45/06/18
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /المقدمة؛ الأمر الأول؛ الجهة الثانیة؛ التحقیق في تعریف الاستصحاب؛ تعریف الشیخ الأنصاری؛ المناقشة السادسة
المناقشة السادسة: من المحقّق الإصفهاني
قال: إنّ المراد من إبقاء ما كان سواء كان ما هو منسوب إلى المكلّف أو إلى غیره فیه المحذور من وجهین: ... ثانیهما عدم صحّة توصیفه بالدلیلیة و الحجّیة على جمیع المباني: أمّا إذا أرید منه الإبقاء العملي المنسوب إلى المكلّف، فواضح، لأنّه لیس دلیلاً على شيء، و لا حجّة علیه. و أمّا إذا أرید منه الإلزام الشرعي، فإنّه مدلول الدلیل، لا أنّه دلیل على نفسه، و لا أنّه حجّة على نفسه، كسائر الأحكام التكلیفیة.([1] )
جواب المحقّق الإصفهاني عن هذه المناقشة
التحقیق أنّ الاستصحاب -كما یناسب المشتقّات منه- هو الإبقاء العملي و الموصوف بالحجّیة بناء على [حجّیته من باب] الأخبار هو الیقین السابق إمّا بعنوان إبقاء الكاشف، إن كان المراد من الحجّیة الوساطة في الإثبات فإنّ إبقاء الكاشف التامّ المتعلّق بالواقع، إیصال للواقع بقاء عنواناً بإیصال الحكم المماثل لبّاً و إمّا بعنوان إبقاء المنجّز السابق، إن كان المراد من الحجّیة تنجیز الواقع فالیقین السابق یكون منجّزاً للحكم حدوثاً عقلاً و بقاءً جعلاً.
و بناء على [حجّیته من باب] بناء العقلاء، فالموصوف بالحجّیة أحد أمور ثلاثة: إمّا الیقین السابق لوثاقته و اقتضائه عدم رفع الید عنه إلّا بیقین مثله، فهو الباعث للعقلاء على إبقائهم عملاً، و إمّا الظنّ اللاحق بالبقاء، و إمّا مجرّد الكون السابق، اهتماماً بالمقتضیات و تحفّظاً على الأغراض الواقعیة. فالوجود السابق لهذه الخصوصیة حجّة على الوجود الظاهري في اللاحق، لا من حیث وثاقة الیقین، و لا من حیث رعایة الظنّ بالبقاء، و إلیه یرجع التعبّد العقلائي .
و بناءً على [حجّیته من باب] حكم العقل، فالموصوف بالحجّیة هو الظنّ بالبقاء و یندفع ... محذور [عدم صحّة] التوصیف بالحجّیة ... بأنّ حجّیة الیقین السابق على الحكم في اللاحق، حیث أنّها مستكشفة من ثبوت الإبقاء العملي تشریعاً، -حیث أنّ الشارع أمر بإبقاء الیقین، الذي عرفت أنّ مرجعه إلى إبقاء الكاشف أو المنجّز- فالتعبیر عن حجّیة المنكشف بحجّیة الكاشف صحیح معمول به عندهم. ([2] )
المناقشة السابعة: من المحقّق الإصفهاني
إنّ المراد من إبقاء ما كان إن كان الإبقاء المنسوب إلى الشارع، فلا دلالة في العبارة على جعل الحكم الظاهري الاستصحابي، فإنّه لو أبقی الشارع حكمه الموجود سابقاً في الزمان اللّاحق بعلّته المقتضیة لحكم مستمرّ، أو بعلّة أخری مقتضیة لاستمراره، لصدق علیه إبقاء ما كان، مع أنّه حكم واقعي لا ظاهري.
و إبقاؤه لعلّة كونه في السابق [بمعنی أنّ نفس كونه في السابق هو علّة لحكم الشارع بالإبقاء] و إن اقتضی كون الحكم في الزمان الثاني ظاهریاً، لأنّ الحكم الواقعي لایكون وجوده في زمان واسطة في الثبوت لوجوده في زمان آخر، و لا واسطة في الإثبات، إلّا أنّ تعلّق الإبقاء بما كان لایدلّ على علّیة كونه [في السابق لحكم الشارع بالإبقاء] بل و لا إشعار فیه أیضاً [خلافاً للشیخ الأنصاري و المحقّق العراقي حیث أنّهما ذهبا إلى أنّ التعبیر بإبقاء ما كان فیه إشعار بأنّ علّة حكم الشارع بالبقاء هي كونه السابق] لأنّ الإبقاء لابدّ و أن یتعلّق بما كان، و لیس أخذه كأخذ الوصف لغواً، لو لمیكن لأجل إفادة فائدة من علّیة أو غیرها.