46/03/18
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /التنبیه الأول: اعتبار فعلیة الیقین و الشك
البحث الرابع: الاستصحاب (2)
(تنبیهات الاستصحاب)
في بعضها یبحث عن أحوال الیقین و المتیقّن و في بعضها عن أحوال الشك و في بعضها عن الأثر العملي للاستصحاب، و هنا أربعة عشر تنبیهاً و نبحث عن ثمانیة منها في هذا الجزء:
التنبیه الأوّل: اعتبار فعلیة الیقین و الشك
التنبیه الثاني: استصحاب بقاء الشيء علی تقدیر حدوثه
التنبیه الثالث: استصحاب الكلّي
التنبیه الرابع: جریان الاستصحاب في الأمور التدریجیة
التنبیه الخامس: الاستصحاب التعلیقي
التنبیه السادس: استصحاب عدم النسخ
التنبیه السابع: الأصل المثبت
التنبیه الثامن: الواسطة التي هي عین المستصحب و تعمیم المستصحب وجوداً و عدماً
التنبیه الأوّل: اعتبار فعلیة الیقین و الشك
نبحث عن هذا التنبيه ضمن مطلبین:
المقام الأوّل: بيان نظریة الشیخ و صاحب الكفایة
المقام الثاني: في مسألتين أفادهما الشیخ الأنصاري و قد وقع النزاع فيهما
المقام الأوّل: بيان نظریة الشیخ و صاحب الكفایة
إنّ الشیخ الأنصاري بعد بیان تعاریف الاستصحاب ذكر أموراً و قال في الأمر الخامس:
«إنّ الاستصحاب یتقوّم بأمرین:
أحدهما: وجود الشيء في زمان، سواء عُلم به في زمان وجوده أم لا. نعم لابدّ من إحراز ذلك حین إرادة الحكم بالبقاء بالعلم أو الظنّ المعتبر ... .
الثاني: الشك في وجوده في زمان لاحق علیه ... ثمّ المعتبر هو الشك الفعلي الموجود حال الالتفات إليه، أمّا لو لمیلتفت فلا استصحاب و إن فرض الشك فیه على فرض الالتفات».([1] [2] [3] )
استدلال المحقق الإصفهاني[4]
«الوجه في اعتبار فعلية الشك أمران:
أحدهما: ظهوره في الفعلية- المساوقة لثبوته و تحققه- لا وضعاً فإن الألفاظ موضوعة لنفس المعاني المعرّاة بذاتها عن الوجود و العدم، و لذا يحمل عليه بأنه موجود أو معدوم. و قد مر منّا مراراً أنّ الوضع للموجود- خارجياً كان أو ذهنياً- غير معقول لأن فائدة الوضع الانتقال من سماع اللفظ إلى معناه، و الانتقال نحو من الوجود الذهني و الوجود لايعرض الموجود- خارجياً كان أو ذهنياً- لأن المقابل لايقبل المقابل، و المماثل لايقبل المماثل، فتدبر، بل منشأ الظهور أنّ الموضوع في القضية قد يكون- من حيث مفهومه و معناه- موضوعاً للحكم، كما في الحمل الذاتي، و قد يكون بما هو فانٍ في مطابقه، و مطابق المفاهيم الثبوتية حيثية ذاتها حيثية طرد العدم، و ما نحن فيه من قبيل الثاني، كما هو واضح.
ثانيهما: أن مفاد دليل الاستصحاب- كدليل الأمارة، بل و جميع الأصول- وظائف شرعية، و أحكام طريقية، لا نفسية حقيقية، فمفادها إما التنجيز، و إمّا الإعذار و هما يتقوّمان بالوصول- حكماً و موضوعاً- فلايعقل تعلق التنجيز و الإعذار بموضوع تقديري غير موجود بالفعل، و لا ملتفت إليه، حيث أن الالتفات يساوق تحققه، فسنخ الحكم يقتضي برهاناً عدم كون الموضوع أمراً تقديرياً يجامع الغفلة كما أنّ الظهور في الأول يقتضي فعلية الشك.