44/10/29
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /الفصل الأول: دوران الأمر بین المتباینین؛ الجهة الرابعة: في شمول دلیل الحکم الظاهري لبعض أطراف العلم الإجمالي
الجهة الرابعة:
في شمول دلیل الحكم الظاهري لبعض أطراف العلم الإجمالي
إنّ بعض الأعلام المتأخرین مثل المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي قالوا بعدم الشمول و سقوط الأصول في أطراف العلم الإجمالي مطلقاً، و لكن المختار هو الشمول و عدم سقوط الأصول في بعض الأطراف([1] )، و لذا لابدّ من بیان نظریّتهما و وجه الملاحظة فیها.
الوجوه في جريان الأصل في بعض الأطراف و المناقشة فیها
إنّ المحقق النائیني([2] [3] ) -يرى عدم ابتناء دعوى وجوب الموافقة القطعية على القول بعلية العلم الإجمالي فإنّه قال بالاقتضاء و مع هذا يرى وجوب الموافقة القطعية لكنه يرى ابتناءها على القول بسقوط دليل الأصول في أطراف العلم الإجمالي مطلقاً بعد الفراغ عن عدم إمكان الجعل في تمام الأطراف كما أنّ دعوی عدم وجوب الموافقة القطعیة مبتنیة على القول بعدم سقوطه إلّا في بعض الأطراف دون بعض، و اختيار الأوّل موجب للزوم تحصیل الفراغ الیقیني، مع فرض عدم المؤمّن في الارتكاب.
قال المحقق النائيني و تبعه المحقق الخوئي بأنّ جريان الأصل في بعض الأطراف لایخلو من أحد وجوه ثلاثة كلّها باطلة:
الوجه الأوّل
هو أن یكون دلیل الأصل شاملاً للبعض المعیّن بخصوصه.
مناقشة المحقق النائيني في الوجه الأوّل
إنّ دعوی شمول أدلّة الأصول لخصوص البعض المعین من الأطراف مستلزمة للترجیح بلا مرجّح الظاهر فساده.
الوجه الثاني
هو أن یكون دلیل الأصل شاملاً للبعض غیر المعیّن، بأن یدّعی أنّ الموضوع في أدلّة الأصول أعمّ من الموضوع الخارجي المعیّن و من الفرد الكلي المعبّر عنه بعنوان أحدهما المردّد.
و قد اختلفت هنا كلمتا المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي في مقام بطلان هذا الوجه.
مناقشتان في الوجه الثاني
المناقشة الأولی من المحقّق النائیني
إنّ كلّ دلیلٍ متكفلٍ لإثبات حكم طریقي أو واقعي لموضوع أخذ مقدر الوجود على ما هو الشأن في القضایا الحقیقیة إنّما یكون دالّاً على ثبوت الحكم لما هو فرد خارجي من ذلك الموضوع، فما یكون محكوماً بالحكم الظاهري إنّما هو كلّ واحد من الأطراف لانطباق عنوان المشكوك علیه، و أمّا الفرد المردّد فهو لیس موجوداً آخر منطبقاً علیه عنوان المشكوك، بل هو أمر انتزاعي عمّا هو متّصف بالفردیة، فلایكون مشمولاً لأدلّة الأصول في عرض كلّ واحد من الأطراف.
یلاحظ علی هذه المناقشة
إنّ المقصود هو جریان الأصل العملي بالنسبة إلى كلّ من الأطراف الذي اعترف بأنّه ینطبق علیه عنوان المشكوك، لا بالنسبة إلى الحكم الذي تعلّق بعنوان أحدهما.
المناقشة الثانية من المحقّق الخوئي
إنّ شمول أدلّة الأصول لبعض الأطراف غیر المعیّن غیر صحیح، إذ الغالب حصول القطع بإباحة البعض غیر المعیّن من الأطراف، فالبعض غیر المعیّن غیر مشكوك فیه لیكون مشمولاً لأدلّة الأصول.
و على تقدیر احتمال ثبوت التكلیف في جمیع الأطراف، لا أثر للحكم بإباحة بعضها غیر المعیّن، بعد وجوب الاجتناب عن جمیع الأطراف بحكم العقل دفعاً للعقاب المحتمل، مقدّمة للاجتناب عن الحرام المعلوم بالإجمال.
یلاحظ علی هذه المناقشة
أوّلاً: إنّ القطع بإباحة البعض غیر المعیّن من الأطراف الذي ادّعى أنّه الغالب لایمنع عن جریان الأصل، لأنّ الأصل العملي یجري بالنسبة إلى كلّ طرف بخصوصه لا بالنسبة إلى عنوان بعض الأطراف أو عنوان أحدهما أو عنوان ما لایخرج عن الطرفین.
ثانیاً: على التقدیر الثاني -و هو احتمال ثبوت التكلیف في جمیع الأطراف- قد ادّعي وجوب الاجتناب عن جمیع الأطراف بحكم العقل دفعاً للعقاب المحتمل و لكن هذا الادّعاء ممنوع، لأنّ الحكم بالترخیص یوجب ارتفاع موضوع حكم العقل حیث أنّه بعد ورود الترخیص الشرعي لا وجه لاحتمال العقاب.
الوجه الثالث
و هو أن یدّعی استفادة الحكم التخییري من أدلّتها بأن یدّعی أنّ المحمول في تلك الأدلّة، أعمّ من الحجّیة التعیینیة كما في موارد الشكوك البدویة، و الحجّیة التخییریة كما في موارد العلم الإجمالي و هنا نقول: إنّ الحكم التخییري إذا ثبت في مورد، فلایخلو من حیث المدرك من أحد أقسام ثلاثة:
القسم الأوّل من الوجه الثالث
و هو التخییر الشرعي بأن یقوم دلیل بالخصوص علیه، سواء كان في الأحكام الواقعیة كما في خصال الكفّارة أم في الأحكام الطریقیة كما في موارد تعارض الروایتین بناء على الطریقیة.
المناقشة في جریان هذا القسم
لایجري هنا لعدم الدلیل علیه، فإنّه لیس في موارد العلم الإجمالي دلیل بالخصوص يدلّ على جریان الأصل في بعض الأطراف تخییراً.