46/03/13
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الثاني؛ التفصیل الخامس؛ الامران باقیان
بقي هنا أمران
الأمر الأوّل: هل تعمّ المجعولاتُ الشرعیة الماهیاتِ المخترعة الشرعیة؟
هنا نظریات ثلاث:
النظرية الأولى: تعمیم الأحکام الوضعیة لتشمل الماهیات المخترعة الشرعیة.([1] )
النظرية الثانية: عدّ الماهیات المخترعة الشرعیة قسماً ثالثاً من المجعولات التشریعیة و هذا ما نسب إلى الشهید بل نسب إلیه أنّه أوّل من قال بذلك و تبعه المحقّق النائیني ([2] ).
النظرية الثالثة: عدم کون تلك الماهیات المخترعة مجعولات شرعیة ذهب إلى ذلك المحقّق الإصفهاني و تبعه في ذلك المحقّق الخوئي.
قبل الورود في تحقیق هذا المقال نذكر عبارة الشهید حتّی نری صحّة ما نسب إلىه في تقریرات المحقّق الخوئي ([3] ).
قال الشهید: «فائدة: الماهیات الجعلیة كالصلاة و الصوم و سائر العقود لاتطلق على الفاسد إلا الحجّ لوجوب المضي فیه ...».([4] )
فإنّ الشهید عبّر عن تلك الماهیات بالجعلیة، و لكن مجرّد ذلك لایكفي في إثبات التزامه بوجود قسم ثالث من المجعولات التشریعیة بل یحتمل أن یكون الشهید من القائلین بتعمیم الأحكام الوضعیة بحیث تشمل تلك الماهیات، و قد أشار المحقّق النائیني إلى النظریة الأولى و هي تعمیم الأحكام الوضعیة([5] ) و إن لمیكن قائلاً به، بل هو اختار النظریة الثانیة فقال: «إنّ المجعولات الشرعیة تنقسم إلى أحكام تكلیفیة و وضعیة و ماهیات اختراعیة و لا وجه لإرجاع الثالث إلى الثاني، فإنّه تعسّف لا موجب للمصیر إلیه»([6] ).
بیان المحقّق الإصفهاني للنظریة الثالثة ([7] )
«إنّ مجعولات الشارع على أنحاء:
منها الموضوعات المستنبطة، كالصلاة، و الحجّ و نحوهما مما اشتهر أنّها ماهیات مخترعة و أنّها مجعولة باعتبار الشار
و التحقیق ما مرّ منا غیر مرة أنّه لا جعل لها إلا جعلها في حیّز الطلب و مورد الأمر، فإنّ الجعل إمّا أن یتعلّق بماهیتها أو بوجودها.
و جعل الماهیة كلّیّة غیر معقول، لأنّ ثبوت الشيء لنفسه ضروري و جعل وجودها الخارجي قائم بفاعلها و هو المصلّي، لا بأمرها و هو جعل تكویني لا تشریعي، و جعل وجودها الذهني بتصوّرها قائم بمن یتصوّرها أیّاً من كان.
و كون المتصوّر لها هو الشارع في مقام الأمر بها لیس جعلاً تشریعیاً لها و إلا لكان كلّ موضوع یتصوّره الشارع في مقام الأمر مجعولاً تشریعیاً، فلایعقل من جعلها التشریعي إلا ثبوت الموضوع بثبوت الحكم، لما مرّ مراراً أنّ الحكم بالإضافة إلى موضوعه من قبیل عوارض الماهیة و فیها ثبوت المعروض بثبوت العارض.
و هذا جعل تشریعي بالعرض، لكنّه غیر مخصوص بالموضوعات المستنبطة لجریانه في كلّ موضوع و حكم.
نعم حیث أنّ ثبوتها في مرحلة الحكم مخصوص بالشارع فلذا قیل بأنّها مخترعة و مجعولة تشریعاً، فكأنّها متمحّضة في التشریعیة، دون غیرها».([8] )