44/10/16
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /المرتبة الرابعة؛ المراد من الفعلي من جمیع الجهات و الفعلي من بعض الجهات
المراد من الفعلي من جمیع الجهات و الفعلي من بعض الجهات:
أمّا الفعلي من جمیع الجهات فهو أنّ الغرض الباعث على التكلیف ربما یكون بحدّ یبعث المولى إلى جعله فعلیاً منجّزاً بإیصاله و لو بنصب طریق موافق، أو بجعل احتیاط لازم و دفع موانع تنجّزه بأيّ نحو كان و مثله یستحیل الترخیص في خلافه لأنّه نقض للغرض.
و ربّما لایكون الغرض بذلك الحدّ، بل یدعوه إلى التكلیف بحیث إذا وصل إلى المكلّف من باب الاتّفاق تنجّز علیه، فهو فعلي من حیث نفسه، لا من حیث إیصاله إلى المكلّف فلایجب حینئذٍ دفع موانع تنجّزه و لاینافیه إبداء المانع عن تنجّزه، فإنّ إبقاء المانع و إبداء المانع في نظر العقل على حدّ سواء و لیس الترخیص نقضاً للغرض، لأنّ سدّ باب تنجّزه لاینافي تنجّزه لو وصل من باب الاتفاق.
و ربّما یتوهّم أنّ المراد من الحكم الفعلي من جمیع الجهات هو الحكم البعثي و الزّجري و التحریك الجدّي، و من الحكم الفعلي من وجه هو الإنشاء بداعي إظهار الشوق إلى الفعل، فالحكم البعثي و الزجري فعلي من قبل هذه المقدّمة و هو كون ذات الفعل مشتاقاً إلیه و لا منافاة بین الشوق إلى ذات الفعل و الترخیص في تركه، بل المنافاة بین التحریك و الترخیص.
و فیه أوّلاً: أنّ الإرادة التشریعیة بإزاء الإرادة التكوینیة، فإذا بلغ الشوق مبلغاً لو كان المشتاق إلیه من أفعال المشتاق لتحرك عضلاته نحوه، سبّب إلى إیجاده بالبعث إذا كان من أفعال الغیر، فلاینفك مثل هذا الشوق عن البعث.
و إذا لمیكن الشوق هذا المقدار، فكما لایوجب حركة العضلات في التكوینیات كذلك لیس علّة للبعث في التشریعیات و لا أثر له لو علم به تفصیلاً أیضاً.
و ثانیاً: أنّ الإنشاء بأيّ داع كان، لیس وصوله موجباً إلّا لفعلیة ذلك الداعي، ففعلیة مثل هذا الإنشاء فعلیة إظهار الشوق، فلایعقل أن یكون مثله واقعاً في صراط فعلیة البعث.
فتحصّل إلى هنا أنّ مراد صاحب الكفایة من الفعلي من جمیع الجهات هو بلوغ الغرض الباعث على التكلیف حدّاً یبعث المولى إلى جعله فعلیاً منجّزاً بإیصاله، فیستحیل الترخیص في خلافه لأنّه نقض للغرض و مراده من الفعلي من جهة هو عدم بلوغ الغرض ذلك الحدّ و حینئذٍ یمكن جعل الترخیص في خلافه.
مناقشات ثلاث للمحقق الإصفهاني في النظریة الأولی
المناقشة الأُولی
إنّ هذا البیان بظاهره لایخلو من شيء، إذ لو كان كلّ منهما واجداً لملاك الفعلیة و كان التفاوت بالمرتبة، فتعدّد المراتب لایرفع التضاد و التماثل، بعد كونهما واجدين للحقیقة التي بین أفرادها التماثل أو الحقیقتین اللّتین بین أفرادهما التضادّ.
و لو كان الفعلي من جهة فعلیاً من قبل بعض مبادئه فالفعلي بالحقیقة تلك المقدّمة لا ذوها، بل هو باقٍ على الشأنیة كما مرّ تفصیله في مباحث القطع.[1]
و قال: في تلك المباحث: «هذا الحكم و إن لمیكن قبل الوصول بنحو من الأنحاء مصداقاً للبعث و الزجر الفعلیین، لكنه فعلي بمعنی آخر، أي هو تمام ما بید المولی و تمام ما یتحقّق من قبله»[2] .
المناقشة الثانیة
إنّ سنخ الغرض من المكلّف به و إن كان یختلف قوّة و ضعفاً، إلّا أنّ سنخ الغرض من التكلیف الحقیقي واحد و هو جعل الداعي إلى الفعل أو الترك فالترخیص و إن فرض أنّه لیس نقضاً للغرض من المكلّف به، لكنه نقض للغرض من التكلیف، لما بین جعل الداعي حقیقة و الترخیص من المنافاة.[3]
المناقشة الثالثة
إنّ المفروض أنّ سنخ الغرض من المكلّف به تامّ الاقتضاء و قد انبعث منه حقیقة البعث و الزجر، غایة الأمر أنّه لایجب على المولی إیصاله، لكنه بوصوله الاتفاقي یترتّب علیه حكم العقل من وجوب الإطاعة و حرمة المعصیة، فلامحالة یكون منجّزاً بالعلم الإجمالي إذا لمیكن قصور في كونه وصولاً.[4] [5]