بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /التنبیه الثالث؛ المقام الأول: الأقسام الاستصحاب الکلي

 

المثال الثاني: من المحقق الخوئي

و قد مثّل لذلك المحقّق الخوئي ([1] ) بما إذا علمنا بتحقّق الجنابة یوم الخمیس و علمنا بارتفاعها بالاغتسال بعده یوم الخمیس ثم علمنا بوجود المني في الثوب یوم الجمعة و علمنا بوجود الجنابة حین خروج هذا المني و لكن نحتمل أن یكون هذا المني من الجنابة التي اغتسل منها أو أن یكون من غیرها.

ملاحظة على المثال الثاني

و لكن هذا المثال ینطبق على ما إذا احتملنا حدوث جنابة أخری غیر التي اغتسل منها فلو كانت هنا جنابة أخری فلا‌بدّ أن تكون حادثة بعد ارتفاع الجنابة الأولى فالجنابة الثانیة المحتملة - على فرض تحقّقها- حادثة بعد الجنابة الأولى فهي في طول الجنابة الأولى و الحال أنّ القسم الرابع هنا هو العلم بوجود الكلّي في ضمن الفرد الأوّل و بوجوده في ضمن عنوان محتمل الانطباق علیه مع احتمال عدم انطباقه على الفرد الأوّل بل انطباقه على فرد آخر موجود في عرض وجود الفرد الأوّل لا في طوله بحیث یحدث بعده، فما أفاده في المثال لاینطبق على القسم الرابع.

هذه أقسام استصحاب الكلّي، فلا‌بدّ أن نتكلّم عن كلّ قسم من هذه الأقسام:

المقام الثاني: جريان الاستصحاب في الأقسام الأربعة

القسم الأوّل من استصحاب الكلي

یجري الاستصحاب في القسم الأوّل لتمامیة أركانه فیه، و بیان ذلك على ما أفاده المحقّق النائیني: «إنّ وجود الفرد الخارجي المعیّن كما أنّه كان متیقّناً سابقاً و مشكوكاً فیه لاحقاً، فكذلك وجود الكلّي الموجود في ضمنه، فإذا كان كلّ منهما موضوعاً لحكم شرعي، فكما یجري الاستصحاب في الفرد لترتیب أثره، فكذلك یجري في الكلّي أیضاً.

مثلاً: إذا كان المكلّف محدثاً بالحدث الأكبر و شكّ في بقائه و ارتفاعه، فكما یجوز استصحاب بقاء ذلك الحدث لترتیب عدم جواز المكث في المساجد علیه، فكذلك یجوز استصحاب بقاء كلّي الحدث لترتیب عدم جواز مسّ كتابة المصحف و المیزان في جریان الاستصحاب هو كون الشيء متعلّقاً للیقین و الشك و كونه بنفسه حكماً شرعیاً أو موضوعاً لحكم شرعي، و هذا لایفرق فیه بین استصحاب الكلّي و استصحاب فرده»([2] ).

القسم الثاني من استصحاب الكلي

و القسم الثاني - على ما هو المشهور- یجري فیه الاستصحاب -أيضاً- لتمامیة أركان الاستصحاب فيه، و على ذلك لو رأی المكلّف في ثوبه ما یشك في كونه بولاً أو منیّاً فيعلم إجمالاً بكونه محدثاً إمّا بالحدث الأكبر و إمّا بالحدث الأصغر و حینئذٍ إذا توضّأ ینحلّ العلم الإجمالي المذكور و یشك في كونه محدثاً؛ لأنّه إن كان محدثاً بالحدث الأصغر فقد ارتفع ذلك بالتوضّؤ و أمّا إن كان محدثاً بالحدث الأكبر فقد بقي الحدث المذكور، لكن كونه محدثاً بالحدث الأكبر مشكوك من أوّل الأمر و هنا نجري استصحاب كلّي الحدث الجامع بین الحدث الأصغر و الأكبر و یترتّب علیه حرمة مسّ كتابة القرآن و الأسماء المتبركة و أیضاً عدم جواز الدخول في الصلاة، لأنّهما من آثار الحدث الجامع، فإنّ من كان محدثاً بالحدث الأكبر أو بالحدث الأصغر لایجوز له مسّ كتابة القرآن و لا الدخول في الصلاة.

