45/04/15
بسم الله الرحمن الرحیم
و هي التصرفات غیر المتوقّفة على الملك في ما إذا كانت الأطراف مسبوقة بملك الغیر، كما إذا اشتری الغاصب إحدی الشجرتین من المالك و غصب الشجرة الأخری منه، فاشتبهت الشجرتان، ثم حصل لأحدهما الثمرة و النماء دون الأخری فالحقّ هو الحكم بالضمان وضعاً و بحرمة التصرّف في الثمرة تكلیفاً.
و الدلیل على ذلك هو استصحاب بقاء الشجرة المثمرة في ملك مالكها و عدم انتقالها إلیه و مقتضى هذا الاستصحاب الحكم بملكیة المنافع لمالك الشجرة، فیحرم التصرّف فیها و یضمنها.
و توهّم أنّ استصحاب بقاء الشجرة ذات النماء (أي المثمرة) على ملك مالكها معارض باستصحاب بقاء الشجرة الأخری على ملك مالكها، للعلم الإجمالي بمخالفة أحدهما للواقع، فإجراء الأصل في الشجرة ذات النماء دون الأخری ترجیح بلا مرجّح مدفوع بأنّه لا معارضة بینهما، لما عرفت غیر مرّة من أنّ العلم الإجمالي بمخالفة أحد الاستصحابین للواقع لایمنع من جریانهما ما لمیستلزم المخالفة العملیّة كما في المقام.
و هي التصرّفات المتوقّفة على الملك كالبیع و نحوه و هذه التصرّفات في ثمرة الشجرة محرّمة تكلیفاً و غیر نافذة وضعاً، لأنّه لا طریق إلى إثبات كون الثمرة ملكاً للمتصرّف حتّی یصحّ له بیعها و یجوز له تسلیم المبیع (و هي الثمرة) إلى المشتري.
و استصحاب عدم كون الثمرة ملكاً للغیر لایجدي هنا، لأنّه لایثبت كون الثمرة ملكاً للبائع المتصرّف إلّا على القول بالأصل المثبت و هو باطل.
و خلاصة نظریة المحقّق الخوئي هي جواز التصرّف في الثمرة تكلیفاً و عدم الضمان وضعاً في الصورة الأولى و حرمة التصرّف فیها تكلیفاً و ضمانها وضعاً في الصورتين الثانیة و الثالثة.
إنّ المحقّق الخوئي قال في الصورة الأولى بعدم المعارضة بین استصحاب عدم كون الثمرة من منافع العین المغصوبة و استصحاب عدم كون الثمرة من منافع العین المملوكة و التزم بجریانهما معاً مع العلم الإجمالي ببطلان أحد الاستصحابین و استدلّ على ذلك بأنّه لا مانع من جریانهما في ما إذا لمیستلزم مخالفة عملیة.
و قال في الصورة الثانیة أیضاً بعدم المعارضة بین استصحاب بقاء الشجرة المثمرة على ملك مالكها و استصحاب بقاء الشجرة الأخری على ملك مالكها و إن كنا نعلم إجمالاً ببطلان أحد الاستصحابین لمخالفته للواقع حیث نعلم بوقوع البیع بالنسبة إلى إحدی الشجرتین و خروجها عن ملك مالكها إلا أنّه ذهب إلى عدم الإشكال في جریان كلا الاستصحابین ما لمتلزم المخالفة العملیة.
و قد تقدّم([1] ) إبطال هذه النظریة، لأنّ العلم الإجمالي ببطلان أحد الاستصحابین یرجع إلى العلم الإجمالي بنقض الیقین السابق، فإنّ عدم كون الثمرة من منافع العین المغصوبة و لا من منافع العین المملوكة أوّلاً منتقض بالعلم الإجمالي بأنّه إمّا من منافع العین المغصوبة أو من منافع العین المملوكة، فانتقض الیقین السابق الأزلي بالیقین الإجمالي و هكذا الیقین ببقاء الشجرة المثمرة في ملك مالكها و الیقین ببقاء الشجرة غیر المثمرة في ملك مالكها منتقض بالعلم الإجمالي بخروج أحدهما عن ملكه.
إنّ العلم الإجمالي بغصبیة إحدی الشجرتین و إن لمیشمل الثمرة المعدومة حین حدوث العلم الإجمالي و لكنّه یشمله بقاء، فإنّا الآن نعلم إجمالاً بأنّه إمّا هذه الشجرة المثمرة مع جمیع أثمارها غصب و إمّا هذه الشجرة غیر المثمرة غصب، فإنّ دخول التوابع و شؤون الأعیان الخارجیة في العلم الإجمالي مشكوك في ما إذا كانت هذه التوابع و الشؤون (مثل الأثمار) معدومة و لكنّها داخلة في أطراف العلم الإجمالي المتحقّق الآن عرفاً فإنّ العرف یراها متّحدة مع أحد طرفي العلم الإجمالي و مع دخول الثمرة في أطراف العلم الإجمالي لاتصل النوبة إلى الأصل العملي.
و الحاصل هو أنّ مقتضى التحقیق ما أفاده المحقّق النائیني من عدم جواز التصرّف في الثمرة تكلیفاً و ضمانها وضعاً.
إنّ الأعلام اختلفوا في حكم نجاسة الملاقي لبعض أطراف العلم الإجمالي في الشبهة المحصورة؛ فقال المشهور بعدم النجاسة، و قال العلّامة[2] و ابن زهرة([3] ) بالنجاسة، و جمع آخر فصّلوا في المقام مثل صاحب الكفایة و أیضاً مثل المحقّق الخوئي.
بيان المحقق النائيني: ([4] )
إنّ نجاسة الملاقي للنجاسة إمّا أن تكون حكماً شرعیاً تعبدیاً ثابتاً لموضوعه في عرض الحكم بنجاسة ما لاقاه أو تكون من شؤون نجاسته و من جهة سرایة النجاسة من الملاقَی إلى الملاقِي، كما إذا امتزج المائع المتنجس بغیره من جنسه أو من غیره، فكما أنّ الامتزاج یوجب اتّساع النجاسة و انبساطها في الأجزاء، كذلك الملاقاة توجب الانبساط و الاتساع، فلايكون الملاقي فرداً آخر من النجس في قبال ما لاقاه بل نجاسته بعینها هي نجاسة الملاقي.
فإن قلنا بالأوّل فلایجب الاجتناب من الملاقي لكونه فرداً آخر شك في نجاسته و إن قلنا بالثاني وجب الاجتناب عنه.([5] )