45/10/26
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الثاني؛ التفصیل الرابع؛ المناقشة السادسة في نظریة المحقق النراقي
الوجه الثاني
«إنّه لا معارضة بین استصحاب عدم جعل الحلّیة و استصحاب عدم جعل الحرمة، لإمكان التعبّد بكلیهما بالتزام عدم الجعل أصلاً لا جعل الحرمة و لا جعل الحلّیة و ذلك لما مرّ غیر مرّة و یأتي في أواخر الاستصحاب إن شاء الله تعالى من أنّ قوام التعارض بین الأصلین بأحد أمرین على سبیل منع الخلوّ و ربما یجتمعان:
أحدهما: أن یكون التنافي بین مفاد الأصلین في نفسه مع قطع النظر عن لزوم المخالفة القطعیة العملیة ... .
و ثانیهما: أن تلزم من العمل بهما المخالفة العملیة القطعیة و لو لمیكن التنافي بین المدلولین ... .
و كلا الأمرین مفقود في المقام، لعدم المنافاة بین أصالة عدم جعل الحلّیة و أصالة عدم جعل الحرمة، لأنّ الحلّیة و الحرمة متضادّان، فلایلزم من التعبّد بكلا الأصلین إلا ارتفاع الضدّین و لا محذور فیه فنتعبّد بكلیهما و نلتزم بعدم الجعل أصلاً و لاتلزم مخالفة عملیة قطعیة أیضاً.
غایة الأمر لزوم المخالفة الالتزامیة للعلم الإجمالي بجعل أحد الحكمین في الشریعة المقدّسة و لا محذور فیه فنلتزم بعدم الجعل في مقام العمل، و في مقام الإفتاء نرجع إلى غیرهما من الأصول كأصالة البراءة مثلاً في المقام، فنفتي بعدم حرمة الوطي لأصالة البراءة».([1] )
و مراده أنّ بعد الالتزام بكلا الأصلین یقع التعارض بین أصل عدم الجعل و استصحاب الحرمة فیرجع إلى البراءة.
یلاحظ على الوجه الثاني
إنّه قد تقدّم([2] ) في مباحث العلم الإجمالي عدم جواز المخالفة الالتزامیة للعلم الإجمالي و على هذا لایمكن الالتزام و التعبّد باستصحاب عدم جعل الحرمة و استصحاب عدم جعل الحلّیة فیتعارضان و یتساقطان و یبقی استصحاب بقاء الحكم المجعول.
الوجه الثالث
«إنّه یقع التعارض بین هذه الاستصحابات الثلاثة في مرتبة واحدة لا أنّه یقع التعارض بین استصحاب عدم جعل الحرمة و استصحاب عدم جعل الحلّیة في مرتبة متقدّمة على استصحاب بقاء المجعول ... و كلّ مجتهد التفت إلى الحكم المذكور أي حرمة وطء الحائض بعد انقطاع دمها یحصل له الیقین بحرمة الوطي حین رؤیة الدم و الیقین بعدم جعل الحرمة قبل نزول الآیة الشریفة: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ﴾([3] ) و الیقین بعدم جعل الإباحة في الصدر الأوّل من الإسلام و یحصل له الشك في حرمة الوطي بعد انقطاع الدم قبل الاغتسال و كلّ واحد من هذه الأمور فعلي عند الإفتاء على فرض وجود الموضوع، فیقع التعارض بین الاستصحابات الثلاثة في مرتبة واحدة و یسقط جمیعها».([4] )