44/05/18
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /البحث الأول؛ تنبیهات البرائة؛ تنبیه الأول؛ في المطلب الثاني؛ النظریة الرابعة من المحقق الهمداني
النظریة الثالثة: من المحقّق الهمداني ([1] )
إنّ موضوع النجاسة هو عنوان غیر المذكّی و جریان أصالة عدم التذكیة یوجب حینئذٍ إحراز موضوع النجاسة فیحكم على اللحم المشكوك بالنجاسة أیضاً كما یحكم علیه بالحرمة.
الدلیل على ذلك: مكاتبة الصیقل
محمّد بن یعقوب عن الحسین بن محمّد (بن عامر) عن معلّى بن محمّد عن محمّد بن عبد الله الواسطي عن قاسم الصیقل قَالَ: «كَتَبْتُ إِلَى الرِّضَا أَنِّي أَعْمَلُ أَغْمَادَ السُّيُوفِ مِنْ جُلُودِ الْحُمُرِ الْمَيْتَةِ فَتُصِيبُ ثِيَابِي، فَأُصَلِّي فِيهَا؟ فَكَتَبَ إِلَيَّ: اتَّخِذْ ثَوْباً لِصَلَاتِكَ فَكَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي: أَنِّي كَتَبْتُ إِلَى أَبِيكَ بِكَذَا وَ كَذَا فَصَعُبَ عَلَيَّ ذَلِكَ، فَصِرْتُ أَعْمَلُهَا مِنْ جُلُودِ الْحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ الذَّكِيَّةِ فَكَتَبَ إِلَيَّ: كُلُّ أَعْمَالِ الْبِرِّ بِالصَّبْرِ، يَرْحَمُكَ اللهُ، فَإِنْ كَانَ مَا تَعْمَلُ وَحْشِيّاً ذَكِيّاً فَلَا بَأْسَ.»([2] [3] [4] [5] )
و الحسین بن محمّد بن عامر من الثقات و معلّى بن محمّد البصري قد اختلف فیه فبعضهم قالوا بوثاقته و جلالته، و النجاشي ضعّفه.
فإنّ مقتضى تعلیق الطهارة على كونها ذكیة هو أنّ موضوع النجاسة ما لمیكن ذكّیاً فإنّ مفهوم الشرطیة هو أنّه إن لمیكن ما تعمل ذكّیاً ففیه بأس، و المراد به النجاسة لأنّ السؤال عن نجاسة الثوب فإذا أُجیب بعدم البأس فیكون المراد طهارة الثوب و أمّا إذا أُجیب بوجود البأس فمعناه النجاسة.
قد أشكل على ذلك سنداً و دلالةً
أمّا سنداً فلجهالة محمّد بن عبدالله الواسطي و القاسم بن أبي القاسم الصیقل فإنّهما لمیوثّقا في كتب الرجال لا عموماً و لا خصوصاً، فالروایة - على هذا - ضعیفة إلّا على مبنی بعض أعلام المحقّقين من حجیة روایات الكافي في غیر متعارضاته.
و أمّا دلالةً فلأنّ الظاهر عدم دلالة المكاتبة على ذلك و إنّما تدلّ على نفي البأس عمّا كان یستعمله في عمله من جلود الحمر الوحشیة الذكیة في قبال المیتة المذكورة في صدرها فلا مفهوم لها [و بعبارة أُخری إنّ الروایة ناظرة إلى خصوص القضیة الخارجیة التي ابتلي بها السائل فلایمكن استفادة المفهوم منها] و یدلّ على ما ذكرناه ذكر الوحشیة في الكلام لأنّ كون الحمار وحشیاً لا دخل له في طهارة جلده یقیناً ([6] ).
النظریة الرابعة: من المحقّق الإصفهاني ([7] )
و فیها ثلاث نكات:
النكتة الأُولى: هنا خمس طوائف من الروایات
إنّ الأدلّة في مقام الإثبات مختلفة، فهنا خمس طوائف من الروایات لابدّ من ملاحظة كلّ منها:
الطائفة الأُولى: ما یتضمّن المقابلة بین المیتة و المذكّی.
و هذه الطائفة مثل موثّقة سماعة ففي تهذيب الأحكام بإسناده([8] ) عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ [أَ] يُنْتَفَعُ بِهَا؟ قَالَ: «إِذَا رَمَيْتَ وَ سَمَّيْتَ فَانْتَفِعْ بِجِلْدِهِ، وَ أَمَّا الْمَيْتَةُ فَلَا».([9] [10] [11] )
و مثل مكاتبة الصیقل بناء على ما تقدّم من أنّها تشتمل على المقابلة بین حكم المیتة و المذكّی.
الطائفة الثانیة: ما یتضمّن المقابلة بین المذكّی و غیر المذكّی.
مثل ما رواه شيخ الطائفة في التهذيب بطريق صحيح([12] ) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: «سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي السُّوقَ فَيَشْتَرِي جُبَّةَ فِرَاءٍ لَا يَدْرِي أَ ذَكِيَّةٌ هِيَ أَمْ غَيْرُ ذَكِيَّةٍ أَيُصَلِّي فِيهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، لَيْسَ عَلَيْكُمُ الْمَسْأَلَةُ؛ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْخَوَارِجَ ضَيَّقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِجَهَالَتِهِمْ إِنَّ الدِّينَ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ».([13] [14] [15] )
الطائفة الثالثة: هي ما یتضمّن المقابلة بین المذكّی و عدم كونه مذكّی.
مثل ما رواه شيخ الطائفة في التهذيب بطريق صحيح عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنِ الرِّضَا قَالَ: «سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَفَّافِ يَأْتِي السُّوقَ فَيَشْتَرِي الْخُفَّ لَا يَدْرِي أَ ذَكِيٌّ هُوَ أَمْ لَا، مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ وَ هُوَ لَا يَدْرِي أَ يُصَلِّي فِيهِ؟ قَالَ نَعَمْ »([16] [17] [18] ).