدم وجوب الغسل لها معارض و هو أصل عدم خروج البول المقتضي لوجوب الوضوء مع أنّ وجوب الغسل أو الوضوء مقطوع به و بالنسبة إلى عدم حرمة مسّ المصحف و هو أثر الجامع بین الأكبر و الأصغر أیضاً یتعارضان للقطع بالحدث المقتضي لحرمة مسّ المصحف»([2] [3] [4] [5] ).
الجواب الرابع: من المحقّق الخراساني و المحقّق الإصفهاني
قال صاحب الكفایة: «إنّ بقاء القدر المشترك إنّما هو بعین بقاء الخاصّ الذي في ضمنه لا أنّه من لوازمه»([6] ).
و قال المحقّق الإصفهاني: «إنّه یتوقف صحّة التوهم المزبور على سببیة وجود الفرد لوجود الكلّي، و ترتّب وجود الكلّي على وجود فرده ترتّب المسبّب على سببه في ذاته و على أن یکون ...([7] ) و کلاهما واضح البطلان و أمّا أصل الترتّب و السببیة و المسببیة فلما هو المعروف من العینیة بین الطبیعي و فرده و أنّ وجوده [أي وجود الكلّي] بعین وجوده [أي بعین وجود فرده] فلا اثنینیّة حتّی یتوهّم السببیة و المسبّبیة.
و أمّا العلّیة بمعنى كون الفرد مجری فیض الوجود بالإضافة إلى الماهیة النوعیة، كالفصل بالإضافة إلى الجنس و كالصورة بالإضافة إلى المادّة، فهي بمعنی لاینافي العینیة في الوجود.
فإنّ ملاك العلّیة هو ملاك العینیة و ذلك لأنّ الموجود بالذات هي الصورة و هي جهة الفعلیة، و الموجود بالعرض هي جهة القوة و هي المادّة، لأنّ التركیب بینهما على التحقیق اتحادي لا انضمامي، و المجعولان بجعل واحد لایعقل أن یستقل كلّ منهما بالوجود، فلامحالة یكون المجعول بالذات هو الموجود بالذات، فأحدهما مجعول و موجود بالذات و الآخر مجعول و موجود بالعرض و كلّ مجعول بالذات فاعل ما به الوجود لا منه الوجود بالإضافة إلى المجعول و الموجود بالعرض.
فملاك العینیة و هي وحدة الوجود المنسوب إلى أحدهما بالذات و إلى الآخر بالعرض هو ملاك العلیة كما عرفت.
و هكذا في الماهیة الكلّیة و الماهیة الشخصیة، فإنّ الماهیة الكلّیة اللامتعیّنة لایعقل استقلالها بالوجود و المتعیّن موجود و هو اللامتعیّن بضمیمة التعیّن تحلیلاً.
فالوجود منسوب إلى الماهیة الشخصیة المتعیّنة بالذات و إلى الماهیة الكلّیة اللامتعیّنة في ذاتها بالعرض، و لكلّ ما بالذات نحو من العلّیة بالإضافة إلى ما بالعرض، من دون تخلّل جعل لیكون أحدهما موجوداً مبایناً مترتّباً على موجود آخر.
و ممّا ذكرنا تبین أنّ القول بكون الفرد علّة للكلّي صحیح على وجه و غیر صحیح على وجه آخر، و أنّ كون الكلّي من لوازم الفرد صحیح على الوجه المزبور لكنه نظیر لوازم الماهیة المجعولة بجعلها، من دون تخلّل الجعل بینهما و أنّ العینیة في الوجود لاتنافي كون الفرد منشأ انتزاع الكلّي.
كما أنّ كلّ ما بالذات بالإضافة إلى ما بالعرض كذلك، و أنّ وجود الكلّي بالذات مبني على القول بتأصّل الماهیة، فإنّه حیث كان مناط التأصّل في نفس ذاتها، و هي واجدة لذاتها و ذاتیاتها، فهي متحصّلة في نفس ذاتها و هذا هو من مفاسد القول بأصالة الماهیة»([8] ).
مناقشة في الجواب الرابع
«إنّ العینیة لاتنفع، بل جریان الاستصحاب في الكلّي على العینیة أولى بالإشكال منه على السببیة»([9] ).
و بعبارة أخری هذا المعنی المذكور لعلّیة الفرد للكلّي و هي ما به الوجود لا منه الوجود كافٍ لحكومة الأصل في ناحیة الفرد على الأصل في ناحیة الكلّي.([10] )