45/07/01
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الأول؛ الدلیل الثاني؛ التقریب الثاني
التقریب الثاني([1] )
إنّ ما كان ثابتاً سابقاً و لمیعلم ارتفاعه، یوجب الظنّ بالبقاء بما أنّ الغالب في الموارد هو بقاؤه على حسب التتبّع.
فهنا قیاسان: القیاس الأوّل: «إنّ الحكم الشرعي الكذائي أو موضوعه كان ثابتاً سابقاً و لمیعلم ارتفاعه»، و «كلّ ما كان كذلك فالغالب هو بقاؤه»، و ینضمّ نتیجة هذا القیاس إلى كبری أخری فیتشكّل القیاس الثاني فیقال: «كلّ ما كان الغالب بقاءه فهو مظنون البقاء».
و الوجه في هذا التقریب هو أنّ بملاحظة تصفّح الموجودات و تتبّعها، نجد بقاءها غالباً و الغلبة توجب الظنّ بلحوق المشكوك بالغالب دون النادر.
نظریة الشیخ الأنصاري
إنّه ذهب إلى تمامیة هذه الغلبة في بعض الموارد و لكنّه أنكر في مباحثه الآتیة([2] ) إفادتها للظنّ بالبقاء إلا في الشك في وجود الرافع فیما إذا فرض له صنف أو نوع یكون الغالب في أفراده البقاء.
قال الشیخ عند ذكر أدلّته على حجّیة الاستصحاب: إنّا تتبّعنا موارد الشك في بقاء الحكم السابق المشكوك من جهة الرافع، فلمنجد من أوّل الفقه إلى آخره مورداً إلا و حكم الشارع فیه بالبقاء، إلا مع أمارة توجب الظنّ بالخلاف كالحكم بنجاسة الخارج قبل الاستبراء، فإنّ الحكم بها لیس لعدم اعتبار الحالة السابقة و إلا لوجب الحكم بالطهارة، لقاعدة الطهارة، بل لغلبة بقاء جزء من البول أو المني في المخرج، فرجّح هذا الظاهر على الأصل. ([3] )
ثمّ قال:([4] ) الإنصاف أنّ هذا الاستقراء یكاد یفید القطع و هو أولى من الاستقراء الذي ذكر غیر واحد كالمحقّق البهبهاني[5] و صاحب الریاض([6] ) أنّه المستند في حجّیة شهادة العدلین على الإطلاق.
هذا تقرير الشیخ لكبری القیاس الأوّل و كبری القیاس الثاني.
تقریر المحقّق القمّي لکبری القياس الثاني (إفادة الغلبة الظنّ بالبقاء)
إنّا نری أغلب الأحكام الشرعیة مستمرة بسبب دلیلها الأوّل بمعنی أنّه لیس أحكامه آنیة مختصّة بآن الصدور بل یفهم من حاله من جهة أمر خارجي عن الدلیل أنّه یرید استمرار ذلك الحكم الأوّل من دون دلالة الحكم الأوّل على الاستمرار، و إذا رأینا منه في مواضع غیر عدیدة أنّه اكتفی حین إبداء الحكم بالأمر المطلق القابل للاستمرار و عدمه ثمّ علمنا أنّ مراده كان من الأمر الأوّل الاستمرار فنحكم فیما لمیظهر مراده من الاستمرار و عدمه بالاستمرار و نقول: إنّ مراده هنا أیضاً من الأمر الاستمرار إلحاقاً بالأغلب فقد حصل الظنّ بالدلیل و هو قول الشارع بالاستمرار و كذلك الكلام في موضوعات الأحكام من الأمور الخارجیة، فإنّ غلبة البقاء یورث الظنّ القوي ببقاء ما هو مجهول الحال ...([7] )
إنكار الشیخ حصول الظن بالبقاء من غلبة البقاء (القیاس الثاني)
قال الشیخ: إن أرید بقاء الأغلب إلى زمان الشكّ، فإن أرید أغلب الموجودات السابقة بقول مطلق ففیه:
أوّلاً: إنّا لانعلم بقاء الأغلب في زمان الشك.
و ثانیاً: لاینفع بقاء الأغلب في إلحاق المشكوك [بأغلب الموجودات السابقة] للعلم بعدم الرابط بینها [أي بین الموجودات السابقة] و عدم استناد البقاء فیها إلى جامع كما لایخفی، بل البقاء في كلّ واحد منها مستند إلى ما هو مفقود في غیره. نعم بعضها مشترك في مناط البقاء.
و بالجملة، فمن الواضح أنّ بقاء الموجودات المشاركة مع نجاسة الماء المتغیّر في الوجود من الجواهر و الأعراض، في زمان الشك في النجاسة، لذهاب التغیّر المشكوك مدخلیته في بقاء النجاسة، لایوجب الظنّ ببقائها و عدم مدخلیة التغیّر فیها.
و هكذا الكلام في كلّ ما شك في بقائه لأجل الشك في استعداده للبقاء. ([8] )