نعم إنّ المكث في المساجد لایحرم علیه، لأنّه لیس من آثار الحدث الجامع بل هو من آثار الحدث الأكبر و هو مشكوك الحدوث و أمّا من كان محدثاً بالحدث الأصغر فیجوز له المكث فیها.

المشهور بین المحقّقین كالشیخ([3] )، و صاحب الكفایة([4] ) و المحقّق النائیني([5] )، و المحقّق الإصفهاني([6] [7] )، و المحقّق الخوئي([8] )، و غیرهم هو جریان الاستصحاب في القسم الثاني إلا أنّ بعض الأعلام مثل المحقّق القمي([9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] ) قالوا بعدم جریان الاستصحاب في هذا القسم، كما أنّ البعض استشكل جریان الاستصحاب هنا بوجهین، ذكرهما الشیخ الأنصاري في رسائله.([16] [17] [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] )


إشكالات ثلاثة على جريان الاستصحاب في القسم الثاني

الإشكال الأوّل ([28] )

إنّ الكلّي إمّا موجود في ضمن الفرد الطویل و إمّا موجود في ضمن الفرد القصیر.

أما الفرد القصیر فهو متیقّن الارتفاع، و أمّا الفرد الطویل فهو مشكوك الحدوث فلیس هنا ما یكون حدوثه متیقّناً و شك في بقائه، فأركان الاستصحاب في هذا القسم غیر تامّة.

جواب المحقّق النائیني عن هذا الإشكال

«إنّ الیقین بارتفاع الفرد القصیر و عدم الیقین بحدوث الفرد الطویل إنّما یضرّ باستصحاب كلّ من الفردین، و أمّا استصحاب الكلّي الجامع بینهما مع قطع النظر عن خصوصیة كلّ منهما فلا ‌ریب في كونه متیقّن الوجود و مشكوك البقاء»([29] ).

الإشكال الثاني ([30] [31] )

إنّ الشك في بقاء الكلّي مسبّب عن الشك في حدوث الفرد الطویل، فإنّ الفرد الطویل هو الذي یكون الكلّي محتمل البقاء باحتمال وجوده، و لكن الأصل عدم حدوث الفرد الطویل و هذا الأصل حاكم على استصحاب الكلّي، لأنّه مع جریان الأصل في السبب لایبقی مجال لجریانه في المسبّب.([32] )

أجوبة أربعة عن الإشکال الثاني

الجواب الأوّل: من المحقّق النائیني و المحقّق الإصفهاني تبعاً للشیخ

«إنّ الشك في بقاء الكلّي و ارتفاعه ناشٍ من الشك في كون الحادث هو الفرد القصیر أو الطویل و إلا فعدم حدوث الفرد الطویل لایترتّب علیه ارتفاع الكلّي، فإنّ ارتفاعه مسبّب عن ارتفاع الفرد القصیر لا عن عدم حدوث [الفرد] الطویل إلا من جهة ملازمته [أي ملازمة عدم حدوث الفرد الطویل] لوجود القصیر، فأصالة عدم حدوث الطویل لاتثبت ارتفاع القدر المشترك إلا بعد إثبات حدوث الفرد القصیر و لایثبت ذلك إلا على القول بالأصول المثبتة».([33] [34] [35] [36] )

 


[1] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج2، ص104.. : «مثاله في الأحکام الشرعیة ما إذا علمنا بالجنابة لیلة الخمیس مثلاً و اغتسلنا منها ...»
[2] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص391.
[3] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص191.. «و أما الثاني فالظاهر جواز الاستصحاب في الكلي مطلقاً على المشهور»
[4] كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج1، ص406.. «و إن كان الشك فيه من جهة تردّد الخاص الذي في ضمنه بين ما هو باقٍ أو مرتفع قطعاً فكذا لا إشكال في استصحابه»
[5] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص393.. «تحصل أن استصحاب الکلي في هذا القسم [أي القسم الثاني] کالقسم الأول مما لاینبغي الارتیاب فیه لکن بشرط کون الشك في بقاء الکلي مسنداً إلى الشك في وجود الرافع»
[6] نهایة الدرایة، ج5-6، ص142: «و أما استصحاب الکلي مع تردد الفرد بین مقطوع البقاء و مقطوع الارتفاع فتحقیق القول فیه ببیان ما توهم مانعاً عنه فنقول: إن توهم المنع منه من وجهین أشار إلیهما الشیخ الأعظم في الرسائل أحدهما ... و الجواب عنه یتوقف على بیان مقدمة ... ثانیهما ... و الجواب عنه بالبحث في مقامات».
[7] نهاية الدراية في شرح الکفاية - ط قديم، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج3، ص166.. «و أما استصحاب الکلي مع تردد الفردین مقطوع البقاء و مقطوع الارتفاع فتحقیق القول فیه ببیان ما توهم مانعاً عنه فنقول: إن توهم المنع منه من وجهین أشار إلیهما الشیخ الأعظم في الرسائل أحدهما ... و الجواب عنه یتوقف على بیان مقدمة ... ثانیهما ... و الجواب عنه بالبحث في مقامات»
[8] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج2، ص105.. : «و أما القسم الثاني فيجري فيه الاستصحاب أيضاً»
[9] القوانين المحكمة في الأصول، القمّي، الميرزا أبو القاسم، ج3، ص163.. «و ينبغي هاهنا التنبيه على أمور: الأول: إن الاستصحاب‌ يتبع‌ الموضوع‌ و حكمه في مقدار قابلية الامتداد، و ملاحظة الغلبة فيه، فلا‌بدّ من التأمل في أنه كلي أو جزئي، فقد يكون الموضوع الثابت حكمه أولاً مفهوماً كلياً مردداً بين أمور، و قد يكون جزئياً حقيقياً معيّناً و بذلك يتفاوت الحال، إذ قد تختلف‌ أفراد الكلي في قابلية الامتداد و مقداره، فالاستصحاب حينئذ ينصرف إلى أقلّها استعداداً للامتداد»
[10] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص193.. «و يظهر من المحقق القمي رحمه الله في القوانين مع قوله بحجية الاستصحاب على الإطلاق عدم جواز إجراء الاستصحاب في هذا القسم و لم أتحقق وجهه قال: إن الاستصحاب يتبع الموضوع ...»
[11] و ردّ هذه النسبة في حاشية فرائد الأصول - تقريرات، اليزدي النجفي، السيد محمد إبراهيم، ج3، ص204..: «يظهر من ذكر الماتن كلام المحقق القمي هنا و ايراداته عليه أن للمحقق كلاماً في هذا القسم من استصحاب الكلي، و ليس كذلك كما لا‌يخفى على من راجع كلامه بتمامه فإن بحثه ليس من جهة أن المستصحب عنوان الكلي بل من حيث أنه يعتبر في مجرى الاستصحاب إحراز مقدار استعداد المستصحب للامتداد ثم إجراء الاستصحاب إلى ذلك المقدار سواء كان المستصحب كلياً أو جزئياً. نعم ذكر في ضمن بيان مراده مثالاً لاستصحاب الكلي لنكتة و هو أن الاستصحاب الذي تمسّك به الكتابي من قبيل استصحاب الكلي بزعمه و هو فاقد لميزان جريان الاستصحاب ...»
[12] و استشكل جريان الاستصحاب في القسم الثاني بعض الأعلام: ففي المحاضرات - تقريرات، الطاهري الاصفهاني، السيد جلال الدين، ج3، ص72..: «أن استصحاب الكلي غير جار في القسم الثاني أيضاً لما عرفت من أن أدلّتها ناظرة إلى الوجودات الخاصة، و حيث أن الوجود في ضمن الفرد القصير غيره في ضمن الفرد الطويل فلا‌محالة يختلّ أركان الاستصحاب، من جهة أن كل وجود بالخصوص مسبوق بالعدم فيجري استصحاب عدمه و الوجود المردد نظير الفرد المردد ... »‌
[13] و في منتقى الأصول، الحكيم، السيد عبد الصاحب، ج6، ص172.. : «و قد يورد على إجراء الاستصحاب في الكلي في مثل ذلك بإيرادات: ... الإيراد الثالث: أن وجود الكلي في ضمن أفراده ليس وجوداً واحداً، بل وجودات متعددة بتعدد الأفراد، فكلّ فرد توجد في ضمنه حصّةٍ من الكلي غير الحصّة الموجودة بالفرد الآخر ... فيتأتّى ما تقدم من الإشكال في استصحاب الفرد المردد، من عدم الشك في بقاء ما هو المتيقن ... و بالجملة: الإشكال المختار في الفرد المردد متأتٍ هاهنا حرفاً بحرف، و يتفرع على هذا إشكال آخر ... و الذي يتحصل أنه لا مجال للالتزام باستصحاب الكلي في هذا القسم، و لو التزمنا بجريانه لكان اللازم القول بجريان استصحاب الفرد المردد، فإن الإشكال فيهما واحد فلاحظ»
[14] و في تعلیقة منتقى الأصول، الحكيم، السيد عبد الصاحب، ج2، ص91..: «وهذا أحسن ما يمكن توجيه كلام الكفاية به ولا‌يرد عليه سوى أن هذا الاستصحاب من استصحاب الفرد المردد لا الكلي القسم الثاني ... مع أنه لو رجع إلى استصحاب القسم الثاني فنحن لا‌نقول به أيضا فلاحظ»
[15] و في قبال ذلك جاء في المرتقى إلى الفقه الأرقى، الروحاني، السيد محمد، ج1، ص23..: « ... كما تحقّق لدينا صحة القسم الثاني من استصحاب الكلي»
[16] قال المحقق الآشتياني في بحر الفوائد في شرح الفرائد، الآشتياني، الميرزا محمد حسن، ج3، ص93.. عند التعليقة على قول الشيخ الأنصاري الذي سلف نقله: «القيد [أي لفظ على المشهور] قيد لإطلاق الحكم لا للحكم في جميع الصور»
[17] و في أوثق الوسائل فی شرح الرسائل، التبريزي، الميرزا موسى، ج1، ص489.. في التعلیقة على قوله «الكلي مطلقاً إلخ»:‌ «سواء كان الشك في الرافع أم المقتضي»
[18] درر الفوائد، الحائري اليزدي، الشيخ عبد الكريم، ج1، ص534..: «الحقّ جواز استصحاب الكلي في كلا القسمين إن كان له أثر شرعاً، لعدم المانع إلا على مذاق من يذهب باختصاص مورده بالشك في الرافع فمنع جريانه في القسم الأول، و قد عرفت أن التحقيق خلافه»
[19] مقالات الأصول، العراقي، آقا ضياء الدين، ج2، ص378..: «و‌الذي يقتضيه النظر الدقيق و حال التحقيق جريان الأصل في ... الكلي الموجود ... في ضمن شخص مردد بين الباقي و الزائل ...»
[20] منتهى الوصول الى غوامض كفايه الأصول، ص88: «الأقوى كما عليه المصنف أنه لا إشكال في استصحابه إن كان لنفس الكلي أثر شرعي أو كان هو بنفسه أثراً شرعياً».
[21] الحاشية على كفاية الأصول، البروجردي، السيد حسين، ج2، ص390..: «استصحاب الحيوان لترتيب آثاره الشرعية عليه في الآن اللاحق أيضاً في هذا القسم لا‌يخلو عن قوّة و صواب»
[22] اصول الفقه- ط مكتب الاعلام الاسلامي، المظفر، الشيخ محمد رضا، ج2، ص288..: «و أما القسم الثاني فالحقّ فيه أيضاً جريان الاستصحاب بالنسبة إلى الكلي».‌
[23] تحرير الأصول، النجفي المظاهري، الشيخ مرتضى، ج1، ص144..: «تحصّل مما ذكرناه أن جريان الاصل بالنسبة إلى القدر المشترك في الفروض الثلاثة المذكورة فى هذا القسم خالٍ عن الإشكال»‌
[24] منتهى الأصول، روحاني، محمد حسین، ج2، ص443..: «الثاني: أن يكون الشك في بقائه من جهة دورانه بين ما هو باقٍ قطعاً و بين ما هو مرتفع قطعاً ... و يجري الاستصحاب في هذا القسم أيضاً إن كان للكلي أثر شرعي».‌
[25] بحوث في علم الأصول، الهاشمي الشاهرودي، السيد محمود، ج6، ص242..: «القسم الثالث أن يكون الكلي معلوماً ضمن أحد فرديه إجمالاً ... و قد اصطلحوا عليه بالقسم الثاني من استصحاب الكلي، و المعروف جريان الاستصحاب فيه لترتيب الأثر المترتب على الجامع، و لتفصيل الكلام في ذلك نورد البحث ضمن نقاط: النقطة الأولى- في جريان استصحاب الجامع بين الفردين لترتيب الأثر المشترك المترتب على الجامع بينهما بقاء و الصحيح جريانه لتمامية أركانه فيه‌»
[26] المغني في الأصول، الاستصحاب، ج2، ص401: «هذا تمام الکلام في القسم الثاني من استصحاب الکلي، و الحقّ فیه جریانه في جمیع أبواب الفقه».
[27] الاستصحاب (السید السیستاني.)، ص422: «إن استصحاب الکلي القسم الثاني صحیح و الإشکالات الواردة علیه مدفوعة».و راجع مباني الأحكام، ج‌3، ص90؛ الاستصحاب، ص84. زبدة الأصول، ج‌5، ص440
[28] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص192..: «و توهّم عدم جريان الأصل في القدر المشترك من حيث دورانه بين ما هو مقطوع الانتفاء و ما هو مشكوك الحدوث و هو محكوم الانتفاء بحكم الأصل ...»
[29] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص392.
[30] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص192..: «توهّم كون الشك في بقائه مسبباً عن الشك في حدوث ذلك المشكوك الحدوث فإذا حكم بأصالة عدم حدوثه لزمه ارتفاع القدر المشترك لأنه من آثاره»
[31] كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري) ط تراث الشيخ الأعظم، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص51. : «هل هي [أي المعاطاة] لازمة ابتداء مطلقاً كما حكي عن ظاهر المفيد رحمه الله ... وجوه أوفقها بالقواعد هو الأول، بناء على أصالة اللزوم في الملك، للشك في زواله بمجرد رجوع مالكه الأصلي. و دعوى أن الثابت هو الملك المشترك بين المتزلزل و المستقرّ، و المفروض انتفاء الفرد الأول بعد الرجوع، و الفرد الثاني كان مشكوك الحدوث من أول الأمر فلا‌ينفع الاستصحاب ... مدفوعةٌ - مضافاً إلى إمكان دعوى كفاية تحقق القدر المشترك في الاستصحاب، فتأمل- بأن ...». و سيأتي في بحث استصحاب الفرد المردّد إيراد السيد اليزدي. عليه
[32] قال في بحر الفوائد في شرح الفرائد، الآشتياني، الميرزا محمد حسن، ج3، ص95..: «حاصل هذا التوهّم يرجع إلى أنّ الشّك في بقاء الكلّي بعد فرض دورانه بين ما هو مقطوع الارتفاع على تقدير وجوده و ما هو مقطوع البقاء كذلك مسبّب عن الشّك في وجوده في ضمن ما هو مقطوع البقاء قطعاً على تقدير وجوده، فإذا أجرينا الأصل بالنّسبة إليه و حكمنا بعدم وجوده ظاهراً فلا مجال لإجراء الأصل بعده بالنّسبة إلى الكلّي لما ستقف عليه و اعترف به الأستاذ العلّامة دام ظلّه من أنّ الأصل في الشّك المسبّب لا‌يجامع الأصل في الشك السببي في الدخول تحت دليل الأصل، بل الداخل هو الشك السببي و يلزمه رفع الشك المسبب، سواء كان الأصلان فيهما متعاضدين، أو متعارضين، فإذا أجري الأصل في المقام بالنّسبة إلى الشك في وجود الفرد و حكمنا بعدمه يلزمه رفع الشك عن بقاء الكلي المسبب عنه على سبيل الحكومة فيحكم بعدمه فلا مجرى لاستصحاب وجوده بعده.هذا كلّه على القول باعتبار الاستصحاب من باب التعبد، و أما على القول باعتباره من باب الظن فالأمر واضح كما لا‌يخفى... و فيه:أوّلاً: منع سببيّة الشك في الكلي عن الشك في وجود الفرد و إنما المسبب عنه احتمال بقائه، و أما احتمال ارتفاعه فمسبب عن احتمال وجوده في ضمن الفرد الآخر المشكوك وجوده أيضاً، فالحكم بارتفاعه لا‌يمكن إلّا بعد إثبات كون الموجود في السابق هو الأقلّ استعداداً من الفردين و هو لا‌يجوز حتّى على القول باعتبار الأصول المثبتة لمكان المعارضة، فإنّ أصالة عدم وجود الأكثر استعدادا للبقاء حينئذ معارضة بأصالة عدم وجود الأقلّ استعداداً في الزّمان السابق فيحكم بوجود الآخر و بقاء الكلّي أيضاً.توضيح ذلك: ... و الحاصل: أنّ كلاً من الارتفاع و البقاء إذا كان له منشأ مستقل لا‌يمكن الحكم بأحدهما إلّا بعد إحراز منشئه ... .و ثانياً: سلّمنا التسبب في المقام أي سببيّة الشك في الكلي بطرفيه عن الشك في وجوده في ضمن الأكثر عيشاً، و لكنه لا‌ينفع أيضاً في الحكم بارتفاع الكلي، فإنّ عدم الكلي من اللوازم العقلية لعدم وجود الفرد و ليس من اللوازم الشرعيّة له حتى يحكم به بعد الحكم بعدم وجود الفرد»
[33] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص392.
[34] أصل الجواب للشيخ فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص192..: «كاندفاع توهّم كون الشك في بقائه مسبباً عن ... فإن ارتفاع القدر المشترك من لوازم كون الحادث ذلك الأمر المقطوع الارتفاع لا من لوازم عدم حدوث الأمر الآخر»
[35] استشكل هذا الجواب السيد المحقق اليزدي في حاشية المكاسب‌، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج1، ص73.. فقال: «لا شك أن الحكم علّق على وجود القدر المشترك و عدمه لا على بقائه وارتفاعه و إن عبر ذلك فمن جهة أن العدم بعد الوجود يكون ارتفاعاً و إلا فليس الحكم معلقاً على هذا العنوان مثلاً في مسألة الشك في بقاء النجاسة بعد الغسل مرةً حكم جواز الصلاة و عدمه و غير ذلك من الآثار معلق على وجود النجاسة و عدمها و كذا في مسألة الشك في بقاء الحدث و عدمه في صورة الدوران بين الأكبر و الأصغر إذا أتى برافع أحدهما و هكذا في ما نحن فيه كما هو واضح، و من المعلوم أن وجود الكلي إنّما هو بوجود فرده و انعدامه بعدمه فوجوده و عدمه علة للعدم من حيث أن عدم علة الوجود علة للعدم فالشك في وجوده بعد حدوث ما يزيل أحد الفردين على تقديره ناشئ عن الشك في وجود الفرد الآخر من الأول وعدمه و إذا كان الأصل عدمه فلا‌يبقى بعد ذلك شك في الوجود بل ينبغي أن يبنى على العدم. نعم لو كان الحكم في مقام معلقاً على عنوان الارتفاع و البقاء تمّ ما ذكره المصنف لأن أصالة عدم وجود الفرد الآخر لا‌يثبت عنوان الارتفاع كما هو واضح ...»
[36] نهاية الدراية في شرح الکفاية - ط قديم، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج3، ص169. : «ثانیهما: إن الشك في بقاء الکلي مسبب ... و الجواب عنه بالبحث في مقامات أحدها کون الشك في الکلي ناشئاً من الشك في حدوث الفرد الطویل ... أما المقام الأول فتحقیق الحال فیه إن ... و ما ذکرنا هو المراد مما أفاد الشیخ الأجلّ. في الرسائل من أن ارتفاع القدر المشترك من آثار کون الحادث ذلك الفرد المقطوع الارتفاع لا من آثار عدم حدوث الآخر لا أن مراده